قال وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة في بيان أصدره أمس ردا على طلب الاستجواب الذي تقدمت به كتلة الوفاق للمجلس النيابي بخصوص مسائل فساد مالي ومخالفة الدستور واستغلال المنصب لأغراض شخصية «إنني أؤكد براءتي من الاتهامات التي ساقتها اللائحة، وأفخر بأن أعلن على الملأ سلامة ذمتي المالية، ولله الحمد، ولا أقبل أن يسجل عليّ مثل هذا الكلام، ورائدي هو الاحتكام إلى المثل الشعبي السائر (لا تبووق ولا تخاف)».
واضاف ان الذي ورد في اللائحة التي جرى إعدادها يؤكد قناعة أعرب عنها الكثير من النواب والقانونيين والصحافيين والمواطنين من ان هذا الاستجواب استجواب سياسي أولا وأخيرا، وهو محاولة للوصول إلى مساءلتي عن طريق عرض الوقائع بصورة غير صحيحة وتتعارض مع الحقيقة».
واكد انه «مستعد ليس فقط للرد على اللائحة التي أتى بها المتقدمون بطلب الاستجواب (كتلة الوفاق) من هنا وهناك، بل ليتمكن من الرد على الكثير من الإشاعات والاتهامات المغرضة دون وجه حق أو برهان».
وجاء في نص البيان الكامل الذي تلقت «الوسط» نسخة منه: «بداية أحمد الله أننا نعيش في البحرين أجواء الانفتاح والممارسة الديمقراطية والإصلاح، وقناعتي تامة بأن الاستجواب حق مكفول لكل نائب ضمن آليات المراقبة الدستورية، وفي إطار صيانة المبادئ الدستورية والقانونية وأنا كذلك احترم الأخوة النواب الذين تقدموا بالاستجواب كأشخاص، وإن كنت مختلفا مع ما بنوا عليه موقفهم وأداءهم في هذه القضية وما أرجوه هو أن تتظافر جهودنا معا لبلورة معاني الخصومة الشريفة فهي السبيل الوحيد لإرساء أعراف برلمانية صحيحة لا تقف عند هذا الاستجواب فحسب بل تضع سوابق سليمة في شأن مباشرة الدور الرقابي المطلوب من النواب مستقبلا للأجيال القادمة».
واضاف «من هذا المنطلق تلقيت الاستجواب بالترحيب، مطمئنا إلى انه سيستوفي الإجراءات التي تضعه في الإطار الدستوري، وهو من هذا الباب، سيساهم في ترسيخ العمل النيابي في البحرين، إلا أنني فوجئت، بعد الاطلاع عليه، وإمعان النظر بكل عناية فيما تضمنه، بأنه يسلك مسارا آخر يخرج عن النهج المتوقع، فقد نسب لي أمورا كثيرة، راح المستجوبون المحترمون يرددونها في الصحافة وعبر منابر الرأي، مدعين، من غير دليل، أنني أهدرت المال العام، وجمعت بين الوزارة والتجارة، وخالفت قانون المناقصات، واستطرد الاستجواب فأوهم أنني قد استغللت السلطة والنفوذ للإثراء والمصلحة الشخصية».
وقال «للأسف عندما أخذت أتلمس واقعة واحدة صحيحة مما استند إليه نواب الاستجواب المحترمون تدلل على أنني قمت شخصيا بما يؤيد هذه المزاعم والاتهامات لم أجد شيئا ولم أرَ ما يدينني كما تدعي لائحة المتقدمين بالاستجواب»، مضيفا «إنني أؤكد أننا لا نختلف على أن الاستجواب حق كفله الدستور لكل نائب ولكن نختلف إذا تبين أن الاستجواب قد استعمل الحق الدستوري فيما ليس له».
كما قال «لقد أراد الاستجواب أن يستعدي الرأي العام عليّ وأورد ما أسماه (مخالفات) نسبها لي وهي كلها مما ينطبق عليه المثل (اسمع جعجعة ولا أرى طحنا)، فالذي ورد في اللائحة التي جرى إعدادها يؤكد قناعة أعرب عنها الكثير من النواب والقانونيين والصحافيين والمواطنين من ان هذا الاستجواب استجواب سياسي أولا وأخيرا، وهو محاولة للوصول إلى مساءلتي عن طريق عرض الوقائع بصورة غير صحيحة وتتعارض مع الحقيقة، فهل من المعقول أن يجرم المرء على توليه تسيير شئونه ومكاسبه اليومية من أمواله الخاصة مثلا؟!». واضاف «أرى أن من واجبي أن أضع أمام الجميع الحقائق كاملة في ضوء ما ستسفر عنه مسارات التعامل مع هذا الطلب الذي تقدم به المستجوبون، وأنا، بفضل الله مستعد تماما، ومستبشر، غاية البشرى، بما سيهيئه لي هذا الاستجواب، ليس فقط للرد على اللائحة التي أتى بها الأخوة المحترمون من هنا وهناك ولكن لأتمكن من الرد على الكثير من الإشاعات والاتهامات المغرضة دون وجه حق أو برهان، على رغم أن القضاء قد برأني من ذلك في المراحل المتعددة التي مرت بها القضية حتى الآن وهي فرصة لتبيان الحقائق كما هي فعلا، وللإبرار بالقسم الذي تقلدتُ أمانة التوزير تحت سلطته اخلاصا لله والوطن فيما أديته وأؤديه من تبعات الأمانة التي أؤتمنت عليها وأذكر الأخوة المستجوبين بأنهم تحت سلطة قسم مماثل أيضا».
وقال «أنا مطمئن للمجريات المقبلة، وسأصدق النواب والرأي العام القول انسجاما مع قيمنا ومبادئنا العربية والإسلامية التي تربينا عليها، وقناعة بأهمية الالتزام بنصوص الدستور والقانون، التي أدعو من اختصموني إلى الالتزام بها أيضا، فما وضع القانون إلا ليتقيد به مختلف المواطنين، وما لم يحدث ذلك فإن الأمور تترك نهبا لشريعة الغاب، ومن لا يلتزم بالقانون لا يمكن له أن يتوسد أمانة التنفيذ أو التشريع أو الرقابة على الآخرين، هذا هو الأبرأ للذمة والأليق بالجميع بعيدا عن الاحتكام إلى العزف على أوتار الشارع ودغدغة متخيلات الناس». واوضح قائلا: «إنني أؤكد براءتي من الاتهامات التي ساقتها اللائحة، وأفخر بأن أعلن على الملأ سلامة ذمتي المالية، ولله الحمد، ولا أقبل أن يسجل عليّ مثل هذا الكلام، ورائدي هو الاحتكام إلى المثل الشعبي السائر (لا تبووق ولا تخاف)، ولئن لم يكن لي إلا أن أتعاون مع السلطة التشريعية وأقدر احترامها للدستور طالما التزمت هي بذلك، كما أجدد تسليمي بحق المجلس في ممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية بالأدوات المكفولة دستوريا وقانونيا، فإنني أؤكد أن أي استجواب هو، في نهاية الأمر، أداة قد يُحْسَنُ استخدامها وقد يُساء، وهو لذلك قد ينجح وقد لا ينجح، ونجاح الاستجواب يكمن أساسا في صحة مادة الاستجواب وسلامة الدوافع من وراء تحريكه ومن ثم تتمثل الخطوة التالية في تفاعل النواب داخل المجلس النيابي مع مادته والاعتبارات المحيطة به أو قناعتهم، في أن مثل هذا الاستجواب مشوب بأمور تتعسف استخدام الحق الدستوري، وتضيع وقت المجلس ووقت المواطنين في حسابات وتصفيات ودوافع سياسية لا يحسن أن يتم القفز عليها والتغافل عن حقيقة الأغراض الكامنة في خلفياتها، مع الأخذ في الاعتبار المخالفات الدستورية الكثيرة التي تكتنف الاستجواب المقدم من الاخوة المستجوبين».
وختم عطية الله بيانه بقوله «إنني آمل بصدق وتجرد أن يبادر كل مواطن، لرصد معاني هذا الاستجواب، ودلالاته وتوقيته، بدراية ووعي لتحديات الداخل والمصالح الخارجية التي لا تريد الاستقرار لهذا البلد، وذلك من أجل فتح حوارات ونقاشات جادة أتمنى أن تنعكس إيجابا على الأعراف التي نؤسسها للتجربة النيابية في البحرين، وأن يكون ذلك شكلا من أشكال البلورة العامة البناءة للممارسة الخادمة للمصلحة العليا للبلاد، وتجنيب التجربة البرلمانية البحرينية المزالق التي وقعت فيها تجارب مماثلة قريبة، حيث انساقت الكتل السياسية هناك إلى المهاترات والمزايدة على تعكير الصفو بين السلطات الثلاث، وجرجرة كل طرف للآخر إلى معارك استنزافية لا تخدم الوطن ولا المواطنين»، مضيفا انه «آن الأوان أن نضع عرفا قانونيا وعقلانيا راسخا لهذه المؤسسة البرلمانية التي تولدت من مرحلة الإصلاح والتوافق الوطني على العمل من أجل مستقبل هذه الأرض، وألا نترك المكتسبات نهبا للتسييس الرّث وتصفية الحسابات والأجندات الفئوية على حساب الوطن، وان يكون شعار الجميع هو قول الله تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)».
العدد 1706 - الثلثاء 08 مايو 2007م الموافق 20 ربيع الثاني 1428هـ