العدد 1989 - الجمعة 15 فبراير 2008م الموافق 07 صفر 1429هـ

قطع الرقاب... ولا قطع الكهرباء!

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي إيهود باراك «لقد شاركت في قتل الأمين العام لحزب الله السابق ولكن حل محله نصر الله».

مسكين باراك عندما اعتقد كما اعتقد زميله شارون الممدد في مستشفى «هداسا» يطلب الحياة عن العذاب بدلا فلا يجد إلا الأسلاك الكهربائية شفاء حينما شارك في غزو لبنان وارتكب «مجازر صبرا وشاتيلا» الأولى في العام 1988. فاليوم أيضا يتشدق باراك ويتبختر بقتله الأمين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي - رحمة الله عليه - لكنه لم يدرك كتاب الله جل جلاله «أن الأرض يرثها عبادي الصالحون» (الأنبياء 105)، أي أن هناك أكثر من أمين لحزب الله! وأكثر من موسوي ومن نصر الله اللذين سيعمران ما أفسدته أياديكم الآثمة، حتى لو قتلتم جميع الأمناء فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يرث الأرض لأمين ولقائد أو مصلح يملا الأرض قسطا وعدلا كم ملئت ظلما وجورا!

والدليل على ذلك، أكثر من 55 عاما من احتلال فلسطين أرضا وشعبا والأمعاء الفلسطينية الخاوية صابرة محتسبة على رغم الحصار البري والبحري والجوي والجوع والعطش، فهي مستمرة في عصيانها وتمردها على سوء الأوضاع المعيشية التي يعيشها الشعب الفلسطيني التي تمثلت هذه المرة في نسوة آمنت بربها فلم يرهبها شارون وأولمرت، وبعد أن اختلفت الرموز فيما بينها وتطاحنت الفصائل وسالت دماء الشباب على من يقاتل «إسرائيل» ومن يتزعم القضية الفلسطينية، ناسين كتاب ربهم «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» (الأنفال 46).

مئات من النسوة التي لم يعجبها هذا النزاع، وهذا الاقتتال اليومي، وهذا الفشل، ولم تجدن أصلا حلا طوال الـ 55 سنة لمعاناتهن ومآسيهن اليومية المتكررة إلا الاعتصام والتظاهر لتحطيم جدار (رفح) الحدودي المصري، كما حطم من قبل جدار برلين، للدخول فيه والتزود بالمؤن والغذاء على رغم الضغوطات والإهانات الإسرائيلية، مطالبات بالكهرباء وحرية العبور، غير آبهات بما قد يتعرضن له من غارة جوية أو أرضية إسرائيلية!... تصوروا هؤلاء النسوة البريئات اللاتي نظمن المظاهرة لم يطالبن بالأرض المغتصبة، فما الفائدة إذ عجز مجلس الأمن عن أن يعيدها... ولا بمنع الوقود العربي عن «إسرائيل»، ولا بسحب السفراء العرب المعينين عندها، ولا بالسلاح العربي المخزن في مخازنهم أو لتهديد بعضهم بعضا، بل طالبن بحقهن المشروع وهو الحرية والنور! الحق المشروع والحاجة الضرورية لكل مواطن الذي كفلته جميع الدساتير والأنظمة الدولية، حتى ولو كان ثمنه قطع الرقاب!

ترى ماذا يمكن أن تفعله هؤلاء النسوة الفلسطينيات في هذه الظروف؟

احتلال وتغرب وسجن وجوع وعطش وإهانات وضغوطات وتجاهل تام من المجتمع الدولي، وكما قال الكاتب العربي الكبير محمد حسنين هيكل ولا أظه يتنكر لمقولته هذه: إن العالم العربي في سلوكه وتصرفاته وصمته ينوب عن إسرائيل ي تصفية القضية الفلسطينية!».

وأخيرا منع الكهرباء أو الطاقة الكهربائية عنهم التي يتحكم فيها هولاكو العصر أولمرت، متى ما يشاء يزودهم بها! رجل السلام الذي يتوسط طاولة المؤامرات الإسرائيلية يوميا في حكومته كي يفتك بهذه الشخصية أو بذلك الرمز الذي نعته الرئيس الأميركي سابقا بتلك الصفة والذي استقبلته الدول العربية في بلدانها استقبال الفاتح وقدمت إليه الزهور والابتسامات والعناق الحار والضحكات تتلو الضحكات ثم الرقص بالسيوف احتفاء به وبعودته الميمونة التي كانت الدول العربية تراهن عليها كثيرا.

ثم ماذا؟! ما هي إلا أيام حتى سطع القمر وبدأت «إسرائيل» بتقديم هداياها إلى الشعب الفلسطيني الأعزل وخصوصا في شهر محرم الحرام، بدءا بفرض حصارها على الحجاج الفلسطينيين العائدين من الديار المقدسة ومنعهم من العودة إلى ديارهم إن كانت لديهم ديار أصلا! ثم بغاراتها عليهم مخلفة عشرات الضحايا، وأخيرا بقطع النور والكهرباء عنهم، ليعيش الشعب المظلوم ظليمة الجوع والعطش وظلمة الليل! واختتمها الرئيس الأميركي قائلا لهم «أكلت لحم الضأن المشوي في فلسطين المحتلة وشربت الويسكي الإسرائيلي ثم بت فيها، وتغذيت في الرياض، وتعشيت في شرم الشيخ، أي مع معية الرئيس المصري»! ثم ماذا... لا شيء ...هذه هي كل ما في الزيارة التي عول عليها الساسة العرب!

ماذا يفعل الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره وهو يسمع يوميا مهازل السياسة الأميركية من أعلى قمة الهرم الأميركي؟!وأنصاف الحلول العربية من هذه اللجنة العربية الرباعية أو السداسية، ومن ذاك الرئيس العربي القابع في قصره يلعب الشطرنج، وهو يجر الملك شرقا وغربا، أو من ذلك القائد العربي المخضرم الذي يستمتع بحمامه الشمسي في حوضه (الجاكوزي) وهو ينفث دخان سيجارته المستوردة له من هافانا! وإذا ما دوعي للتصريح الإعلامي قال عباراته المملة المتكررة «ستتقدم الدول العربية بشكوى إلى مجلس الأمن ضد الجرائم الإسرائيلية»! ناسيا أن هناك «فيتو» عربي ينتظرها بدلا من «الفيتو» الأميركي تحت الطاولة! ومتى ستتقدم الدول العربية؟ بعد خراب البصرة؟! أي بعد سقوط الأطفال والنساء والعجائز المرضى ضحايا؟!

مهدي خليل

العدد 1989 - الجمعة 15 فبراير 2008م الموافق 07 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً