كشف الوكيل المساعد لشئون العمل بوزارة العمل وعضو مجلس إدارة هيئة إصلاح سوق العمل جميل حميدان أن مجلس إدارة الهيئة برئاسة وزير العمل مجيد العلوي، يقوم الآن بدراسة خطة وطنية تقوم على مبدأ إيجاد التوازن بين مصالح جميع الأطراف في المجتمع، مشيرا إلى أن التسهيلات والخدمات الميسرة في منح التراخيص، يقابلها من دون شك التزام بدعم العمالة الوطنية وحمايتها وإعطائها الأولوية في الحصول على فرص العمل المناسبة واللائقة.
وقال حميدان في حديث لـ «الوسط» ردا على سؤال آليات الحماية للعمالة الوطنية في قبال التسهيلات التي سيشهدها القطاع الخاص في منح الرخص للعمالة الأجنبية، إن «مبدأ التدرج في فرض الرسوم سيقابله أيضا تأن وتريّث وتطبيق متدرج للركن الموازي وهو نظام البحرنة، مؤكدا أن نظام الحماية والمساندة للعمالة الوطنية لن يضعف ولن يتراجع إلا عندما تظهر نتائج ملموسة على صعيد جعل المواطن يحتل الأولوية والأفضلية في التوظيف لدى أصحاب الأعمال، والقيادة العليا حريصة على مصلحة العامل المواطن وضمان حقه في العمل وحمايته من المنافسة غير المتكافئة.
وبين حميدان أنه على صعيد الإدارة التنفيذية فيمكن القول إن هناك تعاونا جادا وحثيثا بين وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل، يستهدف وضع وصوغ الإجراءات والمعايير والاشتراطات التي تكفل نقل هذا الاختصاص إلى الهيئة بيسر وسهولة. وفيما يأتي نص اللقاء الذي جرى مع الوكيل المساعد لشئون العمل بوزارة العمل جميل حميدان:
تعتمد وزارة العمل حاليا على امتلاكها صلاحية منح تراخيص العمل للأجانب لفرض هيبتها وقدرتها على فرض نسب البحرنة وإجراء التوازن المطلوب بين العمالة الوطنية والعمالة الأجنبية، فكيف سيكون الحال عند انتقال صلاحية إصدار تراخيص العمل للأجانب إلى هيئة تنظيم سوق العمل؟
- لا شك أن فصل آلية إصدار تراخيص العمل للأجانب عن آلية تطبيق سياسات وبرامج الإحلال والتوظيف المتعلقة بالعمالة الوطنية ستكون له نتائج سلبية، ليس من زاوية فرض هيبة وزارة العمل من عدمه، وإنما من زاوية ما ينتج عن ذلك من تقليص لدائرة الحماية الاجتماعية للعمالة الوطنية التي هي مازالت غير قادرة على المنافسة لأسباب كثيرة يمكن أن يطول شرحها.
والحكومة مدركة تماما للتأثيرات التي يمكن أن تحدث نتيجة للفصل التام بين هذين الاختصاصين، بدليل أنها أوكلت لوزير العمل مسئولية رئاسة مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل وعينت أعضاء مجلس الإدارة من مختلف الجهات ذات العلاقة المباشرة بالموضوع، وهو أمر له أهميته على صعيد ضمان التنسيق والتكامل بين المهام التي تقوم بها وزارة العمل، والمهام التي تقوم بها هيئة تنظيم سوق العمل لتفادي الأضرار الممكن حدوثها، ومن أجل تحقيق الأهداف والغايات المشتركة، ولكي لا يكون إصدار تصاريح العمل سببا في ارتفاع إعداد العمالة الأجنبية على حساب فرص العمل المتاحة للبحرينيين وتزايد معدلات البطالة بعد أن تم حصرها وتقليصها إلى حد كبير، ولكي لا تتم إساءة استخدام المرونة والتسهيلات في إجراءات منح تراخيص العمل في الفترة المقبلة لإغراق السوق بالعمالة الوافدة التي تؤثر على فرص العمل الحقيقية للمواطنين.
ولكن نظام هيئة تنظيم سوق العمل يقوم على أساس زيادة الرسوم والتخلي التدريجي عن نظام بحرنة الوظائف؟
- نعم... إن الأساس الذي تقوم عليه فكرة إصلاح سوق العمل هو زيادة الرسوم واستخدام عوائد هذه الزيادة من قبل صندوق العمل لدعم العمالة الوطنية وجعلها الخيار المفضل لدى أصحاب الأعمال، فضلا عن إصلاح التعليم والتدريب الذي يسهم هو الآخر في دعم العنصر الوطني ويكسبه القدرة على المنافسة في سوق عمل متطور يقوم على التنافسية.
ولكن يجب الانتباه إلى أن زيادة الرسوم سيكون لها أثر طويل الأمد على السوق وعلى معدلات طلبات جلب العمالة من الخارج (وخصوصا إذا كانت هذه الزيادة طفيفة ومتدرجة) وكذلك إحداث نتائج ملموسة على صعيد تحسين مخرجات التعليم والتدريب سيحتاج هو الآخر إلى وقت ليس بقصير.
بينما تخفيض نسب البحرنة يمكن أن ينتج آثارا على المدى القصير أو الفوري وقد تكون هذه الآثار سلبية وضارة إلى حد كبير على السوق وعلى العمالة الوطنية، وخصوصا في حال الانتقال السريع من سياسة إلى سياسة أكثر انفتاحا من دون أن تتهيأ الظروف والأوضاع المناسبة لضمان نجاح هذا الانتقال بصورة متوازنة ومن دون إحداث أضرار.
لذلك، وبحسب رأيي الشخصي فإن معادلة رفع الرسوم مقابل التخلي التدريجي عن نسب البحرنة هي معادلة صحيحة ولكن يجب عدم التسرع في خفض نسب البحرنة وإضعاف آليات الحماية للعمالة الوطنية، إلا في حال التيقن من النتائج الإيجابية التي أحدثتها السياسات الجديدة على أرض الواقع.
ألا تعتقد أن التجار استطاعوا كسب جولة في معركة فرض الرسوم على العمالة الأجنبية، وبالتالي استطاعوا التقليل من قيمة إصلاح سوق العمل من خلال فرض التدرج البطيء في فرض الرسوم الذي قد يطول إلى سنوات، مع إلغاء نظام الكفالة على العامل الأجنبي، وإلغاء نظام البحرنة، وفتح السوق لجلب أي عدد من العاملين الأجانب، وإعطاء العامل الأجنبي فرصة التنقل من عمل إلى آخر على حساب البحريني؟
- ليس التجار وحدهم هم من يقررون مقدار الزيادة في الرسوم، ولا يمكن فهم الموضوع على أنه كسب جولة في معركة، التجار هنا شركاء مع بقية الأطراف في تنفيذ سياسة إصلاح سوق العمل، والزيادة كونها مبدأ تم إقراره من قبل جميع الأطراف باعتبارها ركنا من أركان المشروع، ولكن درجة السرعة في التنفيذ أو اعتماد مبدأ التدرج في التطبيق هو رهن أمور موضوعية ترتبط بمصلحة الوطن ككل وليس فئة واحدة في المجتمع.
ومبدأ التدرج في فرض الرسوم سيقابله أيضا تأن وتريّث وتطبيق متدرج للركن الموازي وهو نظام البحرنة، ففي تصوري أن نظام الحماية والمساندة للعمالة الوطنية لن يضعف ولن يتراجع إلا عندما تظهر نتائج ملموسة على صعيد جعل المواطن يحتل الأولوية والأفضلية في التوظيف لدى أصحاب الأعمال، والقيادة العليا حريصة على مصلحة العامل المواطن وضمان حقه في العمل وحمايته من المنافسة غير المتكافئة.
إذن... ما الآلية التي يمكن أن تحقق التوازن المطلوب في الفترة المقبلة بين إجراءات منح تراخيص العمل للأجانب، وحماية العمالة الوطنية من المنافسة غير المتكافئة؟
- إن مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل برئاسة وزير العمل، يقوم الآن بدراسة خطة وطنية تقوم على مبدأ إيجاد التوازن بين مصالح جميع الأطراف في المجتمع، فالتسهيلات والخدمات الميسرة في منح التراخيص، يقابلها من دون شك التزام بدعم العمالة الوطنية وحمايتها وإعطائها الأولوية في الحصول على فرص العمل المناسبة واللائقة.
والخطة تقوم على مبدأ تحقيق الموازنة بين متطلبات العدالة الاجتماعية والعيش الكريم للجميع، وبين متطلبات الكفاءة العالية لأداء الاقتصاد الوطني.
أما على صعيد الإدارة التنفيذية فيمكنني أن أقول إن هناك تعاونا جادا وحثيثا بين وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل يستهدف وضع وصوغ الإجراءات والمعايير والاشتراطات التي تكفل نقل هذا الاختصاص إلى الهيئة بيسر وسهولة.
كما تكفل تسخير خبرة وتجربة وزارة العمل وما حصل لديها من تطورات إيجابية في الفترة الأخيرة لدعم نظام العمل بالهيئة، والمسئولون في الهيئة يشاركوننا الحرص على أهمية إعداد نظام متوازن يكفل مراعاة جميع الاعتبارات والمصالح المشروعة للعمال وأصحاب العمل على حد سواء. ولا ننسى كذلك الدور الذي يلعبه صندوق العمل في دعم وإنجاح هذه السياسة.
هل يمكن أن نتعرف على ملامح هذه الآلية المرتقبة؟
- كما ذكرت سابقا، فإن الهيئة، وبتوجيه من مجلس إدارتها، تعمل بالتعاون والتنسيق مع وزارة العمل وغيرها من الجهات ذات العلاقة لوضع تفاصيل النظام الذي يكفل، قبل أي شيء آخر، ضمان الالتزام بعدم الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمة ذلك ضبط سوق العمل ومنع التلاعب والحد من التجاوزات، وكذلك إعطاء الأولوية لعدم الإضرار بالعمالة الوطنية، بل المساهمة وبالتعاون مع صندوق العمل لدعمها وتطويرها ورفع مستوى تأهيلها وتحسين مستوى إنتاجيتها.
ومن الطبيعي أن يتم الالتزام بالمعايير المعمول بها الآن للتأكد من التزام صاحب العمل بالأنظمة والقوانين النافذة في المملكة، والتزامه بمتطلبات الجهات الحكومية الأخرى، مثل تقيده بأنظمة السجل التجاري وأنظمة إدارة الجنسية والجوازات والإقامة، والتأكد من أنه لا توجد على صاحب العمل متأخرات في دفع استحقاقات ورسوم الهيئة أو الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أو رسوم التدريب المهني قبل السماح لأي صاحب عمل باستقدام عمالة أجنبية، وأن لا يكون مدرجا في القائمة لعدم التزامه بدفع أجور ورواتب العمال أو عدم الانتظام في دفعها أو ارتكاب مخالفات جسيمة لأنظمة وقوانين العمل، أو عدم إزالته لمخالفات جسيمة تشكل خطرا داهما على سلامة العمال.
كما أن معايير منح تراخيص العمل للأجانب لن تتم بمعزل عن مراعاة أوضاع التوظيف وتطبيق نسب البحرنة المقررة من قبل مجلس إدارة الهيئة، ولن تتم بمعزل عن مراعاة مدى التقيد بسياسات وبرامج ناجحة في مجال التدريب ودعم العمالة الوطنية وإعطائها فرص العمل والتطور الوظيفي، وسيأخذ النظام في حسابه كذلك مستوى تطور الأجور في المنشآت باعتبارها من العناصر الإيجابية التي تمنح أصحاب العمل المزيد من التسهيلات والدعم الحكومي.
وإذ إن وزارة العمل تختص بتنفيذ سياسات وبرامج التوظيف والإحلال، فستكون المعلومات الموثوقة الصادرة عنها بشأن نسب البحرنة وتعاون أصحاب العمل في مجال التوظيف، معتمدة لدى الهيئة وبما يساعد على تجنب ظاهرة التوظيف الوهمي في المنشآت.
هل سيتم عرض هذا النظام على جميع الجهات المعنية، بما فيها مؤسسات المجتمع المدني والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، لإبداء الرأي فيه والمشاركة في صنعه؟
- إن تشكيل مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل يعكس شراكة حقيقية في صنع القرار، إذ يضم أعضاء فاعلين من غرفة تجارة وصناعة البحرين وأعضاء فاعلين كذلك من الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، فضلا عن الكثير من الجهات ذات العلاقة المباشرة بالموضوع، والجميع يشارك بفعالية في صنع القرار وفي متابعة تنفيذه وفي مراقبة وتقييم الأداء والنتائج المتحققة.
هل تم الاتفاق على نسبة الرسوم المفروضة أو المبلغ الذي سيفرض على كل عامل أجنبي، وخصوصا أن المدة الزمنية المحددة لذلك انتهت تقريبا، ودخلتم في مساحة ضيقة لتنفيذ والبدء في المشروع مع مطلع العام المقبل؟
- لقد طلبت غرفة تجارة وصناعة البحرين مهلة زمنية لدراسة التصورات والمقترحات المطروحة بشأن زيادة الرسوم، ومن المؤمل أن ترفع الغرفة ملاحظاتها ومرئياتها بهذا الشأن في نهاية هذا الشهر وسيتوصل مجلس إدارة الهيئة إلى تحديد مقدار الزيادة المتوقعة تمهيدا لرفعها إلى مجلس الوزراء الموقر.
ألا تعتقد أن إصلاح سوق العمل وفتح المجال أمام الشركات والعمالة الأجنبية للعمل في البحرين بحرية بشرط تسديد الرسوم المفروضة على العامل الأجنبي، تخالف توجهات دول مجلس التعاون التي تسعى للحد من تواجد العمالة الأجنبية؟
- أنا شخصيا، وبحكم عملي السابق في مجلس وزراء العمل بدول مجلس التعاون، أعتقد بأهمية أن تكون سياسات وإجراءات دول مجلس التعاون تجاه العمالة الوافدة، موحدة أو على الأقل متقاربة، وخصوصا في مجال تحديد رسوم استقدام العمالة، ذلك لأن هذه الدول تسعى بموجب الاتفاق الاقتصادي الموحد إلى إنشاء سوق خليجية مشتركة وبموجب هذا الاتفاق فإن الحواجز الجمركية قد أزيلت وأصبحت البضائع ذات المنشأ الوطني تنتقل بيسر وسهولة بين دول المجلس، فإذا اتجهت دولة بمفردها إلى زيادة كلفة الإنتاج من خلال زيادة الرسوم والضرائب فإن القدرة التنافسية لهذه الدول تتأثر من دون أدنى شك، والتوجهات المتعلقة بزيادة رسوم تصاريح العمل أو زيادة كلفة العمالة الوافدة، ليست مقتصرة على البحرين، بل هناك توجهات ومبادرات من هذا النوع في بقية دول الخليج، ولكن هناك حاجة أكيدة إلى التنسيق وجعل هذه الزيادات متقاربة، على الأقل على المدى الزمني القصير حتى لا تكون هناك أية أضرار محتملة على القدرة التنافسية لأية دولة من هذه الدول.
ومملكة البحرين لا تخالف توجهات دول المجلس في مساعي الحد من العمالة الأجنبية، بل هي على العكس من ذلك تقود الكثير من المبادرات لترشيد سياسات استقدام العمالة والحد منها، وخصوصا أن سوق العمل في البحرين
العدد 1731 - السبت 02 يونيو 2007م الموافق 16 جمادى الأولى 1428هـ