يخشى محمد أن يتركه مقاتلوه الذين ساعدوه في طرد تنظيم القاعدة في منطقة الدورة الواقعة على المدخل الجنوبي لمدينة بغداد بسبب عدم تسلمهم رواتبهم، وبسبب المستقبل المجهول الذي ينتظرهم.
ويقول محمد، القيادي في قوات الصحوة وهو يضع مسدسه داخل جعبته: «إذا ترك المقاتلون العمل لن استطيع أن اقوم بدورياتي بمفردي».
هذا المقاتل، الذي يعمل تحت امرته نحو ستين مقاتلا، ساعد الجيش الاميركي في القضاء على الكثير من الجهاديين الذين كانوا يسيطرون على الدورة في 2007.
واعرب الرجل الأربعيني عن يقينه بأنه «إذا تركنا عملنا فأنني متأكد مئة في المئة أن تنظيم القاعدة سيعود»، مشيرا إلى أن «القاعدة الآن خلايا نائمة واذا تركنا مواقعنا لن يحتاجون سوى إلى دقيقة واحدة ليعودوا».
وقد فقد محمد، وهو قيادي سابق في حزب البعث المنحل، عشرين من رجاله منذ تسلم السلطات العراقية المسئولية عن ملف الصحوات من القوات الأميركية في أبريل/ نيسان الماضي، بسبب خفض الرواتب.
ويؤكد محمد ان هناك مذكرة اعتقال صادرة من القضاء بحقه مع اثنين من قادة الصحوة، لكنها معلقة في الوقت الحاضر.
وبعد انتقال الملف الى السلطات العراقية تتزايد المخاوف من أن يعود قسم من هؤلاء الى التمرد، بسبب تأخر حصولهم على رواتبهم وعدم ايجاد وظائف لنحو 100 ألف منهم.
لكن محمد يؤكد أن مقاتليه لن يعودوا الى صفوف التمرد مرة أخرى، غير أنه يرى أن عناصر اخرى من صحوات الدورة قد يتركون العمل بسبب الاجر الاعلى الذي تقدمه التنظيمات المسلحة. ويعرب عناصر الصحوة في الدورة عن استيائهم لعدم تقدير وامتنان الحكومة لعملهم.
وقد انطلقت الصحوة منتصف سبتمبر/ أيلول 2006 في محافظة الانبار، عندما انقلبت عشائر العرب السنة على «القاعدة» والمجموعات المتحالفة معها وتمكنت من طردها. واثر نجاح التجربة عمل الجيش الاميركي على تعميمها في بغداد ومحيطها اعتبارا من العام 2007.
وقال محمد: «بدأنا الانضمام الى الصحوة بسبب وحشية وظلم المتمردين للناس في هذه المنطقة». وأضاف «رأينا هذه العصابات التي كانت مجموعة من القتلة الذين يقطعون روؤس صبية بعمر 12 و15 عاما، ويسرقون وينهبون».
وترى المحللة ليلوة الرشيد، من مجموعة الازمات الدولية التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، أن المخاوف من أن تضع «القاعدة» قدمها في اي فراغ تتركه قوات الصحوة سببها فشل الحكومة في التصالح مع المقاتلين، الأمر الذي قد يلقي بظلاله على عدم الاستقرار في المستقبل.
وقالت «إنها مشكلة سياسية، وليست مجرد مسألة أمنية» وتتعلق بـ «أي نوع من التوازن سيسود بين السنة والشيعة في العراق». واضافت «هذا قد يعرض المكاسب الهشة التي تحققت خلال العامين أو الثلاثة الماضية للخطر».
ولاتزال آثار العنف الطائفي واضحة في حي الدورة، حيث لاتزال الجدران الاسمنية تفصل الاحياء التي شهدت عنفا طائفيا وقتل على الهوية بين عامي 2006 و2007.
وقد تعهدت الحكومة بضم عشرين في المئة من عناصر الصحوة الى قوات الشرطة والجيش، فيما يحال الباقون الى وظائف مدنية في وزارات الدولة.
وقالت الرشيد: «إن المالكي لا يستطيع إدراج الكثير من المليشيات السنية في مؤسسات الحكومة بسبب ما قد يمثلونه من ازعاج للشيعة، لكن في الوقت نفسه لا يستطيع معاداة هؤلاء خوفا من اندلاع مرحلة أخرى من عمليات القتل الطائفي في البلاد». وتساءلت «كم عدد أعضاء الصحوة الذين قد يعودون الى تنظيم القاعدة.. لا احد يعرف؟».
وقد عبَّرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن قلقها كذلك من التأخر في دمج الصحوات في الحكومة. وافاد تقرير صدر في يوليو/ تموز الماضي، أن «البطء في خطوات ضم الصحوات قد تفقد السنة الثقة بالحكومة العراقية، وإذا لم يتم تصحيحها، قد تقوض التقدم الامني».
ولايزال عناصر الصحوة الذين يرتدون بدلات بنية يديرون حواجز امنية في الدولة. وابدى احد عناصرها عدم ثقته في الحكومة وقال، طالبا عدم الكشف عن اسمه: «نحن نستحق ميداليات، بدلا من أن نكون مطلوبين للعدالة».
ويسود الاعتقاد على نطاق واسع بأن الحكومة العراقية ذات الغالبية الشيعية لا تثق كثيرا في قوات الصحوة. وكان المالكي الذي اشاد بدورها في عدة مناسبات، حدد نسبة عشرين في المئة فقط من مجموع قوات الصحوة للانضمام الى القوات الامنية من جيش وشرطة في حين وعد بتدبير وظائف مدنية للآخرين.
العدد 2537 - الأحد 16 أغسطس 2009م الموافق 24 شعبان 1430هـ
زائر
بارك الله فيكم يا أبطال، صحيح الصحوة جاءت متأخرة قليلاً لكن الحمد لله صحيتوا لهؤولاء الإرهابيين، ممن شوهوا صورة الإسلام ورسوله