في إحدى الليالي الساخنة المليئة بنشوة الانتصار وتأسيس الجمهورية الإسلامية وبعد الإطاحة بشاه إيران في أواخر السبعينيات وجه رجل الثورة آنذاك رسالة إلى آخر رئيس سوفياتي (ميخائيل غورباتشوف)، قال فيها: «يا فخامة الرئيس، اطلبوا من علمائكم وأساتذتكم إطلاعكم على أفكار كبار فقهاء الإسلام لإنارة دربكم, وخصوصا محيي الدين بن عربي والسهروردي وابن سيناء والفارابي وغيرهم». وتنبأ الرجل في رسالته بانتصار الإسلام على الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفياتي، قائلا: «ضعوا مبادئكم وفلسفاتكم في المتاحف».
وفعلا لم تمض إلا سنون قليلة حتى انهار ذلك الطود الكبير وتداعت المفاهيم الشيوعية المغروسة في أذهان الشباب، وسقطت امبراطورية الاتحاد السوفياتي، وتحول إلى دويلات متناثرة هنا وهناك تأن أنينا، وبقي الإسلام المحمدي غضا ممثلا في حفظة مبادئه.
رسالة ذلك الرجل الثوري تذكرها الكثيرون هذه المرة، وبعد قرابة 30 عاما، كأنهم سمعوها اليوم. فرسالة شبيهة وجهت من أحد تلامذة الرجل إلى الرئيس الأميركي جورج بوش تنبأ فيها بانهيار الرأسمالية كما حدث في عشية افتتاح قمة الرياض الأوبك الاقتصادية أيضا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 الماضي، حينما وقف مخاطبا القادة والرؤساء العرب يدعوهم إلى ضرورة فك الارتباط بعملتهم الخليجية والعربية عن العملة الأميركية، والتوحد في عملة واحدة مستقلة، وخلع لباس الذل بسبب الانهيار والترنح الذي سيصيب الدولار قريبا، وأنه آن الأوان لهذه العملة الأميركية أن تترنح، كما أطلق عليها أنها «عملة من ورق»، وهاهو الدولار يترنح ويسقط أشد سقطة، وهاهو اليوم البيت الأبيض يدق ناقوس الخطر وهو مكسور القلب ضعيف البنية يتلو الصلوات والأدعية على طريقته. هذه هي أميركا إذن... «نمر من ورق»، وعملتها أصبحت أرقا، إذ أصابتها الحمى وانهارت. فهل تستطيع الدول الإسلامية الاستغناء عن الدولار؟ وهل تستطيع الشعوب العيش من دونه؟ ومتى اعتاد المواطن العربي أن يحمل معه عملة بلده وهو في النهاية يعرف أن لا قيمة لها عندما يصرفها في أوروبا؟! مادامت دول مجلس التعاون لم تتوحد بعد تحت عملة واحدة لمجابهة الدولار الذي أخذ يتهاوى.
مهدي خليل
العدد 2283 - الجمعة 05 ديسمبر 2008م الموافق 06 ذي الحجة 1429هـ