تعرض فيلمها الجديد «ليلة البيبي دول» على هامش دورة هذا العام لمهرجان «كان» خارج أية تظاهرة رسمية أو غير رسمية من تظاهرات المهرجان، أرادت شركة «غود نيوز» أن تجعل من هذا الفيلم حدثا يوازي في صخبه، ثم في نجاحه، ما كان تحقق لها - في ظروف مماثلة - مع إنتاجها السابق «عمارة يعقوبيان» غير أن الذي حدث هذه المرة هو أن الصخب لم يكن ذاك الذي كان من نصيب فيلم مروان حامد المأخوذ عن رواية علاء الأسواني، بحيث أن العرض الثاني جرى من دون أن يلتفت إليه أحد: أما بالنسبة إلى النجاح، فإنه غير مؤكد وليس هذا فقط لأن «عمارة يعقوبيان» كانت سبقته شهرة الرواية، ناهيك بأنه حرك فضول الكثير من الناس لأنهم بدأوا يرون من خلاله صورة لما حدث في مصر على مدى تاريخها المعاصر، بل كذلك، لأن كل الذين شاهدوا الفيلم خرجوا خائبين مما شاهدوه، مؤكدين أن لغة الفيلم وموضوعة وأسلوب معالجته لا توحي بأن ثمة عملا هنا يمكن أن يستقطب المتفرجين في الخارج استقطاب «عمارة بعقوبيان» لهم. والحقيقة أن هذه المقارنة تبدو فارضة نفسها، لأن «غود نيوز» قدمت هنا، خارج إطار الموضوع وخطورته، العناصر السابقة نفسها، ضخامة واضحة في الإنتاج، عددا كبيرا جدا من النجوم... إلخ وصولا إلى الاحتفال الضخم من حول الفيلم بحيث يقال إن موازنة الإعلان فيه بما في ذلك نفقات المعرض في «كان» تكاد توازي موازنة إنتاجه.
السؤال المطروح أمام «ليلة البيبي دول» سؤال بسيط ما الذي يمكن أن يجذب الملايين لتشاهد حكاية، مرمزة، عن أوضاع العالم من خلال حبكة تدور حول رجل يعيش منذ فترة في نيويورك، ويتشوق للعودة إلى القاهرة حيث زوجته التي لم يرها منذ عام. ويريد اليوم أن يمضي معها أيام حب تتوج بإنجاب ولد. إن هذا الرجل يعد العدة لكل شيء وفي المقدمة رداء «النوم» الذي يشتريه للزوجة المحبوبة (بيبي دول) ويحضر في خياله كل ما تحتاجه ليلة الغرام. غير أن الشيء الذي لم يحسبه أبدا، كان خارجا عن إرادته. وهدد بوش وصدام حسين والجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن المصرية كل هذا العالم الجميل الذي بقدر ما منع البشر من أن تعيش نهاية القرن العشرين وبداية ما يليه حياتها الطبيعية الهانئة، ها هو آلاف منع صاحبنا المصري الأميركي من أن يحقق حلم لقائه بزوجته.
يُعرف الفيلم بأنه تراجيدي - كوميدي، وفي الصفحة نفسها بأنه «كوميديا سوداء» ثم أنه ميلو دراما، ثم سياسي ثم رومنتيكي... وكل هذا، من دون أن ينطبق علميا، على الفيلم حقا... فهل نصل من هذا إلى أنه خارج التصنيف؟ ربما. بل ربما يكون تصنيفه الوحيد الممكن يكمن في انتمائه. وإن بشكل يفهم بلا مآخذ، إلى السائد من سينما «الفوضى»، الذي يدور هذا النوع من السينما في مصر الآن. ومن هنا قد يكون السؤال الصاخب الذي يشغل ذهن مشاهد الفيلم، بعد انتهاء ساعتي عرضه المربكتين هو: ولكن ماذا يفعل كل هؤلاء النجوم، نور الشريف، محمود عبدالغزيز، محمود حميدة، ليلى علوي، جمال سليمان سلاف فواخرجي... هنا؟
العدد 2085 - الأربعاء 21 مايو 2008م الموافق 15 جمادى الأولى 1429هـ