حجزت المحكمة الجنائية الكبرى برئاسة الشيخ محمد بن علي آل خليفة وعضوية القضاء طلعت إبراهيم محمد عبدالله ومحمد راشد الرميحي وعلي أحمد الكعبي وأمانة السر ناجي عبدالله، الدعوى المرفوعة ضد هندي بتهمة القتل بسكين للحكم في 19 يناير/ كانون الثاني مع استمرار الحبس.
وكانت النيابة العامة وجهت للمتهم أنه قتل المجني عليه عمدا مع سبق الإصرار بأنْ عقد العزم وبيّت النية على قتله وأعدّ العدة لهذا الغرض (سكينا)، وما إن ظفر به حتى انهال عليه طعنا بالسكين، قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتي أودت بحياته.
من جهته تقدم المحامي محمود يعقوب يوسف بمذكرة دفاعية طالب فيها أصليا القضاء ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه لعدم كفاية الأدلة، واحتياطيا القضاء باستبعاد تحقيق كل من سلطة جمع الاستدلالات والنيابة العامة لقيامهما على باطل متمثل في بطلان الترجمة ومن ثم القضاء بإعادة استجواب المتهم إظهارا للحقيقة المرجوة، بالإضافة إلى استخدام أقصى درجات الرأفة بالمتهم لعدم وجود أسبقيات سندا تنص المادة (81) من قانون العقوبات.
وجاءت مذكرة المحامي أن هناك تناقضا في أقوال الشهود، إذ جاء في أقوال الشاهد وهو ملازم بأن اللغة المستخدمة في التحقيق مع المتهم كانت تارة باللغة الهندية الرسمية وتارة أخرى باللغة الإنجليزية، أما الشاهد الثاني وهو عريف والذي ترجم أقوال المتهم فقد ذكر في شهادته أمام عدالتكم بأن اللغة المستخدمة في التحقيق مع المتهم كانت اللغة الهندية الرسمية وقد أكد على ذلك.
وأضاف المحامي أن ما جاء أعلاه لهو دليل واضح وجلي بأن المتهم لا يجيد كلتا اللغتين، وإلا لما قام المترجم والمحقق المتهم باللغتين (الهندية والإنجليزية) لاستنباط ما يريدون معروفته من المتهم.
ولفت المحامي إلى أن هذا يدل على أن المتهم عندما كان يسأل من قبل العريف (المترجم والمحقق في نفس الوقت) باللغة الهندية الرسمية ولا يستطيع فهم السؤال فإن الأخير يقوم بترجمة السؤال إليه إلى الإنجليزية، مما يعني أن المتهم ليس على إلمام تام بكلام اللغتين.
وبين المحامي أن ما يعيق ذلك سير العدالة في اتخاذ مجراها العادل، والذي لا يخفى على عدالتكم بأن هذه الجريمة جريمة قتل وتحتاج كما تعلمون إلى تمحيص وتدقيق وتعمق بغية الوصول إلى القصد الجنائي وذلك لإحقاق الحق وتطبيق العدالة، وإذ كان ذلك والمتهم لا يفقه كلتا اللغتين إلا لقشورها مما يمنعه ذلك من فهم الأسئلة الموجهة إليه أما بشكل مطلق وأما بالشكل الذي لا يتناسب مع حجم السؤال أو بمعنى آخر بالشكل المطلوب.
وواصل يعقوب أن ذلك يخالف نص المادة (88) من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على أن «يجري التحقيق باللغة العربية، ولعضو النيابة العامة أن يستعين بمترجم بعد أن يحلف يمينا بأن تؤدي مهمته بالصدق والأمانة إذا كان المتهم أو الشاهد يجهل اللغة العربية»، وما يخالف أيضا ويناقض جميع الدساتير والقوانين والأعراف.
وأفصح يعقوب أنه وبإسقاط ما تقدم وباعتراف العريف (الشاهد الثاني) أمام عدالتكم الموقرة بأنه لا يعرف لغة المتهم، فإنه يتبين أن نتيجة التحقيق جاءت بمغالطات خطيرة ومنتقصة لحقوق المتهم في الدفاع عن نفسه أمام كل من قسم التحقيق بالإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية والنيابة العامة (الشاكية) وذلك لأن من قام بالترجمة هو ذات المترجم لكلا الجهتين.
