قال الشيخ صلاح الجودر إن التخلص من أعمال العنف التي تجتاح البلاد هذه الأيام يقتضي تفعيل أسلوب الحوار والمكاشفة بعيدا عن المجاملات، مؤكدا في الوقت نفسه أنه لا توجد مشكلة طائفية في المحرق «فجميع الطوائف تعيش في أمن واستقرار، ويكفيكم شاهدا على ذلك تداخل الأسر السنية والشيعية في وسط المدينة».
ولفت الجودر في خطبة الجمعة أمس بجامع طارق بن زياد بالمحرق «إننا اليوم في أمس الحاجة إلى دعاةٌ مصلحينَ يحتسبونَ الأجرَ على الله، لا يريدون من وراء عملهم جزاء ولا شكورا، ولا سمعة ولا ثناء، أناسٌ على قدرٍ من المسئولية، يؤلمهم كما يؤلمكم- عباد الله - ما يجري في المنطقة اليوم - من الخليج إلى المحيط - من تحشيد وتعبئة مذهبية، وفرز واصطفافات طائفية، وأعمال وممارسات تدميرية وتخريبية، ونشر للخوف والذعر بين الناس، إننا اليوم ونحن نسعى لتفيعل الشراكة المجتمعية إلى أناس ليسوا ملوثين بخطابات استفزازية ولا بيانات صدامية، أناس منهجهم الحوار الهادئ الرزين ومبدأهم الدعوة بالحسنى، يتحدثون بخطابات الوحدة واللحمة والنسيج الاجتماعي، ينظرون في أسباب المنازعات والخلافات، ويغلقون أبواب الفتن، ويوقفون نزيف الأمة بعد معالجتها، من أجل أن يعيش أفراد المجتمع، سنة وشيعة، في أمن واستقرار، وسعادة وطمأنينة».
وزاد «هذا الوطن ليس بمعزل عن العالم، وليس بعيدا عما يجري في المنطقة، فهو يبتلى كما يبتلى غيره، فتقع فيه الحوادث والكوارث والمصائب ويتعرض لسموم الفرقة والاختلاف والتحشيد والتعبئة، فكان لزاما علينا أن نقف عندها ونأخذ منها الدروس والعبر، بالأسبوع الماضي وقعت في منطقة الدير وسماهيج بعض الأمور التي أستاء لها المؤمنون والمواطنون ومن يعيش على هذه الأرض الطيبة، تم في تلك الأحداث حرق حاويات القمامة واستخدمت فيها الحجارة والأسياخ الحديدة، وهذا الأمر يرفضه الجميع دون استثناء، فهي ليست من ممارسات الدول المتحضرة».
وتحدث عن القضايا الأمنية التي وقعت في عدد مناطق البحرين، بالقول «ان الفئة التي قامت بذلك هي فئة الشباب والناشئة، الفئة التي غالبا ما يتم الزج بها في مثل هذه الأعمال لسهولة شحنها وتأجيجها واستغلالها، فيتم تحريضها ودفعها في مثل هذه الممارسات الخارجة عن القانون».
وأضاف أن «أهالي الدير وسماهيج يرفضون مثل هذه الممارسات من أي جهة كانت، وكان حديثهم لنا بالأمس عن تعزيز الأمن والاستقرار وسعيهم لاحتواء المشكلة بجهود المخلصين في هذه الجزيرة»،
لكن الجودر استدرك بالقول ان «الأسلوب الأمثل لمعالجة مثل هذه القضايا التي تعكر الأمن والاستقرار هي الحوار والمكاشفة بعيدا عن المجاملات، فنحن هنا في المحرق لا توجد لدينا مشكلة طائفية، فجميع الطوائف تعيش في أمن واستقرار، ويكفيكم شاهد على ذلك تداخل الأسر السنية والشيعية في وسط المحرق، وهذا بفضل الله ثم بتعاون جميع الأهالي من أجل نشر الوعي الأهلي والاجتماعي».
وبخصوص تعرض سيارة أحد الأشخاص الساعين للوحدة الوطنية لزجاجة حارقة من أجل تخويفه وزجره عن مواصلة مسيرة الوحدة والتماسك بين طوائف المحرق، سنة وشيعة، قال الجودر ان هذه الممارسة «أزعجتنا جميعا لما لها من مردود سلبي على جميع أهالي المحرق».
المبارك يدعو لتصحيح العوارض الاجتماعية في الموروث الديني
الوسط - حيدر محمد
دعا رئيس محكمة الاستئناف الكبرى الجعفرية الشيخ حميد ابراهيم المبارك الى معالجة مشكلة الطائفية وتفاقمها لدرجة مقلقة من خلال تصحيح العوارض الاجتماعية في الموروث الديني. وأشار المبارك في خطبة الجمعة أمس في جامع الامام المنتظر في كرزكان الى أن «الطائفية لها جانبان سياسي وديني، فالجانب الديني معالجته بحاجة الى جرأة من قبل علماء الدين القائمين على انتاج الفكر الديني، وانا ارى ان كلا المكونين في المذهبين بحاجة الى اعادة النظر في بعض مواقعهما، فبعض المكون الفكري في مدرسة الخلافة بحاجة الى اعادة النظر من حيث ارتباطها بالشد الطائفي، وكذلك في المقابل يوجد في المكون الثقافي الشيعي ما يحتاج الى اعادة النظر من حيث ارتباطه بالموضوع الطائفي». وأوضح المبارك أن «هذا الامر يحتاج الى جراة من قبل علماء الدين في الطائفتين ليعالجوا تلك الزوايا الثقافية وما تنتجه من خطاب مستفز، فجزء كبير من حل الاشكالية هو المراجعة والنقد الصارم للموروث الديني، اذ ان فيه ما هو من اصل الدين، وفيه ما هو من صنع التاريخ وعوارضه، وهذه المساحة الثانية هي التي تحتاج الى معالجة، وتنقية العوارض التاريخية في التراث الديني».
الستري يدعو إلى الدفع باتجاه الخصخصة السياسية وتطوير نظام المحافظات
الوسط - محرر الشئون المحلية
أكد خطيب مسجد فاطمة (ع) بسترة - القرية السيد حيدر الستري في حديث الجمعة أنه «لا يمكن تحقيق عملية إصلاح سليمة دون بلوغ مرحلة الشراكة بين الحكام والشعوب والمجتمعات في كل تفاصيل العملية السياسية بجميع سلطاتها المختلفة»، مشيراُ إلى أنه «كما يوجد دفع باتجاه مزيد من الخصخصة الاقتصادية في مجال الاستثمار والخدمات فإنه هناك ضرورة للدفع باتجاه خصخصة على المستوى السياسي، لأن الخصخصة الاقتصادية لا تغني عن تحقيق خصخصة سياسية، بمعنى إعطاء القطاع الخاص قدرا كافيا من حرية القرار والتقليل من الهيمنة والتدخل الذي يفرض عليه من قبل الأجهزة الحاكمة، وبهذه الطريقة يتم خلق شراكة صحيحة وإعطاء دفعة لعملية التنمية».
وتطرق الستري إلى الحديث عن الصناديق السيادية التي قال إنها «صناديق تابعة للحكومات لاستثمار الفوائض المالية في الداخل والخارج وأكبرها (جهاز أبوظبي للاستثمار)، وهناك 29 صندوقا سياديا في دول مختلفة يقدر البعض أن أصولها ستصل إلى نحو 9 ترليون دولار، وحاليا يقدر البعض حصة الصناديق السيادية التابعة لدول مجلس التعاون الخليجية بـ 1.7 ترليون دولار، وبعض الانتقادات التي توجه إليها: أنها وإن كانت قد ساهمت في نمو السيولة العالمية لكنها من جانب آخر تسببت في رفع أسعار الأصول غير السائلة كالعقار، وان مسئولي هذه الصناديق لا يخضعون للمحاسبة من قبل سلطات رقابية أو من ناخبين أو مساهمين، وضرورة الإفصاح عن حجم استثماراتها ومصادر تمويلها وطبيعة علاقتها بالدولة المالكة لها والقوانين والأنظمة التي تحكم عملها، وسيعرض ذلك قمة الاتحاد الأوروبي لإقرار ترتيبات قد تتحول لقواعد ملزمة مستقبلا».
واضاف «لو دققنا فإن الصناديق السيادية لا تعدو في حقيقتها صناديق ضريبية، غير أنها في يد الحكومات بشكل يفقدها مزايا النظام الضريبي الذي يمنح دافع الضريبة - وهو المواطن - قوة اتخاذ القرار السياسي. وما نستفيده من هذه الظاهرة هو تأكيد الحاجة لإشراك المواطن في القرارات الخاصة بهذه الصناديق وكان الصحيح أن تعتبر ضرائب تم جمعها من المواطنين وبالتالي لا يمكن ملاحقتها والعمل على فرض الإرادة الأوروبية والأميركية عليها. والنقطة الضرورية في الموضوع هو أننا لا نذهب باتجاه فرض ضرائب على المواطنين بل نذهب إلى اعتبار الصناديق السيادية الموجودة بمختلف أشكالها وعناوينها هي في حد ذاتها ضرائب محصلة من المواطنين بشكل مسبق، والنظر إليها على خلاف هذا النحو هو بهدف التهرب من استحقاقات دافعي الضرائب، ويتمثل هذا الاستحقاق بشكل أبرز في مسألة إعطاء مساحة أكبر للمواطن في صنع القرار السياسي».
وفي سياق متصل قال الستري: «كان هناك تحول مهم، وهو إنشاء مصرف البحرين المركزي وتجدون اسمه على الإصدار الجديد للعملة النقدية الحالية بدلا من مؤسسة نقد البحرين الذي على النقود القديمة. وهذا يعني امتلاك هذه المؤسسة قرارا اقتصاديا نقديا وماليا غير خاضعٍ للضغوط الحكومية وإملاء سياستها عليه وهذا نوع من الخصخصة السياسية وتأكيد مدى الحاجة إلى الاتجاه لهذا الخيار».
وأردف «نحن نقدّر كثيرا موقف غرفة تجارة وصناعة البحرين في عدم ممانعتها من مناقشة موضوع فرض الضرائب وإجراء دراسة كاملة ومن ثم معالجته دون استعجال، حيث أن هناك توصية من البنك الدولي بفرض ضريبة القيمة المضافة في الدول الخليجية كإحدى مصادر الدخل، والذي اعتبر أن البحرين تعتبر من أبرز الدول التي تحتاج إلى الضرائب بحكم شحّ الموارد مقارنة مع بقية دول الخليج. ويفترض أن يصب موضوع فرض الضرائب في مصلحة القطاع الخاص لأن ذلك يجب أن يعطيهم قرارا سياسيا هم يبحثون عنه، والغرفة لا تخفي سعيها للمشاركة في القرار السياسي في البلد سواء من خلال الدخول في معترك الانتخابات النيابية وتشكيل تكتل اقتصادي داخل البرلمان أو من خلال رؤية أخرى، وهو تأكيد آخر على ضرورة موضوع الخصخصة السياسية».
ولفت الستري إلى أنه «من القضايا المتعلقة بخصخصة السياسة يأتي موضوع الحاجة إلى تطوير نظام المحافظات الذي يجب أن يتم على أساس انتخاب المحافظين وانتخاب مجلس لكل محافظة، وهذا المجلس الذي ينتخب أعضاؤه من قبل أبناء المحافظة يعتبر بعد ذلك بمثابة حكومة محلية خاصة بالمحافظة تعطى لها كل الصلاحيات الحكومية السياسية والاقتصادية والنقدية والتنموية ما عدا ما تختص به الحكومة المركزية، كما توزع الموازنة العامة على المحافظات طبقا للكثافة السكانية بكل محافظة بهدف تحريك كل الطاقات الوطنية وعلى رأسها المورد البشري وفقا لسياسات مختلفة صحية وتعليمية وخدماتية يضعها مجلس المحافظة المنتخب، وهذا الجانب المالي بشكل خاص أصبح يساعد على تنفيذه فكرة المصرف المركزي الذي من مهماته متابعة الجانب المالي بشكل مركزي وإعطاء المعلومات التي تحتاجها كل محافظة بشأن استثمار أفضل لموازنتها. وهذا الأمر بدأ يشكل توجها دوليا سيدفع باتجاه تقسيم الكعكة أو اللعبة السياسية لتحقيق المزيد من الحيوية والديناميكية التنموية في الدولة وينعش أجهزتها التي يهددها الترهل والجمود».
وختم الستري حديثه معربا عن أسفه من «تصرف الحكومة تجاه موضوع صغير مثل موضوع علاوة الغلاء (الـ 50 دينارا) لكل أسرة»، واعتبره تصرفا «يدل على ضيق الأفق مقابل ما تقدم من حديثنا عن مطلب خصخصة السياسة، فقد تشبثت الحكومة بالأفكار التي أقرها المجلس النيابي، ولكنها اعتبرت نفسها هي صاحبة الحق في إقرارها وضغطت على الشورى لدعم رؤيتها، وأخيرا تجاوز مجلس ا لنواب هذه المسألة لأنه رأى أن الحكومة تمارس ابتزازا للناس وللشورى وأخيرا للنواب أيضا بسبب أن تعطيل الموضوع قد يؤلب بعض المواطنين على النواب وهو ما سيريح الحكومة كما يظهر». مردفا «كل ذلك يحصل بسبب استكثار 50 دينارا على المواطنين. مع أن المشروع لم يراعِ لا الحاجة ولا العدالة في التوزيع».
وأضاف «لتحقيق هذا الجنب العادل يجب إعطاء 10 دنانير لكل فرد في الأسرة إضافة للـ 50 دينارا التي هي لرب الأسرة فقط. فالبحرين تنتج أكثر من 67 مليون برميل من النفط تكفي لإعطاء كل أسرة مبلغا لا يقل عن 3000 دينار شهريا، هذا غير الموارد الأخرى في القطاع المصرفي ومردود الأراضي التي لا تقل عن دخل النفط».
القطان: الإسلام هو السبيل للأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي
الوسط- محرر الشئون المحلية
أكد خطيب مركز الفاتح الإسلامي بالجفير الشيخ عدنان القطان أن الإسلام والتمسك به هو السبيل إلى الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات.
وقال القطان: «منذ فجر الإسلام وأعدائه يسعون إلى إخفاء نوره ويحيكون المؤامرات للإطاحة به من خلال الأقلام الرخيصة والأفلام القبيحة لإبعاد المسلمين عن دينهم، حتى قال قائلهم ان تبشير المسلمين لا بد أن يكون عبر رسول منهم لأن الشجرة لا يقطعها إلا أحد أصحابها».
وأضاف «أعداء الإسلام يجلبون بخيلهم ورجلهم ويوجهون حملات الشهوات ليعيثوا في ديار المسلمين عبثا وخرابا... لقد غاظهم وأثار حقدهم انصراف الناس عنهم وتحولهم إلى دين الله أفواجا، ولكن «ويأبى الله إلا أن يتم نوره».
وأشار الى أن «أخبار التاريخ المتواترة تخبرنا أن الإسلام ما زال يواجه سهام العابثين التي تلقى عليه من كل جانب، وفي السابق كانت حروب الردة التي استهدفت قتل الخلفاء الراشدين عمر وعثمان وعلي، وتلوح للذاكرة حروب التتار وما أثارته في بلاد الإسلام من خراب ودمار حتى سقطت بغداد وقتل خليفة المسلمين، ولا تنسى الذاكرة حضارة ثمانية قرون في الأندلس وما تبعها من حوادث مأسوية من قتل وتدمير وتعذيب للمسلمين».
وقال: «مع مرور الليالي والأيام، استمرت حملات العداء حتى قتل المسلمون وشردوا من أوطانهم وديارهم، وذلك خلال حقبة سميت بحقبة الاستعمار التي كان هدفها استئصال دين الشعوب وتجريدهم من هويتهم ولا تزال بلدان الإسلام وغيرها تعاني من تبعات هذه الحملات».
واستدرك القطان «ولكن سرعان ما ستزول هذه الحملات، وسيبقى الإسلام شامخا راسخا على مر الأزمنة والعصور لأنه دين الله الذي قال فيه تعالى» إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» ولذلك تكفل الله تعالى بحفظ هذا الدين العظيم، وإن المسلمين لا نصر لهم ولا رفعة إلا بهذا الدين القويم وإنه الدين الذي انتشلهم من الجهل والذل إلى العز والرفعة وجعلهم أسياد الأمم ومتى ما ضيع المسلمون دينهم تسلطت عليهم الأعداء من كل مكان».
مؤكدا أن الفتنة الطائفية في البحرين لم تصل إلى نفق مسدود
قاسم يحذر من الفتن وأثرها المدوِّي والمدمِّر على المجتمع
الوسط - عبدالله الملا
حذَّر خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى قاسم أمس في خطبة الجمعة من الفتن وتفشيها في المجتمع، مشيرا إلى أنَّها «لعنة قاسيَّة، على أيِّ شعب، وعلى أيِّ أمة اعترتها، قد تبدأ الفتنة غير مسموعة، ولكنَّها تتفجر إذا تفجَّرت مدويَّة.
وإذا شبَّت نارها لا تُطفى، وإذا انطلقت انطلقت مجنونة لا حساب فيها لربح ولا خسارة، ولا مصلحة ولا مفسدة، ولا حاضر ولا مستقبل، عمياء لا ترى وحدة دين ولا مذهب ولا نسب، فاجرة منفلتة، على يد الكثيرين ممن لا يُعيرون اهتماما لقيم ولا يفرقون بين حقٍّ وباطلٍ، وحرامٍ وحلالٍ، فالفتنة محطمة تأكل ما بنته السِّنون وإنْ كان اشتعالها لأيام وحتى لساعات».
وأضاف: «تبدأ في الكثير كلاميَّة، وإذا ما وصلت حد الشتم والسب العلني والإساءة المتكررة على حد الكلمة والإهانات والإساءات المسيئة المتعمدة أنذرت بتحريك كل وسائل الانتقال وأدوات الهلاك المدمِّرة. وهذا البلد الصغير في جغرافيَّته والقليل في عدد سكانه، يحتضن للأسف أكثر من فتنة ويُنذر بهلاك والعياذ بالله».
وقال قاسم: «الفتنة الطائفيَّة في مقدمة هذه الفتن المحرقة، ولهذه الفتنة رافدان؛ رافد العصبيَّة المذهبيَّة، ورافد العصبيَّة السياسيَّة الضيِّقة، والرافد الأول يوجِّه الرافد الثاني بدقَّة وإلى المستوى الذي يظنُّ بأنَّه لا يتجاوز حد السيطرة والقدر الذي لا يؤثر على المصلحة السياسية المنظور إليها سلبا (...) إنَّه يثير الحسَّ الطائفيَّ إلى الحد الذي يظنُّ معه أن السيطرة على الأوضاع بيده، وقد يكون متوهِّما ومخدوعا لهذا الظن فتنفلت الأمور، والاطمئنان المذكور ليس بعيدا عن الواقعيَّة والصواب وإن كان لا ضمانة على الإطلاق لأن يبقى الأمر كذلك أو أن يطول عمر الثِّقة غير المرتكزة على ثقة واهية بين المصدر الأول والمصدر الثاني».
ولفت خطيب جامع الإمام الصادق بالدراز «على أية حال، هناك طريق قويٌّ يتحكَّم في المسألة السياسيَّة ويتحكم بالطائفيَّة ويعدُّها وسيلة من وسائل تلك اللعبة. وترجع إليه بالدرجة الأولى مسئوليَّة توتير الوضع الطائفيِّ أو التخفيف من غلوائه وتصاعده. ويعتمد التأجيج على وسائل عديدة من صحفٍ وأقلامٍ وموازناتٍ ضخمةٍ وتسهيلاتٍ ووظائفَ عاليةٍ ومشاريعَ تمييز على الأرض، أمَّا الاختلاف المذهبيُّ فهو المنفذ لخلق وضع طائفيٍّ مقصود».
وقال قاسم: «لو التفت الناس كل الناس، والحكومات كل الحكومات والشعوب كل الشعوب لرأوا في العدل الذي أمر به الإسلام السعة، وأنَّ في النَّهي الذي نهى عنه القلق والتعب، والمشير بالعدل هو الناصح الأمين، ومع ذلك فلحد الآن لم تدخل الفتنة الطائفيَّة النفق المسدود الذي لا يسمح إلا بانفجارها. ويبقى إمكان التحكم في إشعال الفتنة مهدَّدا بالتغيُّرات غير المنظورة والظروف المفاجئة والمعادلات المستجدة التي يتعذَّر على الإنسان أن يحيط بها علما وخبرا».
أمةٌ إسلاميَّةٌ ونظامٌ علمانيٌّ
وانتقل قاسم للحديث عمَّا أسماه «أصوات نشاز تدعو الأمة الإسلاميَّة إلى احتضان النظام العلمانيِّ في السياسة، وهل الأمة الإسلاميَّة هي أفراد يعيشون على حركة التعبُّد منفصلين عن الحياة ويبنون قواعد على خلاف قواعد الإسلام؟ وماذا يقول الكتاب والسنة هنا، كتابُ الله مليءٌ بالآيات التي تدل على أنَّ الإسلام يحتضن نظاما سياسيّا من قاعدته الأم، والنظام السياسي هو فرع من أخلاقه وهدفه، والسيرة شاهدة حيٌّ شاخصٌ على الأرض». وتساءل «وماذا عن النظام السياسيِّ العلمانيِّ، وما هي مساحة عمله؟ المطروح هو أمة إسلاميَّة ونظام علماني، وهل بقت مساحة ولو صغيرة ضيِّقة من مساحات الفكر والعمل من العلاقات والحقوق والواجبات غير محكومة بالنظام السياسيِّ، ولو استطاع النظام السياسيُّ اليوم أن يحكم أنفاس الناس لحكمها، ولو استطاع التحكُّم في نسمات الهواء لفعل. والكثير من المساحات الشخصيَّة أصبحت محكومة بالنظام السياسي (...) إنَّ هذا يعني التهافت والنقيضين اللذين يستحيل عليهما الاجتماع، فكم هي من مغالطات وألاعيب قد تمرر على ذهن بعض الشباب الخير. فإمَّا أمة إسلاميَّة أو علمانيَّة».
العدد 2038 - الجمعة 04 أبريل 2008م الموافق 27 ربيع الاول 1429هـ