بعد غياب عن البيت
أحاول تذكُّر فوضى الطريق...
الوجوه التي تضمر شرا لي
وتلك التي قليلا مابادلتها التحايا...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر نفايات فائضة
وحدائق لن تؤدي بي يوما إلى أي مكان...
أحاول تذكُّر وجوه أطفال أشقياء
يشاكسون ضريرا
في طريقه إلى المسجد...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر وجوه عمَّال آسيويين
يسهرون على أناقة مركبات
في الساعة الرابعة فجرا...
أحاول تذكُّر الصوت
القبيح لمؤذن الحيِّ...
أحاول تذكُّر
تفاصيل شجار يومي
لخباز بنغالي مع زملائه
بعد صلاة الفجر...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر الممرِّ
المؤدي إلى شجرة
أهملْتها منذ شهور...
أحاول تذكُّر صدأ الباب
أو باب الصدأ...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر الصالة
الخالية من الأثاث...
والغرفة الخالية من رائحة امرأة
برفاهية الحقول...
أحاول تذكُّر الهاتف الذي لا يرنُّ...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر الكلام
على شرفة في أحدى أماسيِّ آب...
أحاول تذكُّر روائح موائد
أسرفتُ فيها بمديحي...
أحاول تذكُّر نصوص مركونة
في مخزن للأحذية...
أحاول تذكُّر المرآة
التي طالما أقنعتني بالحديث إليها لساعات...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر وجوه على الجدار
لم أصافحها لفرط الهجرات...
أحاول تذكُّر شتائم مقيمة
في غضب عابر...
أحاول تذكُّر هتافات أعرفها
في اختفاء الجهات...
أحاول تذكُّر عواطف أمي
وهي تسبغ عليَّ نعمها الظاهرة والباطنة...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر هيئتي في النعيم
أحاول تذكُّر قدرتي على النسيان
على رغم حوافز التحريض...
أحاول تذكُّر الاستئناس
بنصائح أصدقاء حمقى وموتورين...
أحاول عبور الطريق
إلى الجهة الأخرى من التيه...
في الطريق إلى البيت
أحاول تضميد يأس مقيم
وأمل في الجهة القصوى من المكان...
أحاول إقناع العذاب
أن يكون جميلا...
أحاول تذكُّر مطارات وموانئ
أسرفتْ في استعراض حشري
في أكثر من ركن...
في الطريق إلى البيت
أحاول تذكُّر الورد
في سخائه النهائي...
أحاول لجم حمق الريح ونزواتها...
في الطريق إلى البيت
أحاول تعويض الغياب
بسهر ماجن...
أحاول رد الاعتبار إلى عزلة السياج...
أحاول أن أمنح الغصون
أجنحة من نبيذ...
أحاول أن أقنع الذكريات
بتوخي الحذر من النص...
أحاول إقناع غيمة عابرة
بالاستيطان في دمي...
في الطريق إلى البيت
أحاول أن أقنع التراب
أن يترفع قليلا...
أحاول أن أقنع
المطر ألا يغادر نص الحياة...
أحاول أن أقنع الممر الأخير
أن يكون مظلة عصافير وعناق...
أحاول أن أتذكَّر الهواء
في رفاهية المدى...
في الطريق إلى البيت
أحاول أن أتذكَّرَني...
العدد 2085 - الأربعاء 21 مايو 2008م الموافق 15 جمادى الأولى 1429هـ