في الحقيقة، ليس من المروءة توزيع «الجبن» هكذا بين الناس مجانا شاهرا ظاهرا! لكن من الذي يوزع «الجبن» مجانا؟ وما أنواعه؟ ثم ما القصة أصلا؟!

القصة يا جماعة الخير، أن «الجبن» الذي نقصد هنا، ليس هو ذلك الصنف المعروف من منتجات الألبان... أبدا، بل هو ذلك النوع المعروف القائم على تخويف الناس وترهيبهم وبث الرعب في نفوسهم وكأن شبح «أمن الدولة» لايزال يحوم على رؤوس المواطنين الذين ما حصل قط، أن عاشوا كل هذا «الربيع» من حرية التعبير والرأي وإيصال ما يريدون قوله عبر وسائط ووسائل متعددة، ضمنها الدستور، وضمنها المشروع الإصلاحي في إطار القانون، وفي إطار احترام حقوق الآخرين.

يبدو لي اليوم، باعتباري مواطنا يعيش في وطن لا يقدر بثمن، وبين شعب هو من أعز الشعوب، بكل طوائفه... بكل همومه، بكل محنه ومعاناته... وبكل حبه وشغفه بالعيش الكريم الآمن... يبدو لي أن مؤسسة الحكم وأجهزتها، ليست في وارد إرهاب مواطنيها إذا أرادوا مثلا توقيع عريضة من العرائض تطالب برفع الأجور مثلا، أو أخرى تطالب بحماية الناس من أخطبوط ارتفاع الأسعار المخيف أو السعي بصدق نية إلى التقدم بعريضة فيها من الآمال والآلام ما يعني أن هذا الوطن غالي، وأن هذا الشعب حي.

«مسكين خايف»، قد تطلق على شخص طلب منه توقيع عريضة المطالبة برفع الأجور التي تقودها النقابات تحت مظلة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين فتردد أو رفض! وعلى رغم أن هذه الكلمة تعكس أسلوبا صبيانيا لم ينضج بعد، فإن الأسلوب الصبياني الذي لن ينضج أبدا هو تهديد خلق الله وتحذيرهم من توقيع العرائض التي تطالب بحقوق مشروعة، وتوعدهم بالويل والثبور من جانب أعداء الحقوق!

وحينما يتأزم الوضع قد تسمع قائلا يقول: «سيتم جرد الموقعين على أية عريضة وسيذوقون سوء العذاب»! فلا هو صادق في قوله، ولا هو مستفيد من مثل هذا القول! والحال، أن العريضة، أية عريضة، سيتم توقيعها بأسلوب قانوني وحضاري، ستذهب إلى جهات مسئولة وإلى ولاة الأمر، ولن تذهب إلى كهوف مظلمة من مغارات ومؤسسات وصحافة وعقول أمن الدولة. والناس، كل الناس، يعلمون أن ولاة الأمر، الذين يفتحون قلوبهم وأبوابهم لحاجات الناس ومطالبهم وحماية حقوقهم، لن يرضوا بفعل التخويف والترهيب، فالناس لا تريد شيئا سوى العيش بأمان في كنف بلادهم.