العدد 2282 - الخميس 04 ديسمبر 2008م الموافق 05 ذي الحجة 1429هـ

«الايـدز» يـهـدد الشـبـــاب في الـوطـن العـربي

خبراء يحذرون من استهانة الســــلطات الصحية بخطط مكافحته //البحرين

على رغم أن الشاب البحريني البالغ من العمر 28 عاما يبدو رابط الجأش وهو يتحدث عن تجربته منذ اكتشاف اصابته بمرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز» قبل عامين، فإنه من الداخل، إنسان محطم الأماني دون ريب، يعيش بلا أمل في النجاة من طاعون العصر الذي يتغلغل في كل خلية من خلايا جسده.

يعترف «م» بخطيئته التي دفع شبابه ومستقبله بل وحياته الأسرية والاجتماعية والمهنية ثمنا لها، لكنه لا يريد العودة لإعادة شريط ذكريات لحظات المجون والارتماء في أحضان الحرام والعلاقات غير الشرعية، بل يريد أن يحذر الناس جميعا، وخصوصا الشباب، من أن لحظة «لا وعي» ماجنة، بين حقنة «هيروين» مدمرة أو حضن حسناء فتاكة، ستترك حسرة تتبعها حسرات لا تنتهي إلا بالرحيل عن عالم الدنيا.

وكغيره من مرضى «الايدز»، يعيش في دوامة من الألم القاتل كل يوم، لكن أحدا منهم لا يجرؤ على الظهور أمام الملأ... وهل يمكن، حسب وصف «م»، أن يظهر شخص مدجج بالأحزمة الناسفة وسط الناس ليطلب منهم العذر والسماح والصفح؟ حتى أولئك المتعاطفين وهم قلة، لا يمكنهم تغيير النظرة الى المصاب بالمرض أو حامل فيروسه، لكن الممكن جدا كما يقول، هو أن يدرك الجميع، وعلى رأسهم الشباب، أن التحصن بالأخلاق السامية، لأية ديانة سماوية كانت، وتجنب العلاقات الجنسية المحرمة وتعاطي المخدرات، والعيش في هالة من الطمأنينة والسعادة وحب الحياة بكل ما فيها من «حلال»، هو أسلم طريق للنجاة، ولا نجاة بعد الإصابة.

كقصة «م»، هناك مئات الآلاف من المصابين بمرض «الأيدز» في العالم العربي، والملايين في كل العالم، لكننا في هذا الملف الذي نفتحه بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الأيدز الذي يصادف الأول من ديسمبر كانون الأول من كل عام، سنركز على التهديد الخطير لهذا الوباء بين فئة الشباب في الوطن العربي، واجماع الكثير من الخبراء في هذا المجال على أن احتمالات تزايد الإصابة واردة في ظل استهانة السلطات الصحية في الأمصار العربية بخطط مكافحة المرض، ووضع الاستراتيجيات الكفيلة بالحد من انتشاره بين الشباب إعلاميا وتربويا وأخلاقيا وطبيا، وعدم الاكتفاء ببرامج المكافحة المعلنة، والتي تخبئ الحكومات في الدول العربية الأرقام الصحيحة للإصابات، والاستجابة على أقل لتقدير، لشعار اليوم العالمي لمكافحة الأيدز 2008: «أيها القياديون... أوفوا بالعهد وأوقفوا الأيدز».

الذكرى العشرون بـ 33 مليون إصابة

لم تتأخر رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الأيدز سمية الجودر في كشف أن عدد المصابين بالمرض في البحرين بلغ 134 شخصا منذ العام 1986 حتى العام الجاري، توفي منهم 105 أشخاص، بينما 29 شخصا مازالوا أحياء، منهم 5 أطفال و13 امرأة، مشيرة إلى أن حالات الإصابة بمرض الزهري في ازدياد، إذ بلغ عدد المصابين به حتى يونيو/ حزيران الماضي 268 شخصا، أي بنسبة زيادة تقدر بـ 0.1 في المئة، وذلك ما يدعو إلى الحذر أكثر وأكثر من احتمالية وقوع مضاعفات لهذا العدد.

ومع نهاية هذا العام، وفقا للجودر، يسجل العالم 33 مليون إصابة بمرض الإيدز، 60 في المئة منها من جنوب إفريقيا، مؤكدة أنه وعلى رغم هذا الرقم فإن العالم بأسره لم يتوصل إلى الرقم الحقيقي، فهو أرفع مما هو موجود الآن، لكنه تكشف عن توجه لإقامة حملة توعوية للمطالبة بضرورة إجراء الفحص الطبي، إذ إن منظمة الأمم المتحدة لا تشجع على القيام بالفحوصات الإجبارية، بقدر ما تطلب أن يكون الأشخاص على قدر كبير من الوعي والثقافة بالمرض.

من الجوانب المهمة التي كشفتها الجودر هي أن الدراسات الحديثة تبيّن أن عملية ختان الذكور تقلل من خطر انتقال مرض نقص المناعة المكتسبة بنسبة 60 في المئة، لافتة إلى أنه لا يمكن منع العلاقات الجنسية غير المشروعية التي هي أحد أسباب الإصابة بالمرض.

«الايدز» لن يرحل عنا قريبا!

ولكن، هل هناك فعلا، انخفاض في عدد الإصابات على مستوى العالم العربي، والعالم؟ وهنا، يقول المنسق المقيم للأمم المتحدة في البحرين السيد آغا ظهر إن الأيدز لن يرحل عنا في القريب العاجل، ومازال الناس يصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة، بوتيرة أسرع من الجهود التي يبذلونها لمكافحة المرض وعلاج المصابين به، إذ يعد الأيدز أحد الأسباب العشرة الرئيسية المسببة للوفاة في العالم، إضافة إلى أنه المرض القاتل الأول في إفريقيا، مضيفا أن الإحصاءات تشير إلى أن عدد المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة في انخفاض، كما أن عدد المتوفين بسببه في تناقص مستمر، لكن دون أن يقدم بيانات إحصائية تكشف الفرق.

ويعول الآغا كثيرا على وفاء الحكومات بما قطعته على نفسها من عهود بتوسيع نطاق الاستفادة العالمية من فرص درء الفيروس، ومن خدمات العلاج والرعاية حيث أنه ليس ثمة مجال للتقاعس، وأن التحدي يكمن في تعزيز روح القيادة، إضافة إلى مواصلة المشروع والمحافظة على صحة البشر في العالم.

مصاب بين كل 10 آلاف نسمة

وتشير التقارير الطبية في البحرين، الى أن معدل الإصابة بالإيدز عن طريق الاتصال الجنسي، زاد في السنوات الست الأخيرة، بنسبة وصلت في إحدى السنوات إلى 50 في المئة، بينما كان معدل الإصابة عن طريق المخدرات، أقل في الفترة نفسها، وأن أكثر فئة مصابة بالأيدز من الجاليات الأجنبية في البحرين - بحسب الإحصائيات - خادمات المنازل، وعبر إجراء الفحوص قبل الزواج، تم اكتشاف حالة واحدة مصابة بالأيدز، واللجنة الوطنية توصلت إلى نتيجة أن هناك واحدا من كل 10 آلاف في البحرين مصاب بالمرض!

ثاني أكبر معدل لزيادة الإصابة

هل يمكن الحصول على معلومات وبيانات احصائية دقيقة حول المصابين في الدول العربية؟ وهل يمكن معرفة خطط المكافحة وبرامجها من السلطات الصحية في الوطن العربي؟ هذا الأمر صعب للغاية وعادة ما يواجه الإعلاميون أبوابا موصدة تمنعهم من الحصول على المعلومات! لكن هناك مصادر أخرى بالطبع يمكن الحصول من خلالها على بعض المعلومات، ومنهم الخبير ساني كوزمان الذي يعمل في منظمة الكاريتاس الكاثوليكية الخيرية في جمهورية مصر العربية والذي يقول إن عدد المرضى وحاملي الفيروس في الدول العربية لايزال منخفضا نسبيا إذ يقدره برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بـ 500 ألف إصابة معظمها من الفئات اليافعة والشابة (تتراوح أعمار المصابين بين 18 و40 سنة)، ولكن، وفقا لـ»كوزمان»، فإن إحصاءات منظمة الصحة العالمية تظهر أن المنطقة تعاني من ثاني أكبر معدل للزيادة في عدد حاملي الفيروس في العالم بعد الاتحاد السوفياتي السابق وشرق أوروبا بزيادة نسبتها 300 في المئة في السنوات الثلاث الماضية، لكن المنظمات الدولية لا تثق في الإحصاءات الرسمية العربية! فزيادة العدد يشكل إحراجا لسمعة الدولة مما سيؤثر عليها اقتصاديا وسياحيا.

ووفقا للمعلومات التي أمكن جمعها من بعض الدول العربية، فهناك على سبيل المثال 332 حاملا للفيروس في المملكة الأردنية الهاشمية منذ اكتشاف أول حالة في العام 1986، بينما تظهر الإحصاءات في جمهورية مصر العربية أن عدد الحالات المكتشفة منذ عام 1990 لا يتجاوز 1749 حالة مما يشكل نسبة ضئيلة من عدد السكان البالغ نحو 70 مليون نسمة، وتتحفظ بعض الدول الخليجية والعربية على إعلان الأرقام المسجلة، علما أن كشف الحالات المسجلة لا يحصر كل المصابين فهناك عدد - ربما يماثل العدد المعلن - من المصابين الذين لم يتم اكتشاف اصابتهم بالمرض.

لا يمكن الجزم «بالحقيقة»

ويفجر الناشط في مجال التوعية والوقاية إيلي أعرج، وهو مدير جمعية العناية الصحية اللبنانية «SIDC»، (منظمة لبنانية غير حكومية وغير مرتبطة بدين معين تهتم بالمصابين بالأيدز منذ عام 1987 وتقوم بنشر الوقاية ضد الأيدز)، قنبلة بإشارته الى أن بعض المدن العربية أصبحت من مدن «الدعارة»، ويشمل ذلك «بيروت» التي اعتبرها في حديث مع شبكة «قنطرة؟.. الحوار مع العالم الإسلامي» بأنها معقل الدعارة في الشرق الأوسط، وأن معظم «الفتيات» يأتين من رومانيا وروسيا وأوكرانيا وأيضا بولندا، وعددهن بالآلاف ويعملن بالمنطقة الشرقية المسيحية من المدينة، إلى جانب ذلك توجد أيضا «فتيات» من سورية وطبعا أيضا من لبنان، فبيروت هي أيضا مركز للسياحة الجنسية خصوصا للقادمين من دول الخليج العربي (المصدر:www.qantara.de).

وفيما يتعلق بالتعامل مع مشكلة الأيدز في الدول العربية، يشدد أعرج على أن أعداد المصابين الرسمية قليلة جدا، ولا يمكن الجزم بما يحدث في الحقيقة لأنه لا أحد يعرف ماذا يحدث. لا توجد معلومات بكل بساطة! وهذا يعطي الانطباع بأنه ليس هناك اهتماما بموضوع الأيدز من الأساس، وفي بعض البلدان لا يريد الناس رؤية الحقيقة من الأصل، ولكن رغم ذلك، فإن هناك تغييرات تحدث. منذ فترة قصيرة كان هناك اجتماع لوزراء الصحة بمجلس التعاون الخليجي تقرر فيه إدخال الوقاية ضد الأيدز.

الصومال والسودان يتصدران القائمة

وبحسب إيلي أعرج، فهناك نحو 500 ألف مصاب بالأيدز في العالم العربي. وذلك يعادل تقريبا عددهم في أوروبا، والأعداد كبيرة تتصدر احصاءات الصومال والسودان، اللذان يتبعان منطقة ”الشرق الأوسط وشمال أفريقيا“، ففي السودان يوجد مريض بالأيدز بين كل 1000 من السكان، وفي الصومال تصل النسبة إلى 1.2 كل 1000 من السكان، وفي دول أخرى مثل مصر لا توجد إحصاءات على الإطلاق، أما في لبنان، فالإحصاءات الرسمية تشير الى وجود 765 حالة، لكن الإحصاءات غير الرسمية تقدر العدد بين 2000 و3000 مريض.

وفيما يتعلق بالأداء المثالي لأنشطة المكافحة في العالم العربي، يؤكد أعرج أن المشكلة الأساسية تكمن في إيجاد نظام تربوي جديد باستطاعته التعامل مع الحقيقة الجديدة، فالتعامل مع الشباب مهم جدا وخصوصا أن البيانات تقدر الإصابات بين الشباب في بعض الدول العربية بما يتراوح بين 40 و70 في المئة، ويمكن القول إننا لم نبدأ بعد بمعالجة المشكلة، وفي بعض البلدان لا توجد معالجة لمرضى الإيدز، وفي بلدان أخرى لا يود أحد التحدث عن ذلك الموضوع، وفي بلدان أخرى يتم معاملتهم كعديمي الحقوق.

على مستوى دول الخليج

كيف تتعامل دول الخليج مع ملف «الأيدز»؟ فعلاوة على غموض البيانات الإحصائية بالإصابات، هناك تكرار لمقولة إن دول الخليج هي الأقل نسبة من ناحية الإصابة، فماذا يقول المسئولون؟

ولعل الإجابة لدى المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية توفيق خوجة الذي يؤكد أن معدل الإصابة بالعدوى بمرض الأيدز بين سكان دول الخليج العربية هي الأقل بين دول الشرق الاوسط.

ويوضح أن معدل الإصابة في دول مجلس التعاون تتراوح ما بين 0.15 و1.95 لكل 100 ألف نسمة، كما أن سرعته الأبطأ انتشارا أيضا مع ملاحظة زيادة معدل انتشار الحالات الحاصلة بسبب الاتصال الجنسي فيها، لكنه يقول إنه بالنظر لحجم المشكلة وآثارها التنموية فليس هنالك من جهة واحدة أو قطاعا معينا أو أفرادا بعينهم مسئولين عنه، بل أن المشكلة عامة تتناول مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية وبالتالي فهي مسئولية كل فرد ومهمة الجميع وان النجاح في مكافحة المرض يتطلب تضافر جهود كل المعنيين.

إجراءات للحد من الانتشار

ويشير إلى أن وزارات الصحة بدول مجلس التعاون انتهجت استراتيجية خليجية لمكافحة الأيدز، وتضمنت قرارات المجلس وتوصيات هيئته التنفيذية العديد من الإجراءات للحد من انتشار هذا الوباء من اهمها تطبيق برامج مكافحة فيروس العوز المناعي البشري والالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء والعفة والابتعاد عن العلاقات المحرمة وغير الشرعية.

وبالنسبة لإهمال السلطات الصحية في الخليج والوطن العربي لخطط المكافحة، يؤكد أن مجلس وزراء الصحة العرب ومجلس وزراء الصحة الخليجيين وضعا برامج عمل مشتركة تناولت محاور في غاية الأهمية، واستهدفت مراجعة استراتيجيات المكافحة وإعادة رسمها من جديد وفق أنموذج حي وتطبيقي للشراكة في الجهود والخطوات بين مختلف الجهات والقطاعات ووضع الخطط المستقبلية.

استراتيجية خليجية للمكافحة

ووفقا لمسئولين خليجيين، فإن مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون لم يكن غافلا عن خطر مرض الأيدز وعدواه منذ التعرف عليه في العام 1981، واكتشاف مسبباته الفيروسية بين عامي 1982 و1984، وتشخيصه مخبريا العام 1985، لافتين الى ان وزراء الصحة بدول مجلس التعاون بادروا بوضع استراتيجية خليجية لمكافحة الإيدز، تركز اساسا على الحد من احتمالات الإصابة به، وتكثيف جهود التوعية للتعريف بالمرض، وتقوية الوازع الديني خاصة بين الشباب والفئات المعرضة لخطر الإصابة. كما قرر المجلس ضرورة فحص القادمين للعمل بالمنطقة لاختبارات الأيدز قبل منحهم تأشيرة الدخول، ويعاد تأكيد الفحص المخبري بعد وصولهم للمنطقة وقبل منحهم الإقامة.

«الايدز»... كارثة صحية عالمية

تعكس الإحصاءات العالمية حجم المرض، فالإصابات وصلت في العام 2008 إلى ما يقارب 33 مليون إصابة في العالم، وان أكثر من 18 مليون شخص ماتوا بسببها، ما دفع بمنظمة الصحة العالمية للإعلان عن أن «الأيدز» كارثة صحية عالمية وانه يجب العمل على إيقافه، حيث بدأ يأخذ منحى خطيرا، ففي جيبوتي يعاني 6 في المئة من الشباب من فيروس العوز المناعي البشري المسبب للأيدز، وفي السودان يعاني 450 ألف شخص من عدواه.

كما يطال المرض صغار السن في سائر بلدان الأقاليم وغيرهم من الفئات الأكثر عرضة للإصابة مثل متعاطي المخدرات، حيث أودى بحياة 58 ألف شخص في أقليم شرق المتوسط وحده، ويعاني حاليا أكثر من 750 ألفا من مواطني الإقليم من المرض وعدواه. فيما يهدد المرض حياة ملايين آخرين من الذين يعيشون في ظروف تجعلهم أكثر عرضة للإصابة، فانتشار فيروس الأيدز في دول إقليم شرق المتوسط يقدر بنحو 220 ألف نسمة، ومعدل الإصابة يتفاوت من دولة إلى أخرى في الإقليم نفسه، فهو يتراوح بين10 و21 حالة لكل مئة ألف من السكان.

غموض المعلومات... حجر عثرة

من الصعب الحصول على معلومات عن الإصابة بالمرض في الدول الخليجية والعربية، وتصنيف الفئات العمرية المصابة ما يشكل حجر عثرة في رسم الاستراتيجيات الدقيقة، لكن خلصت دراسة اعدتها اللجنة الوطنية لمكافحة الايدز في الإمارات الى توصية الحكومة بإلزام القادمين الى البلاد بتأشيرات زيارة بفحص يثبت خلوهم من المرض، وبغض النظر عن مدة اقامتهم في البلاد، ويسود اعتقاد في دولة الامارات أن الاعداد الكبيرة من الوافدين هي السبب الرئيسي في ارتفاع أعداد المصابين بمرض الأيدز، حيث يشكل الوافدون من العرب والاجانب ما نسبته 83 في المئة من اجمالي عدد السكان.

وتبعا للبيانات المتوافرة عن الإصابات في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك 500 مصاب بالايدز يتلقون العلاج فعلا في مستشفيات الدولة، وغالبية الخمسمئة الذين يتلقون العلاج من الرجال، من بينهم 160 مريضا في دبي، و42 في الشارقة، بينما يتوزع 298 على العاصمة أبوظبي وبقية أنحاء الدولة، وأن أعمارهم جميعا تتراوح بين 20 و40 عاما.

وفي السعودية، كشفت مصادر في وزارة الصحة أنه تم احصاء 10924 اصابة بمرض الايدز في المملكة منذ اكتشاف الحالة الاولى العام 1984، وأن 30 في المئة من المصابين توفوا، وقالت المصادر الطبية إن من بين الذين تم إحصاؤهم 2005 سعوديين و8919 اجنبيا، وثلثهم من النساء، وكشفت احصاءات أن أكثر من 1000 شخص اصيبوا بالايدز العام الماضي 2007، بينهم 262 سعوديا تصل نسبة الشباب بينهم الى أكثر من 70 في المئة.

أما في سورية، فيكشف مدير البرنامج الوطني لمكافحة الأيدز هيثم سويدان أن سورية تعتبر من أقل الدول نسبة بعدد الإصابات بالمرض حيث تتراوح النسبة بين 4 و7 لكل مئة ألف شخص، وبالنسبة لعدد الإصابات بهذا المرض منذ اكتشافه في العام 1987 وحتى العام 2007 فقد بلغ 501 حالة منهم 280 إصابة لأشخاص سوريين بقي منهم على قيد الحياة 160 شخصا والباقي عرب وأجانب.

إنكار عام للمشكلة في الدول العربية

ويصرح مدير فريق الدعم الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالايدز والعدوى بفيروسه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أسامة الطويل أنه بينما اتسمت الفترة الماضية بإنكار عام لمشكلة الأيدز، أظهرت تجاربنا في المنطقة العربية خلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة الأخيرة اختلافا كبيرا بين الدول فيما يتعلق بموقفها من مرض الأيدز (متلازمة العوز المناعي المكتسب) من ناحية، وطريقة تعامل السلطات المختصة مع الوباء من ناحية أخرى. فبعض السلطات الصحية تستمر في التقليل من ضرورة التركيز على جهود الوقاية من المرض، ويتلازم هذا مع وجود إنكار عام لبعض السلوكيات المعرضة لخطر الإصابة ومدى التعرض لفيروس العوز المناعي البشري المسبب لمرض الإيدز، لكن هناك تفهم متزايد في دول كثيرة يعرف أن طبيعة الأيدز وتوابعه بالنسبة للأفراد والمجموعات يتعديان حدود المبادئ الأخلاقية ويمسان أمورا مثل التعليم والتهميش الاجتماعي والشباب والتنمية، وعندما يتبنى المسئولون عن السيطرة على المرض تلك النظرة الموسعة، يكون بإمكانهم التأثير على الرأي العام بحيث يبتعد عن الحكم الأخلاقي البحت.

الدول العربية... تعترف

هناك حقائق اجتماعية مهيمنة تمس المنطقة العربية بأجمعها، كما يقول الطويل، فعلى سبيل المثال، يدور الحديث في كل مكان حول تأثير عملية التحديث والسفر والتكنولوجيا المعلوماتية على الشباب... بالنسبة للأيدز، يجب أن نتنبه لتلك التوجهات ونحاول أن ننقل الدروس المستفادة من تجارب بمناطق أخرى عن الوقاية والدعم والرعاية بما يتناسب مع الواقع الاجتماعي والثقافي للمنطقة العربية، ولا يمكن حدوث ذلك دون حوار حقيقي بين الحكومات والمجتمعات ورجال الدين والشباب وشرائح السكان المعنية. ومن الواضح أنه من الصعب الوصول إلى أكثر المجموعات احتياجا إلى المساعدة في المناطق التي لا تسمح بشكل عام بالمناقشات حول السلوكيات الجنسية وتعاطي المخدرات، لكن الباب مازال مفتوحا، لأن الكثير من الدول العربية تعترف الآن بالاحتياج إلى برامج التوعية حول المرض وإمكانيات الوقاية منه، والخطوات الواجبة لتلك البرامج بهدف الوصول إلى المجموعات الأكثر احتياجا لتلك النشاطات وهم الشباب.

إشراك رجال الدين في المكافحة

لكن، ماذا عن دور رجال الدين الذين يعتبرون الطرف المسموع له في المجتمعات العربية والإسلامية في مكافحة المرض؟ يقول أسامة الطويل إنه في معظم الدول تم بذل جهود لضم رجال الدين إلى الحوار بشأن الوقاية من الأيدز ورعاية الأشخاص المتعايشين مع الفيروس، وهناك آراء متباينة في هذا السياق، لكن تجاربنا أظهرت أن المناقشات مع رجال الدين ضرورية وأنه في أحوال كثيرة يمكنهم الإسهام في تقوية جهود المكافحة من جهة، الرعاية والدعم للأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري HIV من جهة أخرى، فعلى سبيل المثال، تم تجنيد رجال الدين للتعاون مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية في دول مثل دول الخليج ومصر وسورية ولبنان والجزائر لكسب المزيد من التقبل والخدمات للمحتاجين إليها. كما يجب لفت النظر إلى أنه إذا لم يتم تزويد تلك القيادات الدينية بالمعلومات الصحيحة حول الأيدز، بما يتضمن كيفية انتقاله والوقاية منه، سيعود الاتجاه نحو التفسيرات المبنية على الأحكام الأخلاقية. هذا يحدث في العالم العربي مثلما يحدث في بقية أنحاء العالم أيضا. إننا لا نريد إحياء آمال كاذبة، لكن هناك بكل تأكيد حوار متصاعد ومشاركة متزايدة لرجال الدين عبر دول كثيرة في العالم العربي.

الوقاية... أول خطوات المكافحة

ومع كل ما تقدم، يجمع كل من رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الايدز في مملكة البحرين سمية الجودر، والأمين العام لمجلس وزراء الصحة الخليجيين توفيق خوجة، ومدير جمعية العناية الصحية اللبنانية أيلي أعرج، ومدير فريق الدعم الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أسامة الطويل على أن الحماية من العدوى هي الوقاية، وتعتبر توعية الجماهير بشان المرض، وطرق الوقاية منه الوسيلة الناجحة الوحيدة الآن لمنع انتشاره، ولهذا السبب يجب ان يعرف كل إنسان كيفية تفادي الإصابة بفيروس الأيدز ومنع انتشاره، وعلى المواطنين أن يعلموا أولادهم طرق العدوى بفيروس المرض، كما ان على السلطات المسئولة نشر أسس الوقاية منه وتجنبه، وتزويد المجتمع بالحقائق الضرورية عن كيفية نقل المرض وانتشاره حتى تساعدهم على الوقاية منه.

ومن حق الأطفال والمجتمع ككل ان يعرفوا الحقائق عن المسائل اللازمة لمنع انتشار المرض، كما ان التعاطف مع المصابين بفيروس المرض يخفف من عزلتهم ووطأة المرض عليهم، ويستطيع كل شخص ان يسهم في الجهد المبذول لمنع انتقال فيروس المرض إلى الناشئة والأجيال القادمة.

وطبقا للتقرير الصادر عن منظمة اليونسيف، فقد قام 88 بلدا بتبني استراتيجيات لنشر الوعي والصحة الجنسية والتناسلية بين الشباب، وأعلنت 80 دولة عن سياسات قومية لمنع نشر العدوى من الأم أو الأب المصابين للطفل، وهناك إجماع على أن الشباب هم محور الأزمة وأن ما يحدث لهم يحدد مسار المرض في المستقبل.


ما هو الايدز؟

حالة يسببها فيروس يسمى فيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV) الذي يقوم بالهجوم على جهاز المناعة (قوة الحراسة في الجسم والتي تهاجم أي إصابة أو فيروس)، لذلك عندما يهاجم الفيروس جهاز المناعة فإن جسم الإنسان يفقد هذه الحماية التي كان يتمتع بها وبالتالي يمكن إصابة الجسم بالعديد من الفيروسات بسهولة.

وهذه الإصابات تسمى إصابات انتهازية، لأنها تستغل فرصة إصابة جهاز المناعة بالضعف.

يمكن دائما تذكر ثلاثة أشياء:

- يمكن تجنب الإصابة بالأيدز.

- من الصعب الإصابة بالأيدز.

- هناك خطوات لتجنب الإصابة بالأيدز.

من هم المعرضون للإصابة؟

- هناك بعض الأشخاص معرضون للإصابة بالأيدز، مثل الشواذ جنسيا، لا يختلف الأيدز من مكان لمكان، فهو موجود في كل الشعوب باختلاف الأجناس والأعمار، ولكن هناك طرق مختلفة لمكافحة هذا المرض، فالوقاية ومكافحة حدوث المرض هو سلاحنا الوحيد حتى الآن.

كيف ينتشر فيروس (HIV)؟

- ينتشر هذا الفيروس عن طريق سوائل الجسم المختلفة:

الدم، السائل المنوي، والإفرازات المهبلية ولبن الأم. أما بالنسبة (للعاب، الدموع والعرق) فلا يوجد دليل محدد على أن الفيروس ينتشر عن طريقهم.

ويدخل فيروس (HIV) جسم الإنسان عن طريق الأغشية المخاطية أو المناطق الداخلية في الفم والحلق أو من خلال الاتصال المباشر بالدم الملوث.

هذا الفيروس لا يستطيع اختراق الجلد، إلا في حالة وجود جرح في الجلد وحدوث احتكاك بدم شخص آخر ملوث، ولا يمكن أيضا انتشار الفيروس عن طريق الهواء من خلال العطس أو السعال، لذلك لا يوجد خطورة في التعامل الطبيعي بين الشخص المصاب والأشخاص الآخرين.

كيف تحدث الإصابة بفيروس (HIV)؟

- هناك بعض الأشخاص يضعون أنفسهم في قائمة الأشخاص المعرضين للإصابة بالفيروس. لذلك ما تفعله هو الذي يجعلك عرضة للإصابة أم لا.

السلوك الذي يضعك في القائمة

- الاتصال الجنسي مع شخص حامل للفيروس دون وجود حماية كافية.

- كل أشكال الاتصال الجنسي من دون حماية كافية تؤدي إلى انتشار الفيروس.

- الاتصال الجنسي مع الشخص الحامل للفيروس هو أكثر الطرق التي تؤدي إلى انتشار المرض.

- استخدام الإبر بين الشخص المصاب وشخص آخر يؤدي إلى انتشار الفيروس، أو الأشخاص الذين يتناولون أي نوع من المخدرات عن طريق الإبر يمكن أن يحدث لهم إصابة عن طريق الاتصال الجنسي.

- أيضا نقل الدم من الوسائل التي تنقل الفيروس، هناك طرق حديثة للكشف عن وجود الدم المصاب بالفيروس عن طريق الأشعة بدلا من أخذ الدم.

- أما الطريقة الأخيرة التي يمكن أن تصاب بالفيروس عن طريقها هي أن تولد به. حيث يمكن إصابة الطفل قبل أو بعد الولادة عن طريق الأم المصابة بالفيروس، أو عن طريق الرضاعة.

- لا يمكن الإصابة بالفيروس عن طريق العلاقة العادية بين الأفراد، مثل اللمس أو استخدام المناديل الورقية أو التليفون، أو المشاركة في طعام واحد.

- مشاركة الحياة مع مصابي الأيدز لا تؤدي إلى حدوث العدوى إلا في حال الاتصال الجنسي أو استخدام إبر أو حقن مشتركة معهم.

أعراض الإصابة بفيروس الايدز

نحو 50 إلى 90 في المئة من المصابين الجدد بفيروس (HIV) يشعرون بأعراض مشابهة لأعراض الأنفلونزا، حيث يقوم الجسم بمحاولة محاربة هجوم الفيروس عليه. هذه الأزمة الصحية الصغيرة يمكن أن تكون فرصة كبيرة لمحاولة منع الخلل الذي يحدث بعد ذلك في جهاز المناعة بالجسم. والأشخاص المصابون بفيروس (HIV) يترددون لسنوات لأخذ خطوة العلاج. ولكن إذا كنت تعتقد أنك مصاب بفيروس (HIV) في الأسابيع الأولى من الإصابة فهناك أسباب عديدة تجعلك تسارع في محاولة العلاج. حيث أن العلاج في بداية الإصابة يمكن أن يغير مسار المرض. ولكن من دون العلاج في البداية، فإن حالة الفيروس تتقدم بسرعة كبيرة جدا خلال الشهور الأولي حيث يدخل الفيروس الجسم ويتكاثر بشكل كبير في خلاياه.

يصل فيروس (HIV) لأقصى درجاته خلال الشهور الأولى من المرض، وكلما مر الوقت أصبحت فرص العلاج أضعف وأقل، حيث أن العمل على تقوية جهاز المناعة منذ بداية المرض في الأسابيع الأولى يمكن أن يجعل الفيروس غير قادر على التمكن من جهاز المناعة لدرجة أكبر.

تجربة علاج فيروس (HIV) حديثة، ومجموعة المرضى الذين خضعوا لتجربة العلاج هذه صغيرة جدا ولكنهم تمكنوا من بقاء نسبة الفيروس منخفضة في الجسم لسنوات. ولكن غير معروف حتى الآن إلى متى سيظل تأثير العلاج على الفيروس وهل هو علاج أم يعطي فرصة للمريض أن يحيا بضع سنوات أخرى. ولكن إذا كان هناك فرد يشعر أنه لديه أعراض فيروس (HIV) فعليه اللجوء إلى الطبيب فورا

العدد 2282 - الخميس 04 ديسمبر 2008م الموافق 05 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً