كشف تقرير نشرته «إرنست ويونغ» أمس (الإثنين)، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستكون بحاجة إلى أكثر من 100 مليار دولار من استثمارات الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) خلال السنوات الخمس المقبلة لدعم التمويل الحكومي، وذلك في إطار تلبية المتطلبات المالية الضخمة الناتجة عن النمو السكاني والاقتصادي الكبيرين.
ووفقا لهذا التقرير الذي أعد تحت عنوان «ردم الهوّة: الاستثمار الخاص في البنية التحتية في الشرق الأوسط»، فإن قيمة المشاريع الهندسية الإنشائية، التي يجري تنفيذها الآن في الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، تصل إلى 1,3 تريليون دولار. لكن تكاليف البناء المتزايدة والنمو الاقتصادي السريع جعل احتياجات البنية التحتية تزداد بشكل سريع لتصبح أعلى من الموارد العامة في المنطقة، حتى في ظل الأرقام القياسية التي حققتها صادرات النفط خلال السنوات الأخيرة. وعلى سبيل المثال، وفعلى رغم تميز الشرق الأوسط بامتلاكه ثلثي محطات تحلية مياه البحر في العالم، توقع البنك الدولي أن تتناقص كمية المياه المخصصة للفرد في المنطقة إلى النصف قبل حلول العام 2050 نتيجة للتغيرات السكانية وللنمو الاقتصادي، ما سيخلق الحاجة في المستقبل القريب لتوفير استثمارات ضخمة قادرة على تلبية هذا الطلب وسيتم السعي باتجاه الموارد الخاصة باعتبارها جزءا من هذا الاستثمار.
وفي هذا السياق، قال رئيس قسم استشارات مشاريع الشراكة للقطاعين العام والخاص في «إرنست ويونغ» الشرق الأوسط، إبراهيم عكاوي: «على رغم عائدات تصدير النفط الضخمة في المنطقة، فإنه يتوجب على الحكومات أن تسعى إلى إيجاد وسائل جديدة لتمويل خطط تطوير البنية التحتية الشاملة واللازمة لتلبية الطلب المتسارع».
وفي واقع الأمر، وعلى رغم ارتفاع عائدات النفط ووصولها إلى حوالي 381 مليار دولار في العام 2007، فقد قامت دول المنطقة بتخفيض إنفاقها العام بنسبة 5 في المئة منذ العام 2002 حسب ما أورده معهد التمويل الدولي.
من جانبه أضاف المدير العالمي للبنية التحتية في «إرنست ويونغ»، مايك لاكي: «نتوقع أن يستمر التوجه الحالي نحو مشاركة أكبر للقطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية في الشرق الأوسط. وسيتوجب على المستثمرين المتطلعين إلى المنافسة على العقود المربحة، أن يعززوا علاقاتهم عبر استشاريين ووسطاء آخرين، لديهم الخبرة والحنكة في الممارسات التجارية في الشرق الأوسط».
ويخلص التقرير إلى أن الحكومات في الشرق الأوسط كانت قد وقعت عقودا مع شركات إقليمية وعالمية بهدف تصميم وإنشاء بنى تحتية كالمطارات والموانئ والطرق، وعادة ما تتم إدارة هذه المنشآت من قبل وكالات حكومية. وبينما لا يزال هذا الأمر قائما اليوم، فقد باتت الحكومات تعمل بشكل متزايد على إقامة شراكات مع القطاع الخاص لبناء وإدارة المشاريع. وهذا النوع من الشراكات يزود مستثمري القطاع الخاص والمتعاقدين بفرص عمل جديدة في منطقة الشرق الأوسط، كما يتيح للحكومات تقاسم مخاطر تطوير المشاريع والاستفادة من معرفة وخبرة القطاع الخاص بالإضافة إلى تزويد الاستثمارات العامة برأس مال خاص.
إلى ذلك، قال رئيس خدمات الاستشارات المالية في «إرنست ويونغ» الشرق الأوسط» فيل غاندير: «لا شك أن الأزمة المالية العالمية سيكون لها أثر على أسعار تمويل المشاريع الإقليمية وشروطها وأوقات استحقاقها؛ إلا أنه من المبكر جدا تحديد حجم ذلك الأثر. إن هناك العديد من مشاريع البنية التحتية التي تم إعلانها بقيمة مليارات الدولارات والتي تم التخطيط لها بافتراض مستويات متفاوتة من مشاركة القطاع الخاص. وتعد هذه المشاريع حيوية للنمو الاقتصادي لدول المنطقة، وخصوصا دول مجلس التعاون الاقتصادي»
العدد 2251 - الإثنين 03 نوفمبر 2008م الموافق 04 ذي القعدة 1429هـ