يرعى عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة اليوم (الاثنين) افتتاح منتزه عين عذاري، وتحديدا عند الساعة السادسة والنصف مساء.
ومن المتوقع أن يشهد الافتتاح حضور عدد كبير من المدعوين، والوزراء والمهتمين بالجانب البلدي، بالإضافة إلى أعضاء ورؤساء المجالس البلدية في البحرين.
وسيضم الافتتاح إلقاء كلمات من قبل وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب، ورئيس المجلس البلدي يوسف البوري، وتقديم أوبريت فني واسعراضي.
وتبلغ مساحة المشروع 165 ألف متر مربع، وتصل كلفة المشروع إلى 15 مليون دينار، في حين انه من المتوقع أن يجذب نحو 800 ألف زائر سنويا.
وكان وزير «البلديات» منصور بن رجب أعلن خلال مؤتمر صحافي عقد في شهر مارس/ آذار الماضي عن تأجيل افتتاح منتزه عين عذاري إلى ما بعد النصف الثاني من شهر أبريل/ نيسان الجاري.
وبحسب شركة «الخليج للتعمير» التي طورت منتزه عين عذاري إن سعر الدخول إلى المنتزه سيكون 500 فلس، في حين أن أسعار التذاكر ستبدأ من 200 فلس وحتى دينار واحد.
المنامة - وزارة البلديات والزراعة
أكد وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب أن منتزه عين عذاري سيمثل إضافة نوعية للسياحة العائلية في مملكة البحرين بما يتيحه من أجواء عائلية مميزة. وأشار بن رجب إلى ان المنتزه يضم ألعابا الكترونية متنوعة إلى جانب ألعاب داخل الصالة، وركنا للمطاعم ومساحات خضراء وبحيرات اصطناعية، وهو مرتبط بممر إلى موقع العين التاريخية التي تم تعديلها وإعادة إحيائها من جديد إلى جانب ما يضمه المنتزه من استراحات ومناطق مظللة.
إلى ذلك، أشاد بن رجب برعاية عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لحفل افتتاح المنتزه، لافتا إلى أن ذلك «وسام شرف للعمل البلدي في مملكة البحرين، كما أنه تعبير عن دعم جلالته للعمل البلدي والخدماتي بما يسهم في توفير أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين».
وأشار بن رجب إلى أن رعاية جلالته ستشكل دافعا قويا لمنتسبي العمل البلدي للعمل الجاد نحو الارتقاء بمجمل الخدمات البلدية، مبينا أن افتتاح منتزه عين عذاري يأتي في إطار إستراتيجية وزارة شئون البلديات والزراعة نحو افتتاح الحدائق والمنتزهات العامة بالتعاون مع القطاع الخاص وبما ينسجم مع أرقى ما هو موجود في العالم.
وسيشتمل حفل الافتتاح اليوم على كلمة للوزير بن رجب إلى جانب كلمة لرئيس المجلس البلدي لبلدية المنطقة الشمالية يوسف البوري، وكلمة للشركة المنفذة للمشروع بالإضافة إلى أوبريت غنائي بالمناسبة، يعقبها إعلان الافتتاح الرسمي للمنتزه من قبل راعي الحفل.
وأوضح بن رجب أن المنتزه سيمثل إضافة نوعية للسياحة العائلية في مملكة البحرين بما يتيحه من أجواء عائلية مميزة. وختم بن رجب تصريحه بتوجيه الشكر والتقدير إلى المقام السامي للملك المفدى على رعايته لحفل الافتتاح، متمنيا أن يكون الحفل انطلاقة جديدة للعمل البلدي في مملكة البحرين.
قال رئيس مجلس بلدي الشمالية يوسف البوري: «إن المجلس البلدي حرص على أن تكون غالبية مساحة منتزه عين عذاري عبارة عن مسطحات خضراء واستراحات عائلية بنسبة تتجاوز 70 في المئة من إجمالي مساحة المشروع, حفاظا على الطابع الترفيهي الحدائقي لمنتزه عين عذاري.
وأضاف «حرص المجلس البلدي على الاهتمام بتنمية الرقعة الخضراء وإنشاء الحدائق والمنتزهات العامة, نظرا للمردود المتميز لهذه المشروعات من النواحي البيئية والاجتماعية والاقتصادية»، لافتا إلى أن «مشروع تطوير منتزه عين عذاري يعتبر ثمرة تعاون مشترك بين المجلس ووزارة شئون البلديات والزراعة والقطاع الخاص ممثلا بشركتي الخليج للتعمير وشركة المجمعات والأسواق التجارية الكويتية». وأكد أن افتتاح منتزه عين عذاري يعد إضافة مميزة لجهود المجلس في خدمة المواطن والمقيم, ويعتبر لبنة أخرى في صرح التنمية الشاملة التي تشهدها البحرين، وأن مرحلة تطوير المنتزه تأتي استكمالا لمرحلة تطوير العين وإعادة تأهيلها والتي تم تنفيذها في الفترة السابقة بالتعاون مع وزارة شئون البلديات والزراعة.
يحظى مشروع منتزه عين عذاري بأهمية خاصة نظرا لارتباطه باسم العين التراثية التي حرصت وزارة شئون البلديات والزراعة على تطويرها بالتنسيق مع المجلس البلدي لبلدية المنطقة الشمالية, وقد تم في المرحلة الأولى وبناء على توجيهات وزير الدولة لشئون البلديات وشئون البيئة جواد سالم العريض آنذاك إعادة تأهيل العين والمنطقة المحيطة.
وقد تضمن المشروع إعادة تأهيل العين وبناء المرافق اللازمة للمرتادين وزراعة المسطحات الخضراء والاستراحات العائلية, وتوفير مواقف للسيارات مع إعادة تأهيل المسجد وإنشاء أكشاك لخدمة المرتادين, بالإضافة إلى الخدمات المساندة, مع المحافظة على موقع العين الأصلي والجدول المائي (الساب).
وقد تم تنفيذ المرحلة الأولى بكلفة تقديرية بلغت نصف مليون دينار بحريني, وقد حظي المشروع في هذه المرحلة بتفاعل كبير من المواطنين والمقيمين والزوار الذين يتوافدون على العين بأعداد كبيرة للسباحة وخصوصا خلال أشهر الصيف, وقد تم افتتاح المشروع من قبل وزير شئون البلديات والزراعة السابق محمد علي بن الشيخ منصور الستري منتصف العام 2003م.
جاءت المرحلة الثانية من تطوير المنتزه متزامنة مع المشروع الوطني لجلالة الملك, حيث انتقلت البحرين من مرحلة بناء الدولة العصرية إلى آفاق المملكة الدستورية, شملت تطورا كبيرا في مختلف النواحي الحياتية, ومنها العمل بالنظام البلدي الجديد للمجالس البلدية كأحد روافد المشروع الوطني لجلالته.
وقد قامت وزارة شئون البلديات والزراعة بجهود حثيثة من أجل تحويل الرؤية إلى واقع ملموس, إذ وقع الوزير محمد علي بن الشيخ منصور الستري بتاريخ 22 سبتمبر/ أيلول 2004م اتفاقية مع شركة الخليج للتعمير والشركة الكويتية للأسواق والمجمعات التجارية لتطوير المرحلة الثانية من مشروع عين عذارى, وذلك تنفيذا لتوجيهات القيادة بمملكة البحرين بتطوير السياحة العائلية وزيادة المسطحات الخضراء وتعزيز دور القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاستثمارية ودعم وجذب الاستثمارات في مختلف قطاعات التنمية الاقتصادية والعمرانية في المملكة.
وفي يوم 11 مايو/ أيار 2005م وضع وزير شئون البلديات والزراعة آنذاك علي صالح الصالح حجر الأساس للمشروع, مؤكدا توجه الدولة نحو خصخصة المتنزهات والمشروعات الترفيهية، موضحا أن العمل جارٍ لتبني هذه الاستراتيجية، مُعتبرا هذا المشروع شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وأنه يُعبر بشكل واضح عن سياسة الدولة في هذا الجانب ولإيجاد تعاون في سبيل المصلحة الوطنية، وأضاف «إن هذا المشروع ما هو إلا بداية لسلسة من المشروعات المتنوعة، وإن هذا المكان - عذاري - في قلب كل بحريني، وهذا المشروع هو إحياء لهذا الموقع وما له من دور في الماضي بشكل حديث ومتطور».
وتبلغ مساحة المشروع 165 ألف متر مربع، وتصل كلفة المشروع إلى 15 مليون دينار بحريني ومن المتوقع أن يجذب المنتزه نحو 800 ألف زائر سنويا وهو يتكون من حديقة ضخمة وألعاب مختلفة ومتحف وفناء للمطاعم وصالة ألعاب داخلية, ويضم المنتزه 34 لعبة بالإضافة إلى حلبة للسيارات الصغيرة والقطار المعلق الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة وملعب جولف ومجمع المباني الرئيسي الذي يشمل متحفا تفاعليا للأطفال ذي تقنية عالية وصالة بولنج وقاعة متعددة الأغراض بالإضافة إلى عدد كبير من الألعاب الإلكترونية إلى جانب المطاعم والمقاهي ونحو 25 محلا صغيرا بنظام السوق التراثي, وتبلغ كلف هذه الألعاب 3 ملايين دينار بحريني.
ووفقا للاتفاقية المبرمة تستفيد «الخليج للتعمير» من المتنزه لمدة 32 عاما، بحسب الاتفاق المبرم مع وزارة شئون البلديات والزراعة بنظام «BOT» (بناء تشغيل تحويل) الذي بمقتضاه تتحول ملكية الحديقة بعد المدة المحددة إلى الدولة، وذلك مقابل 99 ألف دينار تدفع للحكومة مقابل بدل انتفاع تزيد 10 في المئة كل خمس سنوات.
إن المشروع يوفر نحو 300 وظيفة ويشكل البحرينيون فيها أكثر 90 في المئة، وسيقتصر تشغيل غير البحرينيين على المهن الحرفية التي تحتاج إلى معرفة وعلى الإدارات العليا التي ستكون مشكلة من مديرين كويتيين لهم خبرة في إدارة متنزهات في الكويت، على أن تتم بحرنة جميع الوظائف من خلال التدريب لتصل إلى 100 في المئة مستقبلا.
عين عذاري من العيون الطبيعية المشهورة, ليس على مستوى البحرين فحسب, بل في كل دول الخليج والوطن العربي, فهي عين بحرينية امتازت منذ القِدم عن سائر عيون البحرين لكونها تمتلك خاصية فريدة من نوعها، وهذه الخاصية تتجسد في كونها تسقي بمائها العذب المناطق البعيدة بينما تتلظى المناطق القريبة عطشا وجفافا حتى ضُرب المثل الشهير والذي مازال يردد على ألسن الناس وهو «عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب».
وعين عذاري من أكثر المواقع البحرينية التي حظيت باهتمام تراثي وثقافي وأدبي كبير في البحرين ومنطقة الخليج، وقد تحدث عنها الرحالة عبر التاريخ وذكرها المؤرخون على أنها أشهر العيون في البحرين من حيث قوة اندفاع الماء من ينبوعها القوي حيث كانت المياه تصل إلى القرى البعيدة عن قرية عذاري موطن العين ذاتها.
ويزخر التراث البحريني بالكثير من الحكاوي والقصص والروايات التي لم يعرف لها مصدر، لهذا كانت عين عذاري فعلا أسطورة ذكرها الكثير من الرحالة من قبل 800 سنة، وذُكرت في منقوشات تاريخية عدة عثر عليها تروي لنا حكاية العين الأسطورة ذات الصيت الواسع.
ومن الأساطير التي يعرفها جميع أهل البحرين تلك القصة التي تحكي فتاة جميلة خرجت لتعبر تلك المنطقة التي تقع في وسط جزيرة البحرين، وبينما هي في طريقها خرج لها فارس ملثم أراد الاعتداء عليها، فطلبت منه أن يتركها في حالها، ولكن الفارس أصر على الاعتداء عليها فرفعت كفها إلى السماء تستنجد برب العالمين، ومن خوفها ضربت برجلها الأرض بقوة فأحدثت فتحة في الأرض سقطت فيها، وخرج من خلال هذه الفتحة ماء عذب، فعرف الناس هذه القصة من هذا الفارس الذي اختل عقله مما رآه فقام يروي القصة في كل مكان, ومنذ ذلك الحين سميت العين (عين عذاري).
ومما قيل عن عذاري, من أن هذه العين تعتبر واحدة من أكبر وأعمق ينابيع المياه الحلوة في البحرين وتقع على بعد ميلين من مدينة المنامة، وتعتبر معلما سياحيا من معالم البحرين يقصدها جميع زوار البلاد، ويحرص المواطنون على أخذ ضيوفهم القادمين من الخارج إلى هناك للتفرج ومشاهدة جمالها.
في العام 1926 كانت هذه العين مكانا مليئا بالأوساخ والفوضى بسبب إهمال تنسيقها وانتشار جداول المياه (السيبان) الموحلة من حولها حيث يجلب الفلاحون حميرهم لغسلها, وتفقد العين الكثير من الماء الذي يتسرب عبر جوانبها، وفي ذلك العام تم إصلاح بركة العين للحصول على إمداد أفضل من المياه بهدف ري البساتين، فتم بناء درجات (عتبات) من الأسمنت ورصيف واسع على حافة مستوى الماء لوقوف السباحين عليه، كما تمت إعادة بناء المسجد الآيل للسقوط المطل على العين.
وتم كذلك أنشاء سرادق صغير مع سلم موصل إلى أعلاه لكي يتمكن هواة السباحة من القفز فوق اللوح الخشبي الطويل المرتفع جدا عن العين بالإضافة إلى فتح مقهى له سطح مفتوح بالقرب منها، وزراعة أشجار الأزهار والشجيرات وإقامة حديقة على جانب من جوانبها ملأتها بنباتات الدفلى العطرية والبوغينفيلة الحمراء والقرمزية الألوان.
ويوجد خلف الحديقة عبر مجرى المياه بستان ضخم رائع به غابة من النخيل وتشاهد فيه جذوع النخلات العالية الرمادية اللون تقف شامخة كالأعمدة فوق أعماق أكوام الأشجار الأخرى، وعندما تشرق الشمس يتلون ماء العين بالزرقة اللامعة ويصبح صافيا كالزجاج الشفاف، هذا الماء يندفع من الينبوع بقوة كبيرة لدرجة أن السباح لا يمكنه الوصول إليه.
وتوجد داخل عين عذاري أسماك كبيرة الحجم تشبه سمك الشبوط النهري تسبح ببطء في أرجائها، ولا أحد يضايق هذه الأسماك أو يحاول اصطيادها لأن البحرينيين لا يأكلون السمك الذي يعيش في الماء الحلو ويفضلون أكل أسماك البحر التي يختارون من أنواعها الكثيرة ما يشاءون.
ومما روي في التاريخ عن عذاري أن بعثة علمية دنماركية زارت البحرين لبحث إمكانية تعليب السمك، ووجدت أن هناك ما بين 300 و400 نوع مختلف من الأسماك بمياه الخليج، وإلى الجهة الجنوبية من موقع العين تمتد مساحة واسعة من الأرض الطينية المنخفضة المليئة بالمستنقعات التي لا يغطيها ماء البحر القادم خلال رافد صغير إلاّ في حالات المد القوي جدا.
ومن المعروف أن عين عذاري مثلت المعنى الاجتماعي والحضاري والبيئي في البحرين فلم تكن نبع ماء عاديا بل كانت مصدرا مهما لتزويد مناطق البحرين البعيدة بالمياه العذبة، وكانت بيئة طبيعية مكسوة بجمال النخيل والأشجار الكثيفة والمختلفة الأنواع وشكلت مأوى لأنواع مختلفة من الطيور المقيمة والمهاجرة التي استوطنتها وكثرت في مجاريها المائية أنواع البرمائيات التي من أهمها الضفادع والسلاحف المعروفة بـ «السلاحف القزوينية» وعرفها أهل البحرين بـ «الغيلمة البحرينية».
العدد 2054 - الأحد 20 أبريل 2008م الموافق 13 ربيع الثاني 1429هـ