العدد 2045 - الجمعة 11 أبريل 2008م الموافق 04 ربيع الثاني 1429هـ

الحكيم والجنرال بطلا الكوميديا اللبنانية

«المضحك المبكي» هكذا هي الأمور اليوم في الكوميديا اللبنانية، التي بدأت تصبح ضيفا يوميا على شاشاتنا وخصوصا أن غالبية المحطات اللبنانية تعرض نموذجا خاصا لهذه المسلسلات ضمن بثها الفضائي.

«بسمات وطن»، «قربت تنحل» و «لا يمل»... وغيرها أسماء كثيرة لم تعد غريبة عن ضحكات المشاهد اللبناني والعربي على حد سواء بعد أن تحولت أزمة الرئاسة اللبنانية، لأحد أهم موضوعات التسلية في السهرات.

برامج الكوميديا السياسية والتي بدأ الكثير منها كبرامج تعرض لوحات كوميدية لقضايا ومشكلات اجتماعية، التقطت الأزمات السياسية المعقدة والمتشابكة في لبنان لتدور حولها غالب حلقاتها، فتحول «الجنرال مشيل عون» و «الحكيم سمير جعجع» و «وليد جنبلاط بيك» لنجوم كوميديين، فبعد أن تمل عيون المشاهد من سماع خطاباتهم ومناوشاتهم السياسية في عناوين وتفاصيل نشرات الأخبار، يقتحمون ساحات عروض الترفيه، ليحدثوا نوعا من المفارقة ما بين المشهدين، وقفتهم على منابرهم في نشرات الأخبار، ووقوفهم ضمن المشهد الكوميدي الذي يتعامل مع بياناتهم وتصريحاتهم بنقد ساخر وضاحك.

يرى الكثيرون من المهتمين بالشأن اللبناني أن هذه البرامج أشبه بصمام أمان من نوع خاص، فهي تخفف على المشاهد المتفاعل مع أحداث الأخبار وطأة الأزمة التي تعيشها البلد، وتحول المبكي من ظروف سياسية صعبة لقضية يتسلى بها الناس.

ولا يمكن اعتبار الطريقة اللبنانية لحل أزمته عبر الكوميديا نمطا جديدا على الشاشات عموما، ففي أميركا والكثير من الدول الأوروبية برامج تختص بالسخرية من السياسيين والمشاهير، فتحول هذه القضايا الثقيلة على قلب المشاهدين إلى برامج متابع بنسب عالية ومحبب للجمهور، وتعتبر هذه الطريقة في نقد الأحداث السياسية أو الشخصيات المهمة في أميركا أحد أهم مصادر المعلومات بالنسبة لفئة كبيرة من المشاهدين، ومع طول مدة وتعقيد الأزمة في لبنان والمنطقة أصبحت هذه البرامج مصدرا للأخبار بالنسبة للكثير من متتبعي الأحداث السياسة، وخصوصا أن الناس باتوا متخمين بمآسٍ وإشكاليات الأخبار السياسة.

وعلى رغم أن البرامج الكوميدية اللبنانية الآن تأخذ مكان الصدارة من حيث نوعها، فإن هذا لن ينفي محاولات عربية أخرى كانت لها أهميتها وحضورها على الفضائيات العربية، وإن كانت لا تطابق أسلوب النموذج اللبناني تماما. فمسلسل «بقعة ضوء» السوري عرض طوال عدة سنوات محاولات للسخرية من بعض الإشكاليات السياسية والاجتماعية عبر فقرات كوميدية قصيرة من تأليف وإخراج مجموعة من المؤلفين والمخرجين، كما أن المسلسل السعودي «طاش ما طاش» وضع له بعض المحاولات الجريئة وإن كانت أقل تعديا على الموضوعات السياسية، فوجه تركيزه بالدرجة الأولى على المواضيع الاجتماعية. ويعتبر المسرح الأردني الناقد للكثير من السياسيين نموذجا مهما من نماذج العروض الكوميدية السياسية. غير أن هذه البرامج والمسرحيات على تنوعها لم تستطع أن تحقق أحد أهم الأمور التي تميز العرض اللبناني، وهو حداثة الخبر الذي تعرضه ضمن حلقاتها، إذ إن غالب الحلقات المعروضة تصور قبل فترة قصيرة من عرضها، ما يجعلها تواكب تطور الأحداث أولا بأول.

أكثر ما يوجه لهذه المسلسلات الكوميدية من نقد يطال تركيزها على تيار أو جهة من جهات الخلاف في الإشكالية اللبنانية، فيعتبرنها طريقة للحرب السياسية الدائرة ما بين الأطراف، فيما ينفي مؤلفوها ومخرجوها هذه التهمة عن أنفسهم ويصرون على حياديتهم بقدر ما يستطيعون.

ويرى البعض أن المشاهد اللبناني والعربي اليوم، يحاول أن يهرب بنفسه من أزماته ومشكلاته، لعله يغمض عينه على ضحكات تنسيه ما يبكيه طيلة النهار، أملا أن يصل في يوم من الأيام لطريقة تضحكه وتنسيه كل الإشكاليات السياسية التي تعانيها بلدانه.

العدد 2045 - الجمعة 11 أبريل 2008م الموافق 04 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً