أعلنت مجموعة من موظفي القطاع العام أنها تتشاور مع عدد من المحامين لرفع دعوى قضائية للطعن في دستورية استقطاع الـ 1 في المئة من رواتب الموظفين لتغطية جزء من نفقات صندوق التأمين ضد التعطل.
وفي أول تحرك عملي بعد نفاذ القانون منذ الشهر الماضي ذكر الموظفون أن لجوءهم إلى القضاء ضمانة دستورية مكفولة، وهو لا يتعارض مع التحركات النيابية والشعبية المطالبة بتعديل المرسوم عبر الآليات الأخرى، وأوضحوا أنهم سيعقدون مؤتمرا صحافيا بحضور عدد من النواب والمهتمين الأسبوع المقبل للكشف عن تفاصيل الدعوى، وأشاروا إلى أنهم سيتحركون مع القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية والعلمائية واللجنة الأهلية التي تأسست حديثا لاطلاعها على تفاصيل التحرك.
وقال أحد الذين يعتزمون رفع الدعوى الشيخ علي السرو (موظف في وزارة الكهرباء والماء): «إن المشروع يحوي مخالفة شرعية واضحة مع مخالفته للدستور، ولذلك فإن اللجوء إلى التقاضي حق دستوري مكفول لأي مواطن متضرر من بند الاستقطاع في المرسوم، لأن ما فعله النواب بتمرير المرسوم مع بند الاستقطاع تحومه الكثير من الشبهات، حتى باعتراف النواب أنفسهم».
وأضاف السرو أن «موجة الاعتراضات الكثيرة على المرسوم بقانون تعكس بوضوح غياب التشاور بين النواب وناخبيهم والعلماء والفعاليات المجتمعية بشأن هذا القانون(...) لا نسعى إلى حرمان العاطلين من القدر الايجابي الذي يوفره لهم هذا القانون، ولكن جل الإشكال ينصب على بند الاستقطاع الذي ينطوي على مخالفة دستورية وشرعية صحيحة بأنه لا يجوز أخذ مال المسلم بغير رضاه، وكان الأولى بالنواب أخذ الرأيين الدستوري والشرعي، ونأمل في المستقبل من النواب ألا يقعوا في مثل هذه الإشكالات الصريحة».
وبدوره قال السيدكاظم المشكاب (موظف في إدارة البريد): «إن هذا المشروع أثار لغطا شعبيا كبيرا، لأنه لم يحوز موافقة الناس، وتوفير مورد مالي للعاطلين هو من واجبات الحكومة المقررة دستوريا، ولم يشر الدستور إلى مبدأ التكافل الاجتماعي، ولا يجوز أخذ أموال الغير إلا برضا النفس، وغالبية موظفي البريد يرفضون الاستقطاع».
وأضاف المشكاب «بلا شك فإن النواب أخطأوا في تمرير المرسوم من دون الرجوع إلى القواعد الشعبية، وقد اعترف النواب بذلك عندما تحرك الشارع، وبالتالي فإن اللجوء إلى القضاء ضمانة يكفلها الدستور، ونحن لا نستهدف إسقاط المرسوم وإنما الطعن في بند الاستقطاع، وأتوقع أن ينظم معنا في هذه الحملة مئات الموظفين، ونتمنى أن تشكل هذه الخطوة رسالة للحكومة وللنواب بضرورة سرعة إعادة النظر في الاستقطاع»، لافتا إلى أن «الكثير من العاطلين بحسب ما نشر في الإعلام ليسوا مستعدين لتقبل المعونة بهذا الشكل». وأشار المحامي عبدالله هاشم في تصريح لـ «الوسط» إلى أن تحرك المتضررين قضائيا يعد تحركا مشروعا، وتجب إقامة دعوى أصلية في مواجهة الجهة التي تقوم باستقطاع الواحد في المئة سواء كانت جهة حكومية أو مؤسسة أو شركة في القطاع الخاص، ومن ثم يطعن أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية المرسوم بقانون، وتصدر المحكمة أمرا بوقف الدعوى وتحيل الطعن الدستوري إلى المحكمة الدستورية لتقضي فيه، ولكن اللجوء المباشر للمحكمة الدستورية معقود لرئيس مجلس الوزراء أو رئيسي مجلسي الشورى والنواب». وأضاف هاشم «يمكن للموظفين أن يترافعوا أمام القضاء العادي بالنسبة إلى القطاع الخاص، وفيما يتعلق بالقطاع العام فتقدم الدعوى إلى المحكمة الإدارية، وأنا اعتقد أن هناك شبة عدم الدستورية في الاستقطاع، والشبهة قائمة على أساس أنه حق مكتسب لا يجوز المساس به من دون إذن صاحبه ورضاه، وهو يخرج عن حدود النيابة، فإذا ما نهض محاور ليقول إن من استقطع في محل صاحب الحق باعتبار أن النواب هم ممثلو الشعب قانونا، فإن التنازل عن الحق المكتسب يستوجب صدور تفويض خاص بذلك».
من جانبه أكد المحامي فريد غازي أن هناك مجالا لتحريك الموضوع على المسار القضائي، ولكنه تنبأ بعدم نجاح الدعوى أمام القضاء بسبب دستورية القانون نفسه وآليات صدوره، فلا مجال للطعن بعدم الدستورية في هذه الحال، ولكنه لفت إلى أن أحدا لا يستطيع أن يحظر على أي من الموظفين اللجوء إلى القضاء الذي ستكون له الكلمة الأخيرة.
وقال غازي إنه يفضل أن يعدّل المرسوم تشريعيا وفق الآلية التي صدر بها لتعديل الاستقطاع بالنسبة إلى محدودي الدخل بشرط عدم المساس بجوهر القانون وأهدافه السامية ممثلة في معالجة مشكلة التعطل ومن هو قادر على العمل ولا يستطيع أن يعمل، فهذا القانون نبيل في أهدافه، فلا يجب أن نمسه إلا فيما يطوره ويحسن من مزاياه».
وفي حين أقر غازي بمشروعية الاستقطاع استنادا إلى نص المادة 107 من الدستور الذي جاء بشان إنشاء الضرائب العامة وتعديلها التي أكدت أنه لا يجوز تكليف احد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم والتكاليف إلا بحدود القانون فإن قانون التعطل مثلما كان خروجه سليما فإن القطع يتحصن من الناحية والقانونية والدستورية ما يجعل القطع مشروعا، رأى غازي أن «توقيت طرح القانون سيئ، نظرا إلى ارتفاع الأسعار عموما في المملكة وتدني الأجور، فالمواطنون يتوقعون زيادة عامة فلا يحصلون إلا على قطع ما خلق حالة تذمر عام».
وذكر غازي أن النواب وخصوصا الجدد منهم تنقصهم الخبرة خصوصا إذا علمنا أن القانون سمح لمجلس الوزراء أن يزيد نسبة الاشتراكات من دون أية رقابة من المجلس الوطني، بمعنى أن نسبة الـ 1 مرشحة للزيادة بعد تقارير الخبراء الاكتواريين في المستقل.
العدد 1763 - الأربعاء 04 يوليو 2007م الموافق 18 جمادى الآخرة 1428هـ