غادر الرئيس الأميركي جورج بوش القدس المحتلة أمس (الجمعة) على احتمال العودة إلى المنطقة مجددا، تاركا للإسرائيليين والفلسطينيين مبادئ عامة لاتفاق سلام من دون إعطائهم أي صيغة جاهزة لتسوية خلاف مستمر منذ ستين عاما خلال بضعة أشهر.
وتبقى عن بوش بعد زيارة تاريخية استمرت ثلاثة أيام صورة رئيس ملتزم بحزم في قضية لطالما اتهم بإهمالها حتى آخر عام من سنواته الثماني في سدة الرئاسة. وكان معاونوه نبهوا إلى عدم توقع اختراق مهم في عملية السلام من زيارة بوش الأولى كرئيس إلى «إسرائيل» والأراضي الفلسطينية.
وتهدف زيارة بوش إلى «تشجيع» رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس على الالتزام بالتعهد الذي قطعاه في نوفمبر/ تشرين الثاني برعايته بالسعي للتوصل إلى اتفاق سلام بحلول نهاية 2008 أي قبل انتهاء ولاية بوش في يناير/ كانون الثاني 2009.
واتفق عباس واولمرت الأربعاء بعيد وصوله على بدء مفاوضات مباشرة بشأن القضايا الأساسية التي ستشكل جوهر أي تسوية، ومنها السيادة على القدس وترسيم الحدود وعودة اللاجئين.
وأعلن بوش من جهته تعيين الجنرال وليام فريزر للإشراف على تطبيق خريطة الطريق للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وبذلك يكون بوش وضع الخطوط العريضة لاتفاق سلام، بعد ما كان يقول إنه لا ينوي الانخراط في آلية التفاوض مثلما فعل سلفه بيل كلينتون.
وبدا بالتالي أن بوش تصالح على طريقته مع تقليد صانعي السلام الأميركيين في الشرق الأوسط فوزع إرشادات وضمانات على الفلسطينيين، إنما كذلك على حلفائه الإسرائيليين الذين غالبا ما اتهم بتأييد مواقفهم بشكل أعمى.
وإذ أعلن التزام الولايات المتحدة ضمان أمن «إسرائيل» وطن الشعب اليهودي»، أكد في المقابل أن على «إسرائيل» وضع حد لاحتلال الأراضي الفلسطينية، في نداء قد يكون الأشد لهجة بهذا الصدد خلال ولايتيه الرئاسيتين. وقال إن على الفلسطينيين من جهتهم وقف الهجمات على «إسرائيل».
وقال إن «إقامة دولة فلسطينية كان يجب أن تتم منذ فترة طويلة»، مضيفا أن «التوصل إلى اتفاق سلام يجب ويمكن أن يتم قبل نهاية هذه السنة». وإذ أقر مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ستيفن هادلي بأن قسما كبيرا من هذا الخطاب سبق واستخدم في الإدارة الأميركية، أشار إلى أن الجديد هو أن بوش يتكلم الآن عن «فلسطين» وليس عن دولة فلسطينية.
وشدد على آلية التعويضات الدولية التي دعا إليها بوش لحل مسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وذكر بأن بوش يتوجه بعد «إسرائيل» إلى دول الخليج لحشد دعم عربي واسع للسلام.
وقال هادلي إن بوش سيعود مرة على الأقل إلى المنطقة هذه السنة، مرجحا أن تشمل هذه الزيارة «إسرائيل».
ويبقى السؤال مطروحا حول مدى انعكاس الخلافات بشأن الأمن والاستيطان على المفاوضات بشأن اتفاق سلام، وقدرة عباس واولمرت وكلاهما في موقع ضعف على تقديم «التنازلات السياسية الأليمة» التي يدعو إليها بوش.
وأقر بوش بأن وضع القدس يشكل «احد أصعب التحديات في الطريق إلى السلام»، من دون أن يقترح حلا له. ولم يوضح كيف يمكن لعباس وقف إطلاق الصواريخ على «إسرائيل» من قطاع غزة بعد ما بات خارجا عن سيطرة السلطة الفلسطينية.
وقال بوش إن «غزة هي حال صعبة. لست أدري إن كان بوسعنا تسويتها هذه السنة». وأضاف «لست من ذوي الاستحقاقات» قبل أن يستدرك ممازحا «الواقع أن لدي استحقاقا، أمامي 12 شهرا» في إشارة تكشف ربما عن حرصه على الصورة التي ستبقى عن عهده. وأبدى مسئولون إسرائيليون في ختام زيارة بوش ارتياحهم لمواقفه وقد عبر عن دعم شخصي لأولمرت.
العدد 1954 - الجمعة 11 يناير 2008م الموافق 02 محرم 1429هـ