كشفت دراسة بتكليف من المجلس الأعلى للمرأة عن العنف الموجّه ضد المرأة في مملكة البحرين أن الزوج هو أكثر الممارسين للعنف في مختلف مستويات الدخل على رغم أن احتمالات ممارسة العنف تزداد كلما قل مستوى دخل الأسرة، كما أظهرت الدراسة أن 35 في المئة من أفراد العينة يرون أن الزوجات مسئولات عن ممارسة العنف ضدهن لاتسامهن بالعناد وعدم الطاعة.
فيما أظهرت الدراسة أن 29 في المئة من إجمالي العينة وجدوا أن المرأة مسئولة أحيانا بسبب ما تثيره من شكوك عند الرجل، وحوالي 28 في المئة أكدوا أن الخيانة الزوجية للمرأة تؤدي إلى العنف الزوجي.
كما أوضحت الدراسة في نتائجها أن هناك تأثيرا للتحولات الاجتماعية المتعلقة بتعليم المرأة وخروجها للعمل ومشاركتها في الإنفاق على الأسرة، إلا أن تعليم المرأة ودراستها لم يشكلا دافعين لانخفاض ممارسة العنف ضدها.
وأشارت عينة الدراسة إلى الدور الذي تلعبه الموروثات الثقافية والتراث والتنشئة الاجتماعية في ظاهرة عنف الرجل ضد المرأة وخاصة في النطاق الأسري، مؤكدة أن غالبية العينة المبحوثة أكدت وجود ظاهرة عنف ضد المرأة في مملكة البحرين، إذ بلغت نسبة المستجيبين 95 في المئة من مجموع العينة. وتفوق نسبة النساء 48.4 في المئة في مقابل 46.6 في المئة للرجال، وهي متركزة في فئة المتزوجين، رغم سعي البعض لإخفاء وجودها كظاهرة، كما أن ذلك يؤكد انتشار ظاهرة العنف الزوجي.
وأوضحت الدراسة في نتائجها أن هناك تأثيرا للتحولات الاجتماعية المتعلقة بتعليم المرأة وخروجها للعمل ومشاركتها في الإنفاق على الأسرة على وعي بعضهن، إذ لم تعد النساء تقبل بنمط من العلاقات الزوجية غير المتكافئة، ما يؤدي إلى سعيهن لكسر الصورة التقليدية للزوجة التي تقبل الأمانة كصورة مثالية للطاعة المطلقة. كما أوجدت الدراسة أن تعليم المرأة ودراستها لم يشكلا دافعين لانخفاض ممارسة العنف ضدها.
استراتيجيات النساء المعنّفات
وعن الاستراتيجيات التي اتبعتها مفردات العينة من بعض الزوجات المعنفات لمقاومة العنف، بينت الدراسة وجود ثلاث استراتيجيات تتلخص في: استراتيجية الصمت والبقاء في بيت الزوجية خوفا من الفضائح والطلاق وفقدان حضانة الأطفال، أو اللجوء إلى مساعدة الآخرين كأفراد الأسرة بهدف الحصول على الطلاق أو مجابهة العنف بالعنف إلا أن غالبية مفردات العينة يرفضن وبشكل قاطع العنف ضد الرجل بالنظر إلى المستندات الدينية والاجتماعية دينية والأخلاقية.
توصية بتسريع «أحكام الأسرة»
وأوصت الدراسة بعدد من التوصيات على مستويات عدة، فعلى مستوى التشريعات والقوانين والمحاكم نادت بضرورة إصدار قانون لأحكام الأسرة، وتحديث محاكم القضاء الشرعي والمدني، وسن آلية إنجاز سريعة للمعاملات المتعلقة بقضايا الخلافات الأسرية وقضايا الزواج والطلاق والنفقة والسكن وما شابه، وتعديل وثيقة الزواج وتحديد سنه القانوني، وسن عقوبات رادعة لممارسي العنف.
توصية بتعيين نساء قاضيات
وإضافة إلى تلك التوصيات نادت الدراسة بضرورة تعيين نساء قاضيات، وإعادة النظر في إجراءات التبليغ عن حالات العنف، وتدريب الموظفين المنوط بهم تنفيذ القوانين الخاصة بأحكام الأسرة من شرطة أو قضاة ومحامين، وكذلك سن تشريعات تضبط إجراءات ملكية السكن ما بين الزوج والزوجة، وتعيين نساء قاضيات، ومنح المرأة قرار تحديد فترات متباعدة للنسل والحد من إنجاب الأطفال، وطرح برامج تثقيف وتوعية قانونية موجهة إلى النساء.
خطة إعلامية لمواجهة الثقافة التمييزية
وعلى المستوى الإعلامي والتربوي، أوصت الدراسة بتعديل وتحديث المناهج التربوية، وتشجيع وتبني الخطاب الديني المتنور، وإعادة النظر فيما تبثه وسائل الإعلام، وحثها على تغيير الصورة النمطية عن المرأة، وتشجيع النساء على التبليغ عند مواجهة عنف الزوج، والقيام بدراسات استطلاع تحليلية عن دور الإعلام في إشاعته ثقافة تمييزية ضد النساء، وإقرار مقررات دراسية تعليمية وتربوية تعني بثقافة حقوق المرأة ومكافحة ظاهرة العنف ضدها.
أما على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، فأوصت الدراسة بتوفير مراكز إيواء للنساء المعنفات وأطفالهن، وتوفير مراكز إرشاد وتوعية أسرية في جميع محافظات مملكة البحرين، وتعزيز ضمانات نفقة للمعنفات، والإعداد والمشاركة في المؤتمرات المحلية والدولية والندوات والمحاضرات المتعلقة بمعالجة الظاهرة.
دور فاعل للمؤسسات الأهلية
وأكدت الدراسة أهمية دور الجمعيات النسائية والمؤسسات الأهلية من خلال برامج إعادة تأهيل النساء المعنفات، والتوجّه إلى الرجال لتثقيفهم وتوعيتهم بأضرار ممارسة العنف ضد المرأة وأسرهم. وأوصت الدراسة بألا يكون نشاط تلك الجمعيات والمؤسسات الأهلية موسميا أو على نطاق ضيق، وأن يكون هناك تعاون ما بين الجمعيات النسائية والمؤسسات الأهلية ذات العلاقة بمعالجة ظاهرة العنف ضد المرأة، وتعزيز العلاقة والتواصل مع المجلس الأعلى للمرأة والمؤسسات الرسمية المعنية بالظاهرة، بالإضافة إلى إيجاد آليات التواصل مع السلطة التشريعية وحثها على المساهمة للحد من الظاهرة عبر استعجال سن القوانين والتشريعات.
العدد 1906 - السبت 24 نوفمبر 2007م الموافق 14 ذي القعدة 1428هـ