العدد 2042 - الثلثاء 08 أبريل 2008م الموافق 01 ربيع الثاني 1429هـ

بلورة الأشعة الملونة تنظر فيها فتشاهد... رجلا وأمرأة

تأمَّل كل ما حولك، كن واعيا ويقظا، لحقوق طالما بحثت عنها وانتظرتها، تأمل الواقع السياسي، وقوانين العمل المجحفة، مشكلة البطالة، نواقص النظام التعليمي، المشكلة الإسكانية، قصور الخدمات الصحية، مساعي مكافحة الفقر، وجهود التنمية البشرية. تأمل القضايا البيئية، والظواهر الاجتماعية الغريبة التي تتسبب في المشكلات، تأمل كل ذلك بكلتي عينيك... ولكن تذكر أنك تنظر إلى مجتمع مكون من النساء والرجال، وكن واثقا وأنت تنظر أن حدقتي عينيك التقطتا المرأة مثلما التقطتا الرجل في كل ما نظرت إليه، وإلا كانت نظرتك قاصرة، حتى لو لم تفتعل ذلك.

البعض أسماها «عدالة اجتماعية»، البعض أسماها «مساواة بين الجنسين»، البعض الآخر أطلق عليها حقوق المرأة، والبعض الآخر دخل ذلك السباق الدولي المحموم من أوسع أبوابه ليسميها «الجندر»... وعندما تاه في ترجمة هذا المصطلح تبنى مصطلح «النوع الاجتماعي»... الترجمة العربية الوحيدة لهذا المصطلح.

«الجندر»... كلمة تصدر إشعاعات متعددة الألوان، كلما نظرت إليها من زاوية شاهدت لونا، فإن غيرت زاوية رؤيتك ستشاهد لونا آخر، وقد يعجبك هذا اللون، ولا يعجبك ذاك، فتكون فكرتك الخاصة عن هذا المفهوم، سلبا أو إيجابا، لكنك لن تتمكن من أن تجمع كل الأشعة في زاوية واحدة للرؤية، لتكون صورة محددة، فتلك طبيعة المصطلح «الفيزيائية/ المجندرة».

«الجندر» ونقاش يتوسع

بدأ النقاش بشأن مصطلح الجندر يتوسع شيئا فشيئا وخصوصا في الفترة الأخيرة مع دخوله المجتمعات العربية والإسلامية، ودخلت البحرين النقاش بدورها بشأن هذا المصطلح «الغريب» و «الغامض». فلم يعد غريبا أن تجده حاضرا كلما تحدث البعض عن موضوع يتعلق بحقوق المرأة أو مناهضة التمييز ضدها.

وعدا عن ورش العمل المختلفة التي تقيمها الجمعيات النسائية من حين إلى آخر، يعتزم المجلس الأعلى للمرأة إقامة مؤتمر وطني عام أطلق عليه «إدماج مفهوم النوع الاجتماعي» وذلك في يونيو/ حزيران المقبل، في خطوة تحسب لصالحه في التعريف بهذا المفهوم.

غير أن الجهود سواء الأهلية أو الرسمية لم تنجح حتى اليوم في الوصول إلى فهم واضح ومتكامل بشأنه على الصعيد المجتمعي، فلايزال الجدل بشأنه كبيرا، والرفض قائما.

وبمجرد أن بدأ النقاش يتوسع بشأن المفهوم، بادرت جمعية الإصلاح بالتعاون مع مكتب قضايا المرأة التابع لجمعية المنبر الوطني الإسلامي أخيرا بتنظيم ندوة متخصصة لمهاجمة هذا المفهوم من منظور إسلامي، وأطلقت عليها عنوان «الأبعاد الدولية لقضايا الجندر».

وحذر المشاركون في الندوة مما أسموه «خطورة الأهداف الخفية لمصطلحات الجندر والكوتا وتمكين المرأة»، مضيفين أن «الجندر مخطط لتدمير الأمة عن طريق تفكيك الأسر العربية والإسلامية».

كما حذروا من التوقيع على الاتفاقات والمصطلحات الدولية بخصوص الأسرة والطفل، لأنها «تتحول فيما بعد إلى قوانين ملزمة، تحاسب عليها الدول باعتبارها حقا من حقوق الإنسان».

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها التيار الإسلامي بالحذر من التعامل مع المصطلحات الدولية وتحديدا «الجندر»، فأثناء المناقشات التي عقدها المجلس الأعلى للمرأة بشأن تقرير البحرين الرسمي بشأن اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) الذي رفعته البحرين رسميا أخيرا كان من الواضح أن الاعتراض الرئيسي لممثلات اللجان النسائية الأهلية الإسلامية لم يكن على مدى صدقية التقرير في التعامل مع حقوق المرأة، وإنما كان النقاش منصبا على استخدام مصطلح «النوع الاجتماعي» في متن التقرير الرسمي للبحرين، والذي يعني أن البحرين اعترفت «ضمنيا« بهذا المصطلح.

مفهوم الأسرة في خطر

من ناحيته، طالب المستشار الشرعي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية صلاح سلطان الذي كان المتحدث الرئيسي في الندوة التي أقامتها جمعية الإصلاح بـ «ضرورة إصدار ميثاق للأسرة يخص مجتمعاتنا ويحافظ على ثوابتها وقيمها، إذ إن لدينا مفاهيم عقائدية ثابتة لا يمكن تغييرها بأي حال من الأحوال».

وقال: «إن الجندريين ينادون بموت الأسرة وقد بدأ يتحقق ذلك فعلا في الدول الغربية»، مضيفا أن «الأمة العربية والإسلامية تواجه اليوم تيارين كل منهما أخطر من الآخر هما تيار التحرر والانحلال، وتيار التحجر»، مشددا على أن «تيار التحجر لا يقل خطرا عن تيار الانحلال الذي يدعو إلى تطبيق مصطلح الجندر، الذي هو بمثابة قنبلة للتفكك الأسري ومخطط لهدم الأمة».

«الجندر» ليس المرأة

على رغم الربط المباشر لمفهوم «الجندر» بالمرأة وقضاياها، سواء من قبل مؤيدي المصطلح أو معارضيه، فإن مفهوم الجندر الرسمي يؤكد أن الجندر ليس هو المرأة، كما أنه ليس الرجل بطبيعة الحال. مصطلح الجندر لا يتعاطى أصلا مع مفهوم «الجنس» البيولوجي من ذكر أو أنثى، فهو يقسم الأفراد بحسب «الدور الاجتماعي» الذي يضطلع به هؤلاء الأفراد.

وفي ذلك تقول خبيرة منظمة لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) هدى رزق التي حاضرت في ورشة بشأن مفهوم الجندر للإعلاميين أقامها المجلس الأعلى للمرأة أخيرا أن مفهوم النوع الاجتماعي «هو عملية دراسة العلاقات المتداخلة بين المرأة والرجل في المجتمع، والتي تحددها وتحكمها عوامل مختلفة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وبيئية، عن طريق تأثيرها على قيمة العمل في الأدوار الإنجابية والإنتاجية والتنظيمية التي تقوم بها المرأة والرجل»، وعادة ما يسود تلك العلاقة بحسب رزق نوع من «عدم الاتزان» على حساب المرأة في توزيع القوة، وتكون النتيجة احتلال الرجل مكانة فوقية بينما تأخذ المرأة وضعا ثانويا في المجتمع. وبالتالي فإن الاختلال في علاقات النوع الاجتماعي يأتي نتيجة المفهوم الخاطئ للقوة، إذ عرفت القوة بأنها شيء كمّي ومحدود بمعنى أنه «إذا أخذت كثيرا فسيبقى لي القليل»، لذلك كان من الخطأ اعتبار أن القوة هي السلطة على شيء ما «إخضاع وتسلط» في الأوضاع الطبيعية.

وتؤكد رزق أنه يمكن لعلاقة النوع الاجتماعي أن تكون متوازنة إذا ما حاولنا استبدال مفهوم القوة بمفهوم «التمكين»، أي القوة لإنجاز شيء ما، والذي يهدف بدوره إلى «خلق الظروف التي تُساعد الرجل والمرأة على السواء أن يوجِّها احتياجاتهما اليومية والمستقبلية».

من هنا تربط رزق في تفسيرها لمفهوم الجندر بمفهوم «القوة»، وتحديد من يملكها في المجتمع، لذلك تتمحور المفاهيم المرتبطة بالجندر بحسب قولها في إعطاء «قوة متوازنة ومتعادلة» للأدوار التي يقوم بها الرجل والمرأة، لتحقيق المساواة بينهما.

الرويعي: إساءة فهم

المصطلح تسيء لقضية المرأة

وتؤكد رئيسة الاتحاد النسائي مريم الرويعي أن المطالبة النسوية في البحرين منذ سنوات كانت تتمحور حول المفاهيم التي ينادي بها «الجندر» قبل دخول هذا المصطلح إلى مجتمعاتنا أصلا، مشيرة إلى أن إساءة فهم هذا المصطلح تسيء إلى قضية المرأة ومطالبها الحقوقية.

وتؤكد الرويعي أن مصطلح «الجندر» لايزال جديدا وقد تناوله القطاع النسائي الأهلي بشكل مبسط منذ نحو ثلاث سنوات عبر قيامه بعقد عدد من الندوات لمحاولة التعرف على معنى مفهوم «الجندر» الذي فرض نفسه كمفهوم مطروح من قبل هيئة الأمم المتحدة وفي الاتفاقات الدولية التي وقعتها البحرين.

وتقول «بالنسبة إلينا لايزال المفهوم على رغم كل ورش العمل التي عقدت غامضا، ونحن كقطاع أهلي ننظر إليه على أنه مفهوم للعدالة الاجتماعية بالنسبة إلى المواطن والمواطنة كما ورد في الدستور، وليس محاولة للقفز على المفاهيم الدينية فهي الأساس الرئيسي للمجتمع بعيدا عن التفسيرات الدينية المتعددة التي تدخل في صياغتها العادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية في كثير من الأحيان».

وتضيف الرويعي «يجب أن يتم التطرق إلى مفهوم الجندر بحذر شديد، فهناك شرائح عدة من المجتمع تؤكد أن له ارتباطا وثيقا بالمثلية وأن هذا المفهوم جاء بالأساس من أجل التمهيد لتقبل فكرة المثلية في مجتمعاتنا، وهو المفهوم الذي ترفضه النساء الناشطات في مجال العمل الاجتماعي التطوعي، فلو كان الجندر بالفعل مرادفا للمثلية فنحن أول من نرفضه رفضا تاما لأن مفهوم المثلية ينافي علاوة على تعاليم الدين الإسلامي، الفطرة الإنسانية للبشر.

وشخصيا أرى أن هناك ضررا جسيما من وراء ظاهرة المثليين على الشباب والمجتمع عموما، على رغم أن هناك من يقول بارتباط هذه الظاهرة بالحرية الشخصية».

من هنا تؤكد الرويعي وجود حاجة ماسة إلى التعرف بطبيعة مفهوم الجندر وأبعاده الحقيقية، والتعرف على تجربة الدول العربية والإسلامية في تبني هذا المفهوم وتطويعه بحسب المضمون الاجتماعي للدول، مشيرة إلى قلة عدد الدورات التدريبية وورش العمل الخاصة بهذا المفهوم. كما تؤكد الرويعي ضرورة الحذر في التعاطي مع هذا الموضوع بالذات وعدم إهمال آراء أي فئة من الفئات، علاوة على ضرورة إجراء عدد كبير من البحوث والدراسات بشأنه وخصوصا من المؤسسات المتخصصة كالمجلس الأعلى للمرأة أو مركز البحرين للدراسات والبحوث.

وتضيف «يجب أن نحاول التعرف على المصطلح، فهو مطبق فعلا في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ولا يمكننا أن نعيش بمعزل عن العالم فنحن جزء من المنظومة الدولية، لكننا لسنا مطالبين بتبني أي مصطلح دولي على علاته إن كان يتعارض مع هويتنا الثقافية والدينية، فلكل مجتمع خصوصيته ويجب البحث بدقة في تفاصيل هذا المصطلح وأبعاده قبل رفضه رفضا تاما».

نحتاج مفهوما متوازنا لـ «الجندر«

تدعو الرويعي إلى تبني مفهوم متوازن بشأن الجندر، وإيجاد تفسير محلي له، مشيرة إلى ضرورة أن يستند هذا التفسير إلى الشريعة الإسلامية ودستور البحرين، مؤكدة أن التفسير المقبول بحسب وجهة نظرها هو مفهوم «العدالة الاجتماعية»، إذ إن هذا المفهوم مفقود تقريبا في مجتمعاتنا وخصوصا فيما يتعلق بالنساء، إذ تختلط المفاهيم بالأعراف والتقاليد والموروثات التي تجيز التمييز ضد النساء من دون شرعية دينية، من هنا تحل الأعراف والموروثات محل القوانين الغائبة التي تكرس بدورها هذا التمييز ضد المرأة.

وتستطرد بأن «المطلب الرئيسي هو تثبيت ثقافة مجتمعية تلغي التمييز بين المرأة والرجل على أساس الجنس، وتعطي للمرأة حقوقها ومكانتها التي منحتها إياها الشريعة الإسلامية والدستور».

وفيما تنادي الرويعي بتثبيت مصطلح «الجندر» في مجتمعاتنا والذي يخضع لعدة تفسيرات مختلفة على مستوى العالم، فدول العالم لا تلزم جميعها نفسها بما ورد بشأن هذا المفهوم، فلكل دولة مصالحها الخاصة، وتقوم بتطبيق المفهوم بحسب قيمها ومصالحها تلك. وتضيف أن «مصطلح حقوق الإنسان مثلا يطبق على مستوى دول العالم ولكن هناك مفاهيم متعددة بشأنه على الصعيد الدولي، فكل دولة تطبق حقوق الإنسان من وجهة نظرها، فلا ميزان موحدا لدى الدول الكبرى بشأن حقوق الإنسان، فكثيرا ما تنادي بشيء وتطبق عكسه».

توزيع الأدوار يجب أن يكون عادلا

يعتمد مصطلح «الجندر» بشكل رئيسي على الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها كل من الرجل والمرأة، والدور الاجتماعي يختلف بشكل رئيسي عن الدور البيولوجي الذي يقسم المجتمع على أساس الجنس (امرأة ورجل).

من هنا ترى الرويعي أنه بعيدا عن مصطلح «الجندر« يجب أن يتم تأييد إعادة توزيع الأدوار بين المرأة والرجل في المجتمع، وليست هذه الأدوار هي الأدوار الطبيعية البيولوجية كالإنجاب مثلا، وإنما الأدوار الاجتماعية المتعلقة بمسئوليات كل من الرجل والمرأة في المجتمع وفي الأسرة. فعندما نأتي للمرأة في المجتمع وطبيعة الأدوار المتعددة التي تقوم بها نجدها إنسانة محرومة من أبسط الحقوق، وفي المقابل لا يتنازل الرجل عن بعض المفاهيم التي رسخها المجتمع في ذهنه لأجل المساعدة في الأدوار المتعددة التي تقوم بها المرأة، على رغم أنه بحاجة إلى عمل زوجته اقتصاديا.

وعليه، تؤكد الرويعي ضرورة إعادة توزيع الأدوار الاجتماعية في الأسر، بحيث يشارك الرجل مشاركة متساوية في تربية الأبناء وتدريسهم وفي بعض أعمال المنزل، ما يعني العودة للممارسة الصحيحة والمفترضة. وتضيف «منذ أن دخلت المرأة سوق العمل وهناك حاجة ماسة إلى مشاركتها، وبالتالي زادت عليها أدوار أخرى، الأمر الذي يحتاج إلى عدالة في التقييم وفي توزيع الأدوار، والدين الإسلامي بوصفه من أعدل الأديان على الإطلاق والذي ساوى بين الرجال والنساء لا يمكن أن يكون السبب في عدم العدالة تجاه المرأة».

خاتمة

لايزال مصطلح «الجندر» غامضا ومبهما بشكل كبير، ولايزال الجدل بشأنه واسعا ليس في البحرين فقط بل في كل أنحاء العالم، ولكنه جدل طبيعي وصحي، مثلما هو الجدل بشأن أي مصطلح أو مفهوم مستحدث. وبغض النظر عن الدواعي الخفية أو المعلنة لهذا المصطلح الدولي وتبني أي موقف تجاهه، يبقى الأسلوب الوحيد والأمثل في التعامل مع مثل هذه القضايا هو تطويع المفهوم في الإطار الثقافي والاجتماعي والديني للمجتمع، فلا يستورد ويتم تبنيه على علاته، ولا يرفض تماما على رغم مما فيه من محاسن قد تفيد المجتمع وتخرجه من المنظومة الدولية التي يعيش في إطارها.

وبغض النظر عن المصطلح، جندرا كان أو نوعا اجتماعيا أو خلافه، فإن مسألة العدالة الاجتماعية والبعد الحقوقي لوجود المرأة في هذا المجتمع ومساواتها التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية والدستور يجب أن تبقى أساسا راسخا لا يتم الاستغناء عنه في كل الأمور. فعندما ينظر كل منا حوله متأملا قضايا مجتمعه، سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية، عليه أن ينظر بملأ حدقتي عينيه إلى مخلوقين متوازيين معا، يكوِّنان في مجملهما هذا المجتمع... الرجل والمرأة.

من أين جاء «الجندر»؟

تشير الأدبيات إلى أن مصطلح جندر (النوع الاجتماعي) استخدم للمرة الأولى من قبل «آن أوكلى« وزملائها من الكتاب في سبعينيات القرن الماضي، وذلك لوصف خصائص الرجال والنساء المحددة اجتماعيا في مقابل تلك الخصائص المحددة بيولوجيا.

غير أن البعض يرجح أن استخدام المصطلح وانتشاره في الأدبيات العالمية كان خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي، وهي الفترة التي اتسمت بمناقشات مكثفة عن أثر سياسات التكيف الهيكلي على أوضاع المرأة. وكاتجاه عام فإن المصطلح يشير إلى التفرقة بين الذكر والأنثى على أساس الدور الاجتماعي لكل منهما تأثرا بالقيم السائدة. وفي هذا السياق، تتطلب عملية استجلاء مفهوم الجندر أو «النوع الاجتماعي« التمييز بينه وبين مفهوم الجنس أو «النوع البيولوجي«، فبينما يقتصر مصطلح الجنس (sex) على الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة ويتسم بالتالي بالجبرية والاستاتيكية كون الفروق الجسدية بين الرجل والمرأة فروقا ثابتة وأبدية، نجد أن مصطلح «الجندر» مفهوم دينامي، إذ تتفاوت الأدوار التي يلعبها الرجال والنساء تفاوتا كبيرا بين ثقافة وأخرى ومن جماعة اجتماعية إلى أخرى في إطار الثقافة نفسها، فالعرق، والطبقة الاجتماعية، والظروف الاقتصادية، والعمر، عوامل تؤثر على ما يعتبر مناسبا للنساء من أعمال.

ولذلك فإن طرح مفهوم «الجندر» كبديل لمفهوم الجنس يهدف إلى التأكيد أن جميع ما يفعله الرجال والنساء وكل ما هو متوقع منهم، فيما عدا وظائفهم الجسدية المتمايزة جنسيا، يمكن أن يتغير بمرور الزمن وتبعا للعوامل الاجتماعية والثقافية المتنوعة.

انتقادات بشأن «الجندر»

فيما يرى أنصار مفهوم الجندر أو النوع الاجتماعي أنه يعبر عن اجتياز آخر الحواجز على طريق تحقيق العدالة بين الرجال والنساء لأنه يشمل التحول في المواقف والممارسات في المجتمعات كافة، نجد مقابل ذلك الكثير من الانتقادات للمفهوم واستخدامه، وهي تلك الانتقادات التي يمكن إجمالها في الآتي:

@ يركز مفهوم الجندر على الأدوار الاجتماعية التي هي جزء من النظرية الوظيفية البنائية. وبينما تستبعد هذه النظرية مفاهيم القوة والصراع في تفسيرها للظواهر، يرجع إطار النوع الاجتماعي قضية المرأة إلى الاختلال في ميزان القوة والنفوذ بين الجنسين، وينادي بإعادة توزيع القوة بينهما من خلال مراجعة توزيع الأدوار والفرص.

@ ينطوي مفهوم الجندر على بعض الاتجاهات المتطرفة التي تتعامل أحيانا مع علاقة الرجل بالمرأة على أنها علاقة صفرية، وتدعو بين ما تدعو إليه إلى إقامة مجتمع من النساء على أساس أنه المجتمع الوحيد الذي تتحقق فيه المساواة المطلقة بين أفراده، ومثل تلك الاتجاهات تتكفل بإثارة الحفيظة تجاهها حتى بين أنصار قضية المرأة أنفسهم.

@ يستخدم إطار النوع الاجتماعي الفجوة بين أوضاع الرجل والمرأة أساسا لقياس نهوض المرأة في حين أن مساواتها مع الرجل في كثير من المجالات لا يعني بالضرورة نهوضها، إذ إن تساوي نسبة تمثيل الجنسين في المجالس النيابية على سبيل المثال قد لا يؤدي إلى اتخاذ القرارات المناسبة لتمكين المرأة إذا كان هناك ضعف في وعي النائبات البرلمانيات بقضايا المرأة.

العدد 2042 - الثلثاء 08 أبريل 2008م الموافق 01 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً