قفزت أسعار حديد البناء بشكل حادٍّ خلال شهر واحد 50 في المئة في الأسواق المحلية ليصل سعر الطن الواحد من الحديد المسلح المستخدم في البناء إلى 360 دينارا من 240 دينارا.
وحذر مقاولون من توقف أو تأخر الكثير من المشروعات العقارية بسبب موجة الغلاء.
وذكر عاملون في مجال بيع مواد البناء أن أسعار الحديد سترتفع خلال الأسابيع المقبلة بشكل أكبر بعد توارد أنباء عن ارتفاع سعر الحديد بشكل حاد في المملكة العربية السعودية إلى 4 آلاف ريال للطن.
وكانت أسعار طن الحديد المسلح في البحرين تبلغ 240 دينارا قبل شهر واحد، إلا أن ارتفاع الأسعار في المملكة العربية السعودية انعكس على الأسواق المحلية إذ تشكل السعودية وقطر وتركيا النسبة العظمى من واردات البحرين من الحديد المسلح.
واشتكى مواطنون لـ «الوسط» من صعود الأسعار التي وصفوها بالجنونية، ودعوا الجهات المعنية إلى اتخاذ تدابير للتخفيف من آثارها.
وقال محمد النشابة الذي يعمل على بناء منزل لأسرته التي تضم طفلين وثلاث بنات: «كل أسبوع نستقبل صدمة جديدة في أسعار مواد البناء... من غير المعقول أن تصعد أسعار طن الحديد إلى 360 دينارا من 240 دينارا خلال شهر واحد».
وأضاف النشابة «بناء السكن أصبح صعبا جدّا بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار مواد البناء ووصولها إلى مستويات قياسية».
وقال: «إن السوق إذا لم تجد مراقبة قوية من قبل وزارة التجارة والصناعة فإن الأسعار سترتفع إلى مستويات أعلى بكثير».
من جهته، توقع مدير مؤسسة «صفين» سيد جلال سيد محمد أن تشهد السوق تسعيرات جديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة في أسعار الحديد. مبديا تخوفه من تراجع المبيعات بسبب تراجع قدرة المستهلكين الشرائية أمام نمو الأسعار.
وذكر أن الأسعار الجديدة التي سارت عليها السوق في الأيام القليلة الماضية بلغت 340 دينارا لطن الحديد حجم 12 ملمتر، و360 دينارا لطن الحديد حجم 8 ملمتر، وهي أسعار مرتفعة بنسبة 50 في المئة منذ مطلع العام الجديد.
وقال علي يوسف وهو صاحب أعمال حرة في صناعة فبركة الحديد: «أعمالنا تقلصت إلى النصف بسبب تراجع زبائننا عن فكرة التطوير... يوم أمس 3 من الزبائن عزفوا عن عمل مظلات لمداخل منازلهم بألواح الحديد وصفائح الألمنيوم بعد الأسعار الجديدة التي شهدتها السوق».
وأضاف «تعسيرتان جديدتان خلال أسبوعين لألواح الحديد وهناك تسعيرة جديدة ثالثة الأسبوع المقبل... السوق تموج بالتسعيرات الجديدة من دون استقرار... لا نعلم إلى أين نسير؟». مبديا تخوفه من توقف أعماله إذا استمرت الأمور على ما هي عليه من دون معالجة وتدابير من قبل الجهات المعنية.
من جهته، حذر المدير التنفيذي لمقاولات «السرحاني» مكي السرحاني من انعكاس سلبي لأسعار الحديد على كلفة البناء والاستثمار في العقارات، مؤكدا توقف الكثير من مشروعات البناء بسبب موجة الغلاء التي طالت كل مواد البناء.
وقال السرحاني: «إن الارتفاع المستمر في أسعار مواد البناء وارتفاع أسعار الأيدي العاملة، إضافة إلى احتمالات تزايد متوقع لأسعار الوقود استجابة للارتفاع المستمر في أسعار النفط العالمية ستصب في بوتقة تقليص هوامش الربحية للمقاولين، ما سيؤدي إلى خروج وإفلاس شركات كثيرة مقابل مصاعب مالية للشركات الباقية الأمر الذي سينعكس على مواعيد التسليم والانتهاء من الأعمال الإنشائية، كما سيفضي مستقبلا إلى ارتفاع أسعار المقاولات لوضع هامش للتحوط من ارتفاعات جديدة».
وأضاف أن «صغار المستثمرين بدأوا يتراجعون عن فكرة تطوير الأراضي السكنية وبناء الشقق المؤجرة التي تستهدف ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة بسبب قلة هامش الربحية الناتجة عن ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء في البحرين إلى جانب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين في المملكة».
ودعا الجهات المعنية إلى اتخاذ حلول جذرية لمعالجة المشكلة التي تفاقمت إلى حد «قصم ظهور» المقاولين الصغار بحسب تعبيره.
وتأتي الزيادة الجديدة في أسعار الحديد في البحرين بعد أن سجلت في المملكة العربية السعودية ارتفاعات جديدة خلال العام الجاري وصلت إلى نحو 4 آلاف ريال للطن وكانت سجلت منذ مطلع الشهر الماضي زيادة وسط استغراب الكثير من المستهلكين إذ تمت إضافة 500 ريال على سعر طن الحديد وبعد أسبوعين تمت إضافة 250 ريالا ليصبح مجموع الزيادة 750 ريالا.
ونقلت صحيفة «عكاظ» السعودية عن مدير المبيعات والتسويق في «سابك حديد» هشام الحملي قوله: «إن شركات سابك حديد لا تتحمل هذه الزيادة السعرية... مازلنا ملتزمين بالأسعار السابقة»، مشيرا إلى إمكانية وجود تلاعب ومضاربات على سعر الحديد من قبل تجار. وتحدثت تقارير صحافية عن اجتماع طارئ لمجموعة من المقاولين بهدف بحث الزيادات المفاجئة التي طرأت على أسعار الحديد خلال الفترة الماضية آخرها الثلثاء الماضي عندما ارتفع سعر الطن 250 ريالا وهي موجة الصعود الثانية التي شهدتها أسعار الحديد المسلح منذ مطلع هذا العام في السعودية.
ورأى مقاولون أن قرار الزيادة في أسعار الحديد من قبل المصانع تصرف غير مسئول وليس هناك ما يبرره بشكل واضح وخصوصا أن هذه المصانع حققت أرباحا مجزية خلال الفترة الماضية، مطالبين وزارة التجارة والصناعة بالتدخل السريع لإيقاف قرار الزيادة للسيطرة على الأسعار ووضع حد لمثل هذه التصرفات لضمان استقرار السوق وعدم تذبذبها.
ونقلت صحيفة «الاقتصادية» السعودية عن مصادر ذات علاقة بصناعة الحديد أن قرار الزيادة من قبل المصانع جاء بعد ورود أنباء عن نقص في المواد الخام المساهمة في صناعة الحديد من الدول المصدرة، والزيادة الكبيرة التي فرضتها على هذه المواد، الأمر الذي يفرض على المصانع اتخاذ خطوات مماثلة بسبب ارتفاع الكلفة التشغيلية.
وذكرت تقارير صحافية أن شركات النقل البحري العالمية عمدت إلى زيادة أجور شحن حديد البناء بواقع 15 في المئة لتصل إلى 100 دولار للطن الواحد مقابل 85 دولارا خلال العام 2007 كما هو الحال بالنسبة إلى خط البرازيل - الخليج.
يذكر أن مصانع الحديد في دول الخليج تعتمد على استيراد مادة الحديد الخام من البرازيل، لإنتاج قضبان الحديد المستخدمة في البناء. وأن ارتفاع كلفة الشحن سينعكس على قيمة المنتج النهائي الذي سيدفع فاتورته المواطن المستهلك الأخير.
العدد 1983 - السبت 09 فبراير 2008م الموافق 01 صفر 1429هـ