العدد 1989 - الجمعة 15 فبراير 2008م الموافق 07 صفر 1429هـ

قبور عالي وردم البحر... وجهان لعملة واحدة!

تعالت منذ وقت غير بعيد الأصوات المنددة والمستنكرة لكل ما يتعرض له خليج توبلي من تجاوزات مستمرة، وفي الحملة ذاتها شهد الجميع تكشف الحقائق التي أزاحت الستار عن مخططات لبيع مناطق بحرية بعد دفنها والقضاء على كل علامات الحياة البحرية فيها، وهو الأمر الذي تزامن مع مشكلة ساحل المالكية وغيرها من السواحل، ثم ما لبثنا إلا قليلا حتى أتانا موضوع قبور عالي وتملك المساحات الأثرية فيها... بين هذا وذاك برز صوت نكرة يعلن شح الأراضي في البحرين والحاجة الماسة إلى اللجوء إلى السكن العمودي، ولعل هذا الصوت وحده هو الذي جلى الضبابية التي غطت المضوعات السالفة الذكر... فهنا ظهر أن المسائل مرتبة مسبقا، وأن يدا طويلة راحت تمتد من وراء الستار وتحصد الأخضر واليابس ثم ترمي فتات الخبز للشعب الذي لم يعد غبيا وليس غافلا عما يجري حوله، وإلا فمسألة كمسألة إزالة حضور المالكية المخالفة كاملا، ما امتدت واستطالت حتى لم يحلها إلا التوجيه الملكي بإنفاذ القانون؟

ما يعني أن يد المستنفذ فيها تظن أنها يد فوق القانون، بل وفوق رقاب الجميع، وعلى مثل ذلك قس باقي الموضوعات المتعلقة بكلا الجانبين شح الأراضي والسطو على الأراضي (إن صح التعبير). إخواني... بلد صغير بحجمه كبير بوعي أهله كبلدنا الحبيب لن يقبل أبدا بهذا الحال المعوج منذ زمن ومازال متماديا في إعوجاجه، وهؤلاء الساطين على تراث البلد ومساحاته وسواحله وخيراته أيا كانوا وأيا كانت مناصبهم لابد لهم من حدٍ يقفون عنده، وإلا فإن حتى السكن العمودي المقترح لن يفي بالغرض أبدا... وخصوصا مع الزيادة المطردة في عدد السكان والناتجة عن استجلاب أكوام من البشر بغير حساب ومنحهم شرف الانتماء للبلد من دون استحقاق فعلي لمثل هذا الانتماء.

وعلى ذكر أكوام البشر لعل السبب وراء شح الأراضي هي هذه الأكوام، فوجودهم في البلد وحملهم الجنسية البحرينية يقتضي حاجتهم إلى المأوى، وبالتالي فإن مسألة شح الأراضي شائعة ستجد لها طريقا لتبريرها وتمريرها على عقول الناس التي لم تفقد صوابها بعد حتى تصدق مثل هذه الـ «خرافة»! ولدي سؤال أجده منطقيا في هذا المقام: إذا كانت الحال هذه وبلدنا سيصفو بلا تراث وبلا سواحل وبلا شعب (بفعل سياسة التكاثر المطرد لدى غالبية المجنسين) فما الذي ظل إذا؟ وبعبارة أخرى: «ترى البحرين بلد خير لكن إن لم نتداركه سوية تدارك الواعين (لا تدارك الجاهلين والمخربين) فالبلد نحو ضياعٍ أكيد».

مريم الملاح

العدد 1989 - الجمعة 15 فبراير 2008م الموافق 07 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً