«سلام عليك يا نبي صالح أنت حلو والبحر مالح» رددناها في صغرنا على رغم أن الكثير منا لم يعش في جزيرة النبيه صالح التي يبتعد إليها نظرنا ما أن تتردد هذه العبارة على مسامعنا، وعلى رغم أن هذه المرة الأولى التي أقوم فيها برحلة بحرية في جزيرة النبيه صالح فإني قمت بثلاث جولات فيها أمس مع بعض السياح والزوار من مختلف مناطق البحرين وطوال هذه الجولات رددت في نفسي العبارة المذكورة سلفا.

بدأت الجولة عصرا وهو الوقت الذي تكون فيه أشعة الشمس غير حارقة ومنعكسة على البحر والهواء يكون خفيفا على البر وشديدا عند الدخول إلى البحر.

بدأت الجولة الأولى مع رجال عايشوا البحر ربما منذ 15 أو 20 عاما، في بداية الجولة كانت الغالبية يخيم عليها السكوت إلا أنه بعدما تحدث صاحب القارب (الطراد) وهو أحمد الذي اتخذ جزيرة النبيه صالح مكانا وتحديدا خلف مقام النبيه صالح أخذ الجميع بعدها يتحدث.

كان أول المتحدثين المواطن سيدأحمد حسين الذي بدأ الحديث عن الساحل بصورة قاسية وربما كانت ناتجة عن ألمه من فقدانه إلى بحره قائلا: «مستحيل أن يتجدد ماء النبيه صالح إذ إن القاذورات تجمعت فيه».

توقف حسين عن الحديث لحظة ليعود بالتحدث عندما وصلنا تحديدا إلى منطقة أبوغزال «هذه المنطقة قبل 15 عاما كانت معروفة بكثرة الروبيان»

يقطع حديث حسين أحد المواطنين الذي أخذ من ساحل النبيه صالح ملجأ له من تعب الدنيا: «نعم كان الروبيان متناثرا على الساحل (...) لم نكن نحتاج إلى شباك الصيد لصيده إذ إنه كان يمشي كما تمشي الديدان لذلك فكنا نصطاده بأيدينا وكأن أيدينا مثل المكنسة التي تنظف المنازل».

عاد السكوت يخيم على القارب بسبب الرائحة التي انتشرت في القارب التي اتضح أنها ناتجة من المجاري التي تصب القاذورات غير المعالجة في مياه البحر، بعدها توقفنا بالقرب من منازل اتخذت مركزا لها على الساحل، وما هي إلا ثواني حتى رأيت جميع الركاب يقفون ويؤكدون أنهم في السنين الماضية، كانوا يحفرون هذه المنطقة بأيديهم الصغيرة ليخرج ماء حلو الطعم يشربون منه إلا أن هذه المنطقة أصبحت الآن ملكا للمتنفذين.

انتهت الجولة الأولى وانتقلنا بعد ذلك إلى الجولة الثانية التي كانت مع مجموعة من النساء، كان الحديث ممتعا معهن، تقول أم محمود التي رفضت الحديث في البداية مطالبة بقصر في عرض البحر: «كنت أسبح وأمرح في البحر في صغري ولم تكن هناك لا رائحة ولا مجاري، وكان لونه أزرق يتعجب من يراه لنقائه إلا أنه الآن أصبح كريه الرائحة ومع ذلك فإني أحب أن أرتاد البحر بين فترة وأخرى».

أما إحدى النساء التي رفضت ذكر اسمها فأكدت أيضا أنها كانت تسبح في البحر أثناء الطفولة، إلا أنها الآن أصبحت تترد بين فترة وأخرى إلى البحر لتتمتع بجمال الطبيعة التي أصبحت تدمر في البحرين.

أما العائلة الأخيرة فكانت سعيدة بركوب البحر على رغم خوف أطفالهم من رؤية البحر إذ إنه كلما زادت سرعة القارب أغلقوا أعينهم، تقول أم أحمد وهي المتحدثة في هذه العائلة: «قبل أربع سنوات بدأت مع العائلة بالقيام بهذه الجولات ليس أسبوعيا ولكن كل شهر، لذلك فإن لم أر أي تغير فيه سواء الأوساخ التي تزداد في كل مرة».

طالب جميع الركاب في الجولات الثلاث بضرورة أن يكون هناك ممشى ووسائل ترفيه إلى الأطفال على الساحل إذ إن ساحل النبيه صالح يفتقد إلى هذه الوسائل في الوقت الذي تمتلئ سواحل البحرين بها.

كما طالب الركاب بضرورة تخصيص مكان لمشاهدة البحر إذ إن الزوار والسياح يستندون إلى الأحجار لمشاهدة البحر، مؤكدين أن سياح جزيرة النبيه صالح كثر لذلك يجب توفير وسائل الراحة لهم حتى لا ينقطعون عن البحر.

من جهته قال صاحب طراد «أماني» التابع للنبيه صالح لخدمات النقل البحري أحمد الرفاعي: «إن الجولات التي أقوم بها هي جولات قديمة كانت معروفة عند المواطنين منذ الثمانيات والتسعينات تحديدا إذ إن المواطنين كانوا يقومون بهذه الجولات (...) إلا أني بدأت بتقديم مثل هذه الجولات منذ العام 2005 وذلك بعد تسلم رخصة (...) وأستقبل أسبوعيا من 300 إلى 500 زائر سواء من البحرين أو من دول الخليج».

ويضيف الرفاعي «في السابق كنت آخذ الزوار إلى خليج توبلي إلا أنه الآن أصبح الزوار يرفضون الذهاب إلى هناك بسبب الرائحة الكريهة (...) وبعض الركاب ما إن أقترب من خليج توبلي حتى يخافوا من أن تصيبهم قطرات من ماء خليج توبلي بسبب ما تحمله هذه القطرات من رائحة وتلوث (...) كما أن لون البحر في خليج توبلي لا يسر الناظرين له لذلك فإن الركاب حاليا يفضلون رؤية شجر القرم أو الذهاب بالقرب من ميناء سلمان».