وراء جزيرة سترة وخلف بقاعها يقبع في مجمع 604 بيت صغير وإن صح التعبير كوخ صغير له أربعة حيطان من الرمل تنتظر أن يدق جرس اليأس حتى تسقط على سكانها إلا أن أمل المؤمنين كان السند لها طوال هذه السنين.
خلف بوابة مجمع 604 هناك كوخ أبوعبدالله، دخلت «الوسط» إليه وهي تنتظر معرفة الكارثة التي حلت بهذا البيت الذي أوضح بابه أن البداية لا تبشر بخير، فالباب الرئيسي رقع بورق «الكارتون» من كثرة الفجوات، أما الممر المؤدي إلى الداخل فكان الماء يزينه بلونه الشفاف، والأنبوب الذي اعتلى الممر كانت ملابس الأطفال هي التي زينته.
استقبلنا أبوعبدالله وزوجته وكان الحزن والتعب واضحين عليهما وخصوصا أن البيت لا يتلاءم مع الشروط الصحية التي وضعتها المملكة غير أن «الحظ» هو الذي كتب أن يكون هذا المنزل مأوى لأكثر من خمسة أشخاص.
عمر منزلهم 30 عاما
يقول أبوعبدالله: «هذا المنزل هو ملك لوالدي ما يعني أن عمر هذا المنزل 30 سنة(...) تربيت فيه أنا وإخواني الاثنان وأختي التي تعاني من ضعف العمر وأختي الثانية التي حرمت من إكمال الدراسة الجامعية بسبب الظروف المعيشية».
وأضاف «قبل أربع سنوات حصلت على عمل إذ إني كنت عاطلا على رغم أن لدي ابنة تبلغ من العمر 10 أعوام وأخرى تبلغ 4 سنوات إضافة إلى صبي يبلغ من العمر سبع سنوات (...) تقدمت بطلب في «الإسكان» للحصول على شقة أو بيت كحال أي مواطن إلا أني مازلت في قائمة الانتظار التي لن تنتهي حتى لو انتهت حياتي».
ثلاثة أبناء ينامون
مع والديهم
ويضيف أبوعبدالله «قبل شهر ونصف الشهر تقريبا كان أبنائي ينامون معي في الغرفة نفسها وخصوصا أن أمي وأخواتي ينمن في غرفة وأخي ينام في غرفة وأخي الآخر ينام مع زوجته في غرفة أخرى إلا أنه انتقل حديثا، فالغرفة لم تكن مهيأة، لذلك قمت بنقل ابنيّ الاثنين إلى غرفته وصبغتها، وعلى رغم أن غرفتي لم تكن ملائمة فإن ابنتي الصغرى مازالت تنام معي (...) كيف لابنة تبلغ من العمر 10 أعوام تنام مع والديها لأكثر من 11 عاما؟ (...) هل الأجانب أفضل منا؟ إذا كانت الحكومة تبحث لهم عن شقق تلائم الظروف الصحية لماذا لا تبحث لنا؟ ألسنا مواطنين؟ ننام مع الحشرات ونستيقظ معها، فالدود في كل مكان إذ إن الحشرات أصبح منزلنا مأواها».
طرقوا أبواب المجلس البلدي ولا مجيب
أكد أبوعبدالله أنه طرق أبواب المجلس البلدي حتى بكت من شدة الطرق إلا أنه في كل مرة كان الجواب هو الانتظار، مشيرا إلى أنه سلم المجلس الأوراق الرسمية إلا أنه بسبب وجود طلب إسكاني له فإنه لا تتم إعادة بناء بيته فيجب عليه الانتظار.
وما أن ذكرت «الوسط» كلمة المطر حتى بدأ الخوف يخيم على وجوههم واليأس الذي كان لهم عنوانا، يقول أبوعبدالله: «عند هطول المطر أقوم بوضع أواني الطعام على الأرض حتى لا تتسخ السجادة أكثر مما هي متسخة (...) الله يستر من الأشهر المقبلة». وأشار أبوعبدالله إلى أنه يعمل من الساعة الـ 7 صباحا حتى الـ 11 ليلا مقابل 200 دينار يصرفها على عائلته التي هدم هذا الكوخ أحلامها، ففتاة الجامعة تخلت عن الدراسة لعدم قدرة أسرتها على دفع الرسوم الدراسية وأطفال المنزل رسموا أحلامهم الصغيرة والوردية الممزوجة بالواقع المرير على جدران الكوخ الصغير، والأخت المعوقة التي بحثت لها عن عمل في أحد المصانع مازالت تنتظر الـ 50 دينارا من إحدى الجهات الرسمية التي من المفترض أن يتم إعطاؤها إياها منذ ولادتها إلا أن تضييع أوراقها في كل مرة حرمها من ذلك.
وناشدت عائلة أبوعبدالله سمو رئيس الوزراء النظر في أمرها وخصوصا أن كوخهم الصغير لم يعد يحتمل الرمال المتهدمة وصرخات الأطفال خوفا من سقوط المنزل على رأسهم الصغير.
بعد أن سمعت «الوسط» كلمات أم أبوعبدالله وهي تدعو من الله أن يفرج همها وضيقها، توجهنا إلى منزل آخر يحكي قصة ألم ومعاناة أخرى والذي كان عنوانه خلف بوابة الجفير.
هذا البيت كانت إشارته أنه آيل للسقوط وخصوصا الجدار الخلفي الذي سقط أمس الأول إلا أن رحمة الله شاءت أن لا يسقط على الأطفال الذين كانوا يلعبون في الخارج.
يقول أبوأحمد: «نحن 12 فردا نعيش في هذا المنزل وعمر هذا المنزل يتراوح ما بين الـ 50 و60 سنة (...) من ضمن الأفراد لدي طفلة تعاني من متلازمة داون لذلك فإن المكان غير مهيأ لها كي تعيش فيه وخصوصا أنها من النوع الحركي».
وأضاف «تقدمت بطلب لـ «الإسكان» في سنة 1992 ومازلت على قائمة الانتظار (...) كنت على اتصال مع المجلس البلدي إلا أنه بسبب تقدمي بطلب لـ «الإسكان» تم حرماني من إعادة بناء المنزل على رغم أن منزلي يعد من ضمن المنازل الآيلة للسقوط». ويوضح «كلما يقترب الشتاء نخاف على أنفسنا، فالمنزل بأكمله يكون بركة من الماء لذلك نقوم بغلق الكهرباء حتى لا يحدث التماس كهربائي ونعيش طوال الشتاء في الظلام».
وأكد أبوأحمد أن عائلته تعيش في منزل مرعب وخصوصا أنه في أية لحظة من الممكن أن يقع عليهم، إضافة إلى أن السطح مفتوح ما يشكل خطورة على الأطفال، إلى جانب أن الحشرات تشارك العائلة معيشتها في المنزل.
وناشدت عائلة أبوأحمد سمو رئيس الوزراء بناء منزل لها لا أكثر ولا أقل إذ إن مطلبهم هو منزل كأي مواطن وليس قصرا عاجيا أو جزيرة وسط البحر.
العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ
الوكيل المجهول
أين الصورة للجدار؟؟