قال عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مموجها حديثه للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد: «إن استيراد الغاز من إيران إلى البحرين يمثل خيارا استراتيجيا مناسبا للتعاون الذي نريده شاملا وعندما نتفق على التعاون من اجل السلم والرخاء لصالح شعوبنا فإن آفاق التعاون البناء ستغدو بلا حدود بحول الله».
وعقد عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمود احمدي نجاد في قصر القضيبية اجتماعا ثنائيا تم خلاله استعراض العلاقات التاريخية الطيبة التي تربط بين البلدين والشعبين الصديقين في المجالات كافة وسبل تطويرها وتنميتها لما فيه الخير والمصلحة المشتركة، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك.
بعد ذلك عقد اجتماع رسمي بين الجانبين، إذ ترأس الجانب البحريني عاهل البلاد بحضور رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بينما ترأس الجانب الإيراني الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وفي بداية الاجتماع ألقى جلالة الملك الكلمة الآتية:
فخامة الأخ الرئيس:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحييكم تحية الإسلام ويسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب في مملكة البحرين التي تعايشت مع بلدكم الشقيق في وئام وسلام عبر العصور في هذا الجوار المتميز الذي أصبح اليوم من أهم المناطق الحيوية في العالم وحيث سعدنا من قبل بزيارة رؤساء إيران السابقين فإنه يسرنا اليوم الترحيب بفخامتكم في هذا التواصل المستمر بين بلدينا الجارين المسلمين، وإذ جمعتنا رابطة الإسلام السماحة والتفاعل الخصب بين الثقافتين العربية والإيرانية في إطار الحضارة الإسلامية الزاهرة التي قاربت بين أمم وقارات في إنسانية جامعة لا تفضيل فيها إلا للتقوى، فإننا اليوم يا فخامة الرئيس نواجه مطلب التنمية المستدامة لدولنا وضرورة توفير الأمن والازدهار لها لتنعم بما حباها الله من خير، وذلك لبناء جسور الثقة فيما بيننا كي نستطيع التفرغ لتحقيق تطلعات شعوبنا والعمل على تطوير نظمنا ومؤسساتنا مواكبة لحركة العصر الذي لابد أن يكون للمسلمين فيه مساهمة بناءة مثلما أسهموا في تقدم الإنسانية بالأمس.
فخامة الرئيس يمثل استيراد الغاز من إيران إلى البحرين خيارا استراتيجيا مناسبا للتعاون الذي نريده شاملا وعندما نتفق على التعاون من اجل السلم والرخاء لصالح شعوبنا فإن آفاق التعاون البناء ستغدو بلا حدود بحول الله.
ولقد قدم بلدانا القدوة الحسنة في تسوية الخلافات بالصورة السلمية الحضارية التي تمت بينهما بحمد الله، وبدآ عهدا من العمل المشترك بينهما لصالح الشعبين وجميع شعوب المنطقة والعالم. وذلك ما نستند إليه وننطلق منه في مشروع التعاون الذي نؤسس له اليوم وفي منطقة حساسة كجوارنا المشترك فإن أفضل طريق هو المزيد من التعاون وتكثيف اللقاءات والتعارف وان تتوجه المنطقة للتعايش بالحلول السلمية والحضارية فتلك هي مسئوليتنا نحن أبناء هذه المنطقة لإبعادها عن أهوال الحروب ونزع مبرراتها حماية لشعوبنا منها.
أرحب بفخامتكم والوفد المرافق مرة أخرى مع اسمى تحياتنا وتقديرنا لسماحة السيدعلي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية وللشعب الإيراني الشقيق الذي سعدنا بلقياه أثناء زيارتنا الرسمية لإيران ولمسنا ما يكنه من محبة وتقدير لمملكة البحرين.
وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ورد فخامة الرئيس الإيراني بكلمة أعرب فيها عن سعادته بزيارة مملكة البحرين ولقائه حضرة صاحب الجلالة وكبار المسئولين في المملكة. وأكد أن علاقات البلدين هي علاقات تاريخية قائمة بين شعبين شقيقين يربطهما حسن الجوار والدين الإسلامي والثقافة والتاريخ، وعبر عن ثقته بأن الشعبين الشقيقين في البحرين وإيران سيعملان على أساس التطور واستتباب الأمن والسلام في المنطقة وسيشكلان بإذن الله نموذجا للعلاقات الأخوية الوطيدة في دول المنطقة.
وأشاد الرئيس الإيراني في كلمته بما تشهده مملكة البحرين من تنمية شاملة، مؤكدا أن «هذا التطور هو ما يسعدنا ويثلج صدورنا في إيران وفي هذا المجال يمكن لنا سويا توسيع رقعة علاقاتنا مع أشقائنا في البحرين، إذ لا نرى أي حدود لهذه العلاقة». وأكد رغبة بلاده في تطوير هذه العلاقات والوصول بها إلى مستويات أرفع من التعاون.
وأشاد الرئيس الإيراني بجهود جلالة الملك وتوجيهاته في تطوير التنمية الشاملة في البحرين، مشيرا إلى أن هذا التوجه سيعزز من موقع البحرين الاقتصادي والاستثماري وهو الشيء نفسه الذي ينفذ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال التنمية الاقتصادية، موضحا أنه بمقدور البلدين تنفيذ مثل هذه المشروعات المشتركة في مجال التنمية لصالح الشعبين المتحابين ولصالح السلام والأمن في المنطقة.
وأضاف الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد أنه «من هذا المنطلق نعمل ونشجع على تنمية التعاون مع مملكة البحرين في مجال الطاقة والغاز والاستثمار وقطاع المال، ونحن بإذن الله سنتعايش كما تعايشنا في الماضي بفضل الصداقة والأخوة التي تجمعنا وتجمع شعوب المنطقة والتي ستشكل أساسا جيدا في استتباب الأمن والسلام في المنطقة».
وعبر نجاد عن ثقته بأن جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد القائد العام وكبار المسئولين في المملكة على استعداد لتطوير أسس التعاون مع إيران وأن المسئولين في إيران لديهم رغبة مماثلة لتطوير هذا التعاون، مشيرا إلى أن زيارته الحالية إلى البحرين قصيرة، لكنها تحمل في طياتها معاني كثيرة من الود والأخوة وهذا ما تؤكده الزيارة من حرص على تنمية التعاون.
وأشاد بالمباحثات التي أجراها مع جلالة الملك، واصفا إياها بأنها
مباحثات بناءة وايجابية وذلك من خلال التوقيع على عدد من مذكرات
التفاهم بين البلدين.
وقال إنه وجه دعوة إلى جلالة الملك المفدى لزيارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشكر في ختام كلمته جلالة الملك على حسن الاستقبال وكرم
الضيافة اللذين قوبل بهما والوفد المرافق، مضيفا «أن ذلك أسعدنا جميعا
وأشعرنا بأننا في بلدنا ومع إخواننا».
وخلال المباحثات أكد الجانبان البحريني والإيراني أهمية التنسيق والتعاون المشترك ومواصلة التشاور الدائم بين البلدين وحرصهما على دعم العلاقات الثنائية والارتقاء بها نحو آفاق أرحب من التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والغاز بما يحقق الأهداف المشتركة.
كما تبادل جلالة الملك المفدى وفخامة الرئيس الإيراني وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية موضع الاهتمام المشترك وفي مقدمتها موضوع السلام في الشرق الأوسط إضافة إلى القضايا والأمور التي تهم العالم الإسلامي.
وأكد الجانبان أهمية الحفاظ على امن المنطقة واستقرارها لخدمة مصالح دولها وشعوبها وتسريع وتيرة التنمية الشاملة فيها.
العدد 1899 - السبت 17 نوفمبر 2007م الموافق 07 ذي القعدة 1428هـ