العدد 1687 - الخميس 19 أبريل 2007م الموافق 01 ربيع الثاني 1428هـ

ثقافةُ «المُدَوَّنات»

فاجأني هاتفي عندما رن فقلت: «خيرا إن شاء الله»، وإذا به صديقي جابر يسأل: هل سمعت عن ثقافة المدوَّنات؟ فقلتُ له مستفسرا: أهذه ثقافة شبيهة بالثقافة التي ذكرتها في مقال كتبته بعنوانِ «ثقافة الساحات»؟، فأجابني: ألا تعرف «المُدوَّنة»؟ فقلت له: كلا، وما هي؟

بادرني قائلا: «المُدَوَّنة» عبارة عن موقع مجاني يمكنك إنشاءه على الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» وبالتعاون مع موقعٍ داعم تنشر فيه ما تريد نشره وتتواصل فيه مع العالَم والمثقفين عبر التعليقات والمراسلات.

وطبعا بعد هذه المهاتفة أسرعت للإبحار في موسوعة «ويكيبيديا» الإلكترونية بحثا عن معنى «مُدَوَّنة»، وقَفلت راجعا ببعضِِ المعلومات التي أشبعتْ أسئلتي، ومما استنتجته أن «المُدَوَّنة» هي صفحة ويب تظهر فيها تدوينات «مقالات» مؤرخة ومرتبة تصاعديا مع وجود أرشيف وتحمل عنوانا دائما، كما وتحتوي «المُدَوَّنة» على خدمات للربط بين المُدَوَّنات والتفاعل بين المدونين عن طريق التعليق، كذلك ويعتبر التدوين وسيلة عامة للنشر والدعاية والترويج.

تختلف الموضوعات المُدَوَّنة بين الموضوعات الجريئة والانتقادات التي تغايِر بشكل كبير ثقافةَ المجتمعِ، والمذكرات والخواطر والموضوعات السياسية والأدبية وموضوعات تقنية، وبالنسبة إلى منشئ «المُدَوَّنة» فيوجد مُدَوَّنة تقتصر على شخص واحد، وأخرى جماعية يشترك فيها مجموعة كتاب.

كما ويمكن أن تعتمد «المُدَوَّنة» أساسا على الصور فتسمى Photoblog أو على الفيديو فتسمى Videoblog أو يمكن إدراج كليهما مع المقالات.

تعد الحرب على العراقِ سببا من أسباب شيوع «المُدَوَّنة» وانتشارها، إذ ظهرت العام 2002 مُدَوَّناتٍ مؤيدة للحرب، كما ظهرت أخرى مناوئة للحرب، وفي العام 2004 أصبحت «المُدَوَّنة» ظاهرة عامة بانضمام الكثير من مستخدمي الإنترنت إلى صفوف المدونين أو القراء وتناولتها الصحف المحلية التي نظمت بدورها مسابقة لاختيار أفضل المُدَوَّنات من حيث الأسلوب والتصميم واختيار الموضوعات، كما فعلت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

فاستحسنتُ الفكرة مبدئيا لرغبتي في تطوير مستواي في كتابة المقالات واشتياقي لسماع آراء الأخرين فيها، وخصوصا كتَّاب الأعمدة في الصحف المحلية والعربية.

وشرعتُ في انشاء «مُدَوَّنة» خاصة بي، لكي أكون وبكل تواضع من صُنَّاع الكلمة والمتحكمين في المعلومة البناءة في عباب هذا الزمن الرقمي، ولكي يكون لي دور في بث أفكار واستقبال ردود فعل لما لها من أثر كبير فيَّ من حيث صقل مهارة البحث الثقافي وتوجيه الفكر، فأخذت أضِيف مقالاتي كلما نشرت في صحيفة من الصحف وأضيف إليها الصور التي أحب أن تصاحب كل مقال وتعبِّر عما يعبِّر، وأتمنى أن يكون قراءها من كل دول العالم وليس على المستوى المحلي فقط، واخترت مجموعة مدوَّنات كمواقع مفَضلة أعتمد عليها في تطوير فكري ومهاراتي الكتابية والتخيلية والشاعرية، فعلى سبيل المثال مُدَوَّنة «أثر الفراشة « للكاتبة التي لا أنسى أنها كانت بتواضعها سَبَّاقة في زيارة مُدَوَّنتي ألا وهي باسمة القصاب، ويسرني أن أذكر كلماتها التي سطَّرها «كيبوردُها» بحروف من ذهب، في تعليقِ لها على مقال في مُدَوَّنتي وهي تقول كبلسم مشجع لي: «علاء... يكفي أنك أنت واحدا من شخصيات العام 2006، لأنك قادر على أن تُدَوِّنَ ذاتك وأحاسيسك ومشاعرك وآراءك واعتراضاتك ودمعاتك. قادر على أن تتصل بالآخرين فتكوِّن معلومة وتكوِّن قراءة وتكوِّن مجتمعا وتكوِّن نفسَكَ (أنت)».

تحياتي لك (أنت)...

وفي سبيل رغبتي في أن ينظر كبار الكتَّاب والأصدقاء لبعضِِ ما أكتب، كانت من بعض عاداتي في المُدَوَّنة أنني إذا أضفت موضوعا أرسله باستخدام خاصية الإرسال إلى صديق في المُدَوِّنَة لعدة أخوةٍ وأخواتٍ بعضهم أصدقاء والآخرون كتَّاب أعمدة في صحف محلية أو عربية.

فدعنا يا صديقي القارئ نتجاذب أطراف الحديث ونتناقش لنَقدح زناد عقولنا وأدمغتنا لإنتاج فكر جديد يعيننا على العيش والتعايش في زمن زُيِّفَت فيه الحقائق وصار مُنْكَرا علينا أن نُعَبِّرَ بشفافية، بينما مسموحٌ لِمَن يملِكُ مالا أن يشتري ويُعتِقُ ويَصلِبُ ويَسلِبُ القلمَ الحرَ أو يُصَيِّرَهُ عَبدا حتى يُفْقِدَهُ كُنَهه وكيانه، فإليك أسعى يا صديقي مادا قلبي قبل يدي، إليك يا صديقي أُزَيِّن مُدَوِّنَتي، فبين سطورها وكلِماتها يُمكِنُك أن تأكل طِيبَ التمر وتشربَ قهوة العرب.

علاء الملا

العدد 1687 - الخميس 19 أبريل 2007م الموافق 01 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً