وجدت إحدى الشركات المتخصصة في مجال مكافحة القوارض نفسها عاجزة أمام أنواع مخيفة من الديدان التي غزت منزل أسرة بحرينية بسبب نفوق عدد من الفئران في أحد سقوف منزل بجزيرة سترة فاق 15 فأرا، وذلك بعد أن قام قسم مكافحة القوارض بوزارة الصحة بوضع كميات من السم لمكافحة الفئران إثر شكوى رفعتها الأسرة إلى المجلس البلدي في المنطقة، إلا أن المفارقة هي أن تلك الأعداد الكبيرة من الفئران نفقت في ذلك السقف لتتحلل وتخرج منها ديدان خطيرة بحجم الإصبع غازية أرجاء المنزل ليتحول المنزل بين ليلة وضحاها إلى «خربة» للقوارض، وعلى رغم كارثية الوضع لم تحرك الجهات المعنية ساكنا وظل الحال على ما هو عليه، وقد رفع المجلس البلدي المسألة إلى المختصين في شركة مكافحة القوارض الذين رأوا أن الأسرة مهددة بطاعون مرتقب في الأيام القليلة المقبلة فضلا عن عواقب وخيمة جراء انتشار تلك الديدان التي قد تكون سامة.
قارئ القصة هذه ربما يعتقد أن أحداثها حصلت في سني الخمسينات من القرن الماضي، فليس واردا أن يدور في خلد أحد أن في القرن الحادي والعشرين تشن مجموعة من الفئران هجوما على أسرة قد استسلمت إلى واقعها فقنعت باليسير من عيشها، وركنت إلى أحلامها لكي تتغلب على أوجاعها وآلامها فتنبري مجموعة من القوارض المتعدية لتنقض عليها في هجوم مباغت عازمة على طردها.
ففي الأسابيع القليلة الماضية وفي مكان حباه الله بالثروات الطبيعية من النفط والأسماك والشركات الصناعية التي تحوطها، في منطقة كان يمكن أن تكون أغنى بقعة في البلاد، لكن واقعها يكشف عن بنية تحتية مترهلة ووضع يدق ناقوس الخطر بين الحين والآخر ليصدم بإذن صماء، جزيرة وضعها يسير من سيئ إلى أسوأ... إنها جزيرة سترة.
لم يكن حال الأسرة المركبة ميسورا أو حتى مستورا في أقل تقدير ليزيد الأمر سوءا والطين بلة ظهور هذه المشكلة فبين حياة القناعة والرضا بالحال وإن كان مأسويا عاشت تلك الأسرة مكبلة بالقروض ومتشبثة برمق من الحياة الكريمة، قروض وأن أضعفت كاهلها فإنها السبيل الوحيد لترميم منزل متهالك.
الأسرة هذه عاشت المشكلة مع تدشين مشروع «الآيلة إلى السقوط» فبهدم المنزل الملاصق لها لم تجد الفئران التي خرجت من الأرض موئلا تقبع فيه أفضل من منزلها فتدافعت للاختباء في سقف المنزل مقلقة ذويه، فما كان من هذه الأسرة إلا اللجوء إلى الجهات المعنية بوزارة الصحة التي بدورها وضعت السم للفئران.
استبشرت الأسرة خيرا أن انتهت معاناتها مع هذا الكابوس الذي قض مضجعها، لتنتبه على كابوس أشد إيلاما من سابقه، فقد نفقت الفئران بفعل السم لكنها تحللت مخلفة رائحة نتنة، والأدهى بروز ديدان بحجم إصبع اليد تقتات على جثث الفئران النافقة.
وللمجلس البلدي كلمة
وما كان لتلك الأسرة إلا أن تخاطب مجددا المجلس البلدي وتحديدا ممثلها في الدائرة صادق ربيع الذي استنكر أن نكون في القرن الواحد والعشرين وفي مملكة نفطية ونجد عائلات تحيا تحت خط الفقر متكدسة في غرفة أو كراج سيارة تفترش الأرض وتتغطى بالسماء. ووصف عجلة عمل الوزارات بغير المتوائمة مع حجم المشكلات التي تعيشها المنطقة، مستشهدا بمؤشرات العمل التي تشير إلى بناء 500 منزل كل سنة أي أننا بلغة الأرقام نحتاج إلى اثنتي عشرة سنة لكي نشيد 6000 منزل.
ودعا ربيع إلى إيجاد حلول سريعة وجذرية والاستعانة بمقاولين من الخارج حين يعجز المقاولون المحليون عن احتواء المشكلة، مستنكرا آلية العمل البطيئة ولا سيما أن هناك على الجانب الآخر بلدانا تسحقها الحروب والكوارث الطبيعية وتعمر في زمن أقصر مما نحتاج إليه نحن لإعادة ترميم قرية أكل الدهر على منازلها وشرب. ولوح ربيع إلى كشف ملفات لم يرفع عنها الغبار في مؤتمر صحافي في الفترة القريبة المقبلة.
من جانبه رأى المقاول لؤي ناس ضرورة تدارك الوضع ولاسيما أن المنزل واقع بالقرب من سكن للعزاب ما يشير إلى تناقل الأوبئة وتهديد لحياة أصحاب المنزل فضلا عن المجاورين له.
العدد 1640 - السبت 03 مارس 2007م الموافق 13 صفر 1428هـ