يرى بعض المصرفيين أن العقوبات الاقتصادية التي تعتزم الولايات المتحدة الأميركية فرضها على بنك المستقبل، هي جزء من حرب اقتصادية ونفسية على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.
لكن مصرفيين آخرين رأوا أن العقوبات على بنك المستقبل، وهو مصرف بحريني - إيراني مشترك مقره البحرين ومرخص من قبل مصرف البحرين المركزي، تهديد لحرية تحرك رؤوس الأموال الأجنبية وتهدد النظام المصرفي والمالي وثقة المستثمرين في مركز البحرين المالي والمصرفي.
أما البعض الآخر فذكر أن فرض عقوبات اقتصادية على البنك سيسد «نافذة عالمية» تتنفس منها إيران بسبب شراكة واحد من أكبر المصارف في المنطقة وهو البنك الأهلي المتحد الذي يملك حصة كبيرة في البنك.
لكن المصرفيين جميعهم اعترفوا أن العقوبات على البنك تهدد مستقبله بسبب إشراف الولايات المتحدة الأميركية وتحكمها في جميع أنظمة المدفوعات والسحوبات ورسائل الائتمان وبالتالي فإن العقوبات ستلحق أضرارا مالية كبيرة بالبنك.
وأبلغ أحد المحللين الاقتصاديين «مال وأعمال» أن الإجراءات الأميركية «هي تهديد خطير للنظام المالي في البحرين وكذلك تقييد لحرية تحرك الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية التي سيتم تسييسها. البنك مؤسس في البحرين وجميع أنشطته مرخصة».
وأضاف المحلل الذي رغب في عدم ذكر اسمه «كان بإمكان الولايات المتحدة الأميركية - لو أرادت - أن تطلب من المصرف المركزي وضع قيود واشتراطات واتخاذ إجراءات من شأنها ضمان عدم توجه أي تمويل للمجموعات غير المعروفة أو ألإرهابية».
كما بين محلل آخر رفض ذكر اسمه «المسألة سياسية بحتة وهي بالتأكيد ليست مسألة اقتصادية، وخصوصا أن تجارة إيران مع البحرين قليلة مقارنة بحجم تجارة طهران مع بقية دول المنطقة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت.
وفرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات اقتصادية على بنك المستقبل البحريني بعد أن اتهمته بلعب دور في دعم نشاطات إيران بنشر أسلحة الدمار الشامل.
وذكرت وزارة الخزينة الأميركية أنها اتخذت تلك الخطوة ضد بنك المستقبل بسبب سيطرة بنك ملي الإيراني عليه والذي فرضت عليه الوزارة عقوبات في أكتوبر / تشرين الأول العام 2007 بسبب اتهامه بتسهيل عمليات تقوم بها إيران لنشر الأسلحة.
وبموجب الحظر على بنك المستقبل يتم تجميد أصوله كافة الواقعة ضمن ولاية القضاء الأميركي ويحظر على جميع الأميركيين إجراء أية معاملات مع البنك وسيتعرضون لدفع غرامات باهظة أو تصدر بحقهم أحكام بالسجن عند مخالفة ذلك. ورفض مسئولون في مصرف البحرين المركزي التعليق على الإجراءات الأميركية ولكن بيانا رسميا أصدره المصرف ذكر أنه «على ضوء الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأميركية بشأن بنك المستقبل مؤخرا، يود مصرف البحرين المركزي إعلام الجمهور بأنه على اتصال ببنك المستقبل فيما يتعلق بالتزاماته نحو زبائنه».
والإجراء هو الأول من نوعه الذي تتخذه السلطات الأميركية ضد مصرف يعمل من البحرين منذ نحو عقدين على رغم أن هذا المصرف مملوك جزئيا إلى حليف استراتيجي وأول دولة توقع اتفاقية تجارة حرة ومركز رئيسي للقوات البحرية الأميركية. لكن الإجراء هو الثاني بعد فرض إجراءات مماثلة في السبعينات على مصرف مملوك جزئيا إلى ليبيا يعمل في المملكة. وتأسس بنك المستقبل في العام 2004 وهو مملوك بالتساوي إلى بنك صادرات إيران وبنك ملي إيران والبنك الأهلي المتحد برأس مال مدفوع يبلغ 99 مليون دولار، ويباشر عملياته من البحرين.
ورأى المحللون أن البنك سيتعرض لصعوبات مالية كبيرة بسبب الرقابة الأميركية على أنظمة المدفوعات لجميع المصارف وقال أحدهم: «إشراف الأميركان يخلق صعوبات كبيرة للبنك لأنهم يتحكمون تقريبا في جميع معاملات المصارف».
وكان من المتوقع أن يعمل بنك المستقبل «Future Bank» في دول عربية وإيران وبلدان أخرى وسيساعد البنك الأهلي على دخول السوق الإيرانية والأسواق الخليجية.
ونتج عن تأسيس بنك المستقبل اندماج كل من «بنك صادرات إيران» و»بنك ملي إيران»، وجاء كإحدى ثمار التعاون الاقتصادي بين البحرين وإيران، وإن اتخاذ إيران للبحرين لتكون مركزا لإدارة أنشطتها المالية إقليميا وعالميا عائد لثقتها في مركز البحرين المالي.
ويعمل في البحرين، وهي المركز المالي والمصرفي في المنطقة، نحو 400 مصرف ومؤسسة مالية يبلغ مجموع الموجودات فيها أكثر من 200 مليار دولار. كما يعمل مصرف البحرين المركزي على تقديم تراخيص إلى العديد من فروع المصارف العالمية في سويسرا وفرنسا. وحاز المصرف المركزي على ثقة المؤسسات المالية العالمية بسبب الرقابة الشديدة والقوانين التي تتماشى مع المعايير الدولية.
العدد 2016 - الخميس 13 مارس 2008م الموافق 05 ربيع الاول 1429هـ