قفز التبادل التجاري بين البحرين والولايات المتحدة الأميركية في العام الأول من تطبيق اتفاق التجارة الحرة بين البلدين، وفتح المجال أمام الشركات الأميركية للدخول إلى سوق المملكة، ولكن بعد مرور عام واحد من دخول الاتفاق موضع التنفيذ فإن التأثير المباشر على الاقتصاد لايزال دون المستوى المطلوب.
فقد زاد حجم التجارة بين المنامة وواشنطن إلى الضعف ليبلغ أكثر من مليار دولار منذ أن بدأ تنفيذ الاتفاق في شهر أغسطس /آب العام الماضي. كما قدم الاتفاق فرصا كثيرة إلى الشركات الأميركية للتواجد في البحرين واتخاذها بوابة للدخول إلى أسواق المنطقة القريبة وخصوصا تلك التي لاتزال شبه مغلقة، ولكن الشركات البحرينية لاتزال لم تستغل هذا الاتفاق بالكامل.
ومع ذلك يقول اقتصاديون إن الوقت لايزال مبكرا للحكم على الاتفاق، أو ظهور نتائج مباشرة، وطالبوا القطاع الخاص في المملكة بالتحرك السريع وبذل الجهود لأن الاتفاق هو «إطار عمل» يمكن من استفادة التجار والمستثمرين. نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية في البحرين عادل آل صفر أبلغ «الوسط» أن الغرفة «لاتزال تعد التجار البحرينيين لتعظيم الاستفادة من الاتفاق وتشجيع السوق البحرينية للتعرف على الفرص المتوفرة في أميركا، باعتبارها أكبر بلد اقتصادي في العالم».
وقال آل صفر «يتم ذلك عن طريق اتخاذ خطوات من خلال لجنة تفعيل اتفاق التجارة الحرة والتي تضم في عضويتها غرفة التجارة الأميركية في البحرين، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، ووزارة التجارة والصناعة ومجلس التنمية الاقتصادية».
وأضاف أن وفدا من الولايات المتحدة الأميركية سيزور البحرين في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل للتعرف على الفرص المتوفرة في البحرين والمنطقة، يعقبه زيارة لوفد بحريني إلى أميركا لنفس الغرض.
وقام وفد تجاري واقتصادي من البحرين بزيارة إلى مدينتين أميركيتين بقيادة ولي العهد والرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بهدف الترويج للبحرين وإقناع الشركات وأصحاب الأعمال الأميركان باتخاذ البحرين مركزا للانطلاق إلى دول الخليج المجاورة.
الرئيس التنفيذي لبنك البحرين للتنمية نضال العوجان أبلغ «الوسط» أنه يعتقد أن الكثير من المؤسسات في البحرين استفادت من اتفاق التجارة وخصوصا مع إزالة الضرائب عن المنتجات المصدرة لأميركا ولكن على القطاع الخاص أن يلعب دورا أكبر في تعظيم الاستفادة عن طريق الزيارات وحضور المعارض التي تقام في الولايات المتحدة الأميركية. وقال: «نحن نحتاج إلى آلية لتضييق الفجوة بين المستهلك والمصدر وتطوير آلية تسويق المنتجات البحرينية والتواصل المستمر مع أصحاب الأعمال، وعلى القطاع الخاص في البلدين أن يقوم بدورة في تنشيط التجارة لأن الاتفاق هو إطار و ليس أداة لزيادة التجارة».
الرئيس التنفيذي لشركة «سوليدرتي» سمير الوزارن ذكر «إنه لم تلاحظ تأثيرات إيجابية أو سلبية» على سوق التأمين في البحرين منذ توقيع الاتفاق قبل نحو عام «ما عدا تسجيل شركات تأمين عملاقة وذات سمعة عالمية في البحرين مثل شركة (ACE) و (AIG) وهما شركات لإعادة التأمين، وتم تسجيلهما في البحرين بسبب الوضوح في القوانين في المملكة». وقال الوزان «إن مهمة هاتين الشركتين هو «توفير طاقة استيعابية أكبر للتأمين وأنه بسبب صغر سوق البحرين فإن ذلك لا يغري الشركات الأوروبية والأميركية، وأن الشركات العملاقة تقوم بإعادة التأمين على المنشآت النفطية والبتروكيماويات والغاز سواء تواجدت في المنطقة أم لا».
وأضاف «كان هناك في السابق نوع من التخوف بسبب منافسة الشركات الأميركية والأوروبية لشركات التأمين المحلية، ولكن يبدو أن هذا التخوف قد زال». وأجاب على سؤال بشأن استفادة سوق التأمين في البحرين من الاتفاق قال الوزان: إن ذلك يكمن في تقديم خدمات تأمينية تكافلية أو مصرفية في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن هذا لم يتم استغلاله حتى الآن لأن الشركات المحلية لا تزال غير جاهزة». وأوضح الوزان إن أحد الإشكالات التي قد تشكل عائقا هو أن الشركات الأميركية عندما تأتي إلى البحرين فإنها تتعامل مع دولة واحدة ولكن في «أمريكا هناك عدة ولايات ولكل ولاية قوانينها وشروطها. فواشنطن غير نيويورك وقد يكون ذلك أحد المعوقات». الاقتصادي جاسم حسين ذكر أن الاتفاق أفاد البحرين ولكن لايزال دون المستوى المطلوب تحقيقه وأن الجانب البحريني غير قادر حتى الآن على تعظيم الاستفادة من الاتفاق لذلك «فالمشكلة تكمن في الجانب البحريني». وأضاف بمقدور البحرين أن تستقطب المزيد من الاستثمارات وتزيد من صادراتها إلى أميركا لأن ذلك لن يؤثر في الميزان التجاري الأميركي لأننا هنا نتعامل مع أكبر اقتصادي عالمي». وتتعاظم أهمية البحرين كنقطة انطلاق بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية بسبب الموقع القريب من أسواق الخليج الأخرى وخصوصا سوق المملكة العربية السعودية التي تعتبر أكبر الأسواق في المنطقة. وجاء اتفاق التجارة بين المنامة وواشنطن ضمن رؤية الأخيرة لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة للتجارة الحرة بحلول العام 2013 كما ذكر اقتصاديون ان أول المستفيدين من اتفاق التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة هم مستوردو السيارات بسبب هبوط قيمتها نتيجة لعدم وجود ضرائب على استيرادها إلى البحرين. غير أن القطاعات الأخرى وأهمها القطاع المالي سيكون من أكبر المستفيدين خصوصا مع فتح المملكة أبوابها للمصارف والشركات الاستثمارية الأميركية ما سيعزز ويقوي مركز البحرين المالي والمصرفي. وأوضح مسئول تجاري أميركي البحرين إن التحدي الكبير الذي يواجه البحرين والولايات المتحدة الأميركية هو تقوية التعاون التجاري ليعكس المستوى المتين الذي وصلت إليه العلاقات السياسية بين البلدين. وتوقع أن يبلغ حجم التجارة نحو مليار دولار بعد أن تخطى 900 مليون دولار حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ليصل إلى نحو مليار دولار بنهاية العام 2006.
العدد 1781 - الأحد 22 يوليو 2007م الموافق 07 رجب 1428هـ