تثار الكثير من الأسئلة عن مسئولية وزارة التجارة والصناعة تجاه حركة الأسعار في السوق المحلية في ظل وجود قوانين تعطي الوزارة صلاحيات تحديد أسعار المواد الغذائية، على حين تقول الوزارة في بياناتها إن الأسعار متروكة لآلية السوق أو آلية العرض والطلب.
ويطرح سؤال مفاده: هل الوزارة ملزمة تطبيق قانون يعطيها صلاحية تحديد ربحية المواد الغذائية على أسس واضحة بهدف إلزام التجار الأسعار وعدم التلاعب بها، وحماية المستهلك من أي ارتفاعات غير مبررة في السلع أم أن هناك قوانينَ جديدة بموجبها تم إلغاء صلاحيات الوزارة في تحديد الأسعار؟ وما هذه القوانين؟
وصدر أكثر من 100 قرار وزاري خلال ثلاثة عقود مضت، حددت أسعار مواد غذائية منها الحليب والأجبان والسكر والدهن والأرز والبيض والشعير وحب الهريس والجريش والطحين والشاي والدجاج واللحم والمياه الغازية إلى جانب سلع غير غذائية منها معجون الأسنان والصابون والأسمنت والطابوق.
واستندت غالبية هذه القرارات إلى المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1975 بشأن تحديد الأسعار والرقابة عليها بعد أن تم إلغاء المرسوم بقانون رقم (1) لسنة 1972.
وبحسب المرسوم بقانون رقم (18)، يكون تحديد السلع وأسعارها أو الحد الأقصى للربح بقرارات تصدر عن وزير التجارة والزراعة والاقتصاد أو من ينوبه لذلك من موظفي وزارته وتنشر في الجريدة الرسمية.
وينص القانون على أن «تحديد ربح السلع على أساس نسبة مئوية من تكاليف إنتاج المصنع أو على أساس نسبة مئوية من تكاليف الاستيراد وتشمل هذه التكاليف الرسوم الجمركية والنقل والتخزين.
وتسري القرارات بشأن تحديد السلع وأسعارها والأرباح على كل سعلة تم تسليمها بعد تاريخ العمل بها ولو أن ذلك قد تم تنفيذا لتعهدات أبرمت قبل ذلك التاريخ».
ويحظر القانون على المستوردين والوسطاء وتجار الجملة ونصف الجملة وتجار التجزئة أفرادا كانوا أو شركات، احتكار الاتجار بالسلع الغذائية وغيرها من السلع التي يصدر بها قرار عن وزير «التجارة»، أو العمل على ارتفاع أسعارها ارتفاعا مصنعا ويعتبر من هذا القبيل إشاعة أخبار غير صحيحة بين الجمهور أو تخزين كميات منها أو الامساك عن بيعها أو جمعها من السوق وذلك كله بقصد حبسها عن التداول في الأسواق أو تقليل المعروض منها وتحقيق ربح لا يكون نتيجة طبيعية لواقع العرض والطلب.
ويجيز القانون لوزير «التجارة» أن يصدر قرارات في تعيين المقادير التي يجوز شراؤها من أية سلعة وتنظيم بيعها أو توزيعها وإصدار البطاقات التموينية، وإلزام أصحاب المصانع والمستوردين تسليم مقادير معينة من أية سلعة إلى المستهلكين أو الجمعيات التعاونية، وبيان الأسس التي تجري عليها لجنة تحديد الأسعار في تحديد الأسعار أو الأرباح.
كما يجيز لوزير «التجارة» أن يكلف أصحاب المصانع والمتاجر بتقديم بيانات عن كلف إنتاج أو استيراد أية سلعة من السلع التي يحددها، كما يجوز له أن يطلب منهم عينات من السلع التي ينتجونها أو يستوردونها.
ويفرض القانون على كل من يستورد سلعة مسعرة أو محددة الربح وغيرهم من تجار الجملة ونصف الجملة أن يمسكوا دفاترَ منتظمة يقيدون فيها باللغة العربية أولا بأول كل ما يشترونه من سلع مع بيان مصدر شرائها وسعر ذلك الشراء وكلفة استيرادها واسم المشتري ورقم سجله ومقدار المبيع منها وسعر البيع وتاريخه، وعليهم أن يحتفظوا بكل مستندات الشراء أو كلفة الاستيراد وصور فواتير البيع على أن تكون صادرة عن دفاترَ مرقمة ومسلسلة.
كما يفرض القانون على تجار التجزئة الاحتفاظ بفواتير شراء كل السلع التي يشترونها، وعلى جميع التجار وورثتهم أو من يخلفهم من بعدهم الاحتفاظ بالدفاتر والمستندات مدة خمس سنوات من تاريخ قفل الدفتر.
ويوجب القانون على جميع التجار إخطار مدير إدارة التموين ومراقبة الأسعار عن المخزون لديهم من السلع والبضائع والمنتجات المستوردة والمحلية متى يطلب منهم ذلك، ويجب أن يتم الإخطار خلال أسبوع من تاريخ طلبه.
ويعطي القانون إدارة «التموين» عدة اختصاصات منها: تنفيذ السياسة العامة للتدابير الكفيلة بمنع الاحتكار وإلزام التجار التقيد بالأسعار المحددة وعدم التلاعب بها إلى جانب مراقبة الأسواق المحلية من حيث الأسعار أو الكميات وملاحقة ودراسة تطورات الأسعار العالمية لاقتراح الأسس العادلة لتحديد الأسعار ومكافحة الأسباب غير المبررة لرفعها داخل البلاد.
ومن بين اختصاصات إدارة «التموين»، مراقبة تنفيذ أحكام المرسوم بقانون نفسه والقرارات المنفذة له وإثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لها إلى جانب تنظيم طرق صرف إعانة فروق أسعار المواد التي تقرر الحكومة دفع إعانة لفروق أسعارها والتي يصدر بتحديدها قرار عن وزير «التجارة»، وكذلك الإشراف على طريقة بيعها بما يحقق العدالة في توزيعها على المستهلكين بالأسعار المنخفضة.
ويتولى مراقبة تنفيذ القانون والقرارات الصادرة وإثبات المخالفات مدير إدارة «التموين» والمفتشون الذين ينتدبهم وزير «التجارة»، ويكون لهؤلاء المفتشين صفة الضبطية القضائية فيما يتعلق بالمخالفات التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون، ولهم في سبيل أعمالهم حق دخول المصانع والمكاتب والمحلات والمخازن وغيرها من الأماكن المخصصة لصنع السلع أو البضائع أو المنتجات أو لعرضها أو لبيعها، كما يكون لهم بعد أخذ موافقة وزير «التجارة» حق طلب فحص الدفاتر والسجلات وغيرها من المستندات والأوراق المتعلقة بمأموريتهم.
ويجيز القانون لمدير إدارة «التموين» كلف التجار وأصحاب المصانع بتقديم بيانات بكلف وإنتاج واستيراد أو شراء أية سلعة من السلع المحدد ربحها؛ للتحقق من أنها لا تباع بسعر يتضمن ربحا أكثر من الربح المحدد لها.
وينص المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1975 كذلك على أن «تؤلف لجنة تسمى (لجنة مراقبة الأسعار) بقرار من مجلس الوزراء، وتشكل من موظفي الوزارات ذات العلاقة ومن غيرهم، ويكون اختصاصها: اقتراح تحديد الأسعار أو الحد الأقصى للربح وذلك بالنسبة للسلع الغذائية وغيرها من السلع التي يطلب منها وزير (التجارة) تحديدها، واقتراح الوسائل اللازمة لمنع التلاعب بالأسعار».
وكذلك تختص لجنة مراقبة الأسعار بالنظر في الشكاوى التي ترد إليها عن جدول الأسعار التي تضعها وبالشكاوى التي ترد إليها من الجمهور عن غلاء الأسعار إلى جانب مراقبة الأسعار ودراسة كل ما يؤدي إلى تحقيق مكافحة الغلاء، وعلى رئيس البجنة إبلاغ مقترحاتها إلى وزير «التجارة».
أما فيما يتعلق بالعقوبات، تتفاوت العقوبات بحسب نوع المخالفة للقانون من السجن مدة خمس سنوات إلى شهر واحد، ومن خمسة آلاف دينار إلى مئة دينار إلى جانب غلق المحل وسحب السجل التجاري.
والقانون صارم في تنفيذ العقوبات إذ تقول إحدى فِقراته: «لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها».
كما أن القانون لم يكتفِ بمعاقبة التجار بل شمل ذلك حتى المستهلك إذ يعاقب القانون كل من يشتري بقصد الاستهلاك سلعة مسعّرة أو محددة الربح بسعر يزيد على السعر أو الربح المحدد، بالحبس مدة لا تزيد على شهر وغرامة لا تتجاوز مئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويعفى المشتري من العقوبة إذا أبلغ السلطات المختصة بالجريمة أو اعترف بها.
العدد 1781 - الأحد 22 يوليو 2007م الموافق 07 رجب 1428هـ