أكد رئيس مجلس بلدي الشمالية يوسف البوري أن قرى المحافظة الشمالية تعاني من نقص حاد في الخدمات، وخصوصا على مستوى البنية التحتية، وبالتالي فهي تحتاج إلى تطوير عمراني شامل، مشيرا أن مشروع امتداد القرى هو أحد الأمثلة لتحويل القرى إلى نموذجية.
وأوضح البوري أن واحدة من أهم التحديات التي تواجه «الشمالية» هي المشكلة الإسكانية، إذ وصل عدد طلبات أبناء هذه المحافظة إلى 15 ألف طلب إسكاني، مفصحا عن تطلع مجلسه إلى استثمار والاهتمام بالمناطق الأثرية والساحلية.
جاء ذلك، خلال ندوة «التطور العمراني والتخطيط في المنطقة الشمالية» التي افتتحت فعالياتها صباح أمس في فندق الدبلومات وتستمر لثلاثة أيام، تحت رعاية وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب، وبالتعاون بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمعهد العربي لإنماء المدن.
«التخطيط»... محاكاة
لتجارب الدول الأجنبية
من جانبه، نوه رئيس «بلدي الشمالية» بأن «المنظومة العمرانية تحتاج إلى مقومات كثيرة، وواحدة من أهم مناهج التخطيط هي الاستعانة بالخبرات وتجارب الآخرين، يجب علينا أن نخلق ثقافة تعنى بأهمية التخطيط وذلك مع إيماننا أن التخطيط هو الأنموذج الأمثل للتطور العمراني المنشود على مختلف الأصعدة، فالبعض يعتقد أن التخطيط هو مجرد محاولة لمحاكاة الدول المتقدمة وتقليدها، وهناك تجارب عربية يمكن الاستفادة منها والإشادة بها، على رغم أن البعض لا يروق له التطرق إلى هذه التجارب العربية».
وتكلم عن «وجود مساحات مفتوحة من الممكن استغلالها لتحويل القرى إلى نموذجية مع توفير جميع الخدمات فيها، وتخصيص مناطق استثمارية وأخرى تجارية أشبه بحي تجاري بعيدا عن عشوائية التخطيط، وهذا يتزامن مع عرض المخطط التفصيلي للمملكة، والتي رأت القيادة السياسية أن يكون للمجالس البلدية دور في مناقشته وإقراره».
وأصر البوري على أن «هوية القرية البحرينية من الثوابت التي لا نحيد عنها، ونصر على أن تبقى قائمة بامتدادها التاريخي والإسلامي، والهوية المراد المحافظة عليها لا تعني البعد التقليدي السائد ولكنه يمتد ليشمل الأبعاد الأخرى المتعلقة بالمضمون الحقيقي للهوية بعيدا عن الشكليات».
وتابع الرئيس البلدي «الشمالية أكبر محافظات المملكة من ناحية السكان، وهي تفتقر إلى الكثير من الخدمات، وبها 39 قرية بالإضافة إلى مدينة حمد (...)، علينا أن نراعي البعد التاريخي، فهذا البلد يمتلك حضارة عريقة، وفي البعد الإسلامي له خصوصية كونه أسلم من دون خيل أو ركاب، وكان حاضنا لقمم بارزة عاشت عهد الخلافة الراشدة، ووجود رجالات عمل وثقافة لاتزال شواهدهم حية حاضرة، وكانت البحرين محط رحالهم وأمنهم واستقرارهم».
وأضاف «هذه الندوة تعقد في الوقت الذي تشهد فيه المملكة نموا عمرانيا واقتصاديا واجتماعيا، لذلك نحتاج إلى عمل برامج لاستغلال هذا التطور بشكل ملائم، وإلى برامج عملية بمنظور عملي مهني بالتعاون مع مختلف المنظمات المحلية والإقليمية، كي نخرج بنمو منظم وملائم، وأتمن أن يخرج المنتدى بتوصيات تسهم في وضع استراتيجيات العمل الحضري لتطوير الشمالية».
وتمسك رئيس «بلدي الشمالية» بضرورة مراعاة «عراقة القرية البحرينية والدور الكبير الذي تتطلع إليه من ناحية البعد التاريخي، فهي تمتد إلى حضارة دلمون، مرورا بامتدادات الثقافات والمنعطفات المختلفة، الأمر الذي أفرز معالم بارزة كمدافن سار ومستوطنة سار ومعابد باربار وحصون القلعة وتلال وآثار عالي».
«التخطيط» هو محور التنظيم الشامل
وفي كلمة له بهذه المناسبة، قال مدير عام بلدية المنطقة الشمالية محمد علي حسن: «نعتقد أن التخطيط هو محور التنظيم الشامل للمناطق والمدن والقرى، وهو محل القطب من الرحى، فعندما فكرنا في الندوة وجدنا أن الشمالية تحتاج إلى التخطيط الشامل العمراني وإعادة تجديد القرى، وهذا سيحقق الدعم الاجتماعي والاقتصادي للموجودين في المناطق، وفي هذا الصدد أشيد برعاية ودعم جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء ووزير شئون البلديات والزراعة لمشروع تجديد القرى».
وأردف «نهدف أن تكون هذه الندوة التي يشارك فيها 18 محاضرا، هي الأولى في سلسلة ندوات سنوية متخصصة في مجال التطوير العمراني للقرى، ونعني هنا توفير جميع الخدمات السكنية والاجتماعية والثقافية، فالتخطيط هو عملية ضرورية لبناء المجتمع المتكامل ورسم الطريق الصحيح لأهدافه وغاياته، وينبغي أن يوجه توجيها كاملا لخدمة البيئة الصحية واعتبارها هدفا محددا من أهدافه».
ونبه إلى أن الرؤية للتخطيط الاستراتيجي يجب أن تضع في حساباتها ومن جملة أهدافها، تحسين البيئة وجعلها لائقة لحياة الإنسان، فمقياس نجاح خطة ما وسلامة اتجاهها يتوقف على ما تحققه من أهداف اقتصادية واجتماعية وثقافية إلى جانب تحسين وضع البيئة وتجنبها كوارث التلوث.
ولفت إلى أن «تخطيط المدن والقرى والمناطق والميادين العامة، هو عملية يجب أن تكون ذات ديمومة واستمرارية، لها القابلية المرجعية لأنها المسئولة عن النشاطات المجتمعية للإنسان، وبالتالي فإن استعمال الأراضي لمختلف هذه النشاطات، والأداء الوظيفي الصحيح لرقعة الأرض في أية مدينة، مقياس دقيق لنجاح الخطة أو فشلها، كما أن خلق البيئة الصحية للمدن والقرى وعدم وقوعها بين إشكالات التلوث، مهمة أساسية للمخطط».
بن رجب: «التخطيط»
يدفع عجلة التنمية
إلى ذلك، أشار وزير «البلديات» منصور بن رجب إلى أن «التخطيط العمراني يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في المملكة، من خلال الدور الأساسي الذي يلعبه جهاز التخطيط بمساندة برامج نظم المعلومات الجغرافية، في تحديد تصنيفات الأراضي بما يسهم في تحقيق الرقي الحضاري بالمستوى الذي يتناسب مع التطورات العالمية المتلاحقة في هذا المجال، ما يستوجب رفع مستوى الأجهزة التنفيذية في البلديات لتواكب هذه المتطلبات».
وأكد بن رجب أن وزارته قطعت بالتنسيق مع المجالس البلدية، شوطا كبيرا في إعداد المخططات العمرانية والهيكلية التفصيلية، إلى جانب عملها على تطوير القوانين واللوائح المنظمة للعمران في المملكة، ضمن استراتيجية عمرانية شاملة، تهدف إلى تخطيط الأراضي اللازمة للمشروعات المختلفة، ووضع الاستراتيجية العمرانية لمواجهة التحديات واستغلال الإمكانات المتاحة لوضع الإطار القانوني الكفيل باستقطاب الاستثمارات دعما للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أما رئيس مجلس أمناء المعهد العربي لإنماء المدن عبدالله العلي النعيم، فقال في كلمته: «تنعقد هذه الندوة بهدف الاستفادة من التجارب الدولية والإقليمية والمحلية في ميدان التخطيط الحضري للمدن النموذجية في العالم العربي، والمعهد استقطب نخبة من الكفاءات العلمية والفنية التي اكتسبت الكثير من الخبرات والتجارب، ويسعد هؤلاء التدارس والحوار والمناقشة بشأنها، وصولا إلى توصيف علمي وعملي للأساليب التي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها في مجال التخطيط العمراني، وتجديد العمران، ومعالجة القضايا المتعلقة باستغلال الأراضي، وتخطيط المشروعات، والارتقاء بالمناطق العشوائية».
العدد 1950 - الإثنين 07 يناير 2008م الموافق 28 ذي الحجة 1428هـ