على رغم أن الإسلام دخل إلى الصين فى أواخر القرن السادس الميلادي فإنّ التحدّث باللغة العربية في هذا البلد الآسيوي ظل مقتصرا على الفقهاء ورجال الدين، كما أنّ طريقة حفظ القرآن الكريم بين مسلمي الصين ظلت معتمدة على التلقين وعلى الترجمة الصوتية من دون دراية بلغة الضاد.
غير أنه بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على الولايات المتحدة، وما نجم عنها من تضاعف مستويات التبادل بين الصين والعالم العربي في مختلف المجالات، زاد حجم الإقبال على تعلم اللغة العربية في الجامعات والمراكز الصينية بشكل كبير، وهو ما صار مصدر فخر لمسلمي الصين الذين يتوقعون أنْ تصبح لغة القرآن في الصين حاضرة قريبا على لسان الملايين من الصينيين غير المسلمين، بحسب مراسل «إسلام أون لاين.نت» في العاصمة الصينية.
زيادة 200 %
وكما يقول أستاذ وخبير اللغة العربية فى كلية اللغة العربية بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين محمد الصاوي، فإن «أعداد الطلبة تضاعفت ولم تعد دراسة اللغة العربية مقتصرة على موظفي الدولة الصينية، وصار تخصص اللغة العربية شائعا جدا مقارنة بالفترات السابقة».ويوضح الصاوي في تصريحات لـ «إسلام أون لاين.نت» أنه «فى السنوات الخمس الأخيرة افتتحت الكثير من الجامعات الصينية أقساما فيها لتدريس اللغة العربية؛ ليصل عدد الجامعات الحكومية التي تحتوي تخصص اللغة العربية إلى نحو 20 جامعة، بالإضافة إلى عشرات المعاهد والمراكز الخاصة». «ليو جون مي» مدير أحد هذه المعاهد الخاصة للغات يؤكد من جهته لـ «إسلام أون لاين.نت» أن أعداد طلاب اللغة العربية فى معهده تضاعف بنسبة 200 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويرجع «جون مي» ذلك في المقام الأوّل إلى ازدهار التبادل الاقتصادى بين الصين والعالم العربى في السنوات القليلة الماضية؛ وهو ما يستدعي استعانة الشركات الصينية في العالم العربي بمترجمين صينيين للغة العربية بأجور مجزية.
ويلفت إلى أنّ الإقبال على تعلم العربية في الصين بلغ معدلات عالية جدا على رغم ما يشعر به آلاف الطلبة المتقدمون لدراستها بصعوبة اللغة وخصوصا في المجال النحوي وحتى مَنْ يتخرجون بدرجات علمية تصل إلى الماجستير في اللغة العربية لايزالون يعانون من صعوبة في استخدام قواعد اللغة.
وعن اهتمام الدول العربية بتدريس اللغة العربية في الصين يرى د. محمد الصاوي أنه على المستوى الرسمي «هناك سوء تنسيق عربي وقلة اهتمام بتعليم اللغة ونشرها للغير ناتج أصلا من الوضع العربي الراهن بشكل عام».
ويضيف «من أهم الدول العربية التي تدعم تعليم اللغة العربية في الصين مصر، وذلك منذ ستينات القرن الماضي، ولحقت بها حديثا اليمن والجزائر، حيث تقدمان المنح السنوية المجانية لطلبة اللغة العربية من الصينيين».
ويرى الصاوي أنّ تعزيز التعاون الأكاديمي بين الجانبين الصيني والعربي استكمالا للعلاقات الحضارية القديمة بينهما سيزيد من تطور مكانة اللغة العربية في الصين.
وبعد قيام جمهورية الصين الشعبية العام 1949 تجلى أول اهتمام رسمي باللغة العربية في البلاد العام 1958 بتأسيس أوّل كلية للغة العربية فى جامعة الشئون الخارجية ببكين، إلا أنّ الإقبال على دراسة اللغة العربية ظل ضعيفا نوعا ما، واقتصرت دراستها في الجامعات الحكومية على مَنْ يرغبون في العمل بالبعثات والمؤسسات الصينية الرسمية في العالم العربي.
11 - 9 نقطة تحول
وأدّت هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وما نتج عنها من تضييقات أمنية على دخول العرب إلى الولايات المتحدة، إلى تسليط الأضواء على الصين كمقصد جديد مفضل للعرب الباحثين عن الهجرة، حتى أن صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نشرت في أكتوبر الماضي تقريرا قالت فيه: «إن الحلم الصيني» وليس الأمريكي أصبح يراود الكثير من المهاجرين العرب والمسلمين.
كما أنّ سياسة الانفتاح الاقتصادي التي بدأت الصين الشيوعية في تطبيقها منذ نحو عقدين بشكل تدريجي أدت إلى ظهور العديد من الشركات الصينية المعنية بالتعاون التجاري والاقتصادي مع العالم العربي، مما زاد من الحاجة لتعلم العربية.
وبجانب تداعيات 11 سبتمبر، والتحولات الاقتصادية في الصين التي ساهمت في زيادة أعداد الصينيين المتحدثين بالعربية، فإنّ عددا محدودا من مسلمي الصين الذين يقدرعددههم بـ 30 مليونا من إجمالي تعداد السكّان البالغ مليارا و350 مليون نسمة يتحدّث اللغة العربية.
العدد 1932 - الخميس 20 ديسمبر 2007م الموافق 10 ذي الحجة 1428هـ