يعتبر موضوع مساواة الرجل والمرأة من أهم الموضوعات التي تشغل الرأي العام، وخصوصا في مجتمعنا البحريني؛ إذ يكثر الحديث بشأن هذه القضية التي تمس المجتمع من كل جوانبه السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية.
وفي موضوع متصل قدمت رقية طه جابر العلواني خلال فعاليات «الملتقى العربي الثالث للتنمية الإنسانية»، قراءة نقدية تحليلية بخصوص «اتفاقية سيداو العالمية»، التي أثارت جدلا واسعا في الملتقى، مؤكدة خطورة تسييس قضايا المرأة وتحويلها إلى ورقة ضغط على الأنظمة والدول المعاكسة لنمط الحضارة الغربية، ومبينة أن تطبيق بعض من بنود «سيداو»، إهدار لسيادة الدول وعدم احترام التنوع الديني والثقافي، وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وهو حق نصت علية الاتفاقات والمواثيق الدولية. وتنتهج الورقة النقدية التي ناقشت فيها العلواني، الوعي بالمستجدات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تمر على المجتمعات، وخصوصا مجتمعات العالم الثالث، التي تسعى إلى أن تقضي على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في محاولة للكشف عن أبرز النقاط التي تختلف فيها هذه الاتفاقية مع الخصوصية الإسلامية لمجتمعاتنا، سواء فيما يتعلق بالهوية أو ما يتعلق ببعض الأحكام الواردة فيها.
وهنالك ضغط يمارس من قبل الاتفاقية على سيادة بعض الدول، ويتمثل هذا الضغط على الدول التي تملك تحفظات على بعض البنود في الاتفاقية، والجانب الآخر يكون على الدول التي لم توقع الاتفاقية، وفي هذا المستوى يتم تمرير قضايا المرأة وتسييسها كورقة ضغط على الدول التي تقاوم النمط الغربي سواء كانت المقاومة تتخذ الأسس الدينية أو الأخلاقية أو الاجتماعية.
وتؤكد رقية العلواني هنا بقولها: علينا أن نتخلص من فضاء التلقي والتبعية، ونكون في مدار فضاء المبادرات، وتكون لدينا مقترحات نقوم بتقديمها للعالم في معالجة الأزمات التي باتت تعاني منها الإنسانية عموما، كمشكلات البطالة والأسرة والمخدرات، ولدينا القرآن الكريم الذي يحمل الرسالة العالمية، وهو الكتاب القادر على أن يقدم الحلول الناجحة للبشرية». وهذا ما لم تستطع اتفاقية «سيداو» أن تحققه، إذ أقرت في بعض بنودها التي تحمل من الدلائل على نقص الطرح وقصر النظر، أن تأخذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع، لتعديل وإلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة؛ وهذا البند من البنود الكثيرة التي تتدخل في إطار سيادة الدولة، وما يحدده دستورها من معالم شتى تبنى على أساس قوانينها، كالمعالم الثقافية، والفكرية.
يجب علينا أن نحافظ على هويتنا كوننا مجتمعا عربيا مسلما، مع الوعي بنبذ الممارسات الخاطئة من عادات وتقاليد بالية، وأن نتخلى عن الجهل الذي لا يمت بتعاليم الإسلام بصلة لا لمبادئه السامية ولا لقيمه السمحة، وأن نعرف أننا كلنا بشر من امرأة ورجل، نفهم طبيعة اختلافنا الفسيولوجي والخلقي والمزاجي، لنتكيف مع نواميس الطبيعة التي خلقها الله في الأنفس البشرية جميعا.
حسين مبارك
العدد 1975 - الجمعة 01 فبراير 2008م الموافق 23 محرم 1429هـ