أكد الشيخ أحمد المحمود - الذي حققت معه النيابة العامة على خلفية انتقاده عدم مشاركة الشعب في التظاهرة التي جرت أمام السفارة الإيرانية للاحتجاج على تصريحات شريعتمداري - أن «استمرار سياسة التضييق على الشعب في المستوى المعيشي، وعدم تقبّل الآراء الناصحة بشكل صحيح يمثل إفراغا لمشروع الإصلاح من محتواه»، داعيا الحكومة إلى التراجع عن هذه السياسة.
من جهته استبعد الأمين العام لحركة العدالة الوطنية المحامي عبدالله هاشم خلال الندوة التي نظمتها جمعية الوسط العربي الاسلامي في الحد مساء أمس الأول صدور عفو ملكي عن المحمود، لأن القضية لم تحل إلى المحكمة حتى الآن، كما أن المحمود لم يجرم بحق البحرين، وبالتالي ليس من الوارد صدور شيء من هذا القبيل».
ومن جهته أوضح المحمود خلال الندوة أيضا أنه لم يعتد الحديث في الشئون السياسية، وقال: «أنا أنطلق في كل محاضراتي من منطلق الشريعة الإسلامية، وذكرت في كلمتي الأخيرة أن هناك نقصا في الولاء للوطن أو الحكومة، وهذا السبب يرجع للتضييق على المعيشة، ففي حين زادت الدول المجاورة 70 في المئة رواتب الموظفين، فإننا لم نجد في بلادنا إلا وعودا وتطمينات في الصحافة فقط (...) لا يعقل أن تستمرّ سياسة التضييق على الناس، وهناك فائض في الموازنة بالملايين، فلماذا لا توسع الدولة على الشعب».
وقال إن هناك خطباء آخرين قالوا مثل ما قلته بل أكثر من ذلك، ومن بينهم رئيس المجلس الإسلامي العلمائي الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبة الجمعة، وقد نقلت ذلك نشرة جمعية الوفاق، فقد قال الشيخ: «المستفيدون من النظام يحصلون على قصر أو قصرين أو عشرة قصور، وأبناء الشعب لا يجدون مكسبا جراء تضييق المعيشة، وإذا أريد للاستقرار أن يترسّخ فلابد من درجة عدل».
وتساءل المحمود قائلا: «هل حاسبت الدولة الشيخ عيسى قاسم على رأيه، لماذا نحن نقدم للتحقيق من دون غيرنا، فالحرية المزعومة مقيّدة ومحكورة على فئات فقط، فهي حرية للأقوياء وديمقراطية للأقوياء فقط، وليس للضعفاء موطئ قدم في حريتهم».
وأضاف: «أنا لا أستطيع أن أواجه المسئولين وجها لوجه، وإذا أردت مقابلة أحد منهم فذلك يتطلب وقتا طويلا، ولكنني سأوجّه النصيحة الصادقة من على منبري، ورسالة المحراب هي نشر العدل والحبّ بين الناس، وهناك من يتبرّع أن ينقل ما أقوله للمسئولين».
وطلب المحمود من الحكومة تغيير سياستها في قضية التوزيع العادل للثروة، وقال: «تضييق المعيشة على النفس إفراغ الإصلاح من محتواه، ونحن مسئولون أمام الله سبحانه وتعالى وأمام وطننا وشعبنا أن نقول الحق مهما كانت الكلفة».
وردا على سؤال عما يتهمه به البعض من أنه حاول ممارسة الاستنهاض الطائفي في خطبته نفى المحمود ذلك قائلا: «أنا لا أستنهض الطوائف، ولا تحمّلوا الأمور أكثر مما تحتمل، أنا أرفض التحريض على الطائفية، لأن الطائفية إذا استولت علينا فلن تقوم لهذا المجتمع من قائمة».
وأضح أنه وجّه رسالة إلى الشباب من الطائفتين الكريمتين يحثهم فيها على ترك المناوشات الإعلامية في المواقع الالكترونية، والتوجه إلى ما فيه صلاح شئونهم من الاهتمام بقضايا الوطن.
وفي موقف لافت رفض المحمود توجيه اعتذار للحكومة عن رأيه، وجدّد تمسكه بموقفه السابق، وقال: «ليس من واردٍ أن أعتذر عن كلمة حق قلتها وأنا مؤمن بها، وعلى طلبة العلم مسئولية عظيمة أن يتصدوا لمواجهة الانحراف من أي نوعٍ كان، وما قمت به هو من صميم عملي في إبداء النصح، وهل الدين إلا النصيحة؟».
وفي ردّه على سؤال لـ «الوسط» عمّا إذا كان ينوي الالتقاء بسمو لرئيس الوزراء لاحتواء القضية قال المحمود: «لا أعلم شيئا عن هذا الأمر، ولكن يجب أن نتريّث لنعرف ماذا تقول النيابة العامة، وبعدها سنبدأ التحرك اللاحق».
من جانبه قال الأمين العام لحركة العدالة الوطنية (عدالة) المحامي عبدالله هاشم: «إن حرية إبداء الرأي فيما يتعلق بالشأن العام حق مكفول دستوريا للجميع ما لم ينل من حرمات الآخرين، وما ذكره الشيخ المحمود في خطبته ما هو إلا من باب إبداء الرأي فقط».
وذكر هاشم «أن من يحاول أن يصوّر انتقاد أي شخص للأوضاع العام أو أنه يتضامن مع أنين الشعب في المستوى المعيشي على أنه تحريض على كراهية النظام فإنه سيرسم موقعه بوصفه ظالما في أعين الناس»، وأضاف أن التحقيق الذي استمر ساعتين كان حضاريا ولم تشبه شائبة أو تجاوز، ولكن ندرك جيدا أن الأمر ليس خاليا من التوجيه».
وأشار هاشم إلى أن «هذه الحادثة كان لها صدى إعلامي كبير ليس على المستوى المحلي وإنما الدولي أيضا، ونحن جازمون أن هذا الموضوع تحول إلى قضية رأي عام»، نافيا أن يكون ذلك من باب الاستقواء بالخارج بشأن أمر محلي، مضيفا: «نحن لم نقل إننا سنلتقي السيدة كوندليزا رايس حتى نتهم بتدويل القضية، ولكننا جزء من العالم ويجب أن يعرف العالم وعلى الأقل ما يجري هنا».
ووصف هاشم تعمّد بعض الأطراف التمسك بهذه القضية بأنه «يعني تراجعا عن خط الإصلاح، فهناك أجيال مُحقت جراء استخدام القانون كعصا لتضييق الحق الوارد في صحيح الدستور، ومن يحاول أيضا أن ينهي القضية إلى نوعٍ من الهزيمة والاعتذار فهو كمن يصب الزيت على النار».
وحذر هاشم من زجر كل صاحب رأي، وقال: «إن سياسة تكميم الأفواه في هذه المناطق خاطئة، وتغييب الوعي السياسي عن شباب هذه المناطق له عواقب خطيرة، ونقول لمن يريد أن يسمع إن أهالي هذه المناطق سيقولون كلمة الحق عندما تقتضي المصلحة الوطنية ذلك».
وأضاف: «يجب أن نسمعها الجميع بوضوح ومن دون مواربة، إن الجميع اتفق على ميثاق العمل الوطني، والحكم عدّ ذلك بيعة، وهي من الناحية القانونية تعدّ بيعة أيضا، ولكن من غير المسموح إطلاقا كسر إرادة الناس، فهذا خط أحمر».
وعن آفاق حل القضية قال هاشم: «إن الحلّ يكمن في أن تصدر النيابية العامة قرارا بحفظ القضية، وعدم إحالتها للمحكمة لحفظ القضية وحفظ المجتمع من أية أزمة جديدة ليست محسوبة العواقب»، على حد قوله.
وعلى صعيد مستقل استبعد هاشم صدور عفو ملكي على المحمود، وقال: «القضية لم تصل إلى مستوى القضاء، ولم يصدر فيها حكم قضائي، والرجل لم يتعد حدود حرية التعبير، وبالتالي لا أعتقد أن القضية تستحق صدور عفو ملكي».
العدد 1791 - الأربعاء 01 أغسطس 2007م الموافق 17 رجب 1428هـ