العدد 2023 - الخميس 20 مارس 2008م الموافق 12 ربيع الاول 1429هـ

«مداخلات في الفكر والسياسة» لمنصور الجمري

تحدث عن «تأصيل إسلامي للنهج التعددي»

الوسط - محرر الشئون الإسلامية 

20 مارس 2008

يفصح رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري عن أفكاره في كتابه الذي صدر الأسبوع الماضي بعنوان «مداخلات في الفكر والسياسة... نحو تأصيل إسلامي للنهج التعددي». فالكتاب يحتوي على مداخلات كان قد بدأ كتابتها العام 1998، ويتسلسل فيها من خلال التطرق إلى المفاهيم السياسية وتعريفاتها الأولية، وينطلق إلى التعمق في جوانبَ من تلك المفاهيم بصورة متسلسلة تنتقل من وظائف الدستور إلى وسائل الضغط والتعبير، والتمثيل السياسي وحقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني والحكم الصالح والمجتمع المعرفي، وينتقل إلى مقدمات في الفكر الأوروبي، ثم مقدمات في الفكر الإسلامي، ليصل بعد ذلك إلى ما أراد الوصول إليه وهو تحليل الاتجاهات الإسلامية في الوسط الإسلامي.

ويرى الجمري أن الاتجاهات الفكرية لدى الإسلاميين تتمحور حول ثلاثة مناهج، نهج يؤمن بتطبيق الشريعة الإسلامية (مثل الإخوان المسلمين وحزب الدعوة)، ونهج يؤمن بالحاكمية (بالنسبة للسنة) أو ولاية الفقيه (بالنسبة للشيعة)، ونهج ثالث يؤمن بالحداثة المتوائمة مع الإسلام ومتطلبات المجتمع المدني والديمقراطية والمجتمع المعرفي والحكم الصالح، وهو النهج الذي يطلق عليه الجمري «النهج التعددي»، وسعى إلى تثبيت فكرة التأصيل التي طرحها مفكرون إسلاميون من مختلف المذاهب خلال العقود الماضية.

في الأقسام الأخيرة من الكتاب يتطرق الجمري إلى آراء المفكرين الإسلاميين تجاه المفاهيم الداخلة في النهج التعددي، وكيف يمكن الانطلاق إسلاميا في عالم متنوع على أساس مفاهيم «الاستخلاف» و «مقاصد الشريعة» وتقارب مفاهيم القانون الطبيعي (الذي أنتج منظومة حقوق الإنسان) مع مفاهيم الفطرة المطروحة في الإسلام، وصولا إلى مفهوم «العقد الاجتماعي» واقترابه من الطرح الإسلامي الداعي إلى العقود والتعاقد في مختلف مجالات الحياة.

ينطلق الجمري من «صحيفة المدينة» التي اعتمدها الرسول (ص) وثيقة لحكم المدينة المنورة في المرحلة الأولى من الحكم الإسلامي، وكيف أن تلك الوثيقة احتوت على مبادئ تعاقدية - تعددية، وأن مثل تلك الصحيفة اختصت بأهل يثرب بكل مكوناتهم بصفتهم «أمة سياسية»، وأن تلك الأمة السياسية مرتبطة بزمان ومكان معينين. ومثل هذه الأمة تختلف عن «الأمة الدينية» التي ترتبط بمفاهيم الأخوة الإسلامية وهي أوسع من الزمان والمكان.

لا يجد الجمري تعارضا في أطروحة «صحيفة المدينة» التعاقدية مع مستجدات العصر الحديث؛ لأن تلك الوثيقة اختصت بإطار تعاقدي مرن، وهذا هو الإطار الذي يمكن اتخاذه منطلقا لتأسيس عمل سياسي ينتهجه الإسلاميون في المجتمعات المعاصرة التي تعتمد على مفاهيم التعددية والتعاقدية، وهي المفاهيم التي لا تخل بقيم الإسلام التي أسسها الرسول (ص) في صحيفة المدينة، ويتوافق مع «مقاصد الشريعة»، ويلتزم في الوقت ذاته بأساسيات حقوق الإنسان والمواطنة المطروحة في عالم السياسة اليوم.

يشير الجمري إلى أن المداخلات التي كتبها منذ العام 1998 شكلت الأفكار والأسس التي اعتمد عليها لتحديد مواقفه السياسية والثقافية في الفترة السابقة، ومازالت هي الأفكار ذاتها التي تشكل إطاره الذهني لتحديد أسلوب عمله ومواقفه في الحياة العامة حاليا.

الكتاب يوضح جانبا من شخصية الجمري الذي تحرك في التسعينيات متحدثا باسم حركة أحرار البحرين عندما كانت هذه الحركة تتصدر النشاط المطلبي في البحرين، كما يوضح التوجهات التي يؤمن بها وكيف دفعته إلى انتهاج الصحافة من خلال صحيفة «الوسط» بعد تركه العمل السياسي في المعارضة. كما يفسر الكتاب أيضا الأسس التي يعتمدها الجمري في التحرك سياسيا وصحافيا في الفترة الحالية، تماما كما يفسر كيف كان يتحرك من قبل أثناء قيادته نشاطات للمعارضة من لندن.

الملاحظ أيضا أن الجمري اعتمد في طرحه أفكارا تنتمي إلى الاتجاه التنويري داخل الحركة الإسلامية من دون تأطير هذا الاتجاه على أساس شيعي أو سني، وهذا ما يبدو واضحا أيضا في أسلوب تعاطي الجمري مع القضايا الحالية التي تشغل الساحة البحرينية.

ربما ان إحدى الملاحظات الواضحة هي إن الفصل الأول من الكتاب يحتوي على رسومات بيانية تشرح المفاهيم التي ينطلق منها الجمري، والرسومات التي ابتكرها لتوضيح ما أراد الوصول إليه من معنى ربما أنها متأثرة بخلفيته الهندسية، إذ توضح النبذة الشخصية المنشورة على الجانب الآخر من الغلاف أن الجمري كان يمارس تخصصه كمهندس قانوني مسجل في بريطانيا، حتى عودته إلى البحرين نهاية العام 2001.

وملاحظة أخرى إن الجمري تعمق كثيرا في المصطلحات وجذور المفاهيم عندما تحدث عن «المجتمع المعرفي» و«الإدارة المعرفية»؛ ربما لأن الموضوع يرتبط أيضا بجانب من تكوينه الأكاديمي، إذ إن شهاداته تتضمن الماجستير في الإدارة، بالإضافة إلى شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الهندسة.

العدد 2023 - الخميس 20 مارس 2008م الموافق 12 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً