العدد 1724 - السبت 26 مايو 2007م الموافق 09 جمادى الأولى 1428هـ

ربيعة: الحكومة خططت لإفشال مجلس 73 بعد 4 أشهر من عمله

خلال ورشة عمل «المنبر الديمقراطي» عن التجربة البرلمانية

قال عضو المجلس النيابي في العام 1973 علي ربيعة: «إن الحديث عن فكرة إلغاء المجلس بدأ بعد أربعة أشهر من بدء عمله، وتكشف الوثائق البريطانية عدم رغبة الحكومة في السير مع المجلس والنظر في الكيفية التي يتم فيها تعطيل التجربة أو إلغاؤها»، مشيرا إلى أن قانون امن الدولة لم يكن سببا لإلغاء المجلس وإنما أداة لتعطيله.

وتفاوتت آراء المشاركين في ورشة العمل التي نظمتها جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي صباح أمس بشأن التجربة البرلمانية في البحرين، فقد أكد النائب السابق في برلمان 1973 جاسم مراد أن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية كانت ستحصل على مكاسب وتضع شروطا أفضل لو شاركت في انتخابات العام 2002 لم تستطع أن تطرحها خلال الانتخابات السابقة.

وقال زميله في البرلمان نفسه علي ربيعة إن مشاركة «الوفاق» أضعفت القوى المعارضة خارج البرلمان وكان عليها أن تتعلم من التجارب السابقة التي أثبتت أن المجلس بوضعه الحالي لا يمكن أن يحقق مكاسب حقيقية بدليل أن المجلس لا يمكنه فرض تخصيص مبالغ محددة لتنفيذ المشروعات وإن كل ما يستطيع القيام به هو التقدم برغبات يمكن للحكومة أن تأخذ بها أو تتجاهلها.

وانتقد النائب السابق عبدالنبي سلمان توجه المجلس الحالي لتكريس مفهوم المكرمات بدلا من العمل على تحقيق مكاسب حقيقية للمواطنين.

وكانت ورشة العمل التي شارك فيها ثلاثة من أعضاء أول مجلس نيابي في العام 1973 وعضوان من المجلس السابق وعضو واحد من المجلس الحالي بدأت بمداخلة مراد الذي شن خلال استعراضه لتجربة البرلمان خلال عامي 1973 و1974 هجوما شرسا على القوى الدينية، مطالبا إياها بالابتعاد عن ممارسة السياسة والاكتفاء بأنشطتها التوعوية والدينية. وقال مراد: «إن الفكر الديني والكتل الدينية لم تكن مسايرة للتقدم الفكري السائد في المجتمع»، مؤكدا أن التيارات الدينية زرعت في البحرين لتقويض أسس الديمقراطية، مردفا أن «جميع الحركات الدينية تتسلم تمويلا خارجيا».

وطالب مراد المجلس الحالي بالعمل على حل المشكلة الإسكانية التي اعتبرها من أهم المشكلات التي تواجه المواطن البحريني، كما طالب برفع الدعم عن المواد الاستهلاكية المقدر بحوالي 100 مليون دينار والذي يذهب إلى المستحقين وغير المستحقين، مؤكدا أن مبلغ الدعم يجب أن يخصص لحل المشكلة الإسكانية ورفع مستوى معيشة المواطنين.

من جهته، قال النائب في برلمان 1973 محسن مرهون: «إن مشروع السبعينات كان معملا للتجريب مارسته مؤسسة الحكم من خلال دافع الضرورة وإن التردد من مؤسسة الحكم لاتخاذ نهج معين فرض عليها الدخول في التجربة الديمقراطية».

وأوضح مرهون أن الحكم في تلك الفترة لم يكن يمتلك رصيدا شعبيا كما أنه تردد في طريقة التعامل مع الشعب، ولذلك فرضت الضرورة عليه إيجاد نظام ديمقراطي بعد أن حصلت البحرين على استقلالها نتيجة الحركات الشعبية التي ماجت بها البحرين منذ حركة هيئة الاتحاد الوطني في منتصف الخمسينيات حتى خروج المستعمرين. وقال: «إن هذه التحركات وضعت الحكم في حيرة». وأضاف أن «الحكومة اعتبرت الحياة الديمقراطية في ذلك الوقت مثل زواج المتعة أو الزواج بنية الطلاق، أي أنها كانت تنوي تعطيل الحياة النيابية منذ البداية متى ما سنحت لها الفرصة».

وتطرق مرهون إلى الخلاف الذي دار حول مشاركة القوى الوطنية في التجربة البرلمانية، إذ ذكر أن النص الدستوري جاء معقولا بالقدر الذي يمكن التعامل معه ولذلك جرى الخلاف بين جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية في البحرين بين المقاطعة والمشاركة كما حدث في التجربة الحالية، وقال «على رغم أن ثلث الأعضاء هم من السلطة التنفيذية فإن هذا النص كان به فسحة للتنفس لفتح بعض نوافذ الديمقراطية ولذلك ارتأت جبهة التحرير المشاركة في حين اتخذت الجبهة الشعبية موقفا مقاطعا».

وأضاف: «سعت جبهة التحرير إلى تشكيل تكتل وطني من جميع القوى والشخصيات الوطنية ولم تكن مصرة على أن يكون اعضاء التكتل هم من أعضاء الجبهة وحدهم، ولكن من شخصيات وطنية من بينهم عبدالله المعاودة ومحمد سلمان».

وقال: «إن تكتل الشعب كانت ميزته أنه التجمع السياسي الوحيد الذي أعلن عن نفسه باعتباره تكتلا سياسيا يهدف إلى الوصول لقبة البرلمان، وأنه التجمع السياسي الوحيد الذي خرج ببرنامج موحد وكانت نتيجة ذلك أنه استطاع الفوز بحوالي ثلثي مرشحيه». ولاحظ مرهون أن جميع أعضاء التكتل الذين رشحوا أنفسهم في المدن فازوا في حين لم ينجح أي من مرشحي التكتل في القرى.

وقال «كنا نمثل الطبقة العاملة لأن رؤيتنا هي أن هذه الطبقة هي الأساس وهي القاعدة الشعبية الحقيقية وكانت مطالباتنا تتركز على السماح بتشكيل النقابات والأحزاب والمؤسسات الأهلية».

وأضاف «أن هموم تكتل الشعب كانت تتركز في المسألة الديمقراطية وإرساء الحقوق ومطالبة الأمير بإطلاق جميع المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين ولذلك قدمنا عريضة بهذا الشأن إلى الأمير».

وأكد مرهون أن قانون امن الدولة لم يسن ويطبق نتيجة خطأ كتلة الشعب وحديثها عن القاعدة البحرية الأميركية في البحرين. وأشار إلى «أن الحكومة لم تكن تعرف كيف تتعامل مع الوفرة المالية التي جاءت نتيجة ارتفاع أسعار النفط ولذلك صرفت معظم المبالغ على رفع رواتب الموظفين الحكوميين في حين كنا في كتلة الشعب ضد ذلك لما يمكن أن يخلفه ذلك من ارتفاع حدة التضخم بالإضافة إلى حدوث تفاوت كبير في أجور العاملين في الحكومة والعاملين في القطاع الخاص وارتأينا أن تصرف الأموال على تحسين البنى التحتية في الدولة».

وقال: «إن النتيجة كانت تنظيم أكثر من 36 إضرابا في مختلف شركات القطاع الخاص للمطالبة برفع الأجور».

من جهته، قال عضو المجلس في العام 1973 علي ربيعة: «إن انتهاج البحرين النهج الديمقراطي خلق تخوفا في بعض دول المنطقة وقلقا من وصول الشيوعيين إلى المجلس».

وأضاف: «قبل الانتخابات تم توزيع برنامج تكتل الشعب على المواطنين وكان رد الفعل من السعودية مستنكرا هذا الحراك كما كان هناك احتجاج من قبل شاه إيران بعد الانتخابات وكانت هناك أيضا ردة فعل كبيرة في المنطقة ولذلك تمت طمأنة الدول المحيطة من أن ثمانية أعضاء في المجلس لا يمكنهم أن يفعلوا شيئا».

وقال: «إن الضابط البريطاني ايان هندرسون كان يتوقع أن يصل اثنان فقط من كتلة الشعب إلى البرلمان هما عبدالهادي خلف وعلي ربيعة».

وأضاف: «لذلك بدأت مخاوف الحكومة بعد مرور 3 أشهر فقط، إذ اتضح أن الدستور يحمل بعض الديمقراطية وأن المجلس له صلاحيات تشريعية ورقابية وإدارية جيدة على عمل الحكومة».

وذكر أن «الوثائق البريطانية تتحدث عن نية الحكومة في تعطيل المجلس من خلال إشغاله بطرح عدد كبير من مشروعات القوانين، ولذلك بدأت بتسليم قانون الصحة العامة، ومن بعد ذلك تم طرح أكثر من 60 مشروع قانون لمناقشتها ولكن المجلس كان أذكى من ذلك بحيث رفض مناقشة هذه القوانين بهدف مناقشة القضايا التي تهم المواطنين، كما طالب بأحقيته في اختيار القوانين التي يتم طرحها للمناقشة».

وأكد ربيعة أن السفارة البريطانية كانت تنسق مع الحكومة وكان لها تأثير كبير في تسيير عملها.

ونوه إلى أن الأسباب الحقيقية لحل المجلس تكمن أولا في قوته، أما السبب الآخر فهو قانون الأراضي وإلحاقها بالدولة وإثارة موضوع القاعدة الأميركية وعدم تقبل بعض كبار المسئولين لتدخل المجلس في تحديد مخصصاتهم المالية.

وأضاف: «أن الطفرة المالية تم استخدامها من قبل الدولة لشراء بعض الذمم التي وافقت على حل المجلس وبررت ذلك».

تجربة 2002

من جهته، تحدث النائب السابق عبدالنبي سلمان عن تجربة النواب الديمقراطيين في البرلمان السابق، وقال: «إن كتلة النواب الديمقراطيين بخلاف كتلة الشعب تشكلت من دخل المجلس وليس أثناء عملية الانتخابات، إذ كان النواب الديمقراطيون يجمعهم هاجس واحد ورؤى متوافقة».

وأضاف: «لقد تعرضت الكتلة لضغط خارجي من قبل المقاطعين للعملية الديمقراطية كما تعرضت لضغط داخلي من قبل النواب الموالين الذين أرادوا أن يثبتوا للحكومة أنهم معها بخلاف القوى الوطنية المعارضة، ما خلق انقساما حادا داخل المجلس».

وأضاف أنه «في بداية العمل البرلماني لم يكن لدى كتل كالأصالة والمنبر الإسلامي تصور واضح عما تريد منهم الحكومة أو ما يريد الشعب وما هم يريدون».

وذكر أن الحكومة ومنذ بداية دور الانعقاد استغلت حادث شارع المعارض وما قام به بعض الشباب في ليلة رأس السنة الميلادية من أعمال شغب لفرز النواب ومن منهم في جانبها أو معارض لها وذلك بعد شهرين فقط من عمر المجلس.

وقال: «لقد وجهت الحكومة الاتهام لقوى المعارضة لتبدأ بذلك فرز الاصطفاف داخل المجلس». وقال: «تعاملت الحكومة مع مجلس 2002 بالعقلية نفسها كما في مجلس 1973 منذ اليوم الأول من خلال طرح 36 قانونا خلال شهرين ونصف الشهر، لقد حاولوا إغراق المجلس بالقوانين في حين كان هناك عدد من القضايا الشائكة كقضية التجنيس والتمييز وإفلاس صندوقي التأمينات الاجتماعية والتقاعد».

وأضاف: «في بداية عمل المجلس لم يكن هناك احتكاك مباشر مع الحكومة بشأن القضايا الخلافية كما لم يكن هناك توجه لطرح الأسئلة وتشكيل لجان التحقيق وإنما بدأ ذلك من خلال وسائل الإعلام، إذ تم طرح قضية فساد في إحدى المناقصات والتي قام المجلس بتبنيها, كما تم طرح قضية التمييز وتكافؤ الفرص، واستطعنا أن نجعل من مصطلح التمييز الذي كان من المحرمات في الوقت السابق مصطلحا شائعا كالديمقراطية والشفافية ولذلك اتهمتنا الحكومة بالطائفية».

وقال: «لقد استطعنا أن نجعل من الملفات التي قمنا بطرحها ملفات رأي عام كقضية الفساد في التأمينات والتقاعد واستطعنا أن نسحب معنا جمعيات مقاطعة».

مجلس 2006

من جهته، أكد النائب جواد فيروز أن تجربة المجلس الحالي مازالت في المهد ولا يمكن تقييمها بموضوعية، مضيفا أن عمر المجلس عمليا هو أربعة أشهر ولا يمكن أن نقيم التجربة خلال هذه الفترة البسيطة.

وقال: «قبل فترة الانتخابات كانت هناك قطيعة تامة بين كتلة الوفاق وباقي كتل المجلس في حين حدث توتر واحتقان خلال فترة الانتخابات بسبب دعم جمعية الوفاق عددا من مرشحي جمعية العمل الديمقراطي الذين كانوا ينافسون في دوائر للكتل الأخرى». وذكر أنه «في الفترة الأولى بعد الانتخابات دخلنا في الشك والريبة ولكن بعد فترة استطاعت الكتلة أن تؤكد وطنيتها لباقي الكتل وتكسب ثقتها». وأكد أن ذلك خلق توافقا على الكثير من الأولويات بين كتل المجلس.

وعن كيفية تعاطي البرلمان مع الملفات الرئيسية، قال فيروز: «إن هناك توافقا بين جميع الكتل بشأن الحقوق الاقتصادية وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين كما يوجد توافق بشأن ملف الحقوق السياسية والأراضي والسواحل».

العدد 1724 - السبت 26 مايو 2007م الموافق 09 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً