اعتبر رئيس قسم التفتيش العمالي ومسئول شئون المنظمات النقابية أحمد الخباز، أن المشروع الوطني للتوظيف لم يحقق كل أهدافه، وخصوصا مع وجود معضلة كبرى أمام المشروع لخصها في «زيادة عدد العاطلين... الجامعيين خصوصا»، مبينا أن تواصل إغلاق مصانع الملابس يعني زيادة العاطلات المسرحات عن العمل، الوضع الذي وصفه بـ «المربك للوزارة»، خصوصا بعد إغلاق نحو 12 مصنعا.وأضاف الخباز أن أجندة لجنة التوفيق والتحكيم التي باشرت أعمالها منذ مارس/ آذار الماضي، محملة بست قضايا نقابية، وفي الشأن نفسه، فإن المحكمة تنظر في الوقت الحالي في سبع قضايا عمالية في ست شركات. وعن خطوة الإضراب عن العمل، فضل الخباز أن يطلق عليها خطوة «الطلاق الرجعي»، غير مؤيد فكرة اعتبارها «هدفا» وإنما مجرد «وسيلة».
النقابي السابق، والمتفاوض «الرسمي» حاليا مع الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، كان له مع «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي لعيد العمال الحوار الآتي:
في ظل الاحتفالات التي نشهدها بمناسبة عيد العمال، لايزال هناك عدد كبير من النقابيين المفصولين، ماذا فعلت الوزارة في هذا الشأن؟ وما هي خطواتكم لمحاولات إرجاعهم لأعمالهم؟
- الآلية التي نتبعها في هذا الشأن تختلف وفقا لمضمونها، فبعضها باشرناها مع المؤسسة، وأخرى أصر صاحب العمل على تحويلها إلى القضاء، وهناك عدة حالات تم حلها.
وعلى سبيل المثال، حين أصرت شركة داين كورب على فصل 43 عاملا، بذلت الوزارة جهدها والوزير تدخل وتم علاج الموضوع. وأكثر الشركات تنفي أن يكون الفصل بسبب العمل النقابي وإنما ترجعه إلى أسباب أخرى.
ويتحدد موقفنا كوزارة من ذلك تبعا لقناعاتنا في تقاريرنا التي نرفعها، فإذا اقتنعت الوزارة بأن الفصل بسبب العمل النقابي يُضمن ذلك في التقرير الذي نرفعه للمحكمة.
سبع قضايا نقابية تنظرها المحكمة
كم بلغ عدد قضايا فصل النقابيين التي تنظر فيها المحاكم؟
- هناك سبعة نقابيين تنظر قاضاياهم أمام المحاكم لست شركات، ثلاثة عن شركة داين كورب، واثنان عن شركة «دي إتش إل»، وواحد عن شركة طيران الخليج وآخر عن شركة البحرين للسينما، وفيما عدا شركة «دي إتش إل» التي تبرر الفصل بملاحظات على أداء العمل، فإن الشركات الأخرى، كان واضحا أن الفصل جاء نتيجة ممارسة العمل النقابي بحسب تقدير الاتحاد.
هناك جدل قائم بين العمال والحكومة بشأن النقابات الحكومية، ما أحقية هؤلاء في تشكيل النقابات من وجهة نظر الوزارة؟
- لا أعتقد أن هناك من لا يطمح في أن يصل العمل النقابي إلى مستويات متقدمة، وحين كنت أحد أعضاء الأمانة العامة في اتحاد النقابات التقينا جلالة الملك في العام 2004، وأشار جلالته إلى أن من حق العاملين في قطاع الحكومة تأسيس نقابة، على أن يتم ذلك بعد استكمال الإجراءات في هذا الشأن. والموضوع مطروح الآن أمام البرلمان، إذ إن هناك مشروعا سيقدم لتعديل المادة «10» من قانون النقابات من قبل مجلس النواب. وبالتالي فإن الموضوع سيأخذ مجراه الطبيعي.
كما أعددنا في هذا المجال كوزارة استراتيجية تعزيز الحوار الاجتماعي، وأقمنا ورش عمل في هذا الشأن. كذلك اقترحنا تشكيل لجنة ثلاثية بين أطراف الإنتاج الثلاثة، وتم رفع خطاب لهذه الأطراف. ولاشك أن مثل هذا الحوار سيخلق أرضية مشتركة في حل الموضوع.
ست قضايا نقابية في أجندة «التوفيق والتحكيم»
ما الدور الذي تلعبه الآن وزارة العمل في لجنة التوفيق والتحكيم؟ وهل كان للوزارة في هذه اللجنة دور في معالجة القضايا العمالية؟
- اللجنة كانت مجمدة، وفعلت في العام 2005، وذلك بعد مبادرتنا بأهمية وجود اللجنة، استنادا إلى المادة «12» من قانون النقابات التي تفصل أهداف اللجنة، وبادرنا من جهتنا بمخاطبة وزارة العدل لطلب تفعيل اللجنة، لأن المادة تنص على أن يصدر قرار من وزير العدل بتشكيل اللجنة ويرأسها أحد قضاة محكمة الاستئناف. وفعلا شكلت اللجنة التي نظرت في عدد من المنازعات العمالية.
والواقع أنه كان هناك لبس في تفسير مفهوم اللجنة، وفي سعي إلى حل هذا الإشكال عقدت الوزارة اجتماعات عدة، وتمت مراسلات مع وزارة العدل إلى أن توصلت إلى الحاجة إلى تشكيل لجنتين، إحداهما وفق قانون العمل، والأخرى وفق قانون النقابات.
بينما ارتأت وزارة العمل أن هناك حاجة إلى لجنة واحدة وأقنعت وزارة العدل بذلك. وفي ضوء ذلك باشرت اللجنة عملها في النصف الثاني من شهر مارس/ آذار الماضي.
كم عدد القضايا العمالية التي حولت إلى اللجنة حتى الآن؟
- حولت إلى اللجنة ثلاث قضايا يتم النظر فيها، وثلاث أخرى جديدة أدرجت أخيرا على جدول أعمالها.
تزايد عاطلات المصانع يربكنا
ما موقف الوزارة من إغلاق مجموعة كبيرة من مصانع الملابس الجاهزة، والذي خلق طابورا من العاطلات؟
- أحد أهداف مشروع التأمين ضد التعطل أن يعوض المسرحون من أعمالهم...
وإلى حين تطبيق هذا القانون، كيف يتم تعويض هؤلاء المسرحات من أعمالهن؟
- منذ العام 2005 واجهنا فعلا طابورا طويلا من العاطلات، بعد إغلاق نحو 12 مصنعا ما بين غلق كامل أو جزئي، وكان هذا نتيجة متوقعة بعد تطبيق اتفاق منظمة التجارة العالمية، وإلغاء نظام الكوتا الذي تعتمد عليه البحرين في عملية تصدير صناعة الملابس الجاهزة.
وكنا نأمل بعد توقيع الاتفاق أن يأخذ الجانب الأكبر في مضامينه نجاح مصانع الملابس الجاهزة في البحرين، ولكن حتى الآن لم نجد تأثيرا واضحا للاتفاق على هذه المصانع، ربما لأسباب تعود إلى مضامين هذا الاتفاق وبعض الاعتبارات الاقتصادية الأخرى.
وتم أخيرا تفعيل لجنة البت في طلبات قفل المصانع، كما تقوم الوزارة بالتواصل مع المصانع من خلال هذه الوزارات والعمل على ايجاد وظائف.
ولنعترف أننا فوق ما نعانيه من مشكلة انتشار البطالة، فإن انضمام نحو 6 آلاف عاطلة لطابور العاطلين يضخم المشكلة ويربكنا.
«الوطني للتوظيف» بحاجة لتعاون الوزارات
بالحديث عن البطالة، هل ترى أن المشروع الوطني للتوظيف حقق ما كانت الحكومة تطمح إليه من نتائج؟
- بصفتي رئيس لجنة التظلمات في المشروع، أرى أنه قطع شوطا كبيرا وإن لم يحقق كل الأهداف مع زيادة عدد العاطلين، لأن الكثير منهم لم يحصلوا على وظائف، وواجهتنا مشكلة الجامعيين، لأن بعض تخصصاتهم معنية بها الوزارات والتي لم تكن متعاونة بالشكل المطلوب، ونأمل أن تعيد النظر في هذا الجانب، وخصوصا أنه عقدت عدة اتفاقات مع الوزارات، ولكن على أرض الواقع لا نرى تفعيلا لهذه الاتفاقات.
بالنسبة إلى قضية معلمات رياض الأطفال، فعلى الجانب النقابي، فإن وزارة العمل والاتحاد لم يتمكنا من تفريغ رئيسة النقابة على رغم أن القانون يعطيها الحق في التفرغ، ما الأسباب في عدم إلزام الوزارة للجهة المعنية بتفريغها؟ وفي الوقت نفسه، هناك أجور متدنية وغير مغطاة في التأمينات الاجتماعية وصاحباتها يعانين من مشكلة عقودهن... بصفتك نائب رئيس لجنة الأجور، ماذا قدمتم لهذه الفئة في ظل هذه المشكلات؟
- الإشكال يكمن في أن بعض المؤسسات للأسف ليس لديها استعداد لتفريغ نقابييها، وخصوصا في المؤسسات القطاعية، وبالتالي فإن حساسية الموضوع من جانب المنافسة بين هذه المؤسسات تترك أثرها بشكل سلبي على العمل الوظيفي والنقابي.
حاولنا أن نحل هذا الإشكال، ولكن أصحاب الروضات يرون أن الإيراد محدود وبالتالي فإن تفريغ موظفة ما ينعكس سلبا على الإيرادات. لذلك فهذه معادلة صعبة، وخصوصا أنها مرتبطة برسوم التحصيل من أولياء أمور الأطفال.
ومازلنا نأمل حل الإشكال لضمان حل مشكلات العاملات في رياض الأطفال، في ظل ما يعانينه من زيادة ساعات العمل وانخفاض أجورهن، لذلك شكلنا لجنة بين وزارتي التربية والتعليم والعمل والاتحاد وجمعية العاملات في رياض الأطفال، واتفقنا على أن هناك حاجة إلى دعم هذا القطاع، وسنعد تقريرنا في هذا الشأن وإعداد التصور النهائي لحل المشكلة لعرضها في اجتماع اللجنة الشهر المقبل.
قضية «المصرفيين» في طريقها للحل
المعروف أن هناك لجنة مشتركة بين الاتحاد ووزارة العمل، غير أن من الواضح أن اللجنة تعطلت... فما أسباب تعطيلها؟ وما القضايا التي استطاعت أن تنتهي إليها؟
- هناك اجتماعات بيننا وبين الاتحاد، وأكثر مضامين هذه الاجتماعات تتم عبر محاور معينة، أبرزها معوقات العمل النقابي، والتأكد من أن آليات العمل فيه تسير بالصورة المطلوبة، لذلك تسير اللجنة أحيانا بشكل منتظم وأحيانا بشكل استثنائي... نحن لم نتوقف عن الاجتماعات، فآخرها عقد قبل شهر.
ما الجديد بشأن قضية نقابة المصرفيين، التي تعتبر إحدى أكثر القضايا التي تم تداولها في اجتماعات اللجنة؟
- الاتحاد أبدى اهتماما بهذه النقابة، وحتى أيام قليلة كان لدينا اتصال مع مدير عام بنك البحرين الوطني ورئيس النقابة لمتابعة وضعه، وعقدنا اجتماعات عدة كان آخرها الأسبوع الماضي، وحاولنا من جانبنا التوفيق وحل مشكلة النقابة، وكذلك توضيح الرأي القانوني فيما يخص هذا الجانب. ووعدنا مدير عام المصرف بإيجاد حل سريع للمشكلة.
إذا، ماذا حققت اللجنة على الصعيد العملي؟
- حلت عدة أمور كانت عالقة، وخصوصا ذات العلاقة بآليات تأسيس النقابات، من بينها على سبيل المثال الخلاف على النظام الأساسي للنقابة، إذ نرسل ملاحظاتنا للاتحاد لاتخاذ إجراءاته لتعديل النظام الأساسي، والآن أصبح الاتحاد يتسلم نسخة من رصيد الإيداع وهي خطوة لم يكن معمولا بها في السابق، وهذا ما يسهل عمل الاتحاد بعد أن يتم اعتماد الأوراق في وزارة العمل كإيداع.
كذلك هناك عدة نقابات كانت تمر ببعض الإشكالات، ووقعنا بصفة مشتركة مع الاتحاد آليات التفاوض بين النقابات والشركات.
الإضراب «طلاق رجعي»
ما رأيك في خطوة إضراب العمال بحد ذاتها؟
- الإضراب ليس هدفا وإنما وسيلة، وحتى منظمة العمل الدولية لم تصرح بالإضراب بشكل واضح وصريح، وبحسب معاييرها فإنها تدعو إلى استخدام الوسائل المشروعة، وهو يعتبر وسيلة من وسائل الضغط لعلاج مشكلة موجودة لم تحل بالتفاوض السلمي بين الطرفين، ولكني أرى أن نعيد النظر في مسألة الإضراب وآلياته، وعلى كل الأطراف أن تقف حائلا دون الوصول لهذه المرحلة، وإلا سيكون هناك «طلاق رجعي» إن صح التعبير.
نتمنى أن يكون فكر الحوار بين الطرفين هو السائد، والمشكلات التي نواجهها في أحيان عدة كحالات العناد والتعنت لدى المسئولين في الشركة من دون مبرر، ما يتسبب في استفزاز العامل، ولكني في الوقت نفسه أرجو من العامل أن يتريث لأن هناك قنوات كثيرة للمطالبة.
فبعض العمال كذلك يستعجلون اتخاذ مثل هذا القرار، وبالتالي يرونه الوسيلة الأنجع لتحقيق المطالب.
قسم التفتيش سيظل قائما في «العمل»
ما خطة وزارة العمل المستقبلية فيما يتعلق بقسم التفتيش في ظل صدور المرسوم الملكي رقم «19» للعام 2006؟ وما مدى ما يتردد من أن هناك توجها لتجزئة الوزارة؟
- فيما يتعلق بقسم التفتيش العمالي، وبعد صدور المرسوم الملكي، فإن كثيرا من صلاحيات القسم ستنتقل إلى الهيئة، ولكن سيبقى القسم في الوزارة، لأن هناك مسئوليات عدة للقسم في الوزارة، وخصوصا فيما يتعلق بالعمالة البحرينية وضمان حقوقها، وفي الهيئة سيباشر قسم التفتيش أعماله، بل بدأ العمل في الجوانب التمهيدية المتعلقة به، وهناك تنسيق بين وزارة العمل والهيئة فيما يتعلق بالأقسام التي ستنتقل بما فيها قسم التفتيش. وكون الوزير رئيسا للهيئة أعتقد أنه سيسهل العمل في الجانبين.
كنت أحد أعضاء الأمانة العامة لاتحاد النقابات، واليوم من موقع مسئوليتك في وزارة العمل تقوم بالتفاوض مع الاتحاد، كيف ترى الفرق بين كلا الوضعين؟
- للأسف هناك ثقافة في المجتمع مفادها أن صاحب العمل ظالم للعامل، أو أن العامل ضد صاحب العمل، أو تتهم الوزارة من قبل العامل بأنها تتحيز لصاحب العمل والعكس صحيح، ولكني أعتقد أن هناك معايير وأسسا محددة وضميرا ومبادئ تحكم هذه المواقف.
أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تعاون من كلا الطرفين، ومن تجربتي الشخصية أعتقد أن تمثيل الوزارة أمر أصعب من تمثيل الاتحاد، فحين كنت نقابيا كنت أتحدث من جانب واحد، وقد ألجأ للتصعيد للوصول إلى نتيجة.
هذا يفرض عليك أن توجد المبررات لآليات التصعيد التي قد يلجأ إليها الاتحاد...
- لا أمانع في ذلك، إذ يجب أن يكون هناك عذر لكل الأطراف، لكن يجب أن يحكم ذلك حسن النية المتبادلة بين جميع الأطراف، وأعتقد أننا بدأنا في تجاوز هذه المرحلة بتفهم كل الأطراف لبعضها بعضا.
العدد 1698 - الإثنين 30 أبريل 2007م الموافق 12 ربيع الثاني 1428هـ