العدد 1708 - الخميس 10 مايو 2007م الموافق 22 ربيع الثاني 1428هـ

فعاليات صحافية... قانونية... وحقوقية تناقش «الصحافة» وسط تغيب «نيابي»

بشمي يطالب الصحافيين بحماية «قانونهم» من تكرار السيناريو الحكومي

في حلقة نقاشية تغيب عن حضورها نواب المجلس التشريعي ناقش عدد من الصحافيين والمحامين والحقوقيين تعديلات قانونية أجراها المحامي عيسى إبراهيم على نص المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والنشر، في الوقت الذي طالب فيه عضو مجلس الشورى رئيس هيئة تحرير صحيفة «الوقت» البحرينية إبراهيم بشمي بضرورة أن يقوم الصحافيون بالضغط لدعم مشروع القانون الذي تقدم به أخيرا عبر مجلس الشورى والذي توقع أن يتعرض للسيناريو نفسه الذي أخفق مشروعه في الفصل التشريعي الأول.

وفي الوقت الذي أشار فيه بشمي إلى وجود تشاور حاليا بين أعضاء مجلس الشورى لعقد لقاء خاص لمناقشة قانون الصحافة، لفت إلى أنه يتوقع أن تقوم الحكومة بعرقلة المشروع الذي سيرفع إليها بعد أن تنتهي اللجنة التشريعية في مجلس الشورى من مناقشته وإقراره، مؤكدا أن الحل يبقى في يد الصحافيين أنفسهم للالتفاف حول المشروع الذي اعتبره خلاصة جهود كثيرة بذلت عبر سنوات طويلة من أعضاء في الجسم الصحافي.

جاء ذلك ضمن الحلقة النقاشية التي نظمها مركز حماية وحرية الصحافيين ومركز الأبحاث والتبادل الدولي بالتعاون مع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان مساء أمس الأول في فندق الكراون بلازا وتم عرض مسودة التعديلات التي قام بها المحامي عيسى إبراهيم على المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بحضور نائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، وعضو نقابة الصحافيين في البحرين محمد فاضل، والمحامي عيسى إبراهيم، وممثل مركز حماية وحرية الصحافيين المحامي الأردني محمد قطيشات إلى جانب عدد كبير من الصحافيين والمحامين والناشطين في مجال حقوق الإنسان.

تعديل العقوبات وضبط التجريم

تطرق المحامي عيسى إبراهيم أولا إلى التعديلات التي قام بإجرائها على المرسوم بقانون بتكليف من الجمعية، مشيرا إلى أنه استفاد فيها من تعليقات الصحافيين وملاحظات مؤسسات المجتمع المدني على القانون، علاوة على المشروع بقانون الذي تقدم به عضو مجلس الشورى إبراهيم بشمي إلى جانب مقترحات نقابة الصحافيين تحت التأسيس.

وأوضح إبراهيم أن أهم ملاحظاته على المرسوم كانت إبقاءه على عقوبات الحبس للصحافيين وفرضه قيودا كثيرة على عملهم.

وركزت التوجهات العامة للتعديلات التي أجراها إبراهيم على جعل جميع الإجراءات الخاصة بتملك المطابع أو إصدار الصحف أو غيرها بواسطة الإخطار وليس الترخيص المسبق، مع إتاحة الفرصة لجهة الإدارة إلى اللجوء إلى القضاء في حال توافرت لديها أسباب جدية للطعن في الإخطار، ويفصل القضاء في مدى جدية تلك الأسباب.

الغرامة بدل الحبس

وتناولت التعديلات أيضا استبدال الغرامة بجميع عقوبات الحبس، إلى جانب جعل العقوبة الأخف في أي قانون هي المطبقة، وجعل القضاء هو الفيصل بين الإدارة وأصحاب الصحف أو المطابع، وحذف جميع الإجراءات والتدابير الإدارية واستبدال بها تدابير قضائية.

وتطرق إبراهيم إلى أن التعديلات شملت ضبط بعض عبارات التجريم مثل «منع نقد تصرفات الملك» التي تحولت إلى «منع إهانة الملك» وغيرها. إضافة إلى حذف كثير من العبارات المطاطة، والحرص على عدم التعارض مع المعاهدات المتعددة الأطراف التي صدقت عليها مملكة البحرين، ووضع الكتاب في الصحف مع الصحافيين في الموقع ذاته، وجعل من حق كل مواطن الحصول على المعلومات بآلية واضحة.

من جانبه علق ممثل مركز حماية وحرية الصحافيين المحامي الأردني محمد قطيشات على التعديلات التي أجراها إبراهيم على المرسوم بقانون بقوله إن المشروع حاول البحث عن عناصر حرية الصحافي وحق وصوله إلى المعلومات، مؤكدا أنه لو كانت هناك أية حكومة تريد من الصحافي أن يقدم معلومات دقيقة فعليها أن توفر له هذه المعلومات.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه قطيشات الترخيص المسبق قيدا على حرية الصحافة، أكد ضرورة وجود «قانون حق الوصول للمعلومات» الذي اعتبره حقا من حقوق الإنسان.

وأَضاف قطيشات أنه كلما أرادت السلطة التضييق على حريتها وسعت دائرة التجريم على الصحافي، معتبرا «إغلاق الصحيفة» نوعا من العقوبات الجماعية التي تمارسها السلطة على الصحافة وتؤدي إلى اتساع دائرة التجريم.

وفي النهاية أكد قطيشات ضرورة أن يكون هناك دور لمنظمات المجتمع المدني في صوغ هذا القانون ليخرج إلى النور مدعوما بوجهات نظر أهلية.

التعديلات تحد من تطور الصحافة إلى صناعة

من جانبه ذكر الصحافي محمد فاضل في مداخلته تعليقا على التعديلات على القانون أنها تحد من فكرة تطور الصحافة إلى صناعة لأنه يتعامل معها على أن لا آفاق واسعة للتطور فيها، مؤكدا أن اشتراط الرساميل الباهظة للحصول على ترخيص المؤسسة الصحافية يحد من تطورها إلى صناعة.

وأضاف فاضل أيضا أن المزج بين الصحافة الالكترونية والورقية في تعريف الصحافة في بداية القانون يجعل الأحكام الواردة فيه تطبق على كلا النوعين من الصحافة وهو الأمر الذي اعتبره ذا مخاطر كبيرة لأنه يمد بيد القانون على الانترنت الذي يعتبر الوسيلة الوحيدة التي تخف سيطرة الدول عليها.

و أشار فاضل إلى أن تحميل رئيس تحرير الصحيفة مسئولية كل ما ينشر في صحيفته أمام القانون يتعارض تماما مع مبدأ «شخصية العقوبة» إذ إن أي خطأ يقوم به محرر في الصحيفة يحسب ضد رئيس تحريرها أيضا. فيما وصف كلمة «نظام الحكم» بالمرعبة عندما يطالب الصحافي بعدم المساس به في القانون، وقال: «لا بد أن نحصر ونعرف معنى محدد لنظام الحكم، وأقترح هنا أن يحصر في نظام الحكم الملكي الوراثي، أما ماعدا ذلك من أجهزة سياسية للدولة فمن الجائز انتقادها، حتى لا يأتي يوم يمنع على الصحافيين أن ينتقدوا البرلمان مثلا بدعوى أنه مساس بأحد أنظمة الحكم».

وفي رد على سؤال تقدم به المحامي نواف السيد عن إمكان أن تتحول الصحافة إلى «صناعة» في ظل وجود بنود في القانون تحصر منح التراخيص في البحرينيين قال بشمي أن تحويل الصحافة إلى صناعة يحتاج إلى قرار سياسي وليس إلى تغيير في القانون، ضاربا المثل بما قامت به حكومة دبي في هذا الصدد، وأضاف «المسألة الأهم هي هل أنت قادر على تحمل المسئولية السياسية لو قمت بتحديد منطقة سياسية حرة؟، فكل دول الخليج تمنع منح تراخيص المطبوعات للأجانب وللخليجيين أيضا، غير أن التحايل الوحيد الذي يتم بشأن الموضوع يكون عبر إصدار صحف أجنبية وطباعتها وتوزيعها في الداخل».

أما الإعلامية الجزائرية نفيسة الحريش التي حضرت جزءا من الحلقة النقاشية فعلقت من جانبها على الجزئية المتعلقة بتحويل القانون إلى القضاء بقولها «الوضع مشابه في الجزائر، فكل ما يتم الاختصام حوله في الصحافة يرجع إلى القضاء، ولكن السؤال يبقى: ماذا لو لم يكن القضاء مستقلا، من هي الأيادي التي تحرك الدعوى القضائية في هذه الحال، هذا ما يجعلنا نعود إلى المشكلة نفسها. ولا يخفى أن كثيرا من الصحافيين في العالم اكتسبوا شهرة كبيرة نتيجة عدد القضايا المرفوعة ضدهم في المحاكم».

وركز كل من الكاتب الصحافي علي صالح والصحافي الاقتصادي سلمان العجمي على ضرورة تضمين بنود القانون مواد تضمن حقوق الصحافيين الذين يعانون الظلم داخل مؤسساتهم من خلال سيطرة رؤساء التحرير أو عدم وجود نظام محدد لتقييمهم الذي يخضع غالبا لاعتبارات شخصية.

«الإهانة» بين النعوت والتعريف القضائي

دار نقاش بين المجتمعين حول مفهوم «الإهانة» الذي ورد في التعديلات التي قام بها إبراهيم بديلا عن نص كلمة «العيب في حق الملك أو رئيس أية دولة عربية أو إسلامية... «. وفي هذا الصدد أوضح قطيشات أن ورود كلمة «الإهانة» في القانون ليست عيبا أو تقييدا للصحافي، إذ إن الأعراف الصحافية تسمح له الانتقاد ولكن لا تجيز له الإهانة والشتم لأي كان، إذ أثار هذا شهية الحضور للنقاش بشأن معنى كلمة «الإهانة» ومن الذي يحددها.

من جانبها قال فاضل: «المشكلة في تفسير مفهوم الإهانة أو التحقير، فقد رأينا أن معظم القضايا المرفوعة ضد صحافيين في البحرين هي قضايا رأي، ولم ترد تلك الآراء عن جرأة وإنما عن استخدام نعوت معينة تستدعي رفع القضايا»، وهو ما رد عليه قطيشات بقوله إن هذا النوع من التعريفات يترك عادة للقضاء لتحديدها، مشيرا إلى أنه لا يجوز للمشرع أن يعرف هذه الكلمات علاوة على ورود تعريف واضح للإهانة متعارف عليه في القضاء وفي كتب الفقه القانونية.

العدد 1708 - الخميس 10 مايو 2007م الموافق 22 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً