حينما يفقد الانسان ابسط ملاذ الراحة والسكن الآمن وتتحول حياته الى جحيم ومآلها الى الشتات والتنقل من ركن الى آخر ومن زاوية الى زواية فقط لأجل العثور على الملاذ الآمن الذي يحفظ عرضه ويحتضنه، وتمر عجلة الزمن وتمشي حالها كالذي سبقها لا تتغير قيد انملة بل تزداد تفاقما وسوءا داخل حياة ملؤها القسوة... تلك المعيشة تكون مقدمة للانخراط والتغلغل في عمق حياة المحرمات، لأن كل سبل الحل والعلاج قد اغلقت في وجهي ولم يبقَ لي إلا هذا الطريق لأنفس فيه عن قهري المضمور...
تلك المعيشة تحكي ملخصا لحياة جحيم اعيشها داخل سيارتي لمدة تناهز 6 أشهر عند شارع الكورنيش البحري، لأنني في الحقيقة لا أملك مقرا احتضن فيه اسرتي المكونة من اربعة أفراد، اولهم زوجتي التي طلبت الطلاق مرارا لكوني في نظرها ابا مقصرا في حق ابنائه وفي ايجاد مسكن ملائم يضمهم ويجمع شملهم، أما البقية فهم الأولاد الـ3، اكبرهم فتاة تبلغ 15 عاما واصغرهم ولد في الثامنة من عمره... هؤلاء هم افراد عائلتي يقطنون مع والدتهم في بيت اهلها أما أنا فكنت حينها اسكن في بيت اختي الكائن بمدينة حمد، ولكن وجدت أن تلك الحياة غير مجدية، لذلك وجدت أن العيش داخل صفائح سيارتي اهون علي واحفظ لكرامتي من البقاء مقطوع الاوصال عن عائلتي داخل بيت اختي الضيق...
تلك ومضات سريعة ومقتطفات مرة تلخص شريط حياتي اليومي كما تلخص الحال البائسة التي اعيشها جراء تقاعس وزارة الاسكان (السبب الأول والاخير في معضلتي) في القيام بواجبها على أكمل وجه.
وتبدأ قصتي مع وزارة الإسكان في العام 1994 حينما تقدمت بطلب وحدة سكنية. منذ تلك الفترة ظللت أراجع الوزارة بغرض الاستفسار عن مصير الطلب فكان الجواب المعهود سلفا أن ذوي طلبات 92 و86 لم يحن أوانهم، فكيف بالحال لطلبك الجديد الذي يعود للعام 1994، صبرت على منوالهم المعهود، حتى جاء العام 2007 فتوجهت إليهم بغرض ايداع الاوراق الجديدة وتجديد البيانات بغير أوانها، لأنني كنت حينها معتقلا ابان فترة الاحداث لمدة 8 اشهر خلال فترة تقع ما بين نهاية العام 2006 ومطلع العام 2007...
خلال تلك الفترة وهي الفترة نفسها التي اعلنت «الاسكان» عن تجديد البيانات كنت حينها معتقلا طوال تلك المدة وحينما توجهت اليهم بغرض تجديد البيانات في أوان غير أوان التجديد، طلبوا مني اعطاءهم سببا قويا كمبرر لغيابي لفترة التحديث وربما يكون في نظرهم سببا وجيها ومقنعا يعتدون به ويسمحون بمرور معاملتي، فقلت لهم عن عذر اعتقالي فطلبوا مني دليلا على صحة كلامي، ادارة سجن جو تعاونت مشكورة واصدرت لي وثيقة توضح فترة اعتقالي وحينما اعطيتهم العذر الرسمي قالوا لي إن العذر سيشفع لك، لذلك راجعنا بعد شهر لمعرفة مصير طلبك... راجعتهم بعد شهر يليه الشهر الثاني حتى بلغنا الثالث وكان الجواب الوحيد هو إن اصحاب الفئات المتأخرة في تجديد البيانات مازال ملفهم محفوظا ولم يطلع المسئولون عليه حاليا لتوقيعه.
يا ترى، أي حياة يأملون أن نحياها في ظل الوضع القاسي والجحيم الذي اعيش مرارته، حياة داخل سيارة طوال 6 أشهر مهددة كذلك بالعزلة الدائمة والسبب هو وزارة الاسكان التي اقدمت على صوغها ضدي من حيث لا تدري... صرت اعيش بسيارة وعائلتي منفصلة عني والاسكان تماطل في منحي السكن الملائم... حتى اعانة بدل سكن (الـ100 دينار) موضوعها مرجأ والسبب التأخير في النظر بأمر ملفي لدى المسئولين على رغم استيفائي شروط العلاوة، إذ إن طلبي يعود للعام 94 وراتبي لا يزيد على 170 دينارا وأعمل في المقاولات إلا أنها معلقة لحين النظر فيها في وقت لا أعلم أوانه.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
العدد 2048 - الإثنين 14 أبريل 2008م الموافق 07 ربيع الثاني 1429هـ