أصدر مكتب الشيخ محمد سند أمس الأول (الثلثاء) بيانا بخصوص الأحكام الأسرية، قال فيه «إن قانون (أحكام الأسرة) الذي وصف أنه على وفق المذهب الجعفري اشتمل على جملة من المحاور الناشزة عن مشهور فقه الإمامة»، واستدرك البيان «بل الإطار الإبهامي لعناوين بعضها لو أخذ به بحرفيته وعموميته الإبهامية لكان مخالفا لثوابت المذهب الجعفري».
وتضمن القسم الأول من البيان نبذة من «المواد الكاشفة عن مخالفات لضرورات فقهية متسالم عليها»، وجاء فيه «الأول: ما جاء في الفرقة بالقضاء من جعل زمام التطليق بيد القاضي أو مطالبة الزوجة وجعل المدار في ذلك مطلق الضرر من دون تحديد مناشئ معينة ودرجات خاصة منضبطة فإنه يفتح الباب على مصراعيه لتفكيك الأسرة وتصدعها وكل ذلك لم يفت به أحد من الفقهاء على إبهام هذا الإطلاق ومطاطيته، وتجد ذلك في المادة 70 والمادة 73 والمادة 74-ب والمادة 28-أ مع أن العيوب الموجبة للفسخ محددة ومنضبطة في الفتاوى حتى عند من عمم لغير العيوب المنصوصة فإنه قيدها بما تكون مشروطة في العقد».
وأضاف «الثاني: ما في المادة (75) و(76) من استحقاق زوجة المفقود والغائب التطليق بمضي سنة، فهذا خلاف متسالم المذهب الجعفري بل بقية المذاهب الأربعة وغيرها وما في مادة (76) من تطليق المحكوم بالحبس ثلاث سنوات فهو يتصادم مع ما هو متسالم في المذهب الجعفري وبقية مذاهب المسلمين وكذا الحال في المادة 77. والثالث: ما في المادة 78 من حصر ثبوت الرجعة بكونها أمام القاضي فهو من الشواذ المخالفة لتسالمهم من ثبوت الرجعة إذا كان أمام شاهدين عادلين أو أمام شياع أو أمام الزوجة. والرابع: ما في المادة (5) من كون الإيجاب من الزوج والقبول من الزوجة فالعكس هو الصحيح».
وتابع البيان «الخامس: ما في المادة (4) من الاقتصار في غاية الزواج على السكن والإحصان مخل بغايات أخرى منصوصة في الكتاب والسنة من الاستيلاد وحفظ النسل الإنساني وتربيته. والسادس: ما في جملة من المواد فإنها خلافية بين الفقهاء والمدون المذكور فيها خلاف المشهور كما في مادة (21-ز) ومادة (46) ومادة (16) ومادة (17-أ) ومادة (60) ومادة (89-أ) ومادة (93-ب)».
وفي القسم الثاني من البيان ورد الآتي: «تدافع وتهافت ما في المادة (109) من حوالة قانون أحكام الأسرة للمصادقة عليه من المجلس النيابي فإن تعليق رسميته على مصادقة المجلس يقضي بأن شرعيته مرهونة برأي المجلس ابتداء وبقاء وثباتا وتغييرا، وهذا يتناقض مع الحصر في مادة (109)، وقد أوضحنا في بيان أصدرناه في الأعوام الماضية أن الأحكام الشرعية وما يتعلق بها في الأسرة تنقسم إلى أنماط ثلاثة؛ الأول: هي الأحكام الضرورية الثابتة في الدين الحنيف بحسب المذهب الجعفري فهذه فوق صلاحيات الفقهاء والمراجع فضلا عن النظام السياسي الحاكم وفضلا عن الحكومة والمجلس النيابي، والثاني: الأحكام النظرية وهي على نمطين: أ) ما يكون رأيا رسميا في المذهب طبق المشهور وغالبية فقهاء الإمامية الجعفرية فاللازم مراعاته حينئذ عند عدم كون القاضي فقيها. ب) ما لا يكون فيه شهرة غالبة بل قلة وكثرة أو توزع أقوال فهذا لابد من الرجوع فيه إلى المتخصصين وهم الفقهاء ومراجع الدين في الفقه الجعفري، وهذه أيضا لا تخضع لصلاحيات النظام السياسي والحكومة فضلا عن المجلس النيابي. والثالث: ما يتعلق بمصاديق الموضوعات للأحكام كتحديد العرف في مقدار النفقة المناسبة للزوجة ودرجتها الاجتماعية وبيئات المصلحة في التربية للأولاد ومواد الغبطة من الضرر ونحو ذلك من الموضوعات، فهذا مما يمكن دخول المجلس النيابي والتقنين فيها إذا روعيت في ذلك موازين أهل الخبرة والاختصاص في كل موضوع بحسبه».
أما القسم الثالث وهو داعم لما مر من ملاحظات في القسم الثاني فأكد فيه الشيخ سند «أن التقنين إنما يحتاج إليه إذا كانت هناك أعراف سائدة حاكمة غير مدونة بشكل قوانين مكتوبة فيحتاج حينئذ إلى تدوين بقوالب لفظية لضبط الأطر والرسم الذي يمشي عليه ابتعادا عن التسيب والانفلات». مضيفا «وأما في ما إذا كانت هناك أحكام مدونة ومصادر مقررة مكتوبة معروفة كما هو الحال في فتاوى الفقهاء في الكتب الفقهية فما معنى إقصاء هذه المدونات المبسوطة الحافلة بتفاصيل المسائل والصور والاقتصار على مدونة غير منضبطة ميزانا في عناوينها وقوالبها مع اقتضابها».
وختم بيان سند بالقول «لم تذكر اللائحة من قوانين أحكام الأسرة أن المصادر العلمية من كتب فقه الإمامية هي المعول في فهم حقيقة القوانين وحدودها عند الاختلاف في قراءة موادها، وهذا مما يجعل الباب مفتوحا أمام إرباك كبير في قراءة مواد هذا القانون»
العدد 2302 - الأربعاء 24 ديسمبر 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1429هـ