عادتْ مدينتنا تنوءُ بحلم طارقة الرعود
ولتشربَ الموتَ العقيم
وتفيقُ من نومِ الجياع تدق نافذة المساء
تموزُ عاد
متوشحا بزنابق الدمّ المسيل
و «أتيس» يختصرُ العذاب
والجالدونَ ظهورهم عشقوا بحضرته الفداء
سلخوا الظهور وثمّ يحترقُ الصديد
كنا نهادنُ جرحنا وأبت تهادننا الجراح
كنا نقيمُ صلاتنا ونطيل خلفَ إمامنا إن كان يسرفُ في السجود...
كنا نراهُ مسيحنا يحيي «بعازره» الرميم
ويعودُ يهمسُ في اللحود...
أيا لحود...
هبي فقد سئم العبيدُ من السبات
شدي عظامهمُ الهزيلةَ أفصحي عما ضممتِ من الشفاه
فالفجرُ دقّ بكاؤهُ ألقُ الصباح
والداعرون تسامروا والليلُ يحفلُ بالبغايا
والسكُرُ ملّ من الكؤوس ومن فواتير السكارى
وأفاق مصباحٌ سجين
يحكي لأرصفة الشوارعِ ما يراه...
ويبثُّ لليل الحكايا:
سرقَ الغريب فتات ما تركَ الذئاب...
وترنّح البار المليء بكل طلاب البغاء...
بالمحصنينَ فروجهم بالشاكرين الحامدين
والعابدون الخاشعون تذاكروا سور الكتاب
ومدينة الجوع استطال بها البلاء
«قابيل» مازالَ الجهول ولم يكن يوما لسوأته المواري
بل كان مرشدُهُ الغراب
هو من هداه
فتناسل الجرمُ القديمُ وأمعنت في الكادحينَ بما جنت يوما يداه
كنا نقيمُ صلاتنا ما كان يتعبنا القيام ولا ارتعاشات الشفاه
وتقوّست من فرط ما ركعت ظهور
سئم الدعاء من الدعاء
كنا رقودا ولم يكن في الكهف يحرسنا سوى كلبٌ يتوقُ إلى النباح...
كنا نصدق ما يقولُ خطيبنا، عرّابُنا، والعازفون على الجراح
تموز عاد
أغبى من الألق الكذوب شروقنا
أقسى من الموت الزؤام حياتنا
أجدى من الجوع الطويل صيامنا
أوهى من الأمس الكسيحِ صراخنا إذ كان يهتفُ في اللحود
عبدالجبار علي
العدد 2085 - الأربعاء 21 مايو 2008م الموافق 15 جمادى الأولى 1429هـ