أكد الأكاديمي والباحث نادر كاظم أن تحفظ إدارة المطبوعات والنشر بوزارة الإعلام حتى هذه اللحظة على إصدار كتاب «استعمالات الذاكرة» غير قانوني، مبينا أن «الجهة التي لها الحق في تحديد مدى خطورة كتابي من عدمه هي القضاء».
جاء ذلك خلال الأمسية الثقافية التي نظمتها جمعية التجمع القومي الديمقراطي مساء أمس الأول (الاثنين) للأكاديمي نادر كاظم؛ إذ تناولت الحديث عن كتابه «استعمالات الذاكرة في مجتمع تعددي مبتلى بالتاريخ»، وفي الوقت الذي طالب فيه 40 فنانا تشكيليا بحرينيا وزارة الإعلام بإيجاد ضمان للحرية في الرأي والتعبير، وبناء صرح مستنير لحرية التفكير في معالجة الأمور النقدية والثقافية على حد سواء، وفي الوقت الذي أصدرت فيه 13 منظمة من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بيانا موقعا أعربت فيه عن بالغ قلقها «من التطورات الأخيرة والتدهور الخطير لحرية التعبير في البحرين».
وخلال الأمسية قال كاظم: «إن موقف وزارة الإعلام من الكتاب وإيقافها نشره خلق عبأ على الكتاب وصاحب الكتاب، كما أن ذلك ترك جدلا دار حول الكتاب أدى إلى خلق تصنيف معين لدى القراء والمتابعين لكتاباتي»، موضحا أنه «من خلال مقالاتي التي نشرت في الصحافة تشكلت صورة غير واضحة لدى فئات من القراء المتابعين لي، منها شكوك عن شخصيتي الحقيقية ومن أكون».
وأضاف كاظم أن «البعض منهم كانوا معجبين جدا بما أكتب بينما آخرون كانوا متحيرين في تصنيفي؛ إلا أن موقف إدارة المطبوعات والنشر من الكتاب أعطى تصنيفا أوليا عن الكتاب وصاحبه»، معتبرا في ذلك عبأ سيقع على الكتاب إذا صدر.
وأكد كاظم أنه انتهى من تأليف الكتاب نفسه قبل نحو أكثر من عام من الآن، مضيفا «توقعت أن يتعرض الكتاب للإيقاف عن الإصدار، لذلك لجأت إلى نشره في شكل مقالات، الأمر الذي لم نجد من خلاله قيام وزارة الإعلام بمقاضاتي أو توجيه أي اتهام لي بشأن ما جاء فيها»، ومشيرا إلى أنه عقب النشر قرر التقدم بطلب لإصدار الكتاب.
وقال كاظم إن «البحرين تمر في دوامة تأزيم متواصل منذ الثلاثينات؛ لذلك المجتمع مبتلى بالأزمات التي يمر بها، التي قد تكون خلقتها جهة معينة، بينما الجميع يتحمل نتائج تلك الأزمات»، منوها إلى أن «القراء لهم الحق في نقد الكتاب بعد قراءتهم له، مثلما المجتمع تعرض للنقد في الكتاب نفسه».
وتابع كاظم أنه «على رغم أن الكتاب لا يختلف عما ذكرته مقالاتي المنشورة، فإن الجديد فيه أنه سيحدد هويتي، وسيوضح جميع الأفكار التي عرضت في المقالات، والتي قد تكون توهت البعض في تعريفهم بشخصيتي»، مضيفا أنه «أيضا سيوضح الإطار المنهجي لكتاب «طبائع الاستملاك» الذي أشرت فيه إلى أن أفراد وجماعات المجتمع يتنافسون على استملاك خير مادي ومعنوي موجود ولكن بشكل قليل، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تنافس قوي في استملاك ذلك الخير».
ونوه كاظم إلى أن جزءا من الأزمة التي تعيشها البلد يذكرها «استعمالات الذاكرة»، معتبرا الحل المناسب لواقعنا هو التصالح مع التاريخ.
وفي شرح لبعض مما يتضمنه «استعمالات الذاكرة» قال الأكاديمي كاظم إن «فئة كثيرة توقعت أن يتحدث الكتاب عن المعارضة البحرينية، أو أنه يخص جماعة دون أخرى»، مبينا أن «الكتاب جاء ليخدم الحكومة والمعارضة والموالين لكلتا الفئتين والوطنيين واليساريين والقوميين والسنة والشيعة وجميع الطوائف في البحرين، وأتعامل فيه بالنقد وبنوع من توجيه النقد».
أما عن تحفظ وزارة الإعلام على الكتاب نفسه قال كاظم إن «إدارة المطبوعات والنشر استندت في تحفظها على الكتاب إلى مادة عامة أخذت من دستور البحرين، بينما نجدها فضفاضة ولا تصلح أن يستند إليها لمنع الكتاب»، مؤكدا وجود مادة أخرى من قانون المطبوعات والنشر هي التي يجب أن تستند إليها الإدارة نفسها إذا ما أرادت أن توقف كتابي».
وفي الوقت نفسه قال كاظم إن «تحفظ إدارة المطبوعات والنشر حتى هذه اللحظة غير قانوني، وإن الجهة التي لها الحق في تحديد مدى خطورة كتابي من عدمها هي القضاء التي تعتبر الجهة الإدارية المخولة بذلك»، مضيفا أن «التحفظ نفسه يعود إلى عدم تغير القائمين على الإدارة منذ الثمانيات (...) وهم أشبه بفرد تشكلت لديه صورة معينة يتربص من خلالها على جمل وكلمات التي يقول بعدها ان الكتاب يهدد أمن المجتمع»، مبينا أن «الدولة لا تمارس منع النشر كما تمارسه بعض الأجهزة».
وأكد كاظم أن «الكتاب حتى الآن لم يمنع من النشر، وقد نسمع بين يوم وآخر الإفراج عنه، إذ إن كل جهة في وزارة الإعلام تعمل بعيدا عن الجهة الأخرى، موضحا أن إدارات أخرى في وزارة الإعلام لم تمنع نشر مقالاتي، ما يعني أنها متفتحة، بينما إدارة النشر والمطبوعات للتو تواجه أول امتحان لها من خلال كتابي الأخير»، عازيا ذلك إلى أنها كانت تمارس أعمالا أخرى طوال الأعوام الماضية.
وبحسب الباحث فإن «إدارة المطبوعات والنشر لا تتعايش مع الانفتاح السياسي (...) بدليل منعها أكثر من 10 كتب طوال الأعوام القليلة الماضية منها ما طالبت بتعديل فيها الأمر الذي جعل أصحابها يلجأوا إلى نشره خارج البحرين».
وفي ختام الأمسية أطلق الحضور دعوة إلى وزارة الإعلام، طالبوا من خلالها إطلاق سراح كتاب «استعمالات الذاكرة».
العدد 1888 - الثلثاء 06 نوفمبر 2007م الموافق 25 شوال 1428هـ