العدد 2536 - السبت 15 أغسطس 2009م الموافق 23 شعبان 1430هـ

الالتزام السياسي وليس الموارد المالية هي القــيد المانــع للوصـول إلى التنمـية الإنسانية المتـكاملة

في منتدى «الوسط» بشأن تقـريــر التنمية الإنسانية العربية للعام 2009

في شهر يوليو/ تموز الماضي أصدر برنامج الأمم المتحدة تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009 تحت عنوان « تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية، وهو التقرير الخامس من سلسلة تقارير تم إصدار العدد الأول منها في العام 2002.

في هذا التقرير تم طرح 7 معوقات أساسية تعوق التنمية الإنسانية الشاملة في الوطن العربي وهذه المعوقات هي الضغوط على الموارد البيئية، و أداء الدولة في أمن الإنسان أو تقويضه، وانعدام الأمن الشخصي للفئات الضعيفة بالإضافة إلى التعرض للمخاطر الاقتصادية والفقر والبطالة، و الأمن الغذائي والتغذية، و الصحة وأمن الإنسان، و الانعدام المنهجي للأمن من جراء الاحتلال و التدخل العسكري الخارجي.

في هذا المنتدى الذي استضفنا خلاله رئيس جمعية البحرين للشفافية والناشط الحقوقي عبد النبي العكري و الباحث التنموي علي سلمان و الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبد الله الدرازي والباحث الاقتصادي جعفر الصائغ، أكد المشاركون أن الالتزام السياسي من قبل الأنظمة العربية وليس الموارد المالية هو القيد المانع للوصول إلى التنمية البشرية المتكاملة، وقالوا: «رغم التقدم الذي أحرزه الوطن العربي على مدى الثلاثة عقود الماضية إلا أن عددا من العقبات مازالت هي نفسها المعيقة للتنمية البشرية».

وشددوا على أن الدول العربية تعاني من اختلالات هيكلية وليس مجرد عوائق، فالعوائق يمكن التغلب عليها في حين أنه لابد من إصلاح الاختلالات الهيكلية لنتمكن من إيجاد تنمية إنسانية حقيقية، وقالوا: «إن الدول العربية فشلت في ذلك، ولولا النفط في بعض الدول العربية لكان الفشل ذريعا».

كما أشاروا إلى إساءة استخدام الموارد الطبيعية في الدول العربية وعدم تفاعل المجتمع مع السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية بسبب عدم وجود الثقة بين الأنظمة الحاكمة وأفراد المجتمع، وأضافوا: «إن الاستمرار في الاعتماد على النفط أصبح يهدد أمن الإنسان اقتصاديا». مؤكدين الحاجة إلى فلسفة جديدة في كيفية استخدام النفط وكيفية استخدام الموارد الطبيعية ووضع رؤية بعيدة المدى.

وفيما يأتي نص المنتدى:

- يعد هذا التقرير النسخة الخامسة من التقارير التي تصدرها منظمة الأمم المتحدة بشأن معوقات التنمية الإنسانية في الوطن العربي، فما هو الاختلاف الذي ورد في هذا التقرير مقارنة مع التقارير السابقة، وما هي أهم ملاحظاتكم على هذا التقرير؟

- علي سلمان: إن التقرير الأول هو الذي فتح الباب على مصراعيه نحو فضاء النقد الذاتي في الوطن العربي، والتمحيص في المشاكل التي يواجهها عندما صدر في العام 2002، إنه أول تقرير أوضح ثلاث نواقص أساسية في الوطن العربي واعتبر هذه النواقص معيقة جدا لأي تنمية بشرية في الوطن العربي وبالتالي كان لا بد من الالتفات لهذه النواقص حتى تتم معالجتها فيما بعد وصولا إلى ما تصبو إليه الأهداف التنموية أو التنمية البشرية في مضمونها.

أولى هذه النواقص كانت الاحترام القاطع للحقوق والحريات الإنسانية وصولا إلى الحكم الصالح (الرشيد)، والأمر الآخر هو تمكين المرأة العربية عبر إتاحة الفرص لها على قدم المساواة مع الذكور، والناقصة الثالثة هي تكريس اكتساب المعرفة وتوظيفها بفاعلية في بناء القدرة البشرية وصولا إلى ما يسمى برفاه المنطقة. كما كانت هناك منقصة أخرى تتعلق بالتعليم والفجوة المعرفية.

رغم التقدم الذي أحرزه الوطن العربي على مدى الثلاثة عقود الماضية إلا أن هذه العقبات الثلاث مازالت هي نفسها المعيقة للتنمية البشرية، وعندما نرى هذه المعوقات ونرى أيضا النقاط السبع التي تكلم عنها التقرير الحالي نجد أن هذه النقاط السبع هي مجرد تفصيل آخر من زاوية أخرى للمشاكل التي يعاني منها الوطن العربي، فعندما نتكلم عن هذه النواقص السبع فبطبيعة الحال أنها ترجعنا إلى النقاط الأولى والثانية والثالثة، فمثلا عندما نتحدث عن الأمن الاقتصادي فنحن نتحدث في الغالب عن بناء حكم صالح اقتصاديا، وعندما نتكلم عن الصعوبات التي تواجه المرأة والتعدي على حريات الفئات الضعيفة كالمرأة والطفل فنحن نتكلم عن المساواة بين المرأة والرجل أيضا وهذا في نظري النقطة نفسها وإنما جاءت من زاوية أخرى.

