أثناء تسوقنا تقع أعيننا كثيرا على عبارة موجودة في أماكن مختلفة في المحلات التجارية وهي «البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل»، وذلك في الوقت الذي حددت وزارة الصناعة والتجارة الفترة التي يمكن للمستهلك أن يرد البضاعة لصاحب المتجر ويعلمه بعدم رضاه عنها أو بعيب فيها بعشرة أيام من تاريخ شراء البضاعة أو السلعة، فهل حقاَ مازالت تلك العبارة تعطي للبائع الحق أن يفرضها، وبالتالي فإنه ليس للمشتري أن يرد السلعة في جميع الأحوال؟ تلك العبارة تتعلق بثلاثة جوانب مختلفة، وتحديدا هي: الشرعية والقانونية فضلا عن التجارية.
الزاوية التجارية
الوضع غير مستقر في الجانب التجاري، أي أنه لا يوجد استقرار أو توحيد على السلوك الواجب اتباعه في الحالات التي يتوافر فيه العيب في السلعة، فنجد أن بعض المحلات لا تقبل إرجاع السلعة إلا بعد مجادلة، بينما أخرى تحاول إرغام المشتري على قبول السلعة المعيبة بطريقة غير مباشرة من خلال تمسكها بإصلاح السلعة حتى يملُ المشتري. كما يدعي المتجر أن العيب كان سببه المشتري وأنه باع السلعة سليمة وخالية من أي عيب، في الوقت الذي لا يرغب المشتري في أغلب الأحيان في الدخول في جدال ربما يطول، فهو يفضل الانسحاب وشراء راحة باله.
بالمقابل لا يُنكر أن بعض المحلات التجارية الكبيرة تقوم بالاستبدال أو الرد ولكن حتى في حالات الرد فإن تلك المحلات لا ترد الثمن وإنما تعطي كوبونات شراء حتى تضطر للشراء من المحل نفسه وهو ما يعد مخالفة لنص القانون الذي المحلات برد الثمن.
المظلة القانونية
من المتفق عليه أن البيع عقد ملزم لطرفيه بتوافر أركانه وشروطه، فلا يجوز لأي طرف، سواء البائع أو المشتري، أن يفسخ العقد من تلقاء نفسه وبإرادته المنفردة من دون رضا الطرف الآخر كقاعدة عامة، والتراضي الصحيح من الطرفين يقتضي أن يصدر من شخص أهلا لإصداره. فإذا انعقد البيع ترتبت التزامات على عاتق طرفيه، لذلك فإن المشتري يلتزم بدفع الثمن والبائع يلتزم بالتسليم وضمان العيوب الخفية.
وإذا اكتشف المشتري العيب الخفي متى توافرت شروطه فللمشتري رد السلعة واسترداد ثمنها، كما له استبدالها بأخرى سليمة. ولا يوجد ما يمنع المشتري أن يطالب البائع بإصلاح العيب إن أمكن على أن يكون ذلك على نفقة البائع. أما إذا رضي المشتري بالعيب بعد التسليم أو استهلكها (البضاعة المشتراة) بعد علمه بالعيب أو تصرف بها، فإن حقه في الرجوع على البائع بالرد على البائع يسقط بحسب القانون في الحجة.
ماذا يقول الشرع؟
قبل ذكر الجواب لاشك في أن كثيرا من الباعة في الأسواق هم من العامة الذين يجهلون كثيرا أحكام البيع والشراء أو يتجهون إلى التظاهر بجهلها لأسباب عدة، وكما هو معلوم أن الأصل في المعاملات هو الإباحة، ولكن لو اكتشف المشتري بعد ذهابه إلى البيت عيبا في السلعة التي اشتراها فما الموقف في ذلك؟
اثبت الشرع الإسلامي الخيار لمن لم يعلم بالعيب أو التدليس، ضمن خيارين، إما أن يكون البائع على علم بالباطن الخفي في السلعة أو عدم علمه، فلا يجوز بيع سلعة ظاهرها صالح وباطنها مشكوك في أمره إلا في حالة علم المشتري بذلك ورضي به.
في بريطانيا مثلا
ويضيف أحد المستهلكين تعليقا على الموضوع أن «في الدول الأجنبية مثل بريطانيا بإمكانك أن ترد البضاعة إلى المحل ليس لوجود عيب في البضاعة فقط، وإنما لأن البضاعة لا تحوز إعجابك»، مبينا أن «متى سيصل المجتمع العربي عموما في تعامله إلى المرحلة المميزة من الرقي في التعامل والتبادل التجاري، والذي يعد رضا المستهلك من أولويات المؤسسات التجارية بل إن التشريعات تكفلها لهم». فيجب أن يتم تشجيع المستهلكين على تقديم الشكاوى في حال اكتشاف الغش التجاري أو الخداع في سلعة تم شراؤها إلى الجهات المعنية سواء كانت غرفة التجارة والصناعة أو الوزارة. وإن ذلك يعد واجبا وطنيا يهدف إلى المحافظة على الاستقرار التجاري، فما المانع من أن يكون لتلك الجهات سالفة الذكر وجود من خلال مكاتب صغيرة في الأسواق والمراكز التجارية حتى يكونوا قريبين من المستهلك والتاجر أيضا. تلك الجهات التي تقع عليها مسئولية كبيرة في إحكام الرقابة وتنفيذ الأنظمة واللوائح ذات الصلة وتلقي الشكاوى فضلا عن المتابعة المستمرة للأسواق والتأكد من التزامها باللوائح والقوانين وإزالة أية عبارات مخالفة للقانون.
العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