العدد 2251 - الإثنين 03 نوفمبر 2008م الموافق 04 ذي القعدة 1429هـ

الشيخ عبدالله بن خالد: الأمراض الأخلاقية بدأت تتفشى في مجتمعاتنا

أكثر من 17 باحثا إسلاميا يناقشون «أخلاقنا بين النظرية والسلوك» //البحرين

المنطقة الدبلوماسية - علي الموسوي 

03 نوفمبر 2008

أكد رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة أن الارتقاء بالسلوك الفردي والاجتماعي وبيان الأصول الأخلاقية التي دعت لها الأديان السماوية لهو شيء مهم للغاية، وخصوصا في هذا الزمن الذي باتت فيه المجتمعات بأمس الحاجة إلى توجيهها وتقويمها.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في افتتاح مؤتمر «أخلاقنا بين النظرية والسلوك» (أسباب ومعالجة) الذي عقد صباح أمس(الاثنين) بحضور عدد من كبار المسئولين والوزرا والسفراء، الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية برعاية من رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة.

وأشار الشيخ عبد الله إلى أن الأمراض الأخلاقية والسلوكيات البعيدة عن الثقافة الدينية بدأت تتفشى في مجتمعاتنا، الأمر الذي يستدعي وقفة جادة وكفاءة عالية للعودة إلى الأخلاق التي جاء بها الرسول (ص).

وأضاف الشيخ عبد الله«إن الله هذب أخلاق هذه الأمة، فكانت خير أمة أخرجت للناس، وأنتم أحفاد تلك الأخلاق، وإننا متمسكون بديننا وإسلامنا وهذا ما يبعث الفخر والاعتزاز».

وقال رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: «ما يبعث الخير هو أن نرى كل الإنجازات التي حققها المشروع الإصلاحي للملك، والتي أسست دعائم النهضة والرفعة للبحرين، ما جعلها مثالا يتحذى به، إذ تسود بين أفراده روح المحبة وأواصر الأخوة الإيمانية».

وفي كلمته التي ألقاها، لفت الشيخ عيسى الخاقاني إن قوام البشرية يكون على مكارم الأخلاق، لأنها ترسم السلوك البشري وكيفية التعامل مع الآخرين، وربط الممكن بالواجب، والتجنب عن المناوشات في القوانين التي تحفظ الخير.

وأكد الخاقاني أن الأخلاق تشبع الحاجة الإنسانية وتتلاءم معها، إذ إن الأخلاق ترسل نورها لتضيء درب السالك، مشيرا إلى أن الأخلاق تعد المثل الأعلى في جميع حالاتنا العليا والاجتماعية، إذ نص القرآن على الرتبة في الأخلاق.

وأوضح الخاقاني أن زمننا المعاصر يعيش أزمة أخلاقية خانقة، والعمل الإبداعي لم يسفر عن شيء بسيط بعد انعدام جدار الأخلاق، مبينا أن الأخلاق وإن كانت فلسفتها فردية، إلا أن ربطها بالمجتمع أمر أساسي وضرورة تحتم الوحدة المنشودة.

وذكر الخاقاني أن سبب التخلي عن الأخلاق هو اللامبالاة وعدم الاهتمام بالدين، و التقليد الأعمى للسلوك الغربي النائي عن مكارم الأخلاق، إضافة إلى النزعة الفردية، وعدم إحساس الأفراد بما يصيبهم من المآسي.

وأكد الخاقاني على ضرورة أن يكون هناك انبعاث جديد، ورجعة بعد الهجعة، وتكون مباركة من رجال الحكم، مضيفا أن مضي رجال العلم وتكاتفهم يعطي الثمار في تأسيس مسالك أخلاقية على الكتاب والسنة، إضافة إلى توجيه الإعلام لتلك الخدمة، منوّها إلى دور الأبوين في التشديد على الأبناء.

أما الباحث الإسلامي والمستشار الشرعي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية صلاح سلطان قال «إن الأخلاق تعني أن نكون مع الله عبادة، ومع الخلق رعاية، والأرض عمارة، فالأخلاق تعرف في السر والعلن، والسفر والحضر، والفقر والغنى.العالم يمر بأزمة مالية ضخمة والكل يتحدث عن التريليونان والعشرات منها، لكن ما ضاع من أخلاق الناس في حضاراتنا المعاصرة لهو أشد فتكا بهم من ضياع هذه الأموال الطائلة».

وأضاف سلطان في كلمته «إن ما يؤسف هو أن يكون الأب بصفته البنك الممول للأموال، والأم الخادمة أو عاملة في خارج المنزل، منشغلان عن تربية أبنائهما وتحسين أخلاقهم».

وفي سياق ذي صلة قال سلطان: «من أخلاقنا ألا نهزم في كل ميدان وألا نستسلم إلى كل من أراد بنا ذلك، فهذه العراق وأفغانستان وفلسطين، أمن العدل أن نترك الأقصى مهددا على مسمع ومرأى منّا؟!».


العلواني: الإسلام أسهم في تطوير المفاهيم الأخلاقية الكبرى

أكدت الباحثة الإسلامية رقية العلواني أن الأديان السماوية أسهمت بشكل عام في تطوير المفاهيم الأخلاقية، لكن الإسلام كان له إسهاما كبيرا في ذلك، ولا سيما في مفهوم الأخوة والعدالة والمساواة.

وبيّنت العلواني في ورقتها البحثية أهمية القيم الخلقية في تحقيق نوع من الاستقرار الاجتماعي، إذ يتم فيه احترام القواعد الأخلاقية السائدة في المجتمع، مشيرة إلى أن ضعف الالتزام الخلقي بين أفراد المجتمع يترتب عنه المتاعب والاضطرابات السلوكية، ويبدأ الشك بالقيم والثقافة المحلية.

وقالت العلواني: «الأخلاق في الإسلام تنتقل بالإنسان من مجال العقيدة إلى مجال العبادات والمعاملات والعلاقات، إذ إن هناك أخلاقا تتعلق بصلة الفرد بنفسه كالحياء والإتقان والصبر، وفي الجانب الآخر ما يتعلق بالإنسان وخالقه، كالطاعة والتعظيم والشكر والتواضع (...).

وأشارت العلواني إلى أن الأخلاق تعد وسيلة لتدريب الأفراد على فن التعامل مع السلوك المنظم، فهي وليدة الثقافة، التي تعتبر بدورها ناتج البناء الاجتماعي، لافتة إلى دور الأبوين في تنشئة الأولاد وفق مناهج تربوية إسلامية، إضافة إلى دور التعليم في أن تكون مناهجه ومقرراته عناصر مولدة للأخلاق الفاضلة، إذ من واجبه تحصين التلاميذ من كل المفاهيم والأفكار التي تقود إلى الانحراف الخلقي الذي يؤدي إلى أضرار جسيمة على مستوى المجتمع والأمة الإسلامية.

وأوصت العلواني في ورقتها بتدريس مادة الأخلاق لمختلف المراحل التعليمية في البحرين، على أن يتعرف الطالب من خلال هذه المادة على أصول التعامل اليومي مع الآخرين، ويتأثر بما يتعلمه من محاسن الأخلاق والعادات ويسعى إلى تطبيقه في واقعه.


المؤتمر المقبل يتناول التقريب بين المذاهب والأديان السماوية

قال رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة إن المؤتمر السنوي المقبل سيتناول موضوع التقريب بين المذاهب والأديان السماوية، مشيرا إلى أن المجلس يعمل سنويا على إقامة مؤتمر يناقش موضوعا يعود بالنفع على جميع الناس. وأكد الشيخ عبد الله في حديثه لـ «الوسط» على هامش المؤتمر أن البحرين متمسكة بعقيدتها الإسلامية، وتسود أبنائها المحبة والمودة والأمن، وذلك بفضل الأخلاق التي أمر بها الله والرسول (ص).

وكشف عن خطة لطباعة كتاب يحتوي على جميع المحاضرات التي ألقيت في المؤتمر، والتوصيات التي يخرج بها.

وأضاف: «نأمل أن يكون المؤتمر قدوة حسنة، وخصوصا مع تفشي الفساد الأخلاقي في العالم، حتى وصل الأمر إلى الأخذ بالأمور غير المثالية، والتي أصبحت في بعض الدول كالنظام القانوني» وأوضح الشيخ عبد الله وجود دول سنّت قوانين تسمح بزواج الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة».

وذكر الشيخ عبد الله أن التمسك بالأخلاق الحميدة يحمي من الانزلاق وراء التأثير الغربي على كل العالم.


الآملي: الدين وأصول الأخلاق مخلوق لله وحده

أكد الشيخ مرتضى عبد الله الآملي من جمهورية إيران الإسلامية إن كيان الدين وأصول الأخلاق وقواعد الفقه والحقوق وما إلى ذلك من الأحكام والحِكَم هي مخلوق لله وحده، وصادر منه.

وقال الآملي في الورقة البحثية التي ألقاها نيابة عن والده الشيخ عبد الله الآملي الحائز على جائزة أفضل كتاب تفسير في العالم من الآيسسكو، قال إن: «المميز بين وجود الدين وناموس الخُلق، وبين معرفة الدين وكشف الأخلاق، أن الأول مختص بالله سبحانه، ولم يجعل لغيره نصيبا فيها، أما الثاني وهو معرفة القواعد الدينية فلله تعالى أولا وبالذات، لكنه يهبها بالوحي للأنبياء والرسل ولغيرهم بالعقل البرهاني أو النقل الموثوق به».

وذكر الآملي أن علم الأخلاق من العلوم الإنسانية، فتتضارب الآراء فيه حسب تضاربها في معرفة الإنسان، إذ هو موجود خاص من النظام العالمي، فتتفاوت الأنظار فيه حسب تفاوتها في معرفة العالم.

وأضاف الآملي: «هوية الإنسان ليست كما هو الدارج في الألسن والكتب من أنه حيوان ناطق، بل ما هو إلا وحي متألّه، فأي علم صائب وخُلق صاعد وعمل صالح يوجب تألّهه وتوغله في معرفة الله وصفاته».

ولفت الآملي إلى أن الدين الإلهي له مبدأ واحد، والله هو المفيد للدين، فإن المبدأ المستفيد له هو الفطرة الإنسانية التي لا اختلاف فيها.


المقرئ الإدريسي: فصل الأخلاق عن الدين قتل لكليهما

ذكر الباحث الإسلامي أبو زيد المقرئ الإدريسي من المغرب العربي في ختام ورقته البحثية أن فصل الأخلاق عن الدين قتل لكليهما، إذ تصبح الأولى عبثا ويصبح الثاني معطلا، مؤكدا على أن الوحيد لفهم الأخلاق وممارستها هو الإيمان بالله، إذ لا سبيل إلى تنسيب الأخلاق إلا بالأصول إلى تنسيب القيم. وأضاف الإدريسي أن المتعة والمنفعة العاجلة آخر اعتبارات الأخلاق الناجحة.

واقترح الإدريسي انبثاق لجنة دائمة عن المؤتمر تسعى لتعميم نتائجه وتطبيق توصياته، إضافة إلى تبني كتاب دستور الأخلاق في القرآن الكريم لمحمد عبد الله درز كمرجعية للمؤتمر والسعي إلى ترجمته إلى اللغات الحية ونشره. كما أوصى الإدريسي أن يتم تحويل المؤتمر إلى هيئة قارية تنعقد سنويا، تنظم ملتقيات تدقق في كل خلق وتنظر له وتؤصله وتقارنه، على أن يتم صوغه صياغة منضبطة قابلة للتفعيل التربوي والتشريعي. وأشار الإدريسي إلى أنه وعلى الرغم من أن مصطلح الأخلاق لم يرد بالمعنى المتعارف عليه إلا مرة واحدة، إلا أن معاني الأخلاق لا حصر لها فيه، بل إن رسالة أخلاقية متكاملة تفصل في القيم الخلقية ومضامينها وأحكامها وحِكمها، ولذلك لا غرو في أن تتكرر تلك المضامين في القرآن مرات عديدة.

وذكر الباحث المغربي أن مضامين القيمة الخلقية ذكرت في القرآن باختلاف تسمياتها، سواء أكانت العفة أو العفو أو الرحمة وما شابه، ذكرت في القرآن أكثر من 600 مرة.


الجليند: الإنسان أخلاقي بفطرته

قال الباحث الأكاديمي محمد السيد الجليند من جمهورية مصر العربية: «أجمع علماء الأخلاق على أن الله تعالى خلق الإنسان وزوده بغريزة أخلاقية تسمى البصيرة، تساعد الإنسان على التفرقة بين الخير والشر في الأفعال، والحق والباطل في الأقوال».

وأشار الجليند: «لو نظرنا في المبادئ الإسلامية الأخلاقية الكبرى التي جاءت بها التوراة والإنجيل وقارناها بما جاء في القرآن، فإننا نجد أن القواعد الأساسية الأخلاقية التي ذهب إليها جميع الأنبياء واحدة كالعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(...)».

وأوضح: «الله تعالى منح الإنسان هذه الفطرة ليتمكن بها من تحقيق مصالحه وما فيه من نفعه ودفع ما يضره، ومهّد له الطريق ثم أرسل رسله وأنزل كتبه». مبينا أن أهم ما يميز الأخلاق الإسلامية ارتباطها الوثيق بالدين في أوامره ونواهيه.وبيّن الجليند خصائص الأخلاق الإسلامية في أنها تستمد قوة الالتزام بها من قوة الإيمان بالعقيدة الدينية التي جعلت المبادئ الأخلاقية جزءا أساسيا من شعائر الدين، إضافة إلى أنها تعتمد في سلطتها على الرقابة الداخلية الذاتية للفرد، فليست هناك رقابة من خارج الفرد على سلوكه الشخصي، وإنما هو رقيب بنفسه على نفسه. ذلك فضلا عن كونها تجمع بين النسبية والإطلاق، وإنها أخلاق معيارية تهتم بالبحث فيما ينبغي أن يكون عليه سلوك الإنسان، وذلك عكس الأخلاق الوضعية التي تهتم بالبحث فيما هو واقع في المجتمع من السلوك الإنساني.

وأضاف الجليند أن الأخلاق الإسلامية اهتمت بالجانب الروحي والمادي معا، فلم تجعل لأحد الجانبين غلبة على الآخر، إضافة إلى أنها تتميز بالواقعية المستمدة من طبيعة الإنسان التي تجمع بين المادة والروح.


البحراني: الأخلاق صفة اكتسابية وعلينا دراسة علمه

قال الشيخ عبد العظيم المهتدي البحراني في ورقته البحثية: «إن الخُلُق اسم يطلق على شكل السلوك الظاهري وتنبع دواعيه من داخل النفس إراديا اكتسابيا»، وأضاف: «إذ يترتب على كون الأخلاق صفة اكتسابية واجبات تجاه طلب الأخلاق الحميدة، وأولها دراسة علم الأخلاق والتعرف على المناهج التطبيقية لأقسامها ومفرداتها العملية وما ينفعها ويضرها»، ذلك إلى جانب الحث على الأخلاق الحسنة بصورة مستمرة، وجعل الاهتمام بالقضايا الأخلاقية في مقدمة الاهتمامات على مستوى التعليمات المنزلية والتوصيات المجدية.

وأكد البحراني: «من الأهمية الكبرى معرفة الدواعي التي تنهض بالإنسان نحو الأخلاق، إلى جانب الوعي لخصالها الجميلة وما يهددها من آفات». وأشار إلى أن الإسلام قدّم نوعين من الدواعي; ليحفز المسلمين نحو العمل بكل مفردة أخلاقية تتصل بهم في حياتهم العملية، الأولى دواعٍ دنيوية، والثانية أخروية

العدد 2251 - الإثنين 03 نوفمبر 2008م الموافق 04 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً