بين شد وجذب لكلا الجانبين، تقف عبارة «العربي لا يقرأ» في قفص الاتهام... بين الإقبال الشديد الذي حظي به معرض البحرين الدولي الثالث عشر للكتاب، وبين اعتقاد تقليدي بأن القراءة لا تجد لها أي اهتمام بين أوساط المواطنين العرب ككل؛ لذلك تم تحكيم الناشرين والعارضين في المعرض، وهم الأقدر على الحكم في وسط زحام المعرض، فيما لو كان الزحام طحينا أم جعجعة فقط!
رفيق حزي من منشأة المعارف أعرب عن تقديره مستوى تنظيم المعرض لهذا العام، معبرا بالقول: «المعرض ممتاز، وقد غيّر المنظمون طريقة العرض؛ مما دفع الإقبال إلى الازدياد بشكل أكبر، وهذا يؤكد جودة الدعاية والإعلام للمعرض»، مضيفا «معرض البحرين يتقدم بسرعة، وأصبح أحد المعارض المتميزة في الدول العربية».
وعن الإقبال، ذكر حزي بالقول: «أنا أعرض كتبا متخصصة وجامعية، وحينما شاركت للمرة الأولى في المعرض قبل عشر سنوات، لم يكن لها إقبال، ولكن الوضع تغير الآن، والناس تقبل عليها بشكل كبير».
حزي حينما واجهناه بمقولة «العربي لا يقرأ» علق رافضا العبارة بالتعبير: «هذه مقولة قديمة إن العرب لا يحبون القراءة، وفي الحقيقة هناك فئة من الناس لا تحب أن تقرأ، ولكن بالمقارنة هناك أناس يحبون القراءة حتى الشغف». وأضاف «يجب أن يأتي حب القراءة من القارئ. من جانبنا بصفتنا ناشرين نهتم بنوعية الورق وطريقة الطباعة إلى جانب الصور الملونة، أما زيادة شريحة القراء فهو أمر مرتبط بالبلد والقارئ، كما أن السعر يلعب دورا مهما، إذ لا يمكن لنا بصفتنا ناشرين التحكم في سعر الكتاب لأنه يحسب بالكلفة العامة لطباعته، وكلما حاولنا التقليل في سعر الكتاب يزيد، وهناك الكثير من الناس لا يشترون الكتب لضعف مدخولهم، وصعوبة الشراء؛ لوجود أولويات كثيرة تسبق الكتاب منها سد حاجة المنزل الأساسية».
الانشغال بالتكنولوجيا
أسامة شتات من دار الكتب القانونية وصف المعرض بأنه من المعارض الناجحة، وأنه في غاية التنظيم، مضيفا «نحن نشارك في المعرض منذ دورته الأولى، وهو في هذا العام في غاية التنظيم، وقد اعتدنا اقبال الجمهور البحريني على شراء الكتب لأنه جمهور مثقف ومحب للقراءة والاطلاع، كما أننا خلال هذا المعرض وجدنا بصفتنا عارضين كل التسهيلات، ولم نصادف أي معوقات رقابية أو جمركية، بل لمسنا تعاونا من جميع أجهزة الدولة في دخول الأشخاص والكتب ولم نتعرض لأي مضايقات من أي نوع».
شتات يقول تعليقا على عبارة «العربي لا يقرأ» بالقول: «المواطن العربي مقارنة بالأوروبي اقل إقبالا على القراءة، فعندما نذهب لأوروبا نجد المواطن لا يضيع من وقته أي لحظة، فبمجرد ركوبه المترو يخرج كتابا ويقوم بالقراءة فيه حتى محطة وصوله، ولكننا إجمالا نعيش في عصر التكنولوجيا الرقمية، وهناك جيل ولد على هذه التقنية مثل الأقمار الاصطناعية والإنترنت، وهذه الأشياء ساهمت بعض الشيء في تراجع قراءة العربي».
بحثا عن الحل، أجاب شتات عن مسألة إثراء الرغبة في القراءة لدى المواطنين بالقول: «رفع الرغبة في القراءة هو دور منوط بالدول، فحب القراءة والاطلاع والثقافة ينشر بين الصغار ومع نشأتهم ليتعودوا على الاطلاع ومن هنا ننشئ جيلا مثقفا واعيا، وهذه دعوة للمدارس لزيارة معارض الكتب المختلفة ودعم الكتاب، ليكون اقتناؤه في متناول الجميع، ولاسيما هذه الأيام التي ارتفعت فيها أسعار المواد التي تدخل في صناعة الكتاب. فالكتاب الآن يحتاج إلى دعمه ودعم الناشرين».
دور الأسرة
وجد إبراهيم القوتي من المكتبة الوطنية - التي تعد أعرق المكتبات في البحرين منذ تأسيسها في العام 1929 - إقبال هذا العام واضحا تجاه الروايات، التي وجدها في المركز الأول، تلتها الكتب الإدارية وكتب تطوير الذات، معلقا «هذا المعرض في بدايته قوي، وخصوصا أنه بدأ في فترة عطلة الأسبوع، والزوار من دول الخليج الذين يأتون للبحرين يحرصون على اقتناء الكتب». وأضاف القوتي «القراء أنواع في هذا المعرض، فهناك من يأتي وهو يعلم ماذا يريد أن يشتري، وهناك من يأتي ليطالع العناوين ليرى ما يعجبه». وفي تعليقه على عبارة «العربي لا يقرأ» ذكر القوتي أن «العبارة خاطئة، وخصوصا إذا ما قورنا بدول أوروبا، ولكن العرب يقرأون، وكان هذا الإقبال أكبر قبل 20 و30 سنة، حينما كان مستوى الإقبال على القراءة أكبر، أما الآن فأصبحت اهتمامات الناس في جوانب أخرى كالإنترنت والرياضة، وهو النمط الذي يطغى على الجيل الحالي»، مضيفا « في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات كان الناس يترقبون المعارض بشكل مستمر، لذلك تجد معظم الموجودين في المعرض حاليا هم ممن تفوق أعمارهم الثلاثين، وهذا أمر منوط بدور الأهل في توعية الابن للقراءة، والأسرة هي التي تعوّد الابن منذ الصغر، وحينما تهمله يترك هذه العادة ولا يقبل عليها حينما يكبر».
العدد 2023 - الخميس 20 مارس 2008م الموافق 12 ربيع الاول 1429هـ