العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ

ماذا بعد «الخمسين»؟

الأعين والأفواه مفتوحة على آخرها لتلقي (خمسين) الحكومة الداعمة للمواطن في مواجهة غلاء الأسعار. هناك من قرّر أن (يتبحبح) ويشتري (ما لذّ وطاب) عند حصوله عليها، وهناك من خطط لشراء ما كان مؤجّلا شراءه من أشهر، وهناك من رأى أن يكنز الدينار الأحمر لليوم الأسود، وكأن هناك أشد سوادا من هذه الأيام (مساكين المواطنين)!

وإذا كانت هذه المعونة أو الصدقة أو الدعم (أيا كان اسمها)... إذا كانت ستصرف للمواطن على مدى عام... فإن هذا العام سيكون (عام عسل) للتجار أو جلّهم، إذ حيث سيتم ذبح المواطن بسكين باردة وبعملية هادئة حتى لا يشعر المواطن بالألم، فسيتم رفع الأسعار شيئا فشيئا مادام التاجر يعرف أو يعتقد أن المواطن لن يلاحظ أو لن يهتم لتلك الزيادات المفاجئة في الأسعار مادامت في جيبه دنانير زائدة جاءته من دون تعب ولا يدري أين ينفقها!... وهذا ما يعمد إليه التجار أو بعضهم بحيث يزيد سعر السلعة مع مطلع كل شهر لأن المواطن حينها جيبه (متروس) ولن يعبأ بزيادة 200 أو 400 فلس في السعر.

على مدى عام قد تتضاعف الأسعار لتزدهر كروش التجار... فهل عند ذلك ستسمن هذه الخمسون فقيرا أو تغنيه من جوع؟! بل أن السؤال المهم: ماذا بعد انتهاء السكرة؟!... ماذا بعد مرور العام وتوقف هذه المعونة أو المكرمة؟ كيف سيتعود المواطن، وخصوصا الفقير، على التأقلم مع غياب الدنانير الزائدة التي تأتيه كل شهر؟! مع تضاعف الأسعار غالبا وازدياد الغلاء.

يعتقد الكثيرون أن مجلس النواب (ما صدّق) أن تتكرّم الحكومة بهذا المبلغ ووجدها فرصة ذهبية ليقول إنه حقق للمواطن رفاهية (لم يكن يحلم بها) ليغطي بها على كثير من القصور والتعثر وربما الفشل... فالمواطن سيدخل في غيبوبة لمدة عام ليصحو بعد ذلك على واقع مرير ومؤلم وعصيب.

يقال إنه كانت هناك أكثر من طريقة لمعالجة ارتفاع الأسعار بشكل جذري، منها مثلا، ما عملته الحكومة السعودية بتحمّل إسقاط 50 في المئة من الضريبة الجمركية عن السلع الضرورية لكي تحافظ أو تخفض من سعرها، إلى جانب العمل على زيادة الرواتب بنسبة تصاعدية على مدى ثلاثة أعوام.

الحلول الجذرية والواقعية هي ما نحتاج إليه أما المسكّنات والمهدّئات والتطمينات فهي ما يحتاج إليه المرضى والأطفال.

جابر علي

العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً