ذكر عاملون في القطاع العقاري أن أسعار العقارات المرتفعة سوقية وليست حقيقية، نتيجة الكثير من الأسباب، أهمها المضاربة التي يسعى من خلالها المستثمرون إلى الربح السريع والآني، ما جعل الأسعار تقفز على قاعدة غير صلبة مرتبطة بتحقيق عوائد على التطوير.
وقال عقاري: «إن السعر الحقيقي للعقار هو الذي يرتبط بتحقيق عائد مرض عند تطوير العقار يتناسب مع حجم رأس المال المستثمر به، وليس من المنطق أن يبلغ سعر بناية مكونة من 4 شقق 200 ألف دينار».
وسأل عن المدة الزمنية التي يمكن أن يحقق فيها المستثمر عائدا مرضيا إذا كان دخل هذه البناية 400 دينار شهريا، في ظل وجود عمر افتراضي للبناية يتطلب صيانة دورية مع ارتفاع أسعار مواد البناء إضافة إلى جهد ووقت المستثمر ورواتب الموظفين الذين يعملون في مظلته.
واعتبر ارتفاع أسعار العقارات عن قيمتها الحقيقية غير مبرر، يقف خلفها عامل المضاربة بشكل رئيسي وهو عامل لا يرتكز على قاعدة صلبة تقاوم لفترات طويلة على عكس الاستثمار طويل المدى.
وقال: «إن نَفَس المضاربين آني، يعتمد على سرعة البيع والشراء واقتناص فارق السعر والاستفادة من تضخيم الأرقام التي تعكس قيما سوقية غير حقيقية».
وأضاف «إذا كان سعر القدم لقطعة الأرض السكنية للعقار تساوي 7 دنانير، فإن المضارب يطلب 6 دنانير حينما يريد شراءها، ويطلب 10 دنانير حينما يعرضها للبيع ومن ثم يتفاوض إلى أن يصل إلى 8 دنانير، ومرور تداول قطعة الأرض على أكثر من مضارب قد يرفع سعرها إلى 14 دينارا للقدم أي ضعف سعرها الحقيقي».
وذكر أن المضاربة تحصر الأرض في دائرة العرض والطلب من دون الاستفادة منها في استثمارات تطويرية، ولا يستطيع المواطنون الاستفادة منها لأنها محتكرة بين رؤوس أموال المضاربين الذين يتداولونها بسرعة من دون الرغبة في تطويرها كاستثمار بعيد المدى.
وعن المضاربة في الشقق السكنية، أوضح أن الشقق يتم تداولها في المضاربة من دون أن يستفاد منها في السكن، إلا عندما يتملكها مستثمر يرغب في استثمار طويل المدى عبر تأجيرها والاستفادة من مدخولها الشهري. وأشار إلى أن المضارب يشتري عشرات الشقق وهو لا يسكنها أو يؤجرها ويسعى إلى بيعها بسعر أعلى بأسرع وقت، وبالتالي عدم استفادة المواطنين منها كونها محصورة في دائرة المضاربة. ويعد القطاع العقاري أحد أهم قنوات الاستثمار لشريحة كبيرة من المواطنين والأجانب الذين يسعون إلى استثمار يعتبر من أفضل الاستثمارات المضمونة والتي تعود كذلك عليهم بعوائد مجزية بسبب النمو الكبير الذي يشهده هذا القطاع المهم. ويرى عقاريون أنه ليس بالضرورة أن يكون العائد على العقار ماديا، قد يكون اجتماعيا يتمثل في سكن الأسرة واستقرارها بما لا تنتج عن سعر الشراء أضرار في دخل الأسرة وتوفير حاجاتها الضرورية. وكان اقتصادي قال: «إن المضاربات تحدث تشوهات في السوق العقارية نتيجة لهث المضاربين لتحقيق أرباح غير حقيقية وفي فترات قصيرة، ما أضافت عبئا على المواطن كون العقارات والأراضي تميزت بارتفاع السعر أساسا وليس بالعائد عند التطوير، ما يؤدي إلى عدم مقدرة المواطن على شراء العقارات». وتحدث مواطنون عن ارتفاع أسعار الأراضي، فقال إبراهيم الدعسكي من قرية العكر: «إن الأسعار في القرية تتراوح بين 8 و9 دنانير للقدم الواحد، لكن عندما عرضنا أرضنا للبيع، تقدم مستثمرون إلى شرائها بسعر 4 دنانير للقدم، الأمر الذي أثار استغرابنا حينما لم نجد من يشتري الأرض بسعر 7 دنانير وهو عرض مغر إذ كانت أسعار الأراضي في القرية تبلغ 8 دنانير للقدم».
وأضاف «نحن لا نستوعب ما يحدث، عندما نريد شراء أرض نجد السعر يصل إلى 9 دنانير للقدم، وعندما نبيع لا نجد من يشتري حتى بسعر 7 دنانير».
محمد جاسم من قرية كرزكان، قال: «نسمع أن أقل سعر في القرية يصل إلى 8 دنانير، وعندما أسأل المكاتب العقارية يؤكدون أن سعر الأراضي 8 دنانير، وأنا أعرض قطعة أرض أملكها بـ 7 دنانير وكل من تقدم لها يريدها بخمسة وستة دنانير». ويؤكد كثير من المواطنين يمتلكون أراضي يسمعون عن صعود الأسعار إلى مستويات مغرية، لكن عندما يعرضونها يصطدمون بالواقع أن السعر أقل مما سمعوا عنه.وأشاروا إلى أنه من النادر أن يجدوا من يشتري الأرض بالسعر الذي يسمعونه عنه في السوق، موضحين أن الحال تحدث عندما يكون المشتري من فئة أصحاب الأعمال والموظفين ذوي الرواتب العالية الذين لا يجدون صعوبة في توفير المبلغ ويعجبون بموقع الأرض وخصائصها. وبين أن معظم المواطنين البحرينيين يفقدون القدرة على شراء أرض سكنية بالأسعار السوقية التي ارتفعت إلى مستويات قياسية تفوق إمكان الفرد في توفير مبلغ الشراء. ويقول عقاريون: «إن قيمة العقار تحدده الكثير من العوامل، منها: الموقع، الحجم، التصنيف، توافر الخدمات الأساسية، النظرة المستقبلية للعقار، القيم التاريخية والاجتماعية التي قد يحملها العقار، إلى جانب الكثير من المزايا التي يتمتع بها العقار».
وينصح عقاريون بقراءة تقارير التثمين العقاري بالطريقة العلمية كضرورة لمعرفة القيمة الحقيقية والقيمة السوقية للعقار ويكون المتعامل على علم ودراية بمجريات الأمور والتطورات في سوق العقار. ويعتبر التثمين العقاري إحدى الطرق العلمية المنهجية لتقدير قيمة العقار، وهو بمثابة وصف تفصيلي للخطوات والطرق التي يتبعها المُثمنون للوصول إلى القيمة المقدرة للعقار. كما أن عملية التثمين هي بمثابة تقدير أو إعطاء رأي لقيمة معينة تتعلق بعقار ذات مواصفات محددة وهي طريقة أو أداة تستخدم لمساعدة جهة معينة لاتخاذ قرار عقاري، ويمكن للمثمن أن يعد تقارير متنوعة منها البسيط المحدود، ومنها المطول الذي يحتوي على تحاليل ومعلومات سوقية معقدة وإجراءات متشابكة وهيكلية لغرض الوصول إلى قيمة مقدرة للعقار تقترب من قيمته الحقيقية.
وما لم يكن المستخدم (طالب التثمين) يتمتع بكفاءة عالية فإن قدرته على فهم واستيعاب محتوى مثل هذه التقارير ستكون محدودة، ولربما يفهم ملاحظات التقرير ومحاذيره بصورة خاطئة وخصوصا ما يتعلق بالفرق بين بالقيمة الحقيقية والقيمة السوقية للعقار.
العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