وتابع المحامي مذكرته الدفاعية قائلا إن القاعدة العامة تقول إن الاعتراف سيد الأدلة، ونحن نوافقها، ولكن اذا جاء هذا الاعتراف بمغالطات وتناقضات وأمور لا تتناسب البتة مع المنطق والمعقول، فإن ذلك يدعو إلى الريبة والشك، ووضع علامة استفهام كبيرة مفادها هل من المنطق والمعقول أن يتوافق اعتراف المتهم وما سرده بمحضر أقواله ولم تتسخ ملابسه بنقطة دم؟!
وأضاف المحامي أن ما جاء في محضر أقوال المتهم أنه قام بقتل المجلي عليه في سيارته وذلك بعد أن طعنه عدة طعنات (بسكين بحجم كف اليد) في نواح متفرقة من جسمه (الرأس، الرقبة، الصدر والظهر) وبالكيفية التي سردها في محضر أقواله، وأن ملابسه لم تتلوث البتة بدماء المجني عليه لهو تناقض واضح وجلي يدعو إلى الشك في صحة هذا الاعتراف.
وكانت تفاصيل الشاهد الأول تفيد أنه وإثر تلقيه بلاغا بوقوع جريمة قتل انتقل إلى مكان الواقعة بصفة رجل أمن، فأبصر جثة لشخص آسيوي، به طعنات في أماكن متفرقة.
وكشفت التحريات التي أجراها عن وجود خلاف بين المجني عليه والمتهم، مؤداه ظن الأخير أن المجني عليه يعمل كمصدر سري للشرطة، بشأن بعض أفراد جاليته الذين يمارسون الدعارة وبيع المواد المسكرة.
وتشير بداية الواقعة إلى أن الجاني يدفع للمجني عليه مبلغ 200 دينار شهريا مقابل حمايته للمتهم في مجال أعماله بالدعارة، وقبل الواقعة بشهرين توقف المتهم عن دفع المبالغ عليه وقام المجني عليه بمطالبة المتهم بتلك المبالغ عدة مرات, وإلزامه بالدفع إلا أنه ماطل ولم يدفع.
ودفع إصرار المجني عليه على مطالبته بالمبلغ، المتهم بتحديد موعد معه على أن يلتقيا للاتفاق، وقام بحمل عدته الخاصة مقررا قتل المجني عليه في حال عدم موافقته على تأجيل المبالغ وعندما تقابل المتهم مع المجني عليه قام باستعطافه لتأجيل المبالغ مبررا ذلك بسفره لأهله وأنه لا يمتلك الأموال في الوقت الراهن، لكن المجني عليه أصر على مطالبته بالمبلغ وقال للمتهم إن لم يسدد له سيقوم بخلع مايلبسه من خواتم ذهبية ليلبسها المتهم بيده وإلا سيقوم بتبليغ السلطات عنه هو والفتيات اللاتي يعملن معه في الدعارة.
عند ذلك قام المتهم بمسك المجني عليه من رقبته وطعنه عدة طعنات بالسكين في مختلف أنحاء جسمه وقام بوضع رأس المجني عليه بين رجليه وطعنه مرة أخرى في كتفه.
وعن كيفية علم الإدارة العامة للمباحث بذلك، أكد الشاهد أن المتهم يعمل في مجال الدعارة ومن خلال التحريات علموا بذلك.
وبما أن المتهم لا يتحدث العربية قام المترجم (شرطي) بوزارة الداخلية بالتحدث معه باللغة الهندية والإنجليزية أثناء التحقيق معه.
وسألت المحكمة الشاهد عن مكان الحادث ووضعية جلوس المجني عليه والمتهم، إذ قال الشاهد إنهم كانوا في سيارة المجني عليه وفي المقاعد الأمامية في مكان قريب من مسكن المجني عليه الذي كان جالسا بجواره. فيما أكدت الشاهدتان الثانية والثالثة، وهن من سكنة منطقة القضيبية، مضمون شهادة الشاهد الأول، فيما شهد الرابع وهو رجل أعمال من سكنة المنامة، أنه أثناء مروره في أحد الممرات بمنطقة القضيبية صباحا لمرافقة ابنه للمدرسة، لاحظ وجود سيارة متوقفة بشكل غير طبيعي، وبها شخص مستلقٍ على وجهه، وعندما عاد مرة ثانية لإيقاظ ذلك الشخص (المجني عليه)، لاحظ عبر زجاج السيارة وجود طعنات في ظهره، فبادر بإبلاغ الشرطة
العدد 2281 - الأربعاء 03 ديسمبر 2008م الموافق 04 ذي الحجة 1429هـ