إن تقرير التنمية الإنسانية العربي الأول دعا إلى الكثير من الممارسات لتصحيح الوضع، منها أنه عندما يراد الوصول إلى تنمية إنسانية حقيقية في الوطن العربي فإنه يجب على الدول العربية أن تحارب الفساد والمحاباة بحزم، حيث سمى هذه الظواهر بالتشوهات، هذه التشوهات تؤدي إلى إحباط المواطنين وجعلهم لا يبادرون وبالتالي يحرم الإنسان من الإبداع، كذلك أوضح ما يعانيه الإنسان العربي من الحرمان وعدم المساواة في الفرص، مبينا أن ذلك أكثر استشراء من الفقر المادي، النقطة الثالثة، بين أن كلفة التعليم المالية هي أقل بكثير من كلفة الجهل التي لا حدود لها. و بالتالي فإن التقرير الأول يتصل مع هذا التقرير في بعض التوصيفات فمثلا يقول التقرير إنه إذا توافرت الإرادة السياسية في الوطن العربي فإن البلدان العربية بتوافر الموارد اللازمة لاستئصال الفقر المطلق فإنها ربما تستطيع أن تتغلب على هذه المشكلة في غضون جيل واحد، إذ إن الالتزام السياسي وليس الموارد المالية هي القيد المانع أمام الوصول إلى التنمية البشرية المتكاملة.

كما يورد التقرير «إن خلق مستقبل للجميع يساهم في بنائه الجميع هو حتمية أخلاقية ولابد أن يكون هدفا استراتيجيا لجميع البلدان العربية وهي تدخل القرن الواحد والعشرين».

وجود خلل هيكلي

يبدو أن المعوقات التي تواجه الوطن العربي هي نفسها وإن جاءت في التقرير الخامس بشكل أكثر تفصيلا، فهل أن هذه المعوقات عصية على الحل ولا يمكن حلها في هذا الواقع؟

- عبد النبي العكري: إن كل تقرير يقوم بالتركيز على قضايا معينة، فأحد التقارير ركز على نقص الحريات العامة والآخر ركز على المرأة، في حين أن هذا التقرير تناول قضية متشعبة ولكن جميعها تدور حول الأمن الإنساني وهذا مفهوم جديد يتطور في المرحلة الحالية، ففي السابق كان الباحثون يستخدمون مصطلح التنمية البشرية، ولكن الآن أصبحوا يستخدمون مصطلح الأمن الإنساني الشامل بما يتضمنه من أمن مادي ونفسي ومعنوي وروحي، من الواضح أن هذا التقرير وخصوصا عندما يناقش في الفصل الثالث مسئولية الدولة وأمن الإنسان أن هناك اختلالات هيكلية في الدول العربية وليس مجرد عوائق، فالعوائق يمكن التغلب عليها في حين أنه لابد من إصلاح الاختلالات الهيكلية لنتمكن من إيجاد تنمية إنسانية حقيقية، الدول العربية فشلت في ذلك، ولولا النفط في بعض الدول العربية لكان الفشل ذريعا.

فيما يخص أمن الإنسان وضع التقرير أربعة محاور أساسية وهي مدى قبول المواطنين لدولتهم وهل الدولة تساهم في تقدم شعبها للأمام أو إرجاعه للخلف، والتزام الدولة بالعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، و كيفية إدارة الدولة لاحتكارها حق استخدام القوة والإكراه في حين أن المحور الرابع هو مدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحد من إساءة استخدام السلطة. إن جميع الدول العربية - مع وجود تفاوت فيما بينها- إلا أنه لا تنطبق عليها هذه المؤشرات والمعايير، إن انتماء الإنسان لوطنه أمر طبيعي وفي بعض الأحيان فإن تعصب الإنسان لدولته في مواجهة دولة أخرى يكون نتيجة للتعبئة والحشد ولكن لو أردنا أن نقيس مدى قبول المواطنين العرب لدولهم - عندما تكون لديهم حرية الاختيار الفعلي والاطمئنان النفسي- لما نجحت أي دولة في هذا الامتحان...

هل تقصد أي حكومة؟

- العكري: طبعا أي حكومة لن تنجح في هذا الامتحان، بالطبع التقرير يتحدث عن الدول التي هي أكبر من الحكومات، المشكلة أن الدول العربية تختزل الدولة في الحكومة أي أن الحكومة لا تتغير.

هذه هي المعضلة إذ إن الدولة في الدول العربية هي دولة قسرية ولا يوجد فرق كبير بين الدول الملكية والدول الجمهورية فحتى الجمهوريات التي تجرى فيها الانتخابات، فهذه الانتخابات شكلية ويتم توريث الحكم للأبناء، كما أن الطبقة السياسية في هذه البلدان محدودة جدا وهي لا تتوسع بشكل كاف وإنما تضيق في بعض الأحيان، ولذلك فإن الانتخابات لا تؤدي إلى نتيجة أو تغيير في تداول السلطة، إن لدى الدول العربية بشكل عام احتكاران، الأول هو احتكار للسلطة، والاحتكار الثاني هو للثروة، ولذلك نرى أن الشعوب العربية معوقة.

إن كل هذه الأمور تؤثر في الأداء العام للدولة بما في ذلك الأداء الاقتصادي، فلو نظرنا مثلا إلى نصيب الوطن العربي من التجارة الدولية أو إنتاج الثروة، فجميع الدول العربية مجتمعة لا يساوي إنتاجها الوطني ما تنتجه إسبانيا والتي هي دولة متخلفة بالنسبة للدول الأوروبية، إن الناتج القومي لجميع الدول العربية يقارب الإنتاج القومي لهولندا والتي لا يتعدى عدد سكانها 6 ملايين نسمة على الرغم من وجود النفط لدينا، إن الأداء الاقتصادي والإنتاج وحتى إصدار الكتب والفكر و الفن والثقافة وفي جميع المجالات لا يتناسب مع عدد سكان الوطن العربي، حتى أن مساهمتنا في الحضارة الإنسانية متردية جدا، كما أن أمننا مستباح حتى من الدول الصغيرة، فتشاد احتلت جنوب ليبيا وهي دولة هامشية، و»إسرائيل» لوحدها تردع جميع الدول العربية، كما سمحنا بغزو الدول الأجنبية للدول العربية كاحتلال أميركا للعراق، ولذلك فإن أداء الدول العربية سواء فرادى أو مجتمعة هو أداء هزيل جدا، وذلك بسبب النظام السياسي الموجود و عدم صحوة المجتمع، لا يمكن التغلب على عقبة بعقبة أخرى فلابد من تغيير هيكلية الدولة وتفكير المجتمع ككل، إن مجتمعاتنا ما زالت تعيد نفسها في أفكارها وممارساتها دون أن تأتي بأفكار وحلول جديدة، لا أقول إنه لا يتم طرح الأفكار تماما، فهناك من يقوم بذلك ولكنها لا تصل إلى الناس ولا تتحول إلى قوة تؤثر في المجتمع.

ضمن المحور الثاني من التقرير الخاص بالدولة وانعدام الأمن يشير التقرير إلى أن الدول العربية في كثير من الحالات تحولت إلى مصدر تهديد لأمن مواطنيها بدلا من أن تكون حامية للأمن، كيف يمكن تفسير ذلك؟

- عبد الله الدرازي: بداية أن التقرير ركز على مسألة حقوق الإنسان، فمعظم النقاط التي طرحها التقرير متعلقة بحقوق الإنسان سواء من الناحية الاقتصادية أو البيئية أو الاجتماعية وبالتالي فإن الدولة أو الحكومات في الدول العربية تتدخل في كل شيء، فهي تتحكم في الإعلام والاقتصاد و الثروات لتصب في النهاية في مصلحة فئة صغيرة وليست لعموم الشعب، إذا لا حظنا أن الدول العربية حتى التي طرحت مؤخرا مسألة الإصلاحات وإجراء انتخابات فإن الدول تتدخل في الانتخابات، في بعض الأحيان تكون هذه التدخلات ضد مصالح الغالبية العظمى من المواطنين، كما نلاحظ أن معظم الانتخابات في الدول العربية هي انتخابات صورية، فالنسب التي يعلن عنها سواء في الانتخابات الرئاسية أو غيرها تكون مقاربة لـ100 في المئة، وهي مضحكة جدا، كما نلاحظ استغلال الأحداث العالمية لصالح التحكم والهيمنة، فمثلا أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما أفرزته من مفاهيم لمكافحة الإرهاب تم استغلالها في إصدار قوانين لمكافحة الإرهاب في معظم الدول العربية وهي قوانين مقيدة بعيدة عن تعريف الأمم المتحدة للإرهاب، فالإرهاب في الدول العربية يتم تعريفه بشكل عام ومطاط إذ يمكن أن يتهم أي شخص بالإرهاب بناء على نيته، كما نلاحظ تكبيل جميع الحريات من خلال هذه القوانين.

وإن تحدثنا عن النظم الانتخابية الموجودة فإننا نجد أنه ليست هناك عدالة سواء في توزيع الدوائر أو طريقة الانتخابات أو التدخل المباشر أو إنشاء أحزاب تابعة للسلطة من أجل أن تدعمها في هذه الانتخابات وذلك موجود في معظم الدول العربية إذا لم تكن في جميعها، أي أن أحزاب السلطة هي المهيمنة على الأمور.

التحكم في الإعلام وهو موضوع مهم جدا، إذ نلاحظ أن معظم الدول العربية هي التي تتحكم في الإعلام سواء الإعلام المرئي أو المكتوب، كما نلاحظ تقييدا للحريات الصحافية بشكل كبير.

أما بالنسبة لهيمنة السلطة التنفيذية فنلاحظ أنه لا يوجد فصل بين السلطات الثلاث، ونلاحظ أن السلطة التنفيذية هي التي تهيمن على السلطة القضائية والسلطة التشريعية ولا يوجد استقلال إلى القضائية في معظم الدول العربية بالإضافة إلى وجود المحاكم العسكرية وقوانين الطوارئ.

وبالتالي فإننا نرى أن معظم ما يحدث في الدول العربية هو نتيجة لتحكم فئة معينة على حساب الطبقات الأخرى مع ملاحظة تآكل الطبقة الوسطى وفرز المجتمع إلى طبقتين طبقة غنية وأخرى فقيرة وهذه مشكلة كبيرة.

كما نشاهد تدميرا كبيرا للبيئة على مستوى معظم الدول العربية، ويمكن أن نأخذ مثالا على ما يجري في البحرين من تدمير للبيئة البحرية من خلال عمليات الدفان وما نتج عنه من اختفاء أنواع كثيرة من الأسماك. فحسب تقارير صدرت مؤخرا، كان هناك نحو 450 نوعا من الأسماك موجودة في المياه البحرينية سابقا اختفى منها الآن نحو 350 نوعا.

فيما يخص تهديد الدولة لأمن الإنسان فإننا نرى أن عمليات التعذيب سواء على مستوى الفرد أو الجماعة مازالت تمارس في الدول العربية، ولا يزال هناك تمييز سواء العرقي أو الجنسي منها والتمييز الديني والمذهبي والتمييز ضد الجماعات الضعيفة في المجتمع، وبالتالي فإن هذا التقرير عكس المآسي الموجودة في الوطن العربي، إن جميع الدول تحتاج إلى النظر لهذا التقرير ليس بنظرة المؤامرة وإنما بنظرة جدية إن كانت حريصة على أن يكون هناك أمن للفرد والجماعة.

استغلال الموارد الطبيعية

طرح عبد النبي العكري وجود خلل في الهيكلية السياسية، ويبدوا أن الأمر لا يقتصر على الجانب السياسي فهناك أيضا خلل في الهيكلية الاقتصادية للدول العربية ما يمنع الاستفادة من الموارد والثروات الطبيعية في هذه البلدان؟

- جعفر الصائغ: اسمح لي أن أبدأ بوجهة نظري بشأن التقرير بشكل عام، فالتقرير استشهد بأرقام قديمة تعود للعام 2005 و ذلك ليس دفاعا عن الدول العربية، فيمكن أن يكون الوضع أسوأ مما هو عليه في تلك السنة وخصوصا بعد الأزمة المالية العالمية التي ساهمت في تدهور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في كثير من الدول العربية، وبذلك فإن هذه الأرقام تدافع بشكل غير مباشر عن الوضع السيئ في الدول العربية، إذ إن هناك الكثير من التدهور في الأوضاع العربية مقارنة بالعام 2005 فمؤشرات البطالة زادت ومؤشرات الفقر كذلك، فالتقرير يورد مثلا أن نسبة البطالة في موريتانيا قد وصلت إلى 22 في المئة في حين أنه بعد الأحداث الأخيرة في هذا البلد ارتفعت بشكل كبير، حتى بالنسبة للدول الخليجية مثلا في الكويت وقطر نسبة البطالة 2 في المئة في ذلك العام في حين أنها ارتفعت لأكثر من ذلك، وخصوصا بعد الأزمة المالية.

فيما يخص السؤال فإننا لدينا معادلات معينة في الاقتصاد لقياس النمو الاقتصادي، فهذا النمو وفي أي دولة يعتمد على الاستهلاك العام و الاستثمار و المصروفات، عندما ننظر إلى الاستهلاك العام فإن العنصر الأكبر في ذلك هو استهلاك الفرد، ولكي ينمو الاستهلاك وهو عنصر أساسي في النمو الاقتصادي فلا يمكن للدولة أن تنمو وتتقدم دون نمو الاستهلاك الفردي، إذ إن الاستهلاك هو محفز للإنتاج، فكلما ازداد الاستهلاك ازداد الإنتاج، أي تجاوب القطاع الإنتاجي مع الاستهلاك، هناك حلقة متصلة بين النمو السكاني و المستوى المعيشي والحاجة للاستثمار، ولكي ينمو الاستهلاك الفردي يجب أن يكون العنصر البشري فعالا في المجتمع ولكي يحدث ذلك لابد أن يرتفع مستواه المعيشي لكي يساهم في الاستهلاك ولكي نضمن ارتفاع المستوى المعيشي هناك أمر أساسي في النمو الاقتصادي والتنمية وهو تفاعل المجتمع مع السياسات الاقتصادية في الدول، فعندما يتفاعل المجتمع مع الاستراتيجيات الاقتصادية و السياسية فإن ذلك سيشكل دافعا لهذه السياسة أن تنجح، والعكس صحيح تماما. ولكي يتفاعل المجتمع مع هذه السياسات يجب أن يكون راضيا عنها، ولديه قبول مبدئي وثقة في متخذي القرار وفي الحكومة، وأعتقد أن ذلك مفقود في الوطن العربي، ليس هناك أي تفاعل واضح من قبل الشعوب العربية مع السياسات الاجتماعية والاقتصادية بسبب عدم وجود ثقة كاملة ما بين الطرفين، وأعتقد أن ذلك ساهم وسيساهم في تردي وعدم تحقيق النمو المستدام في الدول العربية.

التقرير ذكر نقطة مهمة جدا، وهي الكيفية التي تستخدمها الدول العربية في استغلال الموارد، وأعتقد أن هذه الكيفية لم تساهم في رقي المجتمع، وأن الرقي الموجود في الدول الخليجية هو رقي صوري وليس حقيقيا لأنه ليس مستداما وليس قابلا للاستدامة، فعندما تنخفض أسعار النفط لفترة طويلة تتحول الدول الخليجية إلى دول من العالم الثالث، كما يورد التقرير أن الاعتماد على النفط يهدد أمن الإنسان، بسبب أن النفط خلق تنمية صورية وليس تنمية حقيقية، ويمكن أن اقتبس من التقرير «إن الثروة النفطية الخيالية لدى الدول العربية تعطي صورة مظللة عن الأوضاع الاقتصادية لدى هذه البلدان لأنها تخفي مواطن الضعف البنيوي في العديد من الاقتصاديات العربية وما ينجم عنها من زعزعة الأمن الاقتصادي في الدول العربية»، أعتقد أن هناك إساءة في استخدام الموارد في الدول العربية وعدم تفاعل المجتمع مع السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية بسبب عدم وجود الثقة، وأن الاستمرار في الاعتماد على النفط أصبح فعلا يهدد أمن الإنسان في الدول العربية ومن ثم نحن نحتاج إلى فلسفة جديدة في كيفية استخدام النفط وكيفية استخدام الموارد الطبيعية ووضع رؤية بعيدة المدى لفعل جاد بالابتعاد عن الاعتماد على النفط لأنه لا يحقق التنمية المستدامة في الدول العربية.

- العكري: يمكن أن أضيف على ما ذكره الأخ عبد الله الدرازي بشأن السؤال الخاص بتحول الدولة من ضامن للأمن إلى خطر على أمن المواطن، فبالرغم من أن التقرير يذكر ذلك إلا أننا أصبحنا نعرف هذا الأمر جيدا، بسبب أن الدولة من المفترض هي من يحتكر ما يسمى بقوة الإكراه، وهي القوات المسلحة و قوى الأمن والمخابرات والسجون، وهذا أمر طبيعي ولكن بشرطين، الأول أن يكون هذا الاحتكار لضمان أمن الوطن و المواطن، والأمر الآخر هو أن تكون الدولة محايدة وأن لا تستخدم هذه القوة في تأديب فئة سياسية معينة وقهر المعارضة كما هو حاصل الآن، أصبحنا ندرك أن احتكار القوة من أجل إكراه المواطن وليس حماية له بحيث أصبح المواطن الآن يخاف من الدولة ولا ينظر للشرطي على أنه صديق له، وقد وصل الأمر إلى وجود أجهزة أمن سرية في بعض الدول العربية غير محاسبة ولا تظهر في هيكل الدولة وليست تابعة لأية جهة ولها سجون سرية حتى، ولذلك حتى التقارير التي تصدرها المنظمات الحقوقية، تورد ازدياد وتيرة خروج الدولة على القانون الذي وضعته، سواء بالاختطاف و التعذيب و السجن غير القانوني لأعداد هائلة من المعارضين، في حين أن دولا أخرى في وضعنا الاقتصادي نفسه كالهند مثلا لا تمارس ما تمارسه الأنظمة العربية، ولذلك أصبحت الأنظمة العربية خطرا على المواطن بدلا من أن تكون ضامنا لأمنه.

التفاوت في أداء الدول العربية

ولكن أليس من الظلم انتقاد الدول العربية بهذا القدر وعدم ذكر أي إيجابيات، ألم تحقق الدول العربية أي إنجاز خلال السنوات الماضية، فبعض الدول العربية قضت على الأمية و هناك مستوى متقدما من الخدمات الصحية والتعليمية التي يحصل عليها المواطنون في بعض هذه الدول؟

- سلمان: لديّ أولا تعليق على موضوع الأرقام، بالفعل أن التقرير يستخدم أرقاما قديمة ترجع للعام 2005 و 2006، ولكن العادة جرت في تقارير التنمية البشرية أن تستخدم أرقاما صدرت قبل سنتين أو ثلاث سنوات بسبب ما يسمى بالثبات، فجميع تقارير التنمية البشرية لا تستخدم أرقام السنة الماضية وإنما الأرقام السابقة أي قبل عامين، ولذلك فإن العملية تراكمية، فلا يجب قراءة تقرير واحد فقط وإنما يجب قراءة جميع التقارير السابقة واللاحقة.

فيما يخص ما حققته الدول العربية خلال الفترة السابقة، أعتقد أن هناك تفاوتا في الإنجاز، فعندما نتحدث مثلا عن معدل وفيات الأطفال أو صحة الأمهات، فإن الدول الخليجية قد حققت الكثير والبحرين تحديدا قد حققت جزءا كبيرا جدا من الهدف التنموي في هذا الموضوع، ولكن عندما تتحدث عن وفيات الأطفال في بلد مثل الصومال فلا يمكن أن تقارنها بالدول الخليجية وعندما تتحدث عن صحة الأمهات في الجزائر لا يمكن أن تقارن بدولة صغيرة مثل قطر التي توفر الرعاية الصحية بشكل كبير، إذا لا يمكن أن يوضع الوطن العربي بمجمله على ميزان واحد فقط، التقرير لم يتكلم عن الكثير من الفروقات بين الوطن العربي وإنما أشار في بعض من المعطيات إلى دول معينه كما وضع جداول للتفريق بين الدول، فعندما يتحدث مثلا عن العنف ضد المرأة ويشير إلى أن العنف ضد المرأة في الأراضي الفلسطينية يصل إلى 30 في المئة ويقارنها بالعنف ضد المرأة مع البحرين لا توجد معلومات بشأن هذا الموضوع، هناك فروق قد تعود إلى عدم توافر المعلومات وقد تعود إلى أنه توجد بالفعل فروق حقيقية، أتصور أن هناك جزءا كبيرا من هذه الفروقات، فالبطالة مثلا في الجزائر تصل إلى درجة كبيرة جدا لا يمكن أن تقارن بأي دولة أخرى، في 2005 عندما تنظر إلى البطالة بين الشباب الأقل من 25 سنة تجد أنها في البحرين تفوق النسبة العربية والنسبة العالمية، وهذه نقطة مهمة جدا فعندما نتحدث عن ارتفاع نسبة الشباب العربي و البطالة فإننا نتحدث عن نسبة الإحباط والفراغ و البطالة بين هذا الشباب، فكلما كثر عدد الشباب كثرت أعداد البطالة وبالتالي الإحباط، وذلك ما يورث نزوحا من بعض العقليات الشابة التي قد تهاجر كما تؤدي إلى الانحراف، كما أن كثرة العدد قد تؤثر على جودة التعليم، فهناك فصول دراسية في بعض الدول العربية تحوي 70 طالبا.

إن نظرنا إلى جميع هذه الأمور من زاوية المعطيات المستجدة و الأزمة المالية العالمية فإننا سنجد أن الوضع كئيب جدا، يجب أن تكون هناك نظرة جادة لفئة الشباب تحديدا، فالتقرير يسميهم الهم الأكبر والرئيسي لصناع القرار وأنا اتفق تماما مع ذلك.

لا يمكن أن نتكلم عن تنمية إنسانية بمعزل عن النظرة الشاملة لجميع هذه المعطيات وهذه المشاكل بما فيها المشاكل التي ذكرت في تقرير التنمية الإنسانية الأول في العام 2002، إذ يجب على كل دولة عربية أن تعمل على إيجاد السبل الكفيلة بترتيب أولوياتها أخذا بتوصيات مثل هذه التقارير التي تبتعد عن الأدلجة أو اللاموضوعية.

ذلك ما يقودنا إلى سؤال، كيف تتعاط الدول العربية مع مثل هذه التقارير وهل تستفيد منها في ترتيب أولوياتها؟

- العكري: من خلال تجربة السنوات الماضية، ماعدا بعض مؤسسات المجتمع المدني، وخصوصا في بعض البلدان، أذكر أننا في البحرين قامت مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني بدعوة مجموعة من المفكرين و مجموعة من العاملين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويمكن أن عددا من مؤسسات المجتمع المدني في عدد من الدول مثل مصر والمغرب ولبنان وفلسطين و الأردن قامت بمثل هذا الأمر، ولكن المؤسف أن هذه التقارير التي تضعها نخبة من المفكرين العرب - الذين لا يمكن اتهامهم، وخصوصا في هذه المرة بأنهم مسيسون إذ أنهم نخبة هذه الأمة- لا تحفز على إجراء حوار جدي لمناقشة هذه المعضلات، من الواضح أن هناك أزمة كبيرة في أكثر من بلد عربي، فهناك دعوات لإجراء حوار وطني في المغرب والجزائر ومصر والبحرين ما يدل على وجود حاجة لإجراء حوار جدي للبحث في هذه المعضلات، ولذلك فإنني آمل أن تتحرك مجموعة من الجمعيات الأهلية و تدعوا الجهات الرسمية إلى طاولة مستديرة أو منتدى لبحث مثل هذه القضايا بروح المسئولية.


موجز تقرير التنمية الإنسانية العــربية للــعام

أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في شهر يوليو/ تموز الماضي المجلد الخامس من سلسلة التنمية الإنسانية العربية بمشاركة عدد من المثقفين والباحثين في البلدان العربية.

ويتيح هذا التقرير للمفكرين العرب البارزين منبرا يطرحون من خلاله تحليلا شاملا لبيئاتهم المعاصرة، وهو ليس تقريرا يجري إصداره من الأمم المتحدة، وإنما هو دراسة مستقلة تعبر عن موقف مجموعة من المثقفين من مختلف البلدان العربية ربما لم تكن تقييماتهم الرصينة الحافلة بالنقد الذاتي، لتجد آذانا صاغية في ظل الظروف السائدة في المنطقة. ويعزز وجهات نظر المؤلفين وهو استطلاع للرأي أجري في أربعة بلدان عربية هي الأراضي الفلسطينية المحتلة والكويت ولبنان والمغرب، ويشتمل على مجموعة من السياقات السياسية والثقافية لتحليلات الواردة في التقرير.

وتتناول الدراسة الحالية موضوع أمن الإنسان في البلدان العربية انطلاقا من الإطار الذي وضعه «تقرير التنمية البشرية» للعام 1994 عن أمن الإنسان.

وينطلق هذا التقرير من أن جوانب القصور التي حددت معالمها التحليلات الواردة في تقرير التنمية الإنسانية العربية الأول ربما تكون بعد مرور سبع سنوات على إصداره قد ازدادت عمقا.

يرى التقرير أن العقبات التي تعترض سبيل التنمية في المنطقة تكمن في هشاشة البنى السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية في المنطقة، وفي افتقارها إلى سياسات تنموية تتمحور حول الناس، وفي ضعفها حيال التدخل الخارجي. وتضافرت هذه العناصر لتقويض أمن الإنسان، وهو الأساس المادي والمعنوي لحماية وضمان الحياة، ومصادر الرزق، ومستوى من العيش الكريم للأغلبية. ذلك أن أمن الإنسان من مستلزمات التنمية الإنسانية وقد أدى غيابه على نطاق واسع في البلدان العربية إلى عرقلة مسيرة التقدم فيها.

ويتناول التقرير سبعة محاور رئيسة هي:

الناس في بيئة غير آمنة

إذ تواجه المنطقة العربية تحديات متعاظمة تهدد أمن الإنسان نتيجة للضغوط البيئية. وقد تفضي النزاعات المترتبة على المنافسة على الموارد الطبيعية المتناقصة إلى رفع نسبة التوتر في العلاقات بين الجماعات والسكان والدول، العربية وغير العربية. وتنجم هذه التحديات عن الضغوط السكانية والديمغرافية، والإفراط في استغلال الأرض، ونقص المياه والتصحّر والتلوث والتغيرات المناخية.

الدولة والمواطنون وانعدام الأمن

في معرض الحديث عن أمن الإنسان بين المواطنين في البلدان العربية، يُطرح السؤال: أتكون الدولة العربية داعمة لهذا الأمن أم لا؟

وللإجابة عن هذا السؤال، يناقش التقرير أداء الدول العربية وفقا لمعايير تمتّع الدول بمقومات الحكم الصالح (الرشيد). ويحلل ما إذا كانت تلك الدول تحوز رضاء مواطنيها، وتساند حقهم في الحياة والحرية وتضمن لهم هذا الحق، وتحميهم من العدوان. ويعتمد التحليل على أربعة معايير هي (1) مدى قبول المواطنين لدولتهم، (2) التزام الدولة بالعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، (3) كيفية إدارة الدولة لاحتكارها حقّ استخدام القوة والإكراه، (4) مدى قدرة الرقابة المتبادلة بين المؤسسات على الحدّ من إساءة استخدام السلطة. ويخلص التقرير إلى أن حالاتٍ من التقصير الكبير والمتمادي في تطبيق هذه المعايير كثيرا ما تجتمع لتجعل من الدولة مصدرا يهدد أمن الإنسان، بدلا من أن تكون سندا له.

الفئات الضعيفة الخافية عن الأنظار

الأمن الشخصي للمواطنين في البلدان العربية مشوب بالثغرات القانونية وتراقبه وتتولى تنظيمه مؤسسات تتمتع بسلطة الإكراه وتقوم على مصادرة الحريات. غير أن ثمة فئات خارج نطاق التيار المجتمعي الرئيس لا تتمتع بالأمن الشخصي على الإطلاق. وهذه الفئات تضم النساء المكرهات اللواتي تساء معاملتهن، وضحايا الاتجار والأطفال المجندين، والمهجرين داخليا، واللاجئين.

النمو المتقلب، ونسبة البطالة المرتفعة، والفقر الدائم

إن الثروة النفطية الخيالية لدى البلدان العربية تعطي صورة مضلِّلة عن الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان، لأنها تخفي مواطن الضعف البنيوي في العديد من الاقتصاديات العربية وما ينجم عنها من زعزعة في الأمن الاقتصادي للدول والمواطنين على حد سواء. ويناقش التقرير الأمن الاقتصادي بالرجوع إلى الأبعاد الأكثر أهمية التي حددها في بادئ الأمر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير التنمية البشرية للعام 1994، وهي: مستويات دخل الفرد وأنماط نموها؛ خيارات العمل والاستخدام؛ الفقر؛ الحماية الاجتماعية.

وفي هذا الإطار، يركز التقرير على أهمية المسار المضطرب للتوسع الذي أحدثه النفط في البلدان العربية، وهشاشة النموذج الاقتصادي المرتبط به، والاتجاهات المتغيرة في التدفقات عبر الدول المنتجة للنفط. كما يحدد الثغرات السياسية المؤثرة في الأمن الاقتصادي لملايين الناس على صعيدي البطالة الحادّة وفقر الدخل المتواصل.

الجوع، وسوء التغذية، وانعدام الأمن الغذائي

على الرغم من الموارد الوفيرة، وانخفاض معدلات الجوع في البلدان العربية مقارنة بالمناطق الأخرى، يلاحظ بين شعوبها تزايد نسبة الجوع وسوء التغذية. ومع أن ثمة تفاوتا ملحوظا بموضح في معدلات الانتشار وأرقام الجياع بين بلد وآخر، فإن المنطقة برمتها لن تتمكن من تحقيق غاية تخفيض الجوع من الأهداف الإنمائية للألفية. يضاف إلى ذلك استمرار رواسب الجوع وسوء التغذية المتراكمة من الماضي.

ووفقا لإحصاءات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة حول مناطق البلدان النامية، تضم المنطقة العربية نسبة منخفضة تعاني قصور التغذية قياسا على إجمالي السكان. ولا يتجاوزها في هذا المضمار غير البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية في وسط أوروبا والاتحاد السوفياتي السابق. إلا أنها إحدى المناطق في العالم - إلى جانب إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى - التي ارتفعت فيها نسبة من يصيبهم قصور الغذاء منذ تسعينيات القرن العشرين، إذ تزايدت من نحو 19.8 مليون نسمة في الفترة ما بين العامين 1990 و1992، إلى 25.5 مليونا ما بين العامين 2002 و2004.

تحديات الأمن الصحي

الصحة هدف حيوي لأمن الإنسان تؤثر فيه عوامل لا ترتبط بالصحة، وهي أيضا من العوامل الجوهرية التي تترك أثرا كبيرا في أمن الإنسان. وقد حققت البلدان العربية على مدى العقود الأربعة الماضية تقدما مشهودا في مجال ارتفاع مدى العمر المتوقع وانخفاض معدل وفيات الرضع. لكن الأمر الأكيد هو أن الصحة ليست مضمونة لكل المواطنين العرب، إذ مازالت النساء تعاني أكثر من غيرهن من الإهمال ومن التقاليد القائمة على التحيز في معاملة الجنسين. ثم إن أنظمة الصحة غالبا ما يكبلها العجز البيروقراطي، وتدني القدرات المهنية، ونقص التمويل، مع تعاظم الأخطار الصحية جراء انتشار أمراض معدية جديدة.

الاحتلال والتدخل العسكري

في أوضاع الاحتلال والتدخل العسكري، تتضافر أنواع كثيرة من المخاطر التي تهدد أمن الإنسان، والتي ناقشها هذا التقرير. ففي الأرض الفلسطينية المحتلة والعراق والصومال ألغي، بالقوة، حق الشعب الأساسي في تقرير المصير والسلام. ويواجه الناس الأخطار التي تتهدد الحياة. والحرية، ومصادر الرزق، والتعليم، والغذاء والصحة، والبيئة حولهم، على أيدي قوى خارجية تمارس عليهم العنف المؤسسي والبنيوي والمادي في كل يوم.

ويعرض التقرير تقييما تفصيليا للأضرار الناجمة عن الانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق الإنسان، مع التركيز على آثار التدخل الأميركي في العراق، واستمرار السيطرة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الحملة الأخيرة على غزة، والأوضاع الصعبة التي يعانيها الشعب المحاصر في الصومال

العدد 2536 - السبت 15 أغسطس 2009م الموافق 23 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:55 ص

      اى جنوب

      تتحدث عن احتلال تشاد للجنوب الليبى لعل الكاتب يتحدث عن دول فى كوكب اخر يا اخى اجتاحت القوات الليبيه تشاد بسرعه لم تحسب القوات الفرنسيه والامريكيه لها حساب دمرت الجيش التشادى و احتلت انجامينا العاصمه فى ساعات اشتبكت مباشرة مع القوات الفرنسيه و اوقعت بها خسائر فادحه كمقتل عشرات الجنود و اسقاط العديد من الطائرات حدث ما حدث رغم الدعم اللسرائيلى و الامريكى و الفرنسى المباشر و للاسف الدعم المصرى و السودانى فى ظل حكومة النميرى والتونسى لقوات حسين حبرى اخترقت كتيبه تشاديه الحدود و هاجمت قاعده فى الجنو

اقرأ ايضاً