حملت السعودية على ما اعتبرته «انقلابا» نفذه حزب الله في لبنان و«سفكا لدماء اللبنانيين» وشددت على دعمها ومساندتها القوية للحكومة اللبنانية التي اعتبرت أنها «المؤسسة الدستورية الباقية».
ودعا وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس (الثلثاء) في مؤتمر صحافي في الرياض إيران وسورية ضمنا إلى عدم «إثارة الفتنة الطائفية في لبنان»، مؤكدا أن العلاقات العربية الإيرانية ستتأثر سلبيا إذا دعمت طهران «انقلاب» حزب الله.
وحذر الأمير السعودي من أن استمرار الوضع على حاله في لبنان «من شأنه أن يدفع البلاد إلى منزلق خطير لا تحمد عقباه».
وأعرب عن أسف بلاده «الشديد لتوجيه السلاح اللبناني للداخل ضد اللبنانيين وضد الوطن ومؤسساته»، مؤكدا رفض المملكة «استخدام العنف المسلح لتحقيق أهداف سياسية خارج إطار الشرعية الدستورية» ومطالبتها «بسحب جميع المظاهر المسلحة من الشارع اللبناني».
ووصف وزير الخارجية السعودي ما جرى في لبنان في الأيام الماضية بأنه «انقلاب» و»سفك لدماء اللبنانيين» و»هدر لممتلكاتهم أموالهم». وأعرب عن اعتقاده بأن ما حادث جرى «وفق خطة مسبقة».
بالمقابل، قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إنه يفضل «عدم الرد» على تصريحات الفيصل «احتراما لـ (العاهل السعودي) الملك عبدالله».
وأضاف الرئيس الإيراني أنه تبلغ هذا التصريح من أحد الصحافيين، معتبرا أنه «قد يكون قيل تحت تأثير الغضب، وننتظر أن يهدأ غضبه لنعبر لاحقا عن رأينا».
واعتبر أحمدي نجاد أيضا أن تصريح الفيصل لا يعكس رأي العاهل السعودي، قائلا «لقد أدلى بوجهة نظره ولا أدري إلى أي حد تتطابق مع وجهة نظر الملك»، لكنه أكد أن «إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تتدخل في لبنان».
إلى ذلك، أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن اللجنة العربية الوزارية المعنية بالأزمة اللبنانية ستصل إلى بيروت اليوم (الأربعاء) قادمة من العاصمة القطرية (الدوحة).
وقال موسى في تعليق له على قرار سحب السفير السعودي من لبنان وكذلك خفض البعثة الدبلوماسية الكويتية هناك، إن هذه القرارات تأتي للحفاظ على الأمن الشخصي لهؤلاء الدبلوماسيين، وذلك حسبما ورد في البيانات المعلنة من كل من السعودية والكويت في هذا الصدد.
يذكر أن مهمة اللجنة الوزارية العربية ستنصب على تنفيذ ما ورد في القرار الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد الأحد الماضي في القاهرة.
ويدعو هذا القرار رئيسي مجلسي النواب والوزراء في لبنان وقادة الموالاة والمعارضة لحضور جلسة خاصة مع اللجنة الوزارية لمناقشة الوضع والاتفاق على التنفيذ العاجل للمبادرة العربية الرامية لتسوية أزمة الاستحقاق، فضلا عن بحث سبل احتواء المواجهات الحالية في الأراضي اللبنانية.
وتضم اللجنة تسع دول عربية هي قطر والأردن والبحرين واليمن وجيبوتي والمغرب وسلطنة عمان والجزائر والإمارات إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية.
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إن مشروع قرار قد يعرض على مجلس الأمن في محاولة لحلّ الأزمة اللبنانية.
وأوضح كوشنير ردا على سؤال في الجمعية الوطنية «قد يتم اقتراح قرار لم يتم صوغه بالكامل بعد على مجلس الأمن» من دون أن يعطي أي تفاصيل إضافية بشأن النص، وأضاف أنه لا ينوي القيام بأي مسعى خاص بانتظار نتيجة مهمة الجامعة العربية.
بوش يعرض مساعدة الجيش اللبناني لنزع سلاح المقاومة
لندن - يو بي آي
اتهم الرئيس الأميركي جورج بوش حزب الله بزعزعة استقرار لبنان والعمل ضد مصالح شعبه وأبدى استعداد الولايات المتحدة للمساعدة في تقوية الجيش اللبناني لتمكينه من نزع سلاح حزب الله.
وقال بوش في مقابلة مع قناة الـ «بي بي سي» العربية أمس (الثلثاء) إن «الولايات المتحدة تساعد الجيش اللبناني كي يصبح قويا بما فيه الكفاية للتعامل مع الجناح العسكري لحزب الله (...) ولا أستطيع أن أرى إمكان قيام مجتمع بوجود فصيل مسلح فيه»، مشددا على أن «نجاح لبنان يعد مسألة بالغة الأهمية لعملية السلام في الشرق الأوسط».
وأضاف الرئيس الأميركي أن حزب الله «يتحرك ضد الشعب اللبناني وليس ضد أي دولة أجنبية وهذا التحرك يجب أن يوجّه رسالة إلى الجميع بأن هذا الحزب هو قوة مزعزعة للاستقرار والخطوة الأولى للتعامل معه هي ضمان امتلاك حكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة القدرة للرد عن طريق جيش فاعّل». وشدد بوش على أن حزب الله «لا يساوي شيئا من دون دعم إيران»، والتي اعتبرها «مصدر الكثير من أجواء عدم الاستقرار في الشرق الأوسط»، كاشفا عن أن الولايات المتحدة ستوفد أحد كبار قادتها العسكريين إلى لبنان لتقدير حجم الدعم الذي تحتاجه حكومة السنيورة.
وأشار بوش إلى أن الولايات المتحدة أرسلت المدمرة كول إلى المنطقة من جديد «لمساندة الجيش اللبناني ومساعدة الحكومة اللبنانية كي تكون فاعلة بشأن ما تعتزم عمله ردا على التصعيد الأخير». يشار إلى أن بوش سيبدأ اليوم (الأربعاء) جولة إلى الشرق الأوسط يزور خلالها كلا من «إسرائيل» والسعودية ومصر.
اختفاء المظاهر المسلحة في بيروت و«المستقبل» يستأنف بثه «الإعلامي»
الحريري يرفض الاستسلام للمعارضة والحوار تحت السلاح
بيروت - أ ف ب
أعلن زعيم تيار المستقبل سعد الحريري أمس (الثلثاء) بعد إعادة بث تلفزيون المستقبل أن المعارضة وعلى رأسها حزب الله لن تتمكن من «الحصول على توقيع سعد الحريري ووليد جنبلاط على صك الاستسلام للنظامين السوري والإيراني».
وقال الحريري «يطلبون من بيروت أن ترفع الأعلام البيضاء ويطلبون من سعد الحريري ووليد جنبلاط وقوى (14 آذار) أن يبصموا على عودة النظام السوري إلى لبنان أو تسليم القرار في لبنان إلى النظامين السوري والإيراني». وتابع الحريري «هذا الأمر من سابع المستحيلات، يستطيعون أن يجتاحوا المناطق والتهديد بالشر المستطير لكنهم لن يتمكنوا من الحصول على توقيع الاستسلام».
وأكد أن الأكثرية لن تقبل بإجراء الحوار مع الطرف الآخر تحت تهديد السلاح، وقال «ما معنى النقاش في أمر والسلاح موجه إلى رؤوس الناس. البعض يدعونا إلى طاولة الحوار والمسدسات في رؤوسنا. هذا الأمر لن يحصل لو أطلقوا الرصاص على رؤوسنا». وأضاف «نحن أمام التزام أخلاقي ووطني. أول بند على أي جدول للحوار هو ما جرى في بيروت والجبل والشمال. أمن هذه المناطق هو البند الأول».
وأكد الحريري أن قائد الجيش العماد ميشال سليمان مازال بالنسبة الى الأكثرية المرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية، وأضاف «كانت لدى الجيش مشكلة أساسية هي وحدته، وهو للأسف لم يتمكن من الدفاع عن المواطنين الذين بدمائهم حافظوا على وحدة الجيش اللبناني».
في غضون ذلك، انكفأ الظهور المسلح في بيروت مع بدء العمل بقرار قيادة الجيش اللبناني قمع أي ظهور مسلح بالقوة ابتداء من صباح أمس.
وأفاد مراسلون أن المسلحين غابوا عن شوارع بيروت التي مازال بعضها مقفلا بالأتربة والسواتر مثل شارع مار إلياس ومستديرة الطيونة وجسر فؤاد شهاب الذي يربط بين شطري العاصمة الشرقي والغربي. كما لاتزال الطريق التي توصل إلى مطار بيروت مقفلة بالأتربة والحركة فيه متوقفة، وكذلك الأمر في مرفأ بيروت.
في طرابلس تحولت المواجهات عند المدخل الشمال لمدينة إلى حرب استنزاف، إذ يشهد اليوم الواحد اشتعالا وهدوءا مرات متتالية.
وعاد الهدوء إلى عاصمة الشمال بعد أن كانت الاشتباكات تجددت الليلة قبل الماضية بين أنصار الأكثرية والمعارضة عند مدخلها الشمالي حيث عزز الجيش انتشاره وفق مصدر أمني.
وفي المناطق الدرزية تواصل الهدوء الذي كان استتب منذ مساء الأحد الماضي بعد معارك عنيفة بين الحزب الاشتراكي وحزب الله.
وأسفرت المواجهات بين الأكثرية والمعارضة حتى الآن عن سقوط 61 قتيلا وجرح نحو 140 آخرين.
من جانب آخر، عاود تلفزيون المستقبل بثه من مكاتب جديدة في الضاحية الشرقية لبيروت بعد أن كان توقف الخميس الماضي إثر تعرض وسائل الإعلام التابعة لتيار المستقبل لهجمات وتهديدات عدة أجبرتها على التوقف عن العمل.
وألقت إحدى مذيعات التلفزيون كلمة أعلنت فيها إعادة البث وشنت فيها حملة شديدة على حزب الله. وقالت «لن نسكت في وجه طاغية ولن يرهبنا سلاح (...) فليبسطوا مدافعهم في شوارع بيروت والجبل والبقاع انما العدو في الجنوب فهل ضاعت البوصلة؟». وأضافت «سيتعلمون الدرس اليوم أو بعده لأن بيروت (...) ستقول كلمتها ضد رصاصكم ومدافعكم نحن أخبار المستقبل وأنتم من الماضي».
وأعلن مصدر في تيار المستقبل أن صحيفة «المستقبل» ستستأنف الصدور اليوم (الأربعاء).
العدد 2077 - الثلثاء 13 مايو 2008م الموافق 07 جمادى الأولى 1429هـ