في يوم من أيام العمر التي مضت أوقفني أحد الإخوة وسألني هذا السؤال: لماذا تقيم الصناديق الخيرية حفلات التكريم للمتفوقين؟ ما الأهداف المرجوة من إقامة مثل هذه الحفلات؟ أليس الأولى أن تصرف الأموال والوقت والجهد على أمور أخرى تنفع المحتاجين؟
أجبته بجواب لا أعرف هل هو اقتنع به أما جاملني وذهب وهو يتمتم بكلمات لم أفهمها... سؤالنا اليوم هنا: ما الرؤية والرسالة التي من ورائها يقام هذا الحفل الكريم؟
قبل أن نجاوب على هذا السؤال الوجيه، علينا أن نتعرف على بعض أهداف قيام المؤسسات ذات البعد الخيري والإنساني في بلدنا الحبيب. لماذا أنشئت هذه المؤسسات وما رسالتها؟ الصناديق الخيرية وهي إحدى هذه الجهات والمؤسسات الخيرية و الإنسانية المنتشرة اليوم في المملكة، احد أسباب تكوينها من قبل أفراد أرادوا من خلال إنشائها أن يساهموا في مساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة في رفع العوز ودفع ما يسد ريقها ويرفع عنها قدر الإمكان الاحتياج، وإن كان هذا الأمر يحتاج إلى معجزة لأنه لا يوجد حد للعوز (تعريف العوز يختلف من منطقة إلى منطقة) وذلك لأن الاحتياج ومتطلبات أفراد الأسر المحتاجة في ازدياد يفوق طاقة الصناديق، وبالتالي مهما دفعت سيظل الفرد محتاجا بسببلما نشاهده من ارتفاع جنوني للكثير من السلع الضرورية المعيشية، ويأتي هذا الاحتياج في ظل تدني رواتب الكثير من أفراد مجتمعنا.
في دراسة سريعة لملفات الأسر، نرى أن أكثر أبناء الأسر المحتاجة لم يكملوا تعليمهم، وبالتالي الوظائف التي يعملون عليها لا تحتاج إلى شهادات، وإن كان البعض منهم يعمل بشهادة الثانوية العامة. تلك الأسر بحاجة إلى دعم مالي وعيني وبالتالي إلى تكاتف كل أبناء وبنات الوطن الأخيار من أجل التكافل الاجتماعي... وهنا يأتي حفل التكريم للمتفوقين ليعطي مجموعة من الدلالات، نذكر منها على سبيل المثال أن الحفل يقام أولا لتكريم المتفوق على اجتهاده ولرفع معنوياته ودفعه إلى مواصلة التفوق، ومنها إدخال الفرح والسرور على قلب الوالدين وباقي أفراد الأسرة والشكر والتقدير لهم على إنتاجهم الخير المتمثل بهؤلاء العلماء الصغار اليوم الكبار في المستقبل. ومن دلالات حفلنا ورسالتنا للمتفوق وأهله نقول «اليوم نكرمكم وعليكم مسئولية جسيمة وهي أن تقفوا مع الفقير والمحتاج ماديا ومعنويا من خلال تقلدكم المناصب العليا والوظائف ذات البعد الإنساني كطبيب أو غيرها من الوظائف ذات الرتب العليا».
نعم، هذه الصفحة التي نبدأ بفتحها مع هؤلاء يوم تكريمهم بأن هناك في زاوية من مجتمعنا من ينظر إليكم و يريد منكم أن تواصلوا الاجتهاد والتفوق لتكونوا علماء المستقبل. وكما يكرم هؤلاء فإن الصناديق لم تنس أبناء الأسر المحتاجة إلى مد يد العون في مواصلة تعليمهم، وأيضا إقامة الدروس العلاجية لشتى المواد التعليمية وذلك لإكمال الجهة الأخرى من عملية تكريم العلم.
مجدي النشيط
العدد 1748 - الثلثاء 19 يونيو 2007م الموافق 03 جمادى الآخرة 1428هـ