على رغم حال الانتعاش التي تسود مختلف فروع الاقتصاد الألماني خلال السنوات الأربع الماضية التي صاحبها تحسن أوضاع سوق العمل وتراجع نسب البطالة فإن معدلات الاستهلاك في السوق الداخلي الألماني لم تسجل ارتفاعا ملحوظا يتناسب مع هذا الانتعاش، لتظل بذلك دون مستوى مثيلاتها في باقي الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي تشهد ارتفاعا في الإنفاق الاستهلاكي.
وعلى رغم أن خبراء الاقتصاد يتوقعون أن تصل نسبة النمو الاقتصادي في ألمانيا خلال العام الجاري 2007 إلى 2,5 في المئة في ضوء ارتفاع الصادرات الألمانية فإنهم يستبعدون أن يساهم هذا الانتعاش في تحسين معدلات الاستهلاك وحفز المواطنين الألمان للإنفاق.
انخفاض الأجور وارتفاع الأسعار وتقف عدة عوامل وراء جمود معدلات الاستهلاك الداخلي في ألمانيا من جملتها الزيادة المطبقة منذ مطلع العام الجاري على ضريبة القيمة المضافة، فقد سجلت المحلات التجارية في ألمانيا منذ تطبيقها تراجعا ملحوظا في المبيعات خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام.
الخبير الاقتصادي ديرغ نورسدورف يعزي هذا التراجع إلى إقدام المستهلكين الألمان نهاية العام الماضي على اقتناء معظم متطلباتهم خشية ارتفاع الأسعار عقب رفع ضريبة القيمة المضافة من 16 في المئة إلى 19 في المئة، كما لم يساهم من ناحية أخرى استقرار الأجور وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية في تشجيع المواطن على الاستهلاك.
موجة الانتعاش الاقتصادي في أوروبا وعلى المستوى الأوروبي تتوقع المفوضية الأوروبية على رغم الأزمة المالية العالمية أن تسجل أوروبا نموا اقتصاديا بنسبة 2,5 في المئة. وفيما اعتبرت ساندرا شميت، من مركز أبحاث الاقتصاد الأوروبية( ZEW) أن وتيرة النمو داخل منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو متشابهة، يرى ألفريد شتاينهير من المؤسسة الألمانية لأبحاث الاقتصاد (DIW) أن معدل الاستهلاك الداخلي في ألمانيا يقل بكثير عن مثيله في باقي الدول الأوروبية، إذ يمثل في كل من فرنسا وإسبانيا وانجلترا إحدى دعائم النمو عكس ما هو عليه الحال في ألمانيا.
وتعزي شميت من جهتها انخفاض معدلات الاستهلاك في السوق الداخلي الألماني خلال السنوات الماضية مقارنة مع ارتفاعها في الولايات المتحدة الأميركية إلى الاختلاف في العقلية الاستهلاكية لدى الشعبين، فضلا عن ميول المواطن الألماني إلى الادخار تحسبا لمرحلة التقاعد.
العدد 1844 - الأحد 23 سبتمبر 2007م الموافق 11 رمضان 1428هـ