أبو الفقراء البروفيسور البنغالي محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام العام 2006، كان ضيفا على البحرين قبل مدة ليست بالبعيدة بدعوة رسمية كي يطلعهم على تجربته الطويلة في مجال العمل الإنساني من خلال «مصرف غرامين» الذي يُعنى بمساعدة الفقراء والمعوزين عبر إعطائهم قروضا مالية كي ينشئوا لهم مشروعات ذاتية تنهض بهم من الفقر والحاجة.
علاوة على ما يكتنفه مشروع البروفيسور محمد يونس من قيم إنسانية وتعاليم سامية تُشترط على من يعمل تحت مظلته الانضباط في العمل والدافعية في الإنتاج وطرح الاقتراحات والمشورة في سبيل التطوير والتشجيع على الإنجاز وتكريم المبدعين في العمل وتحفيزهم.
هذا هو مشروع «أبو الفقراء» الذي استفاد من تجربته أكثر من مئة دولة في العالم، بصرف النظر عن موقعها على خريطة التقدم والتحضر من عدمه. واليوم البحرين تستضيفه لتقف على تجربته العريقة كي تستفيد منه في مجالات العمل الإنساني بما يرتقي ويحفُّز بالقدرات البشرية من خلال مشروعات ذاتية تهتم أكثر ما تهتم بطبقة الفقراء والمحتاجين.
وهذا المشروع وغيره من المشروعات التي تصب في مصلحة الإنسان لهو محل تقدير وتشجيع وإطراء من قبل المجتمع إذا ما قُدِّر له تحقيق نتائج ملموسة على الأرض.
وعليه، فالمشروع المزمع إقامته بالتعاون مع «بنك غرامين» هو مشروع جيد ويستحق الدعم المجتمعي والأهلي، ونحن نشدُّ على سواعدهم المباركة ونستشرف من خلالهم مستقبلا واعدا ينظر بعين الاهتمام والمسئولية تجاه الفئات المحرومة في واقع الأمة.
ليس عيبا أن نستفيد من تجارب الغير إذا ما كنا في حاجة إليها «التجارب زيادة في العقل» لنستفيد من تجارب غيرنا ولنطبقها على واقعنا سواء كان في العمل الخيري أو الاجتماعي أو غيره من المجالات الإنسانية، إذا كانت تلك التجارب ترفع بمستوى وعينا وعقلنا وإنساننا إلى آفاق أرحب في فضاء الحرية والتنوير.
نحن معنيون بإنجاح هذا المشروع وغيره من المشروعات الرائدة مع التحفظ على بعض الأمور الهامشية، ليست ذات ثقل كبير بالنظر إلى العمل بصورته المتكاملة ومشهده الإيجابي.
المجتمع الأهلي بمؤسساته الثقافية والخيرية والدينية والاجتماعية معن بإنضاج هذه التجربة والدفع بها قدما نحو العطاء والتكامل بالتعاون مع الجهات الرسمية المعنية بذلك، في مجالات كثيرة من قبيل القضاء على الفقر والبطالة وغيرها من الأمراض الاجتماعية، عبر تشجيع الشباب على الانخراط في مشروعات ذاتية وخوض غمار العمل الحر ودعمهم ماديا ومعنويا وتسهيل الأمور لهم وتذليل كل ما من شأنه أن يشكل عائقا أمام حركة التقدم والتحديث.
أنا لا أقول إن هذا المشروع حل سحري لآفةٍ اجتماعية اسمها الفقر، ولكن يمكن أن يكون طريقا نحو المعالجة وتلمس ملامح الطريق وأسلوبا ابتكاريا للحد من تفشي الفقر في المجتمع، وكما نقول في أمثالنا الشعبية الدارجة «عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة».
ميثم علي مسعود
العدد 1683 - الأحد 15 أبريل 2007م الموافق 27 ربيع الاول 1428هـ